الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويعطفه على قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: 8].
ويروى: "الآخرين منهم (1) أسوة الأولين"، وقد كان يعلم أن المال يعزُّ، والشحَّ يغلبُ، وأن لا (2) مَلِكَ بعد كسرى يُغْنَم (3) مالُه، فيغني فقراء المسلمين، وأشفقَ أن يبقى آخر الناس لا شيء لهم، فرأى أن يُحَبِّسَ الأرضَ، ويَضرب عليها خراجاً يدوم به نفعُها للمسلمين كما فعلَ بأرض السواد؛ نظراً للمسلمين، وشفقةً على آخرهم، وهذا هو أشهرُ قولي مالك في المسألة. كذا في السفاقسي (4).
* * *
باب: مَنْ أَحْيَا أَرْضاً مَوَاتاً
وَرَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ فِي أَرْضِ الْخَرَابِ بِالْكُوفَةِ مَوَاتٌ. وَقَالَ عُمَرُ: مَنْ أَحْيَا أَرْضاً مَيِّتَةً، فَهْيَ لَهُ. وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:"فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ فِيهِ حَقٌّ".
(وليس لعرقٍ ظالم فيه (5) حقٌّ): بالتنوين فيهما؛ على نعت الأول بالثاني، وبترك التنوين في الأول فقط؛ على الإضافة.
قال القاضي: وأصلُه في الغرس يغرسُه في الأرض غيرُ ربها (6) ليستوجِبَها
(1) في "ج": "بينهم".
(2)
"لا" ليست في "ع" و"ج".
(3)
في "م" و"ج": "بمغنم".
(4)
انظر: "التوضيح"(15/ 268)، و"التنقيح"(2/ 519).
(5)
"فيه" ليست في "ع" و"ج".
(6)
"غير ربها" ليست في "ع".
به، وكذلك ما أشبهَ (1) من بناءٍ أو استنباطٍ أو استخراجِ معدِن، سُميت عروقًا؛ لشبهها في الأحياء بعرق الغرس (2).
قال النووي في "تهذيب الأسماء واللغات": والتنوين فيهما اختيارُ (3) مالك، والشافعي رضي الله عنهما (4).
وفي "الزاهي" لابن شعبان: العروق أربعة: عرقان ظاهران، وعرقان باطنان، فالظاهران: البناء والغرس، والباطنان: الآبار والعيون.
قال السفاقسي: وهذا وقع (5) منه في تفسير الحديث، وهو يصح على رواية من رواه منوناً غيرَ مضاف، ومن لم يُضفه (6)، ونَوَّنَ عرقاً، احتجَّ به على أن غلات المغصوب لربه، وليس للغاصب منها شيء، يريد: أن الظالم هو الغاصب، ولا حقَّ له في المغصوب في غلة ولا غيرها.
* * *
1321 -
(2335) - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ أَعْمَرَ أَرْضاً لَيْسَتْ لأَحَدٍ، فَهْوَ أَحَقُّ".
قَالَ عُرْوَةُ: قَضَى بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه فِي خِلَافَتِهِ.
(1) في "ج": "وكذا ما اشتبه".
(2)
انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 78).
(3)
في "ع": "اختار".
(4)
انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (3/ 198)، و"التنقيح"(2/ 520).
(5)
في "ع": "واقع".
(6)
في "ع": "يصفه".
(من أعمرَ أرضاً): قال القاضي: كذا رواه أصحاب البخاري يعني: بفتح الهمزة، قال: وصوابه: "مَنْ عَمَرَ أرضاً" ثلاثي، قال الله تعالى:{وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا (1)} [الروم: 9]، إلا أن يريد: جعلَ فيها عمارة (2)(3).
وقال الزركشي: ضم الهمزة أجودُ من الفتح (4).
[قلت: يفتقر ذلك إلى ثبوت رواية فيه، وظاهرُ كلام القاضي أن جميع رواة البخاري على الفتح](5).
وقال ابن بطال: ذكر صاحب "العين": أعمرتُ الأرضَ: وجدتُها عامرة، وليس بمراد هنا، وإنما يجيء هنا الثلاثي، ويمكن أن يكون (6) من: اعتمرَ أرضاً، وسقطت التاء من الأصل (7).
قلت: هذا ردٌّ لاتفاق الرواة (8) بمجرَّدِ احتمالٍ يجوز أن يكون، وأن لا يكون، وأكثر ما يعتمد هو وغيره على (9) مثل (10) هذا، وأنا لا أرضى لأحد أن يقع فيه.
(1) في "ع" و"ج" زيادة: {وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} [يونس: 13].
(2)
انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 88).
(3)
انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 88).
(4)
انظر: "التنقيح"(2/ 520).
(5)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(6)
"أن يكون" ليست في "ع".
(7)
انظر: "التنقيح"(2/ 520).
(8)
في "ع": "الرواية".
(9)
في "ع": "مثل على".
(10)
"مثل" ليست في "ج"، وفي "ع":"أمثل".