الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ناَفِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ، قُوِّمَ الْعَبْدُ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِلَاّ، فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ".
(فأُعطي شركاؤُه): ببناء أُعطي للمفعول، وشركاءه نائب عن الفاعل، هذا هو المشهور في الرواية.
ويروى: ببناء أعطى للفاعل، ونصب شركاءه على المفعولية.
(حصصهم): أي: قيمةَ حصصِهم.
(وإلا، فقد عَتَق): -بفتح العين والتاء-، ولا يبنى للمفعول إلا إذا كان بهمزة التعدية، فيقال:"أُعْتِقَ"، وهي رواية هنا.
* * *
1421 -
(2523) - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَن أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ فِي مَمْلُوكٍ، فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ، إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ، يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، فَأُعْتِقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ".
(فعليه عتقه كلِّه): بالجر على أنه تأكيد للضمير المضاف إليه.
* * *
باب: الْخَطَأ وَالنِّسْيَانِ فِي الْعَتَاقَةِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ، وَلَا عَتَاقَةَ إِلَاّ لِوَجْهِ الله
(باب: الخطأ والنسيان في العَتاقة والطلاق): قال ابن المنير: اشتهر
عن مالك رحمه الله قولان في الطلاق بالنية، والعتق بالنية، فأشكل على كثير قولُ الإلزام بمجرد النية، حتى قال بعض أهل المذهب: لا يثبت عن مالك هذا القول إلا مخرجاً تخريجاً معترضاً، فظن هذا القائل أن الناقل تلقى ذلك من مسألة من قال: اسقني الماء، ونوى الطلاق أو العتق، فقال مالك رحمه الله: يلزمه ذلك.
قال المخرج: وليس هذا لفظاً يتناول عتقاً ولا طلاقاً، فوجودُه كعدمه، فالحكمُ حينئذ إنما يحال على النية.
ورُدَّ هذا التخريج بأن النية هنا صاحَبَها قولٌ اصطلاحي، وإذا لزمه اصطلاحُ غيره إجماعاً، فاصطلاحُه مع نفسه أجدُر، فلا يؤخذ منه اللزوم بمجرد النية.
والصحيح عندنا أن النقل ثابتٌ صريحاً عن مالك (1) غير مخرج.
ووجهُ الإشكال الذي حمل المنكرين للنقل على الإنكار: أن النية عبارةٌ عن القصد في الحال، أو العزم في الاستقبال، فكما لا يكون قاصدُ الصلاة مصلياً حتى يفعلَ المقصود، وكذا قاصدُ الزكاة والنكاحِ، وهَلُمَّ جراً، كذلك ينبغي أن يكون قاصدُ الطلاق.
ثم قول القائل: يقع الطلاق بالقصد، متدافعٌ، وحاصلُه: يقعُ ما لم يوقعه المكلَّف؛ إذ القصدُ ضرورة يفتقر إلى مقصود النية، فكيف يكون القصدُ نفسَ المقصود؟ هذا (2) قلبٌ (3) للحقائق، فمن هنا اشتد الإنكار حتى
(1)"عن مالك" ليست في "ج".
(2)
في "ج": "وهذا".
(3)
في "ع": "قلبت".
حمل (1) على التأويل أو (2) التوريك في النقل.
والذي يرفع الإشكال: أن النية التي أُريدت هنا، هي (3) الكلام النفسي، والذي يعبر عنه بقول القائل: أنت طالق، فالمعنى الذي هذا لفظه هو المراد بالنية، وإيقاعُ الطلاق على من تكلم بالطلاق وأنشأه حقيقة لا ريب فيه، وذلك أن الكلام يطلق على النفسي حقيقةً (4)، وعلى اللفظي، قيل: حقيقةً (5)، وقيل: مجازاً، ولهذا نقول: قاصدُ الإيمان [مؤمن؛ أي: المتكلمُ بالإيمان](6) كلاماً نفسياً مصدقاً عن معتقده مؤمن، ولذلك (7) المعتقدُ الكفرَ بقلبه المصدِّقُ له كافرٌ، وكذلك عندي المتكلِّم في نفسه بالبيع والشراء أو (8) الإجارة عاقدٌ فيما بينه وبين الله، لكن لا يتصور لخصمه مطالبته في الدنيا؛ لأنه لا يطلع على ذلك.
وأما المتكلمُ في نفسه بإحرام الصلاة، وبالقراءة (9)، فإنما لم يُعَدَّ مصلياً، ولا قارئاً بمجرَّد الكلام النفسيِّ؛ لتعبُّدِ الشرع في هذه المواضع الخاصةِ بالنطق اللفظيِّ، ألا ترى أن المتكلمَ بإحرام الحج في نفسِه محرمٌ،
(1) في "ع": "عمل".
(2)
في "ج": "و".
(3)
"هي" ليست في "ع".
(4)
في "ع": "حقيقته".
(5)
في "ع": "حقيقته".
(6)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(7)
في "ع" و"ج": "وكذلك".
(8)
في "ع": "و".
(9)
في "ج": "والقراءة".
وإن لم يلبِّ؟ وقد نصَّ مالكٌ نصاً (1) لا يُدفع على أن المخَيَّرة (2) إذا تستَّرَتْ، ونقلت قماشها ونحو ذلك، كان ذلك اختياراً للطلاق، وإن لم (3) تتكلم بلفظ؛ لأنها قد تكلمت في نفسها، ونصبَتْ هذه الأفعالَ دلالاتٍ على الكلام النفسي؛ فإن الدليل عليه لا يَخُصُّ النطقَ، بل تدخل فيه الإشاراتُ والنقراتُ والرموزُ والخطوطُ، ولهذا كانت المعاطاة عنده بيعاً (4)؛ لدلالتها على الكلام النفسي عرفاً، فاندفع السؤال، وصار ما كان مشكلاً هو اللائح، وتكون ترجمة البخاري تؤيد قول (5) ابن القاسم [في عتق مرزوقٍ بالنية، ولا يعكُسُه مع ذلك على عتق ناصح باللفظ؛ لأن ابن القاسم](6) إنما فرض الكلام فيما إذا ضبطت النيةُ اللفظَ، وهذا لا ينبغي أن يُختلف فيه؛ فإن من شهدت عليه بينةٌ بإقرارٍ ونحوه، فادَّعى أنه أخطأ في لفظه، وأنه أراد غيرَ ذلك، لا تُقبل هذه الدعوى منه اتفاقاً، والأصل في الألفاظ أنها منبعثة عن القصود (7)، غيرَ أن ذلك يُشكل على أصل ابن القاسم من وجهٍ آخرَ، وذلك أنه منعَ الشهادةَ على الكلام حتى يستوعبه الشاهدُ أولَه وآخرَه.
لكن الفرض أن الشاهد اجتهد في الضبط، فلم يسمع إلا قولَه لناصحٍ
(1) في "ج": "وقد قال مالك أيضاً".
(2)
في "ع": "المخبرة".
(3)
في "ع": "ولم".
(4)
في "ج": "تبعاً".
(5)
في "ج": "كلام".
(6)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(7)
في "ع" و"ج": "المقصود".
عقيبَ قولِ (1): نعم أنت حر، ولو ضيقنا الفرض بأن نفرضه قال بحضرة البينة: قد عزمتُ على أن أناديَ مرزوقاً فأعتقَه، ثم قال: يا مرزوقُ! فقال ناصح: نعم، فقال: أنت حر؛ لكان الأظهر هنا أن لا يعتق إلا مرزوق، لاسيما إذا زدنا (2) الفرض تضييقاً؛ بأن يقول للبينة: اعلموا أني لا أعتق إلا مرزوقاً، [وإن أجابني غيره، فقلت: إنه حر، فإنما أعني مرزوقاً](3)، فهنا لا يُتصور خلاف في أنه لا يُعتق إلا مرزوق (4).
* * *
1422 -
(2528) - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ، أَوْ تَكَلَّمْ".
(إن الله تجاوزَ عن أمتي ما وسوسَتْ به صُدُورُها): -بضم صدورها- نحو: {وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16].
ورواه الأصيلي بالفتح، ووسوست على هذا بمعنى: حدثت، وهو كما وقع في الرواية الأخرى:"ما حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَها" -بفتح أنفسَها-، ويدل
(1) في "ع" و"ج": "قوله".
(2)
في "ع": "أردنا".
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "ع" و"ج".
(4)
في "ج": "مرزوقاً".