الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: مَنْ بَاعَ على الضَّعيفِ ونحوِه، فَدَفَع ثمنَهُ إليهِ، وأمرَهُ بالإصْلاحِ، والقيامِ بشأنِهِ، فإنْ أفسدَ بَعْدُ مَنَعَهُ
1358 -
(2415) - حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبي ذِئْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ عَبْداً لَهُ، لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَابْتَاعَهُ مِنْهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ.
(فابتاعه منه نُعيم بنُ النَّحَّام): قيل: صوابه: نُعيم النحامُ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فسَمِعْتُ نَحْمَةً مِنْ نُعَيْمٍ"، وهي السَّعْلة (1).
* * *
باب: كلامِ الخُصُومِ بَعضِهِم في بَعْضٍ
1359 -
(2419) - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَناَ مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ: أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيم ابْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقْرَأَنِيهَا، وَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: إِنَّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ لِي:"أَرْسِلْهُ". ثُمَّ قَالَ لَهُ: "اقْرَأْ". فَقَرَأَ، قَالَ:"هَكَذَا أُنْزِلَتْ". ثُمَّ قَالَ لِي: "اقْرَأْ". فَقَرَأْتُ، فَقَالَ:"هَكَذَا أُنْزِلَتْ، إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ".
(1) رواه مسلم (997) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه. وانظر: "التنقيح"(2/ 538).
(فقال: هكذا أُنزلت، إن القرآن أُنزل (1) على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسر): اختلف في معنى الحرف على أقوال كثيرة (2) لا نطول بسردها.
قال السفاقسي: واختلف الأصوليون: هل يُقرأ اليومَ على سبعة أحرف؟ فمنعه الطبري وغيره، وقالوا: إنما تجوز القراءة اليومَ بحرف واحد، وهو حرفُ زيدٍ، ونحا إليه القاضي أبو بكر.
وقال الشيخ (3) أبو الحسن الأشعريُّ: أجمع المسلمون على أنه لا يجوز حظرُ ما وسَّعَه الله من القراءة بالأحرف التي أنزلها، ولا يسوغ للأمة أن تمنع ما أطلقه، بل السبعةُ الأحرف موجودة في قراءتنا اليوم، وهي مفترقة في القرآن غير معلومة بأعيانها تمييز بعضها عن بعض، فيجوز على هذا، وبه قال القاضي أن يُقرأ بكل حرف نقلَه أهلُ التواتر من غير تمييز حرفٍ من حرف (4)، فيخلط حرفَ نافع بحرف حمزةَ والكسائي، ولا حرجَ في ذلك؛ لأن الله أنزل هذه الحروف تيسيراً على عباده ورفقاً. انتهى (5).
وقد رأيت أن أذكر هنا كلاماً لشيخنا أبي عبد الله بن عرفة رحمه الله أجاب به عن سؤال وردَ عليه من غَرْناطَةَ قاعدةِ بلادِ الأندلس يتعلَّق بعضُه بما نحن فيه، وها أنا أُورد جميعَه على ما فيه (6) من الطول؛ رَوْماً لتحصيل الفائدة.
(1) في "م": "المنزل".
(2)
في "م": "كثير".
(3)
في "ج": "القاضي".
(4)
في "ع": "بحرف".
(5)
انظر: "التوضيح"(15/ 496).
(6)
في "ج": "ما هو".
ونصُّ السؤال: جوابكم في مسألة وقع النزاع فيها بين الطلبة بغرناطة -أمنها الله- حتى آلَ الأمرُ فيها إلى أن كَفَّرَ بعضُهم بعضاً، وهي أن بعض المشفعين بالجامع الأعظم قرأ ليلة قول الله تعالى في سورة الأنعام:{وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ} [الأنعام: 99] برفع "جنات"، فردَّ عليه الإمام، و (1) هو الشيخ الأستاذ أبو سعيد (2) بن لُبّ، وكان القارئ [ثقيل السمع، فصار يلقنه مرةً بعد أخرى: وجَنَّاتٍ -بالنصب-، والقارئ](3) لا يسمع، وتشجَّع بالأستاذ غيرُه، فلقَّنه (4) أيضاً مثلَ ذلك، وأكثروا عليه حتى ضجَّ بهم المسجدُ، فلما يئسوا من إسماعه (5)، تقدم بعضُهم حتى دخل معه في المحراب، فأسمعه، فأصبح الطلبة يتحدثون بذلك، فقال لهم قائل: لو شاء الله، لتركوه وقراءته؛ لأنها -وإن لم يقرأ بها أحد من السبعة من هذه الطرق المشهورة التي بأيدي الناس-، فقد رُويت من طرق صحيحة لا مطعنَ (6) فيها لأحد، وقد ذكرها ابنُ مجاهد وغيرُه من كبار الأئمة، فقال له بعض الشيوخ: إنما يقرأ في الصلاة بالقراءات السبع؛ لأنها متواترة، ولا يجوز أن يقرأ بغيرها؛ لأنه شاذ، والشاذ لا تصح الصلاة به.
فقال له ذلك القائل: لا فرق بين القراءات المروية عن أحد الأئمة السبعة أو غيرهم من الأئمة إذا كانت موافقة لخط المصحف؛ إذ الجميعُ متواتر
(1) الواو ليست في "ع" و"ج".
(2)
"سعيد" ليست في "ع".
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(4)
في "ع": "فلقيه".
(5)
في "ج": "سماعه".
(6)
في "ج": "يطعن".
باعتبار خطِّ المصحف، [وقد صحت روايته عن الثقات، ولم يشترط أحد من أئمة القراءة في قبول القراءة الموافقةَ لخط المصحف](1) أن ينقل وجهها من جهة الأداء تواتراً، ومن تتبع طرقَ الروايات، علم ذلك قطعاً.
فقال له ذلك (2) الشيخ: لا (3)، بل لا بد من اشتراط ذلك، وإلا لزم عدمُ تواتر القرآن جملة؛ إذ من المحال عقلاً أن يكون القرآن متواتراً (4)، وأَوجُهُ قراءتِه غيرُ متواترة.
فلما كثر النزاع بينهما، ارتفعا (5) إلى الشيخ أبي سعيد بن لُب؛ ليكون الحكمَ بينهما في القضية، فصوب الشيخُ أبو سعيد (6) رأيَ من زعم اشتراطَ (7) التواتر في قبول القراءات.
وزاد من تلقاء نفسه: إن القرآن هو القراءات السبع، وما خرج عنها فليس بقرآن، وإن من زعم أن القراءات السبع لا يلزم فيها التواتر، فقوله كفر؛ لأنه يؤدي إلى عدم تواتر القرآن جملة، وحجته في ذلك ما وقع لابن الحاجب في كتابه في (8)"أصول الفقه"، وقد وقع مثلُه لأبي المعالي في كتاب "البرهان"، والفقهاء يقولون: لا يصلَّى بالشاذ، وأبو عمرٍو الداني قد
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(2)
"ذلك" ليست في "ج".
(3)
"لا" ليست في "ع" و"ج".
(4)
"متواتراً" ليست في "ج".
(5)
"ارتفعا" ليست في "ج".
(6)
في "ع" و"ج": "أبي سعيد بن لب".
(7)
"اشتراط" ليست في "ج".
(8)
"في" ليست في "ع".
وضع كتاباً جمعَ فيه ما خرج عن قراءات الأئمة السبعة من الطرق المشهورة، وسمى ما (1) جمع في ذلك بالقراءات الشواذ، فتركَّبَ (2) له من مجموع ذلك أن ما خرج عن القراءات السبع شاذ ليس بقرآن، فالمطلوبُ من سيادتكم أن تتأملوا كلامَ الأئمة في أوجه القراءات، وطرق الأداء، وما وقع (3) لأئمة (4) القراء والنحويين في مثل هذا، وأن تجيبوا عن ذلك بجميع ما يظهر لكم حتى يظهر وجهُ المسألة مأجورين.
فأجاب شيخنا -رحمه الله تعالى- بما نصه: الحمد لله وحده (5). هذا السؤال حاصلُه: أن بعضَهم منعَ القراءةَ في الصلاة بقراءةٍ غيرِ قراءة أحدِ (6) السبعة؛ لأن غيرها شاذ، والشاذ لا تجوز الصلاة به، وقال: من لوازم تواترِ القرآن تواتر وجه أدائه، وأن بعضهم أجاز الصلاة بغير قراءة أحد السبعة إذا كانت موافقةً لخط المصحف، وصحَّتْ روايتها.
قال: ولا يلزم من تواتر القرآن تواترُ وجه أدائه، وإن الحاكم بينهما صوب الأول، وردَّ الثاني، وزاد: إن ما خرج عن القراءات السبع فليس بقرآن، وإن مَنْ زعم أن القراءات السبع لا يلزم فيها التواتر، فقوله كفر؛ لأنه يؤدي إلى عدم تواتر القرآن جملة.
(1) في "ع": "وسمى به ما".
(2)
في "ج": "فترك".
(3)
في "ج": "ووقع".
(4)
في "ع": "الأئمة".
(5)
"وحده" ليست في "ع".
(6)
"أحد" ليست في "ع".
وجوابه أن نقول: القراءة الشاذة تطلق باعتبارين:
الأول: كونها لم يَقْرأ بها (1) أحدُ السبعة، وهي بلفظ فيه كلمةٌ غيرُ ثابتة في مصحف عثمان المجمَع عليه، سواء كان معناها موافقاً لما في المصحف؛ كقراءة عمر:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9]، أو لا؛ كقراءة ابن مسعود:(ثلاثة أيام متتابعات)، وهذا الإطلاق هو ظاهر استعمال الأصوليين والفقهاء (2).
والثاني: إطلاقها على ما لم يقرأ به أحدُ السبعة من الطرق المشهورة عنهم باعتبار (3) إعرابٍ (4) وإمالةٍ أو نحوِ ذلك؛ مما يرجع لكيفِ (5) النطقِ بالكلمة، مع ثبوتها في مصحف عثمان، وهذا الإطلاق هو ظاهر استعمال القراء.
فأما القراءة بالشاذ على المعنى الأول، فغير جائزة.
ونقل المازري في "شرح البرهان" الاتفاقَ على ذلك.
وقال في "شرح التلقين": تخريجُ اللخميِّ عدمَ إعادةِ (6) المصلِّي بها زَلّةٌ.
وقولُ شيخنا ابن عبد السلام في "شرحه": نقل أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد" عن مالكٍ جوازَ القراءة بها في الصلاة ابتداءً وَهْمٌ (7) يعرفه مَنْ
(1)"بها" ليست في "ع".
(2)
"والفقهاء" ليست في "ع".
(3)
"باعتبار" ليست في "ع" و"ج".
(4)
في "ع" و"ج": "بإعراب".
(5)
في "ج": "فكيف".
(6)
"إعادة" ليست في "ع".
(7)
"وهم" ليست في "ع".
وقف على كلام أبي عمر في "التمهيد".
وأما القراءة بها (1) في غير الصلاة، فللشيوخ فيها طريقان:
الأكثر: على منعها، قاله مكي (2)، والقاضي إسماعيل (3).
قال القاضي عياض (4): اتفق فقهاء بغداد على استتابة ابن شنبوذ المقرئ أحدِ أئمة (5) المقرئين بها مع ابن مجاهد لقراءته وإقرائه شواذَّ من الحروف مما ليس في المصحف، وعقدوا عليه بالرجوع عنه والتوبةِ منه سِجِلاًّ.
الطريقة الثانية: طريقة أبي عمر في "التمهيد"، قال: روى (6) ابن وهب عن مالك جوازَ القراءة بها في غير الصلاة، ونحوه قول الأنباري (7): المشهورُ من مذهب مالك: أنه لا يقرأ بها.
[وأما القراءة بالشاذ على المعنى الثاني إذا ثبت برواية الثقات، فلا ينبغي أن يقرأ بها](8) ابتداء، وأما (9) بعد الوقوع، فالصلاة مجزئة؛ لقول القاضي إسماعيل: إن جرى شيء (10) من القراءة الشاذة على لسان إنسان من غير
(1)"بها" ليست في "ع".
(2)
في "ع": "المكي".
(3)
في "ع" و"ج": "عياض".
(4)
"قال القاضي عياض" ليست في "ع" و"ج".
(5)
في "ج": "الأئمة".
(6)
في "ع": "وروى".
(7)
في "ع": "ابن الأنباري".
(8)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(9)
في "ع": "وما".
(10)
"شيء" ليست في "ع".
قصد كان له في ذلك سعة، إذا لم يكن معناه يخالف (1) خط المصحف المجمَع عليه، فقد دخل ذلك في معنى ما جاء:"إِنَّ القرآنَ أُنزل على سبعةِ أحرف"، إذا ثبت هذا، فالرد على القارئ المذكور أولَ مرة قد (2) تخفف.
وأما تقريرُ ذلك، والمشيُ إليه، فالصوابُ عدمُه؛ لأنها قراءة مُجزئة حسبما نقله الأنباري في "شرح البرهان" عن القاضي إسماعيل، وقبلَه منه، وهو ظاهر القبول، وكلُّ أمرٍ الصلاةُ به مجزئة لا ينبغي أن يَمشي في الصلاة لإماطته؛ لأنه حينئذ فعل منافٍ للصلاة لغير ما تُوقف صحتُها عليه؛ كما في دفعِ المارِّ بين يدي المصلي، إن بَعُدَ عن تنحيته، لا يمشي إليه.
وأما قول الحاكم بينهما: ما خرج عن القراءات السبع، فليس بقرآن، فمردودٌ بما تقدَّم من رواية ابن وهب عن مالك، [ولا يلزم من قول من قال:[لا يقرأ بها في غير صلاة](3) منعُ تسميتها قرآناً إلا بقيد كونه مجمَعاً عليه في مصحف عثمان] (4)، ولا يلزم من صحة نفيه مقيداً نفيه مطلقاً ضرورة.
وأما تواتر القراءات السبع، فهو على وجهين:
الأول: ما يرجع لآحاد الكلم في ذواتها؛ كملِك ومالِك ويَخدعون ويُخادعون، ونحوِ ذلك.
الثاني: ما يرجع لكيفِ النُّطق بها من إعراب وإمالة، وكيفيةِ وقفٍ، ونحوِ ذلك.
(1) في "ع": "يخالط".
(2)
في "ع" و"ج": "فقد".
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(4)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
أما الأول: فمتواترٌ، لا أعرف فيه نصَّ خلاف من (1) كتاب، إلا ما (2) يؤخذ من كلام (3) الأنباري والداودي حسبما يأتي، إن شاء الله تعالى.
وأما الثاني: فاختلف فيه متأخرو شيوخنا والمتقدمون، وكان (4) شيخنا الشيخ الفقيه الصالح المقرئ الضابط الأصولي أبو عبد الله محمد بن سلامة (5) الأنصاريُّ لا يشك في تواترها، أخبرني عن بعض شيوخه المقرئين الصلحاء: أنه اجتمع ببعض مدرسي حضرة يونس (6)، وكانت له دراية (7) بالعربية وأصول الفقه، فقال له: القراءات السبعُ غيرُ متواترة، فقال له الشيخ المقرئ (8): مَنْ يقول هذا يموتُ مذبوحاً، وانفصلَ عنه، ولم يشهده في إجازة كان (9) أتى بها إليه؛ ليشهده فيها، فبعد مدة أصبح ذلك المدرسُ في منزله مذبوحاً.
وأخبرني (10) بذلك شيخُنا الشيخ (11) الفقيه المصنف (12) الشهيرُ أبو
(1) في "ج": "بخلاف في".
(2)
في "ج": "في ما".
(3)
"كلام" ليست في "ع".
(4)
في "ج": "وكلام".
(5)
في "ع": "سلام".
(6)
في "ع" و"ج": "مدرسي من حضر ابن يونس".
(7)
في "ج": "رواية".
(8)
"له الشيخ المقرئ" ليست في "ع" و"ج".
(9)
في "ع" و"ج": "وكان".
(10)
في "ع": " وأخبرنا".
(11)
"الشيخ" ليست في "ع" و"ج".
(12)
في "ج": "المصنف الفقيه".
عبد الله بن الحباب، وقال لي: ذبحه ابنُ أخيه؛ لأنه كان المحيطَ بتعصبه.
وكان شيخنا الشيخ الفقيه القاضي الخطيب المفتي الشهير أبو عبد الله بنُ عبدِ السلام يقول في المسألة إذا جرى فيها الكلام في عام مجلس تدريسه: إنها غير متواترة، مستدلاً بأن شرط التواتر استواءُ الطرفين فيها والوسط.
قال: وقراءةُ السبعة تنتهي إلى أبي عمرٍو الداني، قال: وهذا يقدح في تواترها (1).
ونحوه -أيضاً- سمعته من الشيخ الفقيه الصالح أبي العباس بنِ إدريسَ فقيهِ بجايةَ، وكان (2) جوابي للشيخين: منع حصر وقفها على أبي عمرو الداني، بل شاركه في ذلك عدد كثير، والخاص به شهرتها به فقط.
وأما المتقدمون، فالحاصل منهم ثلاثة أقوال:
الأول: أنها (3) متواترة، نقله الأنباري عن أبي المعالي، وأنكره عليه حسبما يأتي.
الثاني: أنها متواترة عند طائفةٍ خاصَّةٍ، وهم القراء فقط، نقله المازري في "شرح البرهان" وبسط القول فيه.
الثالث: أنها غير متواترة، قاله ابن العربي، وبسط القول فيه، ولم يحكِ غيره، وذلك في كتاب:"القواصم والعواصم" له.
وقاله (4) -أيضاً- الأنباري، واحتج بأن قال: قولُ الإمام: وجوهُ
(1) في "ع": " تواتره".
(2)
في "ع": "فكان".
(3)
"أنها" ليست في "ع".
(4)
في "ع": "وقال".
القراءات متواترةٌ (1) غيرُ صحيح، إنما المتواتر (2) ما اشتمل عليه المصحف، ولم يثبت فيه تعرضٌ لإعراب (3)، إنما ذلك راجع لما تقتضيه العربية، مع صحة الإسناد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هذا نافع قال: أخذت قراءتي هذه (4)[عن الثقات، ما انفرد به الواحدُ، تركتُه، وما اجتمع فيه اثنان، قبلتُه حتى ألفت قراءتي هذه](5)، وسائرُ الأئمة إنما نقل وجوهَ القراءة عن أفراد لا يبلغون عدد التواتر، وسببه أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسمعون منه صلى الله عليه وسلم القراءة على (6) جهات متعددة مما (7) يسوغ في العربية، كما ورد في قراءة عمر، وحكيم بن حزام، وقصتِهما المشهورة، فكان الصحابة يذهبون في البلاد، فيُقْرِئ كلُّ صاحب (8) أهلَ بلدة على حسبِ ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كتبَ عثمانُ المصحفَ، [ولم يتعرض فيه لضبط ولا نَقْط، وكتب المصاحف](9) على ذلك، قيل: سبعة، وقيل: خمسة، بعث إلى كل مِصْرٍ مصحفاً، فبقي أهلُ كلَّ (10) مصرٍ
(1) في "ع": "غير متواترة".
(2)
في "ع": "التواتر".
(3)
في "ع": "لا إعراب".
(4)
"هذه" ليست في "ج".
(5)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(6)
في "ع": "في".
(7)
في "ع": "إنما".
(8)
"صاحب" ليست في "ج".
(9)
ما بين معكوفتين ليس في "ع" و"ج".
(10)
"كل" ليست في "ع" و"ج".
على ما كانوا يعرفونه مما نقلَ إليهم الصاحبُ الذي كان علَّمهم مما يوافق خطَّ المصحف مع الانضباط، ولم يشترط أحدٌ أن جهةَ القراءة بالإضافة إلى كلِّ إمام من هذه الأئمة متواترةٌ، فثبت بمجموع ذلك أن المتواتر (1) وافقَ خطَّ المصحف، وفُهِمَ معناه على لغة العرب، وأما وجهُ القراءة، فلا يُشترط فيه التواتر بحال.
قد قال أئمة (2) العربية: قراءة حمزة: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: 1] ضعيفة، وكذا قراءة قالون:{وَمَحْيَايَ} [الأنعام: 162]-بإسكان الياء- ضعيفة جداً.
وقد روى الداودي حديثاً فيه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الفاتحة: 2] وفيه: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]، قال: وهذا حجةٌ لأهل المدينة؛ لأنهم يقرؤون:
مَلِكِ -بغير ألف-، فلو كانت القراءات على هذه الجهة متواترة، لما احتج عليها بالحديث الذي هو خبر واحد. فإن قيل (3): قد يختلفون في الحرف الواحد؛ كرواية بعضهم: (سارعوا)، ورواية غير (وسارعوا)(4)؟
قلت: محملهما (5) أنه صلى الله عليه وسلم قرأها بالوجهين. انتهى كلام ابن الأنباري.
قلت: وظاهره (6) أن الخلاف عنده في (مالك) و (ملك) حسب ما أشرنا
(1) في "ع": "المتواترة".
(2)
في "ج": "الأئمة".
(3)
في "ع": "قلت".
(4)
"ورواية غير (وسارعوا) " ليست في "ع".
(5)
في "ع": "محلهما".
(6)
في "ع" و"ج": "وظاهر".
إليه أولاً، خلاف نقلِ ابن الحاجب.
قلت: والصواب عندي نقل المازري أنها متواترة عند القراء لا عموماً، والله أعلم.
وأما قول الحاكم بينهما: من زعمَ أن القراءاتِ السبعَ لا يلزم تواترُها، فقولُه كفرٌ. فلا يخفى على من اتقى الله تعالى وأنصفَ، وفهمَ ما نقلناه (1) عن هذه الأئمة الثقات، وطالعَ كلامَ عياضٍ وغيرِه من أئمة الدين: أنه قولٌ غيرُ صحيح، هذه مسألةُ البسملة اتفقوا على عدم التكفير بالخلاف في إثباتها ونفيها (2)، والخلافُ في تواتر وجوه القراءات مثلُه، أو أيسرُ منه، فكيف يُصَرَّح بالتكفير؟!
وأيضاً: على تسليم تواترها عموماً أو خصوصاً، ليس علمُه من الدين ضرورةً، ولا موجباً لتكذيب الشارع بحال، وكلُّ ما هذا شأنه، فواضحٌ لمن اتقى الله وأنصفَ: أنه ليس كفراً، وإن كان خطأً.
قال الأنباري (3) وغيره: ضابطُ ما يكفر به ثلاثة أمور:
أحدها: ما يكون نفسُ اعتقادِه كفراً؛ كإنكار الصانع، أو صفاتِه التي لا يكون صانعاً إلا بها، وجحدِ النبوات.
الثاني: صدورُ ما لا يقع إلا من كافر.
الثالث: إنكارُ ما عُلم من الدين ضرورةً؛ لأنه آيلٌ إلى تكذيب الشارع.
(1) في "ج": "نقله".
(2)
"ونفيها" ليست في "ع".
(3)
في "ع": "ابن الأنباري".
ونحوَ هذا الضابط ذكر (1) الشيخُ عزُّ الدين بنُ عبدِ السلام في "قواعده"، والقرافي في "قواعده"، وغيرُهم.
وأما استدلال من حكم بينهما على كفر ذي القولِ بعدمِ لزوم تواترِ (2) القراءات السبعِ بأنه يؤدي إلى عدم تواتر القرآن جملةً، فمردودٌ من ثلاثة أوجه:
الأول: منعُ (3) كونِه يؤدي إلى ذلك، والمنعُ كافٍ؛ لأنه لم يأتِ على كونه يؤدي إلى ذلك بدليل، وليس علمُ ذلك واضحاً بحيث لا يَفتقر لدليل.
الثاني: سلمنا عدمَ التمسك بالمنع، لنا: الدليلُ قائمٌ على عدم تأديته لذلك، وهو أن يقول: كل ما كان حكم ثبوتِ المنقول بنقل عدد مختلِفٍ لفظُ ناقليه، مع اتفاقه في المعنى؛ كحكم نقل ذلك العدد له مع اتفاق لفظهم، ثم يكون عدمُ تواترِ وجهِ قراءةِ السبعة مؤدياً لعدم تواترها، والملزومُ حَقٌّ (4)، فاللازمُ كذلك.
بيانُ حقية الملزوم: أن شهادة (5) أربعةٍ في الزنا، واثنينِ في سائر (6) الحقوق، مع اختلاف كلماتهم، أو بعضِها (7)، واتفاقِها في المعنى المشهود
(1) في "ع": "ذكره".
(2)
"تواتر" ليست في "ع" و"ج".
(3)
في "ج": "إن منع".
(4)
في "ع" و"ج": "في حق".
(5)
في "ع": "إن شهدت".
(6)
في "ع": "شهادة".
(7)
في "ع": "بعضهم".
به (1)، كثبوتها (2) مع اتفاق ألفاظهم، لا أعلم في ذلك خلافاً؛ كما لو قال أحدُ الأربعة: رأيتُه وَطِئَها بموضع كذا، في وقت كذا، على صفة كذا، وقال الثاني: رأيته حتى فعل كذا، معبراً بما ورد (3) في حديث البخاري، وعبر عن الموضع والوقت والصفة بمرادفِ لفظِ الأول، وكذا الثالث والرابع، فإنَّ حكمَ قبولِ شهادتهم كما لو عبروا (4) بألفاظ متماثلة في ثبوت الظن الموجب للحدِّ، وليس اختلافهم بذلك بالذي يصيرهم منفردين، فيجب حدهم.
وكذا لو شهد شاهدٌ بطلاق، أو حق، وشهد معه آخرُ معبراً بلفظٍ مرادفٍ للفظ (5) الأول، فهو كما لو عبر بلفظٍ مماثل للأول في ثبوت الطلاق والحقِّ، وليس اختلافهم بذلك بالذي يصيرهم منفردين، فلا يجب طلاق، ولا يثبت الحقُّ إلا بيمين (6) مدعيه.
وبيان الملازمة: أن المطلوب في القراءات السبع إثباتُ لفظِ مصحفِ عثمانَ تواتراً (7)، واختلافُ ألفاظِ السبعةِ في (8) تعبيرهم عن تلك الكلمات
(1) في "ع" و"ج": "له".
(2)
في "ج": "بثبوتها".
(3)
في "ج": "ورده".
(4)
في "ج": "عبر".
(5)
في "ع": "اللفظ".
(6)
في "ع" و"ج": "بين".
(7)
في "ع": "تواتر".
(8)
"في" ليست في "ع".
بالرَّوم، والترقيق (1)، والتسهيل، وأضدادها، والإعرابِ الموافقِ في المعنى، كاختلاف ألفاظ الشهداء في إثبات الزنا والطلاق والحقّ، بل اختلافُ ذلك أخفُّ؛ لأن (2) اختلافهم (3) راجعٌ لاختلافٍ في [صفة الحروف، أو في بعض حروف الكلمة، واختلافُ الشهداء راجعٌ لاختلافٍ في](4) الكلم بكمالها (5)، فكما أجمعا على أن اختلاف تلك الألفاظ غيرُ مانع من ثبوت حكم اتفاقها (6)، وهو ثبوت العلم (7) بها [بثبوت الأمر الموجب للحد والطلاق والحق، فكذا اختلافُ ألفاظِ السبعة بما ذُكر غيرُ مانعٍ من ثبوت حكمِ اتفاقها (8)، وهو ثبوت الظن بها](9) الثبوتَ المحكومَ له بالتواتر.
الثالث (10): أنا [إن] سلَّمنا عدمَ نهوضِ هذين الوجهين فيما ذكرناه، كان أقل حالهما أنهما شبهتان تمنعان من أن العلم بأن عدمَ تواترِ وجوه القراءات يوجب عدمَ تواترِ القرآن جملةً ضروريٌّ من الدين، وجحدُ
(1) في "ع": "والترفيق".
(2)
"لأن" ليست في "ع".
(3)
في "ع": "لاختلافهم".
(4)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(5)
في "ج": "بكلامها بكمالها".
(6)
في "م": "اتفاقهما".
(7)
في "ع": "الظن".
(8)
في "م": "اتفاقهما".
(9)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(10)
في "ج": "والثالث".