الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وما كان من خليطين، فإنهما يراجعان (1)(2) بينهما بالسوِيَّة): قال ابن المنير: هذا منه غرم المستهلك؛ لأنا نقدر: مَنْ يُعْطَ، استهلكَ مالَ مَنْ أعطى؛ إذ (3) أخذَ منه عن حقٍّ وجبَ على صاحبه.
وقيل: إنما يقدَّرُ متسلفاً من صاحبه على ذلك الخلاف في وقت التقويم عند التراجع، هل يقوم وقت (4) الأخذ لوقت (5) الوفاء؟
فالأول: على أنه استهلك، والثاني: على أنه سلف.
وفيه حجة لمذهب مالك رضي الله عنه أن من قام عن غيره بواجب، رجعَ عليه (6) بالقضاء، وإن لم يكن أذنَ له في القيام، وأما لو ذبح أحدُ الخليطين أو الشريكين من الشركة شيئاً، فهو مستهلِكٌ، فالقيمةُ يومَ الاستهلاك، قولاً واحداً؛ بخلاف ما يأخذه الساعي.
* * *
باب: قِسْمَةِ الغَنَمِ
1403 -
(2488) - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ بْنُ الْحَكَمِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ
(1) في "ع": "يرجعان".
(2)
نص البخاري: "يتراجعان".
(3)
في "ع" و"ج": "إذا".
(4)
"وقت" ليست في "ع".
(5)
في "ع": "عند الأخذ أو وقت".
(6)
"عليه" ليست في "ج".
جَدِّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذِي الْحُلَيْفَةِ، فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَابُوا إبِلاً وَغَنَماً، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ، فَعَجلُوا وَذَبَحُوا، وَنَصَبُوا الْقُدُورَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ، فَعَدَلَ عَشْرَةً مِنَ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ اللهُ، ثُمَّ قَالَ:"إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غلَبَكُمْ مِنْهَا، فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا". فَقَالَ جَدِّي: إِنَّا نَرْجُو -أَوْ نَخَافُ- الْعَدُوَّ غداً، وَلَيْسَتْ مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟ قَالَ:"مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلُوهُ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: أَمَّا السِّنُّ، فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ، فَمُدَى الْحَبَشَةِ".
(فأُكفئت): أي: أُميلت؛ ليفرغ ما فيها، يقال: كَفَأْتُ الإناءَ، وأكْفَأْتُه: أَمَلْتُه.
قيل: وإنما أُكفئت القدور؛ لأنهم ذبحوا الغنمَ قبل أن يُقسم، ولم يكن لهم ذلك (1).
(فعدلَ عشرةً من الغنم ببعير): -بتخفيف الدال- من عَدَل، ومعناه: سَوَّى عشرةً (2) ببعير.
(فنَدَّ منها بعيرٌ): أي: شَرَدَ وهَرَبَ.
(فأهوى رجل منهم): يقال: أهوى بيده إلى الشيء ليأخذَه، وهوى نحوه: مالَ إليه.
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 555).
(2)
في "ع" و"ج": "غيره".
(إن لهذه البهائم أوابدَ): أي: نوافرَ وشواردَ، جمعُ آبِدَة، يقال: أَبَدَتْ -بفتح الباء المخففة- تَأْبُد -بكسرها وضمها- أُبوداً: إذا تَوَحَّشَتْ.
(وليس لنا (1) مُدىً): -بضم الميم-: جمعُ مُدْيَةِ -مثلث الميم-، وهي السكين، سميت بذلك؛ لأنها مدى الأجل.
(ما أنهرَ الدمَ): أي: صَبَّه بكثرة كصبِّ النهرِ، وهو بالراء.
[قال الزركشي: وروي بالزاي، حكاه القاضي، وهو غريب (2).
قلت: هذا تحريف في النقل؛ فإن القاضي] (3) قال في "المشارق"(4): ووقع للأصيلي في كتاب "الصيد": "نهر"(5)، وليس بشيء، والصواب ما لغيره: أنهر؛ كما في سائر المواضع (6). فالقاضي (7) إنما حكى هذا عن الأصيلي في كتاب "الصيد"، لا في المكان الذي نحن فيه، وهو كتاب الشركة، وكلام الزركشي ظاهرٌ في روايته -بالزاي- في هذا المحل الخاص، وهو تحريف بلا شك.
(وذُكر اسمُ الله عليه، فكلوه): دليل على اشتراط التسمية؛ فإنه علَّقَ
(1) كذا في رواية أبي ذر الهروي عن الحمويي والمستملي، وفي اليونينية:"وليست مدى"، وهي المعتمدة في النص.
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 555).
(3)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(4)
في "ع": "قال القاضي في "المشارق"".
(5)
"نهر" ليست في "ع".
(6)
انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 30).
(7)
في "ع": "قال القاضي".
الإذنَ في الأكل بمجموع أمرين، والمعلَّق على شيئين ينتفي بانتفاء أحدِهما.
فإن قلت: الضميرُ من قوله: "فكلوه" لا يعود على "ما"؛ لأنها عبارة عن آلة التذكية، وهي لا تؤكل، فعلى ماذا يعود؟
قلت: على المذكَّى [المفهوم من الكلام؛ لأن إنهار الآلة للدم يدل على شيء أُنهر دمُه ضرورة، وهو المذكَّى](1).
فإن قلت: يلزم عدمُ الارتباط حينئذ.
قلت: لا نسلِّم، بل الربطُ حاصل، وذلك لأنا نقدِّر التركيب هكذا (2): ما أنهر الدمَ، وذُكر اسمُ الله عليه على مُذَكَّاة، فكلوه؛ أي (3): فكلوا مَذَكَّاةً (4)، فالضميرُ عائد على ملتبِس، فحصل الربط.
وقد قال الكسائي، وتبعه ابن مالك في قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 234]: إن "الذين" مبتدأ، و"يتربصن" الخبر، والأصلُ: يتربصنَ أزواجَهم، ثم جيء بالضمير مكان الأزواج؛ لتقدم ذكرِهنَّ، فامتنع ذكر الضمير؛ لأن النون لا تضاف؛ لكونها ضميراً، وجعل الربط بالضمير القائم مقامَ الظاهر المضاف إلى الضمير، وهذا مثلُ مسألتنا، وقد فهمتَ معادَ الضمير أيضاً من قوله:
(ليس السنَّ والظُّفُرَ): قال الزركشي: "ليس" هنا للاستثناء، وما بعدها
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(2)
في "ع": "هذا".
(3)
"فكلوه أي" ليست في "ج".
(4)
"مذكاة" ليست في "ج".