الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: فِي الشِّرْبِ
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 30]، وَقَوْلِهِ -جَلَّ ذِكْرُهُ-:{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} [الواقعة: 68 - 70]. الأُجَاجُ: الْمُرُّ، الْمُزْنُ: السَّحَابُ.
(باب: ما جاء في الشِّرب): -بكسر الشين-: النصيب (1) من الماء، وضبطه الأصيلي بالضم، وهو على (2) هذا مصدر (3).
* * *
باب: فِي الشِّرْبِ، وَمَنْ رَأَى صَدَقَةَ الْمَاءِ وَهِبَتَهُ وَوَصِيَّتَهُ جَائِزَةً، مَقْسُوماً كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْسُومٍ
وَقَالَ عُثْمَانُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ، فَيَكُونُ دَلْوُهُ
(1) في "ع": "من النصيب".
(2)
في "ع" و"ج": "وعلى".
(3)
في "م": "المصدر"، وانظر:"التنقيح"(2/ 523).
فِيهَا كَدِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ؟ "، فَاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ رضي الله عنه.
(باب: ومن رأى صدقة الماء وهبته ووصيته جائزة).
(من يشتري بئر رُومة (1)؟): رومةُ هذا يقال: إنه رومةُ الغِفاريُّ، كذا في "التجريد" للذهبي.
وقال في "أسد الغابة" في ترجمة رومةَ الغفاريِّ: روى عبدُ الرحمن المحاربيُّ عن أبي مسعود، عن أبي سلمة، عن بشير بن بشير الأسلمي (2)، عن أبيه، قال: لما قدم المهاجرون المدينة (3)، استنكروا (4) الماء، وكانت لرجل من غفار عينٌ يُقال لها: بئرُ رومة، كان يبيع القِرْبَةَ بالمد، فقال له (5) النبي صلى الله عليه وسلم:"بِعْنِيهَا بِعَيْنٍ في الجَنَّةِ"، فقال: يا رسول الله! ليس لي ولا لعيالي غيرُها، ولا أستطيع ذلك، فبلغ قولُه عثمانَ بنَ عفان، فاشتراها بخمسة وثلاثين ألفَ درهم، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أتجعلُ لي مثلَ ما جعلتَ لرومةَ عيناً في الجنة إنِ اشتريتُها (6)؟ قال: "نعم"، قال: قد اشتريتها، وجعلتها (7) للمسلمين. أخرجه ابن منده (8)(9).
(1) في "ع": "دومة".
(2)
في "ع": "عن أسلمي".
(3)
في "ج": "بالمدينة".
(4)
في "ع": "استكبروا".
(5)
"له" ليست في "ع".
(6)
في "ج": "اشترى بثمنها".
(7)
في "ج": "وجعلناها".
(8)
"أخرجه ابن منده" ليست في "ع" و"ج".
(9)
انظر: "أسد الغابة"(2/ 286).
وفي البخاري ما يقتضي خلافَ (1) ذلك؛ فإنه ذكر في أبواب الوقف (2): أن عثمان قال: ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حفر رومة"، فحفرتها؟ (3) وهذا يقتضي أن رومة اسم العين، لا اسمُ صاحبها.
قلت: ويحتمل أن يكون على حذف المضاف وإقامةِ المضاف إليه مقامه؛ جمعاً بين الحديثين.
* * *
1328 -
(2351) - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ:"يَا غُلَامُ! أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ؟ "، قَالَ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَداً يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.
(وعن يمينه غلامٌ أصغرُ القوم): قال النووي في "شرح مسلم": جاء في "مسند ابن أبي شيبة": أن هذا الغلام: عبدُ الله بنُ عباس، ومن الأشياخ خالدُ بنُ الوليد (4).
(فقال: يا غلام! أتأذن أن أعطي الأشياخ؟): قال ابن المنير: مدخلُه
(1)"خلاف" ليست في "ع" و"ج".
(2)
في "ع": "الواقف".
(3)
رواه البخاري (2778).
(4)
انظر: (13/ 201).
في الفقه (1) تحقيقُ أن الماء يُملَكُ، ولهذا استأذن النبي صلى الله عليه وسلم بعضَ الشركاء فيه، ورتَّبَ قسمته يمنة (2) ويسرة، ولو كان باقياً على إباحته، لم يدخله ملك ما (3) يترتبُ قسمته.
قلت: وفيه نظر.
ثم قال: والحديث الثاني طابقَ الترجمة؛ لقوله: "وشِيبَ (4) لبنُها بماء".
والاستدلالُ ضعيف، فلعل هذا الترتيب؛ لأن اللبن هو الذي يُملك، لا الماء، والحديث الأول لم يذكر فيه الشراب الذي كان في القدح، هل هو ماء، أو لبن شيب بماء؟ وظاهر (5) الأمر (6) أنه كان لبناً، وقد جاء، فما وجهُ إدخاله في الترجمة؟
فيقال في الجواب: إنه أدخله؛ ليبين أن الأمر جرى في الماء الذي شيب (7) به اللبن في الحديث الثاني مجرى اللبن المحض في الحديث الآخر، فدل ذلك على (8) أن الماء يُملك كاللبن، وإذا مُلك، جازت هبتُه،
(1)"الفقه" ليست في "ع".
(2)
"يمنة" ليست في "ج"، وفي "ع":"يمينه".
(3)
في "ع": "مما".
(4)
في "ع": "ويشب"، وفي "ج":"ونسب".
(5)
في "ج": "هو ظاهر".
(6)
"الأمر" ليست في "ج".
(7)
في "ج": "يشيب".
(8)
"على" ليست في "ج".
والصدقةُ والوصيةُ مثلها، والذي في الحديث الهبةُ؛ لأنه عليه السلام كان لا يتناول الصدقة، هذا (1) محمول على (2) الهبة لا الصدقة؛ لما (3) تقدم.
* * *
1329 -
(2352) - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّهَا حُلِبَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَاةٌ دَاجِنٌ، وَهْيَ فِي دَارِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَشِيبَ لَبَنُهَا بِمَاءٍ مِنَ الْبِئْرِ الَّتِي فِي دَارِ أَنَسٍ، فَأَعْطَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقَدَحَ، فَشَرِبَ مِنْهُ، حَتَّى إِذَا نَزَعَ الْقَدَحَ، مِنْ فِيهِ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابيٌّ، فَقَالَ عُمَرُ، وَخَافَ أَنْ يُعْطِيَهُ الأَعْرَابِيَّ: أَعْطِ أَبَا بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ عِنْدَكَ، فَأَعْطَاهُ الأَعْرَابِيَّ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ:"الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ".
(وعن يمينه أعرابي): قيل: هو خالد بن الوليد، ذكره ابن التين (4)، واستُبعد (5)؛ فإن خالداً رضي الله عنه لا يقال له: أعرابي (6).
(ثم قال: الأيمنَ فالأيمنَ): -بالنصب-؛ أي: قَدِّموا الأيمنَ.
قال الزركشي: ويجوز الرفعُ على الابتداء، والخبرُ محذوف، وإنما
(1) في "ع": "هو"، وفي "ج":"على".
(2)
"على" ليست في "ج".
(3)
في "ج": "كما".
(4)
في "ج": "ابن المنير".
(5)
"واستبعد" ليست في "ج".
(6)
انظر: "التوضيح"(15/ 311).