الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: إِذَا قَالَ: اكْفِنِي مَؤُونَةَ النَّخْلِ أَوْ غَيْرِهِ، وَتَشْرَكُنِي فِي الثَّمَرِ
(باب: [إذا قال]: اكفني مؤونة النخل أو غيره، وَتَشْرَكُني في الثمر): تشرَكني -بفتح الراء-[مضارع شَرِكني -بكسرها-، -وبضم حرف المضارعة وكسر الراء-](1)، مضارع أَشْرَكَ.
قال ابن المنير: أشار بالترجمة إلى صورة المساقاة، ونَزَّلها ابنُ بطال على ذلك، وليس في الحديث حقيقتُها؛ لأن الرقابَ كانت ملكَ الأنصار، وهم -أيضاً- العمالُ عليها، فليس فيه إلا مجردُ تمليكهم لإخوانهم بلا عِوَض، غير أنهم عرضوا عليهم (2) الملكَ، ثم القسمة، فنزلوا عن الملك المتعلق بالرقبة إلى الثمرة، فكأنهم (3) ساقوا نصيبهم المعروضَ عليهم بجزء من الثمرة، وكان الجزء مبيناً إما بالنص، أو بالعرف. والله أعلم.
أو بأن إطلاق الشرك منزل على النصف، وهو مشهورُ مذهبِ مالك، ونزل تمكنهم من الملك منزلة الملك؛ لأن مَنْ ملكَ أن يملكَ يُعد مالكاً، ويجوز أن يكونوا قبلوا التمليك، ولم يقبلوا (4) القسمة؛ لئلا يلزمهم مؤونة نصيبهم المعين (5) حتى ينتفعوا، فاختار لهم عليه السلام[أن تبقى الشركة،
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(2)
في "ع": "عليه".
(3)
في "ع": "فكانوا".
(4)
في "ع": "يصلوا".
(5)
في "ع": "المبين".
ويعقدوا للمساقاة في نصيبهم، ويكون قوله عليه السلام:"لا"] (1) إنما هو ردٌّ لطلب القسمة، لا للملك، وهذا الأظهر (2) في الاستدلال به على المساقاة، والأقعدُ في غرض البخاري.
قلت: ادعاؤه أن إطلاق الشرك منزلٌ على النصف، وهو مشهور مذهب مالك، فيه نظر، ففي كتاب القِراض: إذا قارضه على أن له شركاء في الربح، فالقراضُ فاسدٌ.
وأيضًا بناؤه على قولهم: إن مَنْ ملك أن يملك يُعد مالكاً؛ غير مَرْضِيٍّ، فالقاعدة عند المحققين من أصحابنا واهية، وقد تعرض القرافي وغيرُه إلى بطلانها (3) بما يطول شرحه، فلينظر في محله (4).
واعلم أن نص الحديث الذي ساقه في هذا الباب: قالَ الأنصارُ للنبي صلى الله عليه وسلم: اقسمْ بيننا وبين إخواننا النخلَ، قال:"لا"، فقالوا (5): أتكفونا المؤونة ونشرككم (6) في الثمرة؟ قالوا: سمعنا وأطعنا (7).
ففهم ابنُ بطال أن الضمير في قوله: "فقالوا" مرادٌ (8) به الأنصار، وضمير
(1) ما بين معكوفتين ليس في "ع" و"ج".
(2)
في "ع" و"ج": "هو الأظهر".
(3)
في "ج": "بطلانهما".
(4)
انظر: "الفروق"(3/ 38).
(5)
فقالوا" ليست في "ع".
(6)
في "م": "ونشركم".
(7)
رواه البخاري (2325) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(8)
في "ج": "يراد".
الخطاب من "تكفونا"، و"نشرككم" مرادٌ (1) به المهاجرون (2)؛ أي: فقالت الأنصار: تكفونا أيها المهاجرون مؤونة العمل في النخيل، ويكون المتحصل من ثمرها مشترَكاً بيننا وبينكم، وهذه عين المساقاة، وليس في اللفظ ما يأباه، وغايةُ الأمر أنهم لم يبينوا (3) مقدارَ الأنصباء التي وقع بها (4) الاشتراك، والواقعةُ واقعةُ عَيْن، فيحتمل أن تسمية الأنصباء (5) وقعت، ولكن الراوي لم يذكرها لفظاً، أو كان نصيبُ العامل في المساقاة معلوماً عندهم (6) بالعرف المنضبط، فتركوا النص عليه اعتماداً (7) على ذلك العرف.
وفهم (8) ابن المنير أن ضمير "فقالوا" للمهاجرين، وضميرَ الخطاب من "تكفونا"، و"نشرككم" للأنصار؛ أي: فلما (9) أبى النبي صلى الله عليه وسلم من قَسْم رقاب النخل لمصلحة رآها، قال المهاجرون: تكفونا أيها الأنصار مؤونة العمل في النخل التي تصير لنا بالقسمة، واعملوا في الكل ما كان يطير (10) لنا، وما كان يطير (11) لكم، ويكون شركاً لكم في الثمار التي تتحصل في
(1) في "ج": "يراد".
(2)
في "ع": "المهاجرين".
(3)
في "ع": "يثبتوا".
(4)
"بها" ليست في "ج".
(5)
في "ع": "نسبته الأنصاب".
(6)
"عندهم" ليست في "ع" و"ج".
(7)
في "ع": "اعتماد".
(8)
في "ع" و"ج": "ووهم".
(9)
في "ع": "علماً".
(10)
في "ج": "نظير".
(11)
في "ع" و"ج": "نظير".
الجمع، فرضي المهاجرون (1) بالثمرة فقط، وأعرضوا عن تملُّك الرقاب لما اقتضى رأيه عليه السلام، وليس في هذا حقيقةُ المساقاة، فاحتاج ابن (2) المنير إلى صرف ذلك إلى المساقاة بما قرره (3)، وفيه تكلف لا يخفى.
وما قاله ابن بطال خالٍ من ذلك كما رأيت، إلا أن يعتضد ابنُ المنير بوقوع ما ترجَّح فهمُه في طريق من طرق (4) الحديث، فتأمله.
* * *
باب: قَطْعِ الشَّجَرِ والنَّخْلِ
1315 -
(2326) - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضيِرِ، وَقَطَعَ، وَهْيَ الْبُوَيْرَةُ، وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ:
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بنِي لُؤَيٍّ
…
حَرِيقٌ بِالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
(وهي البُوَيْرَة): -بضم الباء وفتح الواو (5)، على لفظ التصغير-: موضع.
(ولها يقول حسان): بالصرف على أنه من الحسن -بالنون-، وبعدمه على أنه من الحسن، بدون نون.
(1) في "ج": "المهاجرين".
(2)
"ابن" ليست في "ع".
(3)
في "ع": "قرروه".
(4)
في "ج": "طريق".
(5)
في "ع": "وفتح الراء".
(وهان على سراةِ بني لؤي
…
حريق بالبويرة مستطير)
قال السفاقسي: كذا في رواية أبي ذر: "وهانَ" بالواو، ووقع عند أبي الحسن:"هان (1) " بدون واو (2).
قلت: فيكون فيه العضب -بالضاد المعجمة- وهو خَرْم مفاعَلَتُن (3)، فيصير على زنة مُفْتَعِلُن (4)، وينشد (5) عليه العروضيون (6) قول الشاعر:
وإِنْ نَزَلَ (7) الشِّتَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ
…
تَجَنَّبَ جَارَ بَيْتِهِمُ الشِّتَاءُ
والسَّراة -بفتح السين المهملة (8) -: قال (9) الجوهري: جمع سَرِيٍّ، وهو جمعٌ عزيزٌ؛ أي: يجمع فَعيل (10) على فَعَلَة، ولا يُعرف غيرُه.
قلت: حكى ابن مالك في "التسهيل" جمع خَبيث على خَبَثَة.
ثم قال الجوهري: وجمعُ السَّراةِ: سَرَوات (11)(12).
(1)"هان" ليست في "ع" و"ج".
(2)
انظر: "التوضيح"(15/ 238).
(3)
في "ج": "مفاعيل".
(4)
في "ع": "تفعيلن".
(5)
في "ع": "وبتشديد".
(6)
في "ع" و"ج": "العرضيون".
(7)
في "ع": "نزول".
(8)
"المهملة" ليست في "ع".
(9)
في "ع": "قاله".
(10)
في "ع" و"ج": "فقيل".
(11)
في "ع": "سرات".
(12)
انظر: "الصحاح"(6/ 2375)، (مادة: س ر ي).
وقد شدد السهيلي في "الروض الأنف" النكت في هذه المسألة على النحاة، وقال: لا ينبغي أن يقال في سراة القوم: إنه جمع سَرِيٍّ، لا على القياس، ولا على غير القياس، و (1) إنما هو مثل كاهِلِ القوم، وسنامِهم، وذروتهم (2)، والعجبُ كيف خفيَ هذا على النَّحْوِيين حتى قلد الخالف (3) منهم السالف.
وساق فيه (4) كلاماً طويلاً حاصله: أن السَّراةَ مفردٌ (5) لا جمع (6)، واستدل عليه بما نقف عليه من كلامه.
(مستطير): أي: منتشر.
قال صاحب "المعجم": إنما قال ذلك حسان؛ لأن قريشاً هم الذين حملوا كعبَ بنَ أسدٍ صاحبَ عقدِ بني قريظة على نقض (7) العهد بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج معهم (8) إلى الخندق، وقيل: إنما قطع النخل؛ لأنها كانت مقابل القوم، فقطعت؛ ليبرز مكانها، فيكون مجالاً للحرب (9).
* * *
(1) في "م": "أو".
(2)
"وذروتهم" ليست في "ع" و"ج".
(3)
في "ع": "منهم الحالف".
(4)
في "ج": "فيهم".
(5)
في "ع": "مفرداً".
(6)
انظر: "الروض الأنف"(3/ 206).
(7)
في "ع": "بعض".
(8)
"حتى خرج معهم" ليست في "ع".
(9)
انظر: "التنقيح"(2/ 518).