الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: إذا اشترى مَتَاعَاً أو دابَّهً فوضعهُ عندَ البَائعِ، أو ماتَ قَبْلَ أَنْ يُقْبضَ
1218 -
(2138) - حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، أَخْبَرَناَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: لَقَلَّ يَوْمٌ كَانَ يَأْتِي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَاّ يَأْتِي فِيهِ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ أَحَدَ طَرَفَيِ النَّهَارِ، فَلَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ، لَمْ يَرُعْنَا إِلَاّ وَقَدْ أَتَاناَ ظُهْراً، فَخُبِّرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَناَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَاّ لأَمْرٍ حَدَثَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ لأَبِي بَكْرٍ:"أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ؛ يَعْنِي: عَائِشَةَ، وَأَسْمَاءَ، قَالَ:"أَشَعَرْتَ أَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ؟ ". قَالَ: الصُّحْبَةَ يَا رَسُولَ اللهِ!، قَالَ:"الصُّحْبَةَ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ عِنْدِي ناَقَتَيْنِ أَعْدَدْتُهُمَا لِلْخُرُوجِ، فَخُذْ إِحْدَاهُمَا قَالَ:"قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ".
(لَقَلَّ (1) يومٌ كان يأتي على النبي صلى الله عليه وسلم إلا يأتي فيه بيتَ أبي بكر): هو في معنى قولنا: ما كان يوم يأتي على النبي صلى الله عليه وسلم إلا يأتي فيه بيتَ أبي بكر، فهو استثناء مفرغٌ واقعٌ بعد نفي مؤول؛ لأن قل في معنى النفي، والجملة الواقعة بعد أداة الاستثناء في محل نصب على أنها خبر كان.
(لم يَرُعْنا إلا وقد أتانا ظهراً): كأنه فاجأهم بغتةً في غير الوقت الذي اعتادوا فيه مجيئه، فأفزعهم ذلك.
(أخرجْ ما (2) عندك): قال الزركشي: كذا وقع، والوجه:"من"(3).
(1) في "ع": "لعل".
(2)
في "ج": "من".
(3)
انظر: "التنقيح"(2/ 481).
قلت: قد يقع "ما" مراداً بها: "مَنْ يعلم"؛ نحو: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 57]، و"سُبْحَانَ مَا سَخَّرَكُنَّ لَنَا".
قال أبو حيان: هذا قول أبي (1) عبيدة، وابن درستويه، وابن خروف، ومكي بن أبي طالب، ونسبه ابنُ خروف لسيبويه، ومن أدلتهم -أيضاً-:"سُبْحَانَ مَا سَبَّحَ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ"، {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} [الكافرون: 5]، {وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} [الشمس: 5]، الآيات.
(قال: الصحبَةَ يا رسول الله): -بنصب الصحبة- على إضمار فعل؛ أي: أطلب الصحبَةَ، و -بالرفع- خبر مبتدأ محذوف؛ أي: مطلوبي الصحبةُ.
قال: الصحبةَ (2) -بالنصب أيضاً-؛ أي: نلتَ الصحبةَ، و -بالرفع-؛ أي: الصحبةُ مبذولة لك، أو حاصلةٌ لك، ونحوه (3).
(أعددتُهما): ويروى: "عددتهما (4) ".
(قال: قد أخذتُها بالثمن): قال ابن المنير: كأن البخاري رحمه الله أراد أن يحقق انتقالَ الملك في الذاتية ونحوِها إلى المشتري بنفس العقد، فاستدل على ذلك بقوله عليه السلام:"قد أخذتُها بالثمن"، [وعُلم أنه لم يقبضها، بل أبقاها عند أبي بكر](5)، وعُلم (6) أنه كان (7) يبقيها في ضمان
(1) في "ج": "أبو".
(2)
"قال: الصحبة" ليست في "ع" و"ج".
(3)
انظر: "التنقيح"(2/ 482).
(4)
في "ع": "عدتهما".
(5)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(6)
في "ع": "وعلى".
(7)
في "ع" و"ج": "ما كان ".
أبي بكر، ولا يقتضي مكارمُ الأخلاق أن يكون المِلْكُ له، والضمانُ على أبي بكر، والثمنُ إلى الآن لم يُقبض، ولا سيما في سياق إيثاره عليه السلام للحمل عن (1) أبي بكر، ولهذا أبى أن يأخذها إلا بالثمن، وقد كان أبو بكر آثر (2) أن يكون بغير ثمن.
وقال السهيلي: سئل بعض أهل العلم: لمَ (3) لم يقبلْها إلا بالثمن، وقد أنفق أبو بكر من ماله ما هو أكثرُ من هذا، فقبله، وقد قال عليه السلام:"لَيْسَ أَحَدٌ (4) أَمَنَّ عَلَيَّ في أَهْلٍ وَمَالٍ (5) مِنْ أَبي بَكْرٍ"(6)، وقد دفع إليه حين بنى بعائشة ثنتي عشرةَ أوقيةً، ونَشّاً، فلم يأبَ من ذلك؟ فقال المسؤول: إنما ذلك؛ لتكون هجرتُه إلى الله بنفسه وماله؛ رغبةً منه عليه الصلاة والسلام في استكمال فضل الهجرة، واستحسنه السهيلي.
قال: وذكر ابنُ إسحاق في غير (7) رواية ابن هشام: أن الناقة [التي] ابتاعها النبي صلى الله عليه وسلم من أبي بكر يومئذ هي ناقته التي تسمَّى بالجَدْعاء، وكانت من إبل بني الخريشِ بنِ كعبِ بنِ عامرِ بنِ صعصعةَ، وهي غيرُ العَضْباء (8).
(1) في "ع" و"ج": "على".
(2)
في "ع": "آثره".
(3)
"لم" ليست في "ع".
(4)
في "ع": "أحداً".
(5)
في "ع": "أهلي ومالي".
(6)
رواه البخاري (467) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(7)
"غير" ليست في "ع".
(8)
انظر: "الروض الأنف"(2/ 311).