الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كتاب: المكاتب): قال شيخنا ابن عرفة رحمه الله: الكتابةُ عِتْقٌ على مالٍ مُؤَجَّلٍ من العبدِ موقوفٌ على أدائِه.
فيخرج: على مال معجل، ويخرج أيضاً: عتق العبد على مال مؤجل على أجنبي (1).
باب: الْمُكَاتَبِ، وَنُجُومِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ نَجْمٌ
وَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33].
وَقَالَ رَوْحٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَوَاجِبٌ عَلَيَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالًا أَنْ أُكُاتِبَهُ؟ قَالَ: مَا أُرَاهُ إلَّا وَاجِباً. وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: تَأْثُرُهُ عَنْ أَحَدٍ؟ قَالَ: لَا. ثُمَّ أَخْبَرَنِي: أَنَّ مُوسَى بْنَ أَنَسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ سِيرِينَ سَألَ أَنَساً الْمُكَاتَبَةَ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ، فَأَبَى، فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَالَ: كَاتِبْهُ، فَأَبَى، فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، وَيَتْلُو عُمَرُ:{فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33]، فَكَاتَبَهُ.
(1) وانظر: "مواهب الجليل" للحطاب (6/ 344).
({فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33]): قال ابن المنير: لم يشك القائلون بأن العبد لا يملِكُ في أن المرادَ بالخير في الآية المالُ على أظهر التفاسير فيه، ومنهم ابن عباس، لا يقال: المال الذي يكتسبه بعدَ الكتابة؛ لأنا نقول: ذلك غيبٌ لا يعلم إلا الله، وقد قال البخاري في حديث سيرين: وكان كثير المال؛ أي: عندَ سؤالِه الكتابة، والبخاري ممن يرى أن العبدَ لا يملِكُ، وقال: إن الخير هنا المالُ، وعليه جاء حديثُ سيرين.
* * *
1435 -
(2560) - وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: إِنَّ بَرِيرَةَ دَخَلَتْ عَلَيْهَا تَسْتَعِينُهَا فِي كِتَابَتِهَا، وَعَلَيْهَا خَمْسَةُ أَوَاقٍ، نُجِّمَتْ عَلَيْهَا فِي خَمْسِ سِنِينَ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ، وَنَفِسَتْ فِيهَا: أَرَأَيْتِ إِنْ عَدَدْتُ لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً، أَيَبِيعُكِ أَهْلُكِ فَأُعْتِقَكِ، فَيَكُونَ وَلَاؤُكِ لِي؟ فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا، فَعَرَضَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: لَا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لنَاَ الْوَلَاءُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"اشْتَرِيهَا، فَأَعْتِقِيهَا؛ فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ؟! مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطاً لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ، فَهْوَ بَاطِلٌ، شَرْطُ اللهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ".
(دخلَتْ عليها تستعينها في كتابتها، وعليها خمس أواق نُجِّمَتْ عليها في خمسِ سنينَ): قال الزركشي: هذا خلافُ ما سيذكره قريباً، يريد (1):
(1)"يريد" ليست في "ع".
ما ذكره في باب: استعانة المكاتبة من قوله: عن عائشة رضي الله عنها، قالت:"جاءت بريرة، فقالت: إني كاتبتُ أهلي على تسعِ أواقٍ، في كل عام (1) أوقية"(2).
ثم حكى الزركشي عن الإِسماعيلي بأن الأخبار مصرِّحة بأنها كوتبت على تسعِ أواق، وأن ما ذكر (3) هنا مخالفٌ للأخبار الصحيحة (4).
قلت: لا تعارُضَ بين الحديثين، وليس الثاني مخالفاً (5) للأول، وذلك أن هذا (6) الحديث يقتضي أنها جاءت تستعين وعليها خمسُ أواق منجَّمة في خمس سنين، وليس في ذلك تصريح بأن هذا هو مجموعُ ما عقدت الكتابة عليه؛ إذ يجوز أن يكون وقعت على تسع أوق، فأدَّت منها أربعاً، وبقي خمسٌ، فاستعانت في هذه الخمس الباقيةِ، والحديثُ الثاني مصرِّحٌ بأن الذي وقعت الكتابة فيه تسعُ أواق، ولم يتعرض فيه إلى أداء شيء منها، وقع أو لم يقع، فأين التعارض والتخالف؟ فتأمل.
* * *
(1) في "ع": "يوم".
(2)
رواه البخاري (2563)، ومسلم (1504).
(3)
في "ع": "ذكره".
(4)
انظر: "التنقيح"(2/ 564).
(5)
في "ع": "الباقي مخالف".
(6)
"هذا" ليست في "ع".