الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استدل أصحابنا المالكية بجواز اتخاذها للصيد من غير ضرورة على طهارتها؛ فإن ملابستها مع الاحتراز عن مس شيء منها شاقٌّ، والإذن في الشيء إذنٌ في مكملات مقصوده، كما أن المنع من لوازمه مناسبٌ للمنع منه.
* * *
باب: استِعْمالِ البَقَرِ لِلحِرَاثَةِ
1314 -
(2324) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ، الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ، قَالَ: آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً، فَتَبِعَهَا الرَّاعِي، فَقَالَ الذِّئْبُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي؟ قَالَ: آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ". قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: مَا هُمَا يَوْمَئِذٍ فِي الْقَوْمِ.
(خُلقتُ للحراثة): هذا موضع الترجمة على استعمال البقر للحراثة.
(آمنتُ به أنا وأبو بكر وعمر): علم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنهما يُقران بهذه (1) الآية؛ لكونه يعلم (2) منهما (3) المعروفَ بجواز الجائز (4) واستحالةِ المستحيل، وغير ذلك من قواعد العقائد، ونطقُ البقرة والذئبِ جائزٌ عقلاً؛ أعني:
(1) في "ع": "هذه".
(2)
في "ع": "يعلموا".
(3)
في "ج": "منها".
(4)
في "ج": "الجائزة".
النطق (1) اللفظي والنفسي معاً، غير أن النفسي يشترط فيه (2) العقل، وخَلْقه في البقرة والذئب جائز، وكل جائز أَخْبَرَ صاحبُ المعجزةِ أنه واقع عَلِمْنا عقلاً أنه واقع، ولا يحمل توقفُ المتوقفين على أنهم شكوا في الصدق، ولكن استبعدوه استبعاداً عادياً، ولم يعلموا علماً مكيناً أن الخرق في زمن النبوات يكاد يكون عادة، فلا عجب إذاً.
(هذا استنقذتها مني)(3): خرجه (4) ابن مالك على أوجه (5): إما أن يكون منادى حُذف منه حرف النداء.
(1) في "ج": "المنطق".
(2)
في "ع" و"ج": "فيه يشترط".
(3)
هذا الشرح لم نجد له كلمة في نص البخاري هنا. وإنما رواه البخاري في كتاب: الأنبياء "3471 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: "بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً إِذْ رَكِبَهَا فَضَرَبَهَا، فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا، إِنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ". فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ بَقَرَةٌ تَكَلَّمُ! فَقَالَ: "فَإِنَّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ -وَمَا هُمَا ثَمَّ-، وَبَيْنَمَا رَجُلٌ فِي غَنَمِهِ إِذْ عَدَا الذِّئْبُ فَذَهَبَ مِنْهَا بِشَاةٍ، فَطَلَبَ حَتَّى كَأَنَّهُ اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ هَذَا: اسْتَنْقَذْتَهَا مِنِّي، فَمَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُع، يَوْمَ لَا رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي؟ ". فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللهِ! ذِئْبٌ يَتَكَلَّمُ، قَالَ:"فَإِنِّي أُومِنُ بِهَذَا أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ". وَمَا هُمَا ثَمَّ".
وقد تَبعَ المؤلِّفُ رحمه الله في ذكره هذه القطعة الإمامَ الزركشيِّ في "التنقيح"(2/ 517).
(4)
في "ع": "أخرجه".
(5)
في "ع": "وجه".
قلت: هذا ممنوع، أو قليل.
قال: وإما أن (1) يكون في موضع (2) نصب على الظرفية أو المصدرية؛ أي: هذا اليومَ استنقذتها (3)، [أو هذا (4) الاستنقاذَ استنقذتها](5)(6).
(يومَ السَّبُع): -بفتح السين وضم الباء الموحدة-، وروي: بإسكانها، يريد: الحيوانَ المعروف، وبعضُهم يسكنه، ويقول: إنه يوم القيامة، وأنكره آخرون.
ويحتمل أن يكون أراد: يومَ أكلي لها، يقال: سَبَعَ الذئبُ الغنمَ سَبْعاً؛ أي: أكلَها.
وقيل: المراد: يوم الإهمال.
قال الداودي: معناه: إذا طردَكَ (7) عنها السبعُ، فبقيتُ أنا فيها دونك، أتحكَّمُ له (8) لفراركَ منه؟
وقيل: يوم السبع عيدٌ للجاهلية يجتمعون فيه للهوهم (9)، فيهملون
(1)"أن" ليست في "ع".
(2)
"موضع" ليست في "ع".
(3)
في "ع": "استفدتها".
(4)
في "ج": "وهذا".
(5)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
(6)
انظر: "شواهد التوضيح"(ص: 211). وانظر: "التنقيح"(2/ 517).
(7)
في "ع" و"ج": "أن أطردك".
(8)
"له" ليست في "ج".
(9)
في "ع": "وللهوهم".
مواشيهم، فيأكلها السبع.
قال القاضي: وهذا لا يلائم سياق الحديث؛ لأن الذئب أخذ على صاحبها حيثُ لم يسامحه بحرمتها يكون جزاءً (1) منه لما (2) يكون منه من حفظها بالتنبيه بالعواء، فلا يتمكن منها السبع.
قال: وقال بعضهم: إنما هو السَّيعُ -بمثناة من تحت-؛ أي: يوم الضياع، يقال: أسيعت وأضيعت (3)، بمعنى (4).
قيل: وهذان الحديثان من أخبار بني إسرائيل، وهما من العجائب التي كانت فيهم، وقد قال عليه السلام:"حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ"(5)، ومعناه: فيما صحَّ عندكم، ولا تتحرَّجوا من (6) سماع عجائبهم؛ فقد كانت فيهم عجائب.
ونقل السفاقسي عن الهروي في شأن الذئب أن ذلك كان (7) في مبعث النبي صلى الله عليه وسلم (8).
* * *
(1) في "ع" و"ج": "خيراً".
(2)
في "ع" و"ج": "كما".
(3)
في "ع": "أو صغيت"، وفي "ج":"أسعيت وأصغيت".
(4)
انظر: "مشارق الأنوار"(2/ 205). وانظر: "التنقيح"(2/ 517).
(5)
رواه البخاري (3461) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(6)
في "ع": "عن".
(7)
في "ع" و"ج": "ذلك كله كان".
(8)
انظر: "التوضيح"(15/ 233).