الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6](1).
قال ابن بطال: ووجهُ استنباطِ (2) الوكالة من هذا الحديث: أن قولها: "قد وهبتُ من نفسي" كان ذلك كالوكالة على تزويجها من نفسه، أو ممن شاء (3).
قلت: قد يمتنع (4) دلالة هذا اللفظ على ما ذكره.
* * *
باب: إِذَا وَكَّلَ رَجُلًا، فَتَرَكَ الْوَكِيلُ شَيْئاً، فَأَجَازَهُ الْمُوَكِّلُ، فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَقْرَضَهُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى، جَازَ
1308 -
(2311) - وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو عَمْرٍو: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ: وَاللهِ! لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِنَّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ، وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟ ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ:"أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ". فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ
(1) انظر: "التوضيح"(15/ 190).
(2)
في "ج": "وجه الاستنباط".
(3)
انظر: "شرح ابن بطال"(6/ 455).
(4)
في "ع": "يمنع".
سَيَعُودُ. فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: دَعْنِي؛ فَإِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لَا أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ:"أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ". فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ. قَالَ: دَعْنِي أعُلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهَا، قُلْتُ مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ الْبَارِحَةَ؟ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ:"مَا هِيَ؟ "، قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]. وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبحَ -وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الْخَيْرِ-، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ "، قَالَ: لَا، قَالَ:"ذَاكَ شَيْطَانٌ".
(باب: إذا وَكَّل رجلاً فترك الوكيل شيئاً، فأجازه الموكل، فهو جائز، وإن أقرضه إلى أجلٍ مسمى، جاز).
(وقال عثمان بن الهيثم أبو عمرو: حدثنا عوف)؛ علقه هنا، وفي
"التفلس"(1)، و"فضائل القرآن"، ووصله النسائي عن إبراهيم، عن يعقوب، نا (2) عثمان، فذكره (3).
ووصله الإسماعيلي من حديث الحسن بن السكن، وعبد العزيز ابن سلام، عنه.
وأبو نعيم من حديث هلال بن بشر، عنه (4)(5).
(فجعل يحثو): -بحاء مهملة وثاء مثلثة-؛ أي: يأخذ بكَفَّيه.
(قال: فخليت عنه): هذا موضع الترجمة؛ لأن أبا هريرة تركَ الرجلَ الذي حثا الطعام لما شكا الحاجة، فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجازه.
قال الزركشي وغيره: وفيه نظر؛ لأن أبا هريرة [لم يكن وكيلاً بالعطاء، بل بالحفظ خاصة (6).
قلت: النظر ساقط؛ لأن المقصود انطباقُ الترجمة على الحديث، وهي كذلك؛ لأن أبا هريرة] (7) -وإن لم يكن وكيلاً في الإعطاء-، فهو وكيل في الجملة؛ ضرورةَ أنه وكيل بحفظ الزكاة، وقد ترك مما وكل بحفظه شيئاً، وأجاز عليه السلام فعلَه، فقد طابقته الترجمة قطعاً.
(1) كذا في جميع النسخ، وصوابه "صفة إبليس"، كما في "التوضيح"(15/ 196)، وعنه ينقل المؤلف رحمه الله.
(2)
في "ع": "ابن".
(3)
رواه النسائي في "السنن الكبرى"(10795).
(4)
"عنه" ليست في "ع".
(5)
انظر: "التوضيح"(15/ 196).
(6)
انظر: "التنقيح"(2/ 516).
(7)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".
نعم (1) في أخذ إقراض الوكيل إلى أجل مسمى من هذا الحديث نظر.
وقد قرب بعضهم وجه الأخذ: بأن أبا (2) هريرة لما تركَ (3) السارقَ الذي حثا من الطعام، كان ذلك كأنه تسليفٌ منه لذلك الطعام، إلى أَجَل، وهو قَسْمُه وتفرقته على المساكين؛ لأنهم كانوا يجمعونه قبل الفطر بثلاثة أيام للتفرقة، فكأنه أسلفه إلى (4) ذلك الأجل (5).
قلت: ولا يخفى ما في ذلك من التكلُّف والضعف.
(من الطعام): فيه (6): أن الجن يأكلون الطعام، وفي أشعار العرب أنهم (7) لا (8) يأكلون، وحملُ (9) ذلك على التمرد ومجردِ الإفساد خلافُ الظاهر؛ لأنه لو (10) لم يكن محتاجاً إلى طعام، ما علمه (11) آية الكرسي التي يمتنع بقراءتها من مَرَدَة الجن.
(1)"نعم" ليست في "ع"، وفي "ج":"ثم".
(2)
في "ع": "أبي".
(3)
في "ع": "نزل".
(4)
في "ج": "على".
(5)
انظر: "التوضيح"(15/ 197).
(6)
في "ع": "في".
(7)
في "ع": "بأنهم".
(8)
"لا" ليست في "ع".
(9)
في "ع": "ويمل".
(10)
"لو" ليست في "ع" و"ج".
(11)
في "ع" و"ج": "عم له".
وفيه: ظهور الجن، وتكلمهم بكلام الإنس، وسرقتهم.
(فرصَدْتُه): أي: تَرَقَّبته (1).
(أَمَا): حرف استفتاح.
(إِنه): بكسر الهمزة.
وقال الزركشي: وبفتحها (2)؛ يعني: على جعل "أما" بمعنى: حقاً.
(كذَبك): بفتح الذال المعجمة مخففة.
(ولا يقرَبَك): بفتح الراء والباء.
قال الزركشي: وأصله: "يقرَبنَّك"، بالنون المؤكِّدة (3).
قلت: لا أدري ما دعاه (4) إلى ارتكاب مثل هذا الأمر الضعيف مع ظهور الصواب في خلافه، وذلك أنه قال:"فإنك لن يزالَ عليكَ من الله حافظ، ولا يقربَك (5) شيطانٌ حتى تصبحَ".
فعندنا فعل منصوب ب "لن"، وهو قوله:"يزالَ"، [و] الآخر من قول:"يقربك (6) " منصوب بالعطف على المنصوب المتقدم، و"لا" زائدة لتأكيد النفي، مثلها في قولك: لن يقومَ زيدٌ ولا يضحكَ.
(1) في "ع": "قربته".
(2)
انظر: "التنقيح"(2/ 515).
(3)
انظر: "التنقيح"(2/ 515).
(4)
في "ع": "ادعاه".
(5)
في "ع": "ولا يقربنك".
(6)
في "ج": "يقربنك".
وجرينا (1) على طريقتهم في إطلاق الزيادة على "لا" هذه، وإن كان التحقيق أما ليست بزائدة دائماً، ألا ترى أنه إذا قيل: ما جاءني زيدٌ وعمرٌو، احتمل نفيَ مجيء كلٍّ منهما على كل حال (2)، ونفيَ اجتماعهما في المجيء، فإذا جيء بلا، كان الكلام نصاً في المعنى الأول.
نعم هي زائدة في مثل قولك: لا يستوي زيدٌ ولا عمرو (3).
(وكانوا أحرصَ شيء (4) على الخير): أي: على عمل الخير وتعلُّمه، وإنما خلَّى سبيلَه حرصاً على تعلمه لما ينفعه.
(تعلمُ مَنْ تخاطبُ منذُ ثلاث (5)[ليال] يا أبا هريرة؟ قال: لا، قال (6): ذلك شيطان): العلمُ هنا بمعنى المعرفة.
قال ابن المنير: و (7) فيه ما يدل على أن من رأى في منامه قائلاً يكلمه بحق، ويدله على خير، فعليه أن يتثبت؛ [لاحتمال أن يكون شيطاناً يدسُّ الخيرَ في الشر، والباطلَ في خلال الحق، ولا يغتر (8) بكونه قال له](9) حقاً ما (10) بأنه
(1) في "ج": " وجريناها".
(2)
في "ع": "حالة".
(3)
في "ع": "وعمر".
(4)
في "ع": "مني".
(5)
في "ع": "منه ثلاثة".
(6)
"قال" ليست في "ع".
(7)
الواو ليست في "ج".
(8)
في "ع": "يعتبر".
(9)
ما بين معكوفتين ليس في "ج".
(10)
"ما" ليست في "ع" و"ج".