الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أم عطية، وإنما قال عوضها: أم هبة؟
ولفظ الرواية صريح فيما قلته كما تراه، ثم لو جمع بينهما على الوجه الذي ذكره؛ لأمكن أن يقدر مع كل منهما وصفٌ يحصل به المغايرة، فيقدر: أم عطيةً لا يُطلب فيها عوضٌ، أم هبة يُطلب (1) فيها العوض (2)، وهي هبة الثواب.
* * *
باب: شِرَاءَ الْمَمْلُوكِ مِنَ الْحَرْبِيِّ وَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِسَلْمَانَ: كَاتِبْ. وَكَانَ حُرّاً، فَظَلَمُوهُ وَبَاعُوهُ. وَسُبِيَ عَمَّارٌ وَصُهَيْبٌ وَبِلَالٌ.
وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [النحل: 71].
(وقال النبي صلى الله عليه وسلم لسلمان: كاتِبْ. وكان (3) حراً، فظلموه (4) وباعوه): غرض البخاري في هذا الباب إثباتُ ملك الحربي والمشرك، وجوازُ تصرفه في مثله بالبيع وغيره؛ إذ أقر عليه السلام سلمانَ عندَ مالكه الكافرِ، وأمره أن يكاتبَ.
(1) في "ج": "ويطلب".
(2)
في "ج": "عوض".
(3)
في "ع": "وكانت".
(4)
في "ع": "وظلموه".
قال الطبري: سلمانُ حين غُلب على نفسه لم يكن مؤمناً، وإنما كان إيمانُه إيمانَ مصدقٍ للنبي صلى الله عليه وسلم إذا بُعث، مع إقامته على شريعة عيسى عليه السلام، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم مملوكاً لمن كان في يده؛ إذا (1) كان في حكمه عليه السلام أنه من أسلمَ من رقيق المشركين في دار الحرب (2)، ولم (3) يخرج مُراغِماً لسيده، فهو لسيده، أو كان سيدُه من أهل صلح المسلمين، فهو لمالكه.
قال ابن المنير: ليس كلامه في سلمان بمستقيم، وإنما الرقُّ عند الفقهاء من آثار الكفر، ومن كان موحداً مؤمناً بالنبي صلى الله عليه وسلم (4) قبل بعثه (5)، حُرً (6) الأصل (7)، فليس بكافر، ولا تقتضي القواعد (8) استرقاقُه، والمقامُ على شريعة عيسى من غير تحريف ولا تبديل ليس بكفر، بل ذلك نفسُ الإيمان، ومن قواعد (9) مالك المشهورة: أن الكافر إذا اشترى مسلماُ قِنًا، نفذ شراؤه، وأُجبر على إخراجه عن (10) ملكه، فملكُ اليهودي صحيحٌ،
(1) في "ج": "إذا".
(2)
"في دار الحرب" ليست في "ج".
(3)
في "ع": "وأن".
(4)
في "ع": "من النبي صلى الله عليه وسلم".
(5)
في "ع": "بعثته".
(6)
في "ج": "حراً".
(7)
"الأصل" ليست في "ج".
(8)
في "ج": "في القواعد".
(9)
في "م": "قاعدة".
(10)
في "ع": "من".
لكن لم يكن اليهود تحت الطاعة حتى يُحكم عليه بالبيع.
* * *
1254 -
(2217) - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَناَ شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزِّناَدِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام بِسَارَةَ، فَدَخَلَ بِهَا قَرْيَةً فِيهَا مَلِكٌ مِنَ الْمُلُوكِ، أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الْجَبابرَةِ، فَقِيلَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بِامْرَأَةٍ هِيَ مِنْ أَحْسَنِ النِّسَاءَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ مَنْ هَذِهِ الَّتِي مَعَكَ؟ قَالَ: أُخْتِي، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: لَا تُكَذِّبِي حَدِيثِي؛ فَإِنِّي أَخْبَرْتُهُمْ أَنَّكِ أُخْتِي، وَاللهِ إِنْ عَلَى الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ، فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ، وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إِلَاّ عَلَى زَوْجِي، فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ".
قَالَ الأَعْرَجُ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ، يُقَالُ: هِيَ قَتَلَتْهُ، فَأُرْسِلَ، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ تُصَلِّي، وَتَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي إلَاّ عَلَى زَوْجِي، فَلَا تُسَلِّطْ عَلَيَّ هَذَا الْكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنْ يَمُتْ، فَيُقَالُ: هِيَ قَتَلَتْهُ، فَأُرْسِلَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا أَرْسَلْتُمْ إِلَيَّ إِلَاّ شَيْطَاناً، ارْجِعُوهَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَأَعْطُوهَا آجَرَ، فَرَجَعَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام،- فَقَالَتْ: أَشَعَرْتَ أَنَّ اللهَ كَبَتَ الْكَافِرَ وَأَخْدَمَ وَلِيدَةً؟
(هاجر إبراهيم بسارة): المعروفُ تخفيفُ الراء منها.
وقال الزركشي: قيل: إنها بتشديد الراء (1).
(فدخل قريةً بها (2) ملكٌ من الملوك): قيل (3): هو صادوق (4).
وقيل: سنان بن علوان.
وقيل: عمرو (5) بن امرئ القيس بن سبأ (6) بن (7) يشجب بن يعرب، وكان على مصر، ذكره السهيلي (8).
(والله! إنْ على الأرض): بتخفيف النون نافية.
(إن يمتْ، يُقَلْ: هي قتلته): هذا ظاهرٌ لا إشكال فيه، ويروى:"يقال (9) "، ويروى:"فيقال"، وفي كل منهما (10) إشكال، فيخرج "يقال (11) "
(1) انظر: "التنقيح"(2/ 496).
(2)
نص البخاري: "فدخل بها قرية فيها".
(3)
"قيل" ليست في "ج".
(4)
في "ع": "صادف".
(5)
في "ج": "عمر".
(6)
في "ع": "بسان".
(7)
"ابن" ليست في "ع".
(8)
انظر: "التوضيح"(14/ 548).
(9)
في "ج: "فقال".
(10)
في "م" و"ن": "منها".
(11)
في "ج": "فقال".
لا (1) على أنه جواب الشرط (2) حتى (3) يجب جزمُه، وإنما الجواب محذوف، تقديرُه: أعذبْ، ويقالُ:"هي قتلته" جملة لا محل لها دالة (4) على المحذوف، وأما "فيقال"، فعلى حذف "قد"؛ أي: فقد يقال: هي قتلتْهُ، وذلك موجب؛ لتوقعها مساءة (5) من خاصَّة الملك وأهله.
(فغُطَّ (6)): -بضم الغين بالبناء للمفعول-؛ أي: خُفِق وصُرع.
(ارجِعُوها إلى إبراهيمَ): أي: رُدُّوها إليه، و"رَجَعَ" يأتي لازماً ومتعدياً، يقال: رجعَ زيدٌ رُجوعاً، ورَجَعْتُه أنا رَجْعاً، قال الله تعالى:{فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} [التوبة:83]، وقال:{فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة:10]، وقد تقدم التنبيه عليه.
(وأعطوها آجر): أعطوا (7) فعل أمر، وآجرَ -بهمزة ممدودة وجيم (8) مفتوحة- ويقال: هاجر، بالهاء (9).
(كبتَ الكافرَ): أي: صرعَه لوجهه، وقيل (10): أغاظه وأذله.
(1)"لا" ليست في"ع".
(2)
في "ج": "شرط".
(3)
"حتى" ليست في "ع"، وفي "ج":"علي حتى".
(4)
في "ع" و"ج": "لا محل لها من الإعراب دالة".
(5)
في "ج": "ومساءة".
(6)
في "ج": "فأغط".
(7)
في "ع": "أعطوها".
(8)
في "ع" و"ج": "فجيم".
(9)
"بالهاء" ليست في "ع" و"ج".
(10)
في "ع": "ويقال".
(و (1) أخدم): حذفت (2) المفعولَ الأول؛ لعدم تعلقِ الغرض (3) بتعيينه، أو تأدباً مع زوجها إبراهيم (4) عليه السلام أن تواجهَه بأنَّ غيرَه أخدمَها (5).
(وليدةً): هو المفعول (6) الثاني لأخدم، والمراد بها: آجَرُ المذكورةُ.
* * *
1255 -
(2219) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه لِصُهَيْبٍ: اتَّقِ اللهَ، وَلَا تَدَّع إِلَى غَيْرِ أَبِيكَ. فَقَالَ صُهَيْبٌ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا، وَأَنِّي قُلْتُ ذَلِكَ، وَلَكِنِّي سُرِقْتُ وَأَناَ صَبِيٌّ.
(قال (7) عبد الرحمن بن عوف لصهيب (8): اتق الله، ولا تَدَّعِ إلى غير أبيك): اسم أبيه سنانُ بنُ مالكِ بنِ عبدِ عمرِو (9) بنِ عقيلِ بنِ عامرٍ، ينتهي نسبه إلى النَّمِرِ بنِ قاسِطٍ.
(1) الواو ليست في "ع" و"ج".
(2)
في "ع" و"ج": "حذف".
(3)
في "ج": "الفضل".
(4)
"إبراهيم" ليست في "ج".
(5)
في "ج": "خدمها".
(6)
في "ج": "والمفعول".
(7)
في "ع" و"ج": "وقال".
(8)
في "ع" و"ج": "عبد الرحمن بن صهيب".
(9)
في "ع" و"ج": "عمر".
وقال الواقدي: هو صُهَيبُ بنُ سنان بنِ خالدِ بنِ عبدِ عمرِو (1) بنِ عُقيلِ بنِ كعبِ بنِ سعدٍ (2).
وقال ابن إسحاق: صهيبُ بن (3) سنان بنِ خالدِ بنِ عبدِ عمرِو بنِ طُفيلِ بنِ عامرٍ.
وقال بعض الرواة: اسمُ صُهيب عميرةُ بنُ سنان.
وقصة سرقته مشهورة، وقيل له: الرومي؛ لأن الروم سبوه صغيراً رضي الله عنه (4).
* * *
1256 -
(2220) - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيْتَ أُمُوراً كُنْتُ أَتَحَنَّثُ -أَوْ أَتَحَنَّتُ بِهَا- فِي الْجَاهِلِيَّةِ، مِنْ صِلَةٍ وَعَتَاقَةٍ وَصَدَقَةٍ، هَلْ لِي فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ حَكِيمٌ رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَسْلَمْتَ عَلَى مَا سَلَفَ لَكَ مِنْ خَيْرٍ".
(أرأيتَ أموراً كنتُ أتحنث، أو أتحنت بها): كذا في الأول بمثناة من فوق آخر الكلمة.
(1) في "ع" و"ج": "عمر".
(2)
في "ع" و"ج": "سعيد".
(3)
"بن" ليست في "م".
(4)
انظر: "أسد الغابة"(3/ 38).
قال عياض: وهو غلط من جهة المعنى، وأما (1) الرواية، فصحيحة، والوهمُ فيه من شيوخ البخاري؛ بدليل "أو أتحنت" بعده (2) على الشك، والذى رواه الكافة بالمثلثة (3).
قال بعضهم: ويحتمل على تقدير الصحة أن يكون أصلُها من الحانوت، أو الحانة.
قال ابن الأثير: كانت العرب تسمي بيوت الخمارين: الحوانيت، و (4) الحانةُ مثلُه (5).
فعلى هذا التقدير يكون: أتحنت بمعنى: أَتَحَنَّثُ مواضعَ الخمارين أو الحانة (6).
قلت: هذا التوجيه ساقط، وذلك لأن عين الحانة واو، و (7) لامها نون، فلو بني أَتَفَعَّلُ منه، لقيل: أَتَحَوَّنُ.
فإن قلت: فليصح الاشتقاق من الحانوت؛ [لأن لامها تاء.
قلت: هذا غلط أيضاً؛ فقد قال الجوهري: في الحانوت] (8): وأصله
(1) في "ع": "أما".
(2)
في "ج": "بعيدة".
(3)
انظر: "مشارق الأنوار"(1/ 203).
(4)
في "ع": "أو".
(5)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 448).
(6)
انظر: "التوضيح"(1/ 548).
(7)
الواو ليست في "ج".
(8)
ما بين معكوفتين ليس في "ع".