الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البخاري أن سعيد بن جبير، سأل ابن عباس فيما يزعمه نوف من أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل. فقال كذب عدو الله (1) وهذا يدل على أن القصص الإسرائيلي كان أكثر انتشارًا من غيره وذلك يرجع إلى أن صلة المسلمين بيهود، كانت أقوى من صلتهم مع غيرهم فهم الذين عاشوا معهم في المدينة المنورة أول الدعوة، وهم الذين دخل منهم في الإسلام كثيرون عن حسن قصد أو سوء نية.
وإذا كان هذا شأن الإسرائيليات فما هو موقف العلماء منها؟ .
موقف العلماء من الإسرائيليات:
إن الأئمة رضوان الله عليهم كانوا لا يقبلون بهذه الإسرائيليات، بل كانوا يحذرون الأمة من أن تتغلغل فيهم مثل هذه الأخبار، وهذا هو الإمام الغزالي رضي الله عنه، ينهى عن التعلق بهذا القصص حتى لا ينساق الناس وراءها، وهذا ابن كثير رحمه الله، يبين لنا أن هذه الإسرائيليات التي انتشرت في كثير من الكتب، ينبغي أن ينبه عليها وأن تنقى منها الكتب، ويكتب. تفسيره محاولًا أن لا يقع فيما وقع فيه من قبله من المفسرين. وفي مقدمة هذا التفسير (2) يقسم الإسرائيليات إلى ثلاثة أقسام: منها ما وافق الكتاب ومنها ما خالفه ومنها ما سكت عنه، فأما القسم الأول وهو الذي وافق الكتاب، فلا حاجة لنا فيه لأن الكتاب يكفينا ويغنينا عنه. وأما ما خالف الكتاب فلا حاجة لنا كذلك فيه، لأنه مخالف لكتابنا. وأما القسم الثالث فيرى الإمام ابن كثير أنه لا مانع من نقله والتعرض له على أن ينبه على ذلك. ولقد كان ابن كثير متأثرًا بأستاذه ابن تيمية الذي حمل على هؤلاء الذين ينقلون هذه الإسرائيليات في كتبهم، ولو كانوا من العلماء الأجلة، الذين عدهم ابن تيمية
(1) ج 6 ص 115.
(2)
ج 1/ 9، ت: سامي سلامة، دار طيبة للنشر.
من الأئمة. فهو يقول عن الثعالبي مثلًا: إنه كان فيه خير ودين. ولكنه كان حاطب ليل. هذا ما يرتأيه ابن كثير. ولكن البرهان البقاعي يرى غير ذلك الرأي، فهو يرى جواز النقل عن بني إسرائيل، ويدلل علي ذلك بأن الذي ننقله إنما يقصد به الاستئناس فقط دون الاعتقاد وما ينقل للاستئناس لا يضيرنا إن لم نثبت من صحة نقله وذلك بعكس ما ننقله من أجل الاحتجاج والاعتقاد، فلا بد من التثبت من سنده ونقله.
ويقسم الإسرائيليات إلى ثلاثة أقسام: موضوع وضعيف وغير ذلك فأما القسم الثالث وهو الذي ليس بموضوع ولا ضعيف فينقل للحجة، وأما الضعيف فينقل للترغيب، وأما الموضوع فينقل للتنبيه على كذبه. وكأنه يبيج نقل هذه الأقسام جميعها. فهو يوجد لكل قسم منها مسوغًا يسوغ نقله ووضعه في كتبنا. وانظر إليه وهو يقول: عند تفسيره لقول الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ} [البقرة: 34] ما نصه.
(فإن أنكر منكر الاستشهاد بالتوراة أو بالإنجيل، وعمى عن أن الأحسن في باب النظر، أن يرد على الإنسان بما يعتقده، تلوت عليه قول الله تعالى استشهادًا على كذب اليهود {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93] وقوله تعالى. {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48] حتى آيات من أمثال ذلك كثيرة. وذكرته باستشهاد النبي صلى الله عليه وسلم بالتوراة في قصة الزاني
…
الخ) (1).
وإذا كان هذان العالمان الجليلان مختلفين نحو هذه الإسرائيليات فأحدهما ينظر إلى الرواية والسند، والآخر ينظر إلى طبيعة المنقول. والمنقول إليه، من حيث الموافقة والمخالفة، فإن إمامًا ثالثًا وهو الحافظ ابن حجر يرى رأيًا آخر، وهو أن هذه الإسرائيليات ينبغي أن لا يطلع عليها إلا من كان متمكنًا من دينه، متضلعًا في
(1) تفسير البقاعي (1/ 372). دار الكتاب الإسلامي، القاهرة.