الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبارة الإمام أحمد تنفي كتبًا خاصة عرفت بهذا الاسم، بدليل الرواية التي تقول (ثلاثة كتب) - وهما كتابان للكلبي وآخر لمقاتل بن سليمان. وذهبت فئة إلى أن هذا اصطلاح خاص بالإمام رضي الله عنه، فلا يلزم من نفي الصحة ثبوت الوضع، وقد عرف عن الإمام أحمد خاصة نفي الصحة عن أحاديث وهي مقبولة (1).
قال اللكنوي، كثيرًا ما يقولون (لا يصح) أو (لا يثبت) هذا الحديث، ويظن من لا علم له أنه موضوع أو ضعيف، وهو مبني على جهله بمصطلحاتهم، وعدم وقوفه على مصرحاتهم (2).
وأقول وأنا أميل إلى هذا الرأي الأخير فقد روي عن الإمام أحمد رضي الله عنه بعض العبارات التي تشبه هذه العبارة، وهي قوله (أربعة أحاديث ليس لها أصل) ومنها (للسائل حق وإن جاء على ظهر فرس) وقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده) (3).
وإذًا فثبوت أحاديث التفسير من القضايا التي لا ينبغي أن يشكك فيها أحد، كيف وقد ذكر الأئمة الأعلام، الذين أجمعت الأمة على عدالتهم في كتبهم كثيرًا من هذه الروايات؟
مناقشة ما ذكره بعض الأفاضل في تقسيم التفسير الأثري:
ذكر الشيخ محمد بن صالح العثيمين أقسامًا ثلاثة للتفسير المأثور كان معتمده فيها الصلة بين اللفظ والمعنى:
الأول: اختلاف في اللفظ دون المعنى، ومثاله: الاختلاف في معنى (قضى) من قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] حيث ورد
(1) السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي للسباعي ص 221.
(2)
الرفع والتكميل ص 137 - طبعة ثانية 1968. مكتب المطبوعات الإسلامية- حلب.
(3)
الباعث الحثيث بتعليق المرحوم أحمد شاكر ص 191.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قضى: أمَرَ روعن مجاهد: أوحى، وعن الربيع بن أنس: أوجب.
وهذه التفسيرات معناها متقارب ولا تأثير لهذا الاختلاف على معنى الآية.
الثاني: اختلاف في اللفظ والمعنى والآية تحتمل المعنيين لعدم التضاد بينهما فتحمل الآية عليهما وتفسّر بهما.
مثاله: اختلاف المفسّرين في قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الأعراف: 176] فقد قال ابن مسعود: هو رجل من بني إسرائيل، وقال ابن عباس: هو رجل من أهل اليمن، وقيل: رجل من أهل البلقاء. ويمكن الجمع بين هذه الأقوال بأن تكون ذكرت على وجه التمثيل لما تعنيه الآية أو التنويع.
الثالث: اختلاف اللفظ والمعنى والآية لا تحتمل المعنيين معًا للتضادّ بينهما فتحمل الآية على الأرجح منهما بدلالة السياق أو غيره من المرجحات.
ومثاله: الخلاف في المراد بمن في يده عقدة النكاح في قوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237]. فقد روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه - أن الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج، وقال ابن عباس: هو الوَلِيُّ. والراجح عند العلماء هو الأول لدلالة المعنى عليه، ولأنه قد روي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (1).
(1) أصول في التفسير: ص 30 - 31.