الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - الشيخ أمين الخولي
تخرج الشيخ أمين الخولي في مدرسة القضاء الشرعي وتسنى له أن يدرس اللغة الإيطالية، ثم عين مدرسًا في كلية الآداب، للغة العربية، وكان له رأي يتلخص في وجوب تجديد هذه الدراسات الأدبية والذي يهمنا نظرته إلى دراسة التفسير، فالقرآن كتاب العربية الأكبر كما يقول، ومن هنا، فالواجب أن ينظر إليه أولًا، وقبل كل شيء من هذه الناحية.
لذا فهو لا يرضى أن يكون المقصد الأول للقرآن، بيان الهداية في العقيدة والتشريع والأخلاق، كما ذهب إليه الشيخ محمد عبده، وإنما واجب العرب، مسلمهم وغير مسلمهم أن يدرسوا القرآن أولًا، من حيث هو فن العربية الأقدس، ويقيني أن ما ذهب إليه الأستاذ الإمام هو الحق: القرآن كتاب هداية قبل كل شيء، ولولا ما فيه من تلك الهداية المخالفة لما عليه العرب، ما رفضوه وحاربوا من تلاه عليهم لأول مرة، عليه وآله الصلاة والسلام، وليس معنى هذا، أن نهمل الناحية البيانية في دراسة القرآن.
وبهذه المناسبة أود أن أشير إلى خطأ المنهج، الذي تتبعه بعض الكليات والجامعات الإسلامية، حينما تفصل بعض الدراسات القرآنية عن الصبغة البيانية، كجُلِّ كليات الشريعة التي تعنى بالآيات من ناحية الأحكام فقط، غير ناظرة إلى ما فيها من ذوق بياني رفيع. إن دراسة البيان القرآني من الأمور المهمة التي تتبين منها روعة أسلوبه، وفصاحة كلماته، وبلاغة مركباته وهي لازمة في كل اتجاه من اتجاهات التفسير.
أما المنهج الذي يراه الشيخ لدراسة القرآن فهو يقوم:
أولًا: على دراسة ما حول القرآن دراسة خاصة وعامة، أما الدراسة الخاصة فهي ما لا بد منه لفهم النص القرآني كأسباب النزول والنسخ ومعرفة المكي والمدني، وهو بعض موضوعات علوم القرآن، وأما الدراسة العامة، فهي
دراسة البيئة التي نزل فيها القرآن، وعوامل تكوينها سواء أكانت تلك البيئة طبيعية أم اجتماعية. وما قرره الشيخ، قرره علماء من قبله، كالشاطبي في كتاب الموافقات، ولكن ليس إلى الحدّ الذي قرره الشيخ.
وثانيًا: على دراسة في القرآن نفسه، ويبين الشيخ هنا أن دراسة القرآن كما يعرضها المفسرون ليست سوية، إذ هم يعرضون لكل آية على حدة، والطريقة المثلى عنده أن يدرس القرآن كموضوعات فتؤخذ آيات في الموضوع الواحد على أنها مجموعة متكاملة، ويبدأ دراسة المفردات دراسة واعية، حيث لا توجد معاجم كافية، والمعجم الوحيد هو مفردات الراغب، ولكنه بدائي كما يقول، فدراسة اللفظة القرآنية ينبغي أن يراعى فيها أصل وضعها، ومدلولها في العهد الذي نزلت فيه. والتطورات التي جدت عليها بعد ذلك، ولهذه الناحية يمنع التفسير العلمي لأن مدلولات الألفاظ في العهد النبوي، لم تكن لتحمل المعاني العلمية المستحدثة (1). وما قاله صحيح، ولكن إذا كان هذا التفسير لا يتعارض مع ما أثر عن النبي الكريم عليه وآله الصلاة والسلام أو مع اللغة نفسها.
وبعد دراسة المفردات تأتي دراسة المركبات على أن لا تطغى الصنعة البلاغية والنحوية على تلك الدراسات، ويستشهد لذلك المنهج الذي رسمه بدراسات العهد القديم والجديد حيث وضع لما ورد فيها من أزمنة وأمكنة وأعلام وحوادث ومفردات دراسات مختلفة كل على حدة.
وأعتقد أن دراسة تلك الكتب تختلف عن دراسة القرآن مضمونًا ولغة، فهي لا تتمتع بتوافر الإسناد أولًا، ولم تثبت في لغتها التي نزلت فيها ثانيًا، ولم تسلم لغتها من التغيير والتطور ثالثًا، كما سلمت لغة القرآن، فاللغة الإنكليزية مثلًا، إذا سمع أبناؤها إنسانًا قبل شكسبير يتحدث بها، لم يفهم سوى القليل منهم القليل منها،
(1) مناهج التجديد ص 289.