الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجاهل كلّ ما للمسلمين وحضارتهم من جهود طيبة مشكورة في هذا المضمار. من إبداع، مما شهد به علماء العصر الحديث، سواء أكان من ناحية الوسائل التي اتبعت، أم من حيث النتائج التي توصل إليها، مما كان له الأثر الكبير في النهضة الحديثة)، ولكن كثيرًا من المؤلفين مع كلّ أسف، لا يلقون بالًا لتلك الحقبة الذهبية في تاريخ الإنسان، متأثرين في ذلك بهؤلاء الذين أسرتهم العصبية الجنسية والطائفية، فاتهموا العقلية العربية المسلمة، بأنها عقلية حافظة ناقلة فحسب، ليس من شأنها أن تبدع أو تنتج، {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف: 5]. ومهما يكن من أمر فلقد كان لزامًا على المؤلف أن يذكر ما أسهمت به أمته في تراث الإنسانية العلمي، ولكنه سامحه الله لم يفعل.
وبعد هذه الإلمامة عن منهج المؤلف، لا بد من استعراض بعض النماذج كي نتبين من خلالها طريقة الرجل وموضوعيته في البحث، والتزامه بالنهج الذي رسمه.
ثانيًا: نماذج من التفسير:
يذكر المؤلف عند هذه الآيات أقوال بعض المفسرين، ثم يتبعها بتعليق على تلك الأقوال:
أ- آيات خلق السماوات والأرض:
1 -
تفسيره قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] فمثلًا عند قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} يقول: (وكنا نرى أن المثل معناه كلّ ما يشبه غيره في صفة واحدة أو أكثر. فيكون معنى الآية، أنه تعالى خلق من جنس الأرض التي يسكنها الناس أرضين تشبه السماوات السبع في صفة أو أكثر. وبما أنه خصص السماوات بالعدد (سبعة)، فالراجح أن يكون هذا العدد، هو أحد أوجه المثلية المقررة بينهما. وقد ذكر المفسرون آراء مختلفة عن مكان
الأرضين دون أن يذكروا ما يدعمها من الشواهد.
ونرى أن قوله تعالى: {وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} ، الذي معناه وخلق من جنس الأرض مثلهن، مع قوله:{خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} ، يفيد أنه تعالى خلق سبع سماوات من غير جنس الأرض. وعلى هذا الاعتبار، يكون معنى الآية أن الله تعالى خلق سبع سماوات غير أرضية، وخلق أرضين متعددة منها الأرض، التي يسكنها الناس، تشبه السماوات السبع في بعض الصفات، وليس في كلّ الصفات لأنَّها مختلفات في الجنس على الأقل. والصفات التي يمكن أن تشترك فيها السماوات السبع غير الأرضية والأرضون، مع اختلافها في الجنس، ولا تدل عليها الآية صراحة كثيرة منها:
أ - التركيب الكيميائية من حيث نوع العناصر وحدها أو مع النسبة بينهما.
ب - وطريقة الخلق والنشوء.
ج - والشكل.
د - والعدد وطريقة الانتشار في الفضاء.
هـ - والحركة أو السكون وغير ذلك (1).
هذا الذي ذكره الأستاذ تعليقًا على إيضاح المفسرين في هذه الآية، وهو بلا ريب يحتاج إلى الضاح، لما فيه من إبهام وغموض. إن الأستاذ لم يزد على ما قاله المفسرون القدامى، بل والحق يقال، إن ما ذكروه أكثر وضوحًا وأظهر معنى.
2 -
رأيه في قوله تعالى: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ} [السجدة: 5]: وليته يقف عند هذا الحد، ولكننا نراه يذهب إلى ما هو أبعد من هذا وأكثر غرابة، وأشد بعدًا عن العقل والنقل، وذلك في تفسيره قول الله تعالى:{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} فهو
(1) المرجع السابق ص 148.
يرى أن هذه الآية إنما تتحدث عن مرحلة خاصة، وهي ما بين نفختي الصور المشار إليهما بقول الله تعالى في سورة الزمر:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68)} [الزمر: 68] فالألف سنة هي ما بين النفختين.
والعجيب أنه ينقل هذا عن المفسرين كما يقول، ولم يذكر لنا المفسر الذي نقل عنه، ولا التفسير الذي نقل منه. ويرجح هذا القول معللًا له بتعليلات عقلية كما يقول.
وهذه عبارته، (وحيث إن العقل يقضي بأن العالم الحي من العباد، ينقطع تدبيرهم وتصريفهم لشؤونهم بين النفختين؛ لأنهم يكونون وقتئذٍ أمواتًا فلا تكون لهم شؤون تصرف، وأن العالم غير الحي من سماوات وأرضين، مسخر ولا ينقطع تدبير وتصريف أمره ما دام في الوجود، بل إنه يكون مستمرًا في صورة هدم كيانه وبنائه من جديد بعد النفخة الأولى، فلهذه الأسباب يرجح لدينا أن المقصود من قوله تعالى: {ثُمَّ يَعْرُجُ .... }. إلى آخر الآية هو انقطاع وتوقف تدبير الخلق العاقل لشؤونهم، في الفترة بين النفختين حيث يكونون أمواتًا، وأن فترة هذا التوقف التي قدرها الله بألف سنة من سني الدُّنيا، هي مقدار الزمن بين النفختين)(1). وما ذكره المؤلف بعيد كلّ البعد، عما تشير إليه الآية - والله أعلم بمراده - لا لأنه مخالف لما ذكره المفسرون، فإن الله ييسر فهم كتابه لمن شاء وربما يصل المتأخر إلى مكنون آية غفل عنه المتقدم، ولكن لأن ما ذكره مخالف للسياق والمأثور. فسياق الآية أولًا، لا يشير من قريب أو بعيد إلى أن هذا العروج، وذلك اليوم إنما هو بين النفختين، بل على العكس من ذلك. إن سياق الآيات في شؤون هذه الحياة من تدبير الله أمر هذا الخلق، وهو ما يدل على عظمة الخالق، وأما المأثور فقد ورد في صحيح الإمام مسلم رضي الله عنه عن أبي هريرة - رضي
(1) المرجع السابق ص 134.
الله عنه - (أن بين النفختين أربعين)(1) وعند ابن مردويه (إنها أربعون سنة)(2). فلا أدري بعد ذلك كله كيف استساغ المؤلف مثل هذا التأويل، مع مخالفته للسياق والمأثور؟ ! ).
3 -
رأيه في السماء الدنيا والسماوات السبع: وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16)} [الحجر: 16] يخطئ المفسرين الذين عدّوا السماء الدنيا، هي التي فيها الكواكب والنيرات وهي ذات الزينة، ويقول:(إن السماء الدينا هي الطبقات العليا، من جو الأرض، لأن كلّ ما علا فهو سماء).
وأنا غير مطمئن إلى ما ذهب إليه لأن هناك آيات كثيرة تدل على تزيين السماء، كآية فصلّت {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا} [فصلت: 12]، وآية المُلْك {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: 5]. وآية الصافات {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات: 6]. ولا أظن عَدّ الطبقات العليا من جو الأرض سماءً قولًا تساعده الآيات القرآنية، فإن الله يقول عن السماء {رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [النازعات: 28]. وإذا كانت هذه الطبقات السماء الدنيا، والقمر أكثر منها بعدًا، فيمكن عده إذًا في سماء ثانية، وهذا ما لا أتصوره أبدًا مع أن الأستاذ ذكر قبل قليل، وهو ما نقلناه من أن، السبع سماوات غير أرضية، وهي مختلفة عن الأرض في الجنس على الأقل (3)، ثم إن الآيات التي ذكرناها تشهد كلها بأن السماء الدنيا هي المزينة بالكواكب.
وما دمنا في ذكر الحديث عن السماوات والأرض وما فيهما، فلا بد أن نعرض لآراء الأستاذ، وبخاصة تلك التأويلات البعيدة، التي يريد أن يخضع بها القرآن لاحتمالات وظنون. السماوات السبع كما يقول إنما هي النجوم، ولم يبين لنا أي تلك النجميات هي التي اكتسبت اسم السماوات، وأما الأرضون فإنما هي الكوكب.
(1) ج 18 ص 90 شرح النووي.
(2)
فتح الباري ج 10 ص 172.
(3)
المرجع السابق ص 130.
والحق أن المتدبر لآيات القرآن، يدرك دونما أدنى شك، أن النجوم شيء وإن السماوات شيء آخر. فقد ذكرت النجوم في القرآن دونما تحديد لها، ولا كذلك السماوات فقد ذكرت بأنها سبع، والحق أن تفسير السماوات السبع بالكواكب أو مداراتها، كما ذكره المفسرون الأقدمون، وهو ما تشير إليه نظرية بطليموس، تفسير لم يساعده الواقع. فإذا جاء الأستاذ حنفي، وقال: أنا أعتبر الكواكب إنما هي الأرضون، وأما السماوات فهي النجوم اللامعة المضيئة بذاتها) (1) .. فإنا نقول له - إن هذا بعيد كلّ البعد عن معنى الآي الحكيم.
ولقد اختلفت كلمة العلماء المحدثين في السماوات السبع، ويعجبني ما قاله الأستاذ رشيد رشدي العابري رحمه الله، وهو ممن جمعوا إلى عقيدتهم التي منّ الله بها عليهم، معلومات قيمة في علم الفلك الحديث، يقول حول موضوع السماوات السبع مفندًا ما شاع عند الناس من أن المقصود بها الكواكب السيارة:(وكل نظرية ومنها النظرية المدّية في كيفية تكوين العالم الشمسي، إن لم تحقق علميًّا بحيث تكون قطعية الثبوت، فإنه لا يجوز الركون إليها في تفسير آيات القرآن الكريم. ومن العلماء المعاصرين الذين يعتبرون حجة في آرائهم الفرعية، قد فندوا النظرية المذكورة وكم من نظرية جاءت قبل هذه النظرية المدّية اعتبرها العلماء تفسيرًا لكيفية تكوين المجموعة الشمسية، ولكنها لم تلبث أن تهاوت واندثرت فحلت محلها نظرية أخرى، لم تلبث أن سقطت وهكذا)(2).
ويظهر أن السماوات السبع، من الأمور التي لم يمكن الله الإنسان من معرفة كنهها حتى الآن. وها هم العلماء يكتشفون جديدًا في كلّ يوم في هذا العالم العلوي من شموس ومجرات {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} .
ويستمر الأستاذ حنفي في حديثه عن تفسير آيات السماوات والأرض، وعن
(1) لقد فسر السماء الدنيا تفسيرًا مخالفًا لهذا التفسير.
(2)
التمدّن الإسلامي ص 858 سنة 1374 هـ.
مبدأ خلقهما، ومعنى طواعيتهما، كذلك عن معنى قول الله تعالى {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} ، فيرى أن السماوات خلقت قبل الأرض، وأن معنى قول الله تعالى {خَلَقَ الْأَرْضَ} ، إنما هو التقدير دون الإيجاد، وهذا ما تاباه آيات القرآن. ولعل في آيات سورة فصلت ابتداء من قول الله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ
…
} إلى قوله: {ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ما يبين ذلك.
4 -
رده أقوال المفسرين في معنى {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} [النازعات: 29]: ثم يرد قول المفسرين عند قوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} [النازعات: 27 - 29]. ويقول (إنهم أولوا الآية دون حاجة)، ثم يأتي برأيه هو. ولا أدري أيهما كان أكثر إمعانًا في التأويل هو أم هم هذا ما ستتبينه إن شاء الله تعالى من عباراته.
يقول: (أما قوله: {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} فقد أول المفسرون ظاهره دون مبرر. وقالوا إن معناها أنه تعالى أحدث الليل والنهار على الأرض وأنه إنما نسبها إلى السماء لأنَّها سبب فيهما. وإنا نرى الأخذ بظاهر الآية؛ لأنه لا يوجد ما يدعو إلى تأويلها وعملًا بالقاعدة المتفق عليها في التفسير، أي أن ما أغطش ليله سبحانه وتعالى وأخرج ضحاه، إنما هو أجرام السماوات بعد تسويتها .. والخلاصة أن قوله (وأغطش ليلها) إشارة قوية إلى أنه تعالى جعل الأجرام المسواه تتجمع أجزاؤها وتنكمش، حتى أصبحت كثيفة غير شفافة، فصار بذلك ليلها مظلمًا. وذلك بعد أن كانت غازية مخلخلة شفافة (1)، ثم يقول عند (وأخرج ضحاها) (فقد اتفق أهل اللغة على أن وقت الضحى، هو الوقت من النهار بعد ارتفاع الشمس، بعد الشروق بنحو ثلث ساعة إلى ما قبل الزوال. وقالوا إن الضحى أصل معناه ضوء الشمس عند امتداد النهار، وأن الوقت سمي به. وقال المرحوم الشيخ محمد عبده، (الضحى هو ضوء الشمس
(1) التفسير العلمي ص 216 - 217.
في شباب النهار .. ).
أ- وبعد أن شرح كيف يتغير لون الشمس من الأحمر إلى الأبيض وأسباب ذلك يقول: {وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} معناه: أنَّه تعالى أخرج من أجرام السماء غير الأرضية المظلمة المسواه، ومع إغطاش ليلها، ضوءًا متغير الألوان حتى صار مثل ضوء الشمس في وقت الضحى، ليشير بذلك إشارة قوية محدودة، إلى أنه أخرج منها ضياءً متدرجًا في ألوانه، كما يخرج ضوء الشمس الواصل إلى الأرض من خلال الهواء، متدرجًا في ألوانه من الأحمر في بدء الشروق، إلى الأبيض اللامع الساطع في وقت الضحى، وتكون الأجرام في أثناء ذلك قد أصبحت نجومًا).
ب - بعد أن تكلم عن تغير ألوان المعادن والأحجار، بارتفاع درجة حرارتها من الأحمر حتى الأبيض في الدرجات العليا، يقول بانيًا على تلك الحقيقة (يكون في قوله تعالى:{وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا} إشارة قوية إلى أنه تعالى. رفع درجة حرارة أجرام السماوات المظلمة الغازية، تدريجيًا مع إغطاش ليلها، فصار يخرج منها أولًا ضوء أحمر برتقالي، ثم أصفر وأخيرًا أبيض ساطع كضوء الشمس في وقت الضحى، فأصبحت نجومًا مكونة من لهب مستعرة، أي غازات في درجة حرارة مرتفعة .. ).
ج- ثم يتكلم عن الجمع بين الإغطاش والضحى بواو المعية، يقول:(لذلك نرى أن الجمع بين العمليتين بواو المعية، إشارة قوية إلى أن عملية إغطاش ليل الأجرام، تسبب عنها إخراج الضحى من الأجرام. أي أن زيادة كثافتها وتقلصها، أدى إلى رفع درجة حرارة الأجرام تدريجيًا حتى صارت نجومًا، يخرج منها ضوء متدرج في ألوانه)(1).
(1) التفسير العلمي ص 218 - 219.
ومع أنني لا أبخس الرجل ما اجتهد فيه، إلا أن ما ذهب إليه المفسرون في تفسير الآية أقرب إلى ضحى العقول، وهو واضح الفهم دون تزيد.
5 -
رأيه في سر التعبير بكلمة الدخان: ولعلّ مما وفق فيه الأستاذ أشار إلى سرّ التعبير بكلمة دخان في قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: 11] فهو يرى أن التعبير بكلمة دخان، دون هباء أو هواء أو بخار، لأن الهباء دقائق صلبة، والبخار دقائق سائلة، والهواء دقائق غازية. أما الدخان فإنه يشير إشارة قوية، إلى أن مادة السماء الأولية قبل خلقها كان لها من الصفات الهامة ما يشبه صفات الدخان العادي، الذي يتصاعد من النيران .. فكانت حاوية لدقائق أنواع المادة الثلاثة، من صلبة وسائلة وغازية (1).
6 -
عند قوله تعالى: {قَالتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} ذهب في تفسيرها مذهبًا آخر وهو أن الطواعية هنا إنما تعبر عن مدى الانسجام والتعاون والتلاؤم بين السماء والأرض، فيما يحقق مصالح الناس في الأرض، ويستدل بآيات التسخير مثل قول الله تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)} [إبراهيم: 33] الخ. ولبعد هذا عن موطن الاستدلال أرى أن ما ذكره المفسرون أقرب إلى فهم الآية.
7 -
تكلفه واغرابه في تفسير الستة أيام: فهو يفسر الأيام بالحوادث، ولم يكتف بهذا بل يستخرج ذلك من القرآن نفسه. أما يومًا السماوات فهي حادثة الرتق وحادثة الفتق. وأما أيام الأرض الأربعة فهي:
1 -
حادثة رتقها مع النجوم.
2 -
حادثة فتقها عنها.
أما اليومان الآخران فهما:
أ- إتمام خلقها مع القمر.
(1) التفسير العلمي ص 211.