المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامس الآيات المختلف فيها بين المفسرين في سورة الحج أنموذج تطبيقي - التفسير والمفسرون في العصر الحديث - فضل عباس - جـ ١

[فضل حسن عباس]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة السلسلة

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد:جهود الكاتبين في هذا المضمار التفسير والمفسرون للدكتور محمد حسين الذهبي

- ‌مناقشة بعض الكاتبين للشيخ الذهبي رحمه الله:

- ‌أولًا: الدكتور إبراهيم خليفة:

- ‌ثانيًا: عرض الدكتور محمد إبراهيم الشريف لهذا الكتاب: وهذه خلاصة ما ذكره

- ‌دراسات في مناهج المفسرين د. إبراهيم عبد الرحمن خليفة

- ‌التفسير ورجاله محمد الفاضل بن عاشور

- ‌الفكر الديني في مواجهة العصر الدكتور عفت الشرقاوي

- ‌التفسير وروح المدنية:

- ‌ترجمة معاني القرآن:

- ‌التفسير ومشكلاته السياسية:

- ‌التفسير والإصلاح الاجتماعي:

- ‌الاتجاه الأدبي في التفسير الحديث:

- ‌التفسير العلمي للقرآن أو علم الكلام الجديد:

- ‌اتجاهات التجديد في تفسير القرآن الكريم في مصر الدكتور محمد إبراهيم الشريف

- ‌ الباب الأول، تمهيدات على طريق الدراسة:

- ‌الباب الثاني: التجديد التفسيري وبذوره في مدرسة المنار

- ‌الباب الثالث: اتجاهات التجديد

- ‌اتجاهات التفسير في العصر الراهن د/ عبد المجيد عبد السلام المحتسب

- ‌اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر الدكتور فهد ين عبد الرحمن الرومي

- ‌الاتجاه العقائدي:

- ‌المنهج الفقهي:

- ‌منهج المدرسة العقلية الاجتماعية الحديثة في التفسير:

- ‌المنهج البياني في التفسير:

- ‌كتاب تطور تفسير القرآن/ دراسة جديدة د. محسن عبد الحميد

- ‌ الفصل الأول بالحديث عن التفسير قبل عصر التدوين

- ‌ المدرسة اللغوية

- ‌ الفصل الثاني فتحدث فيه عن مدارس المنهج الأصولي في تفسير القرآن الكريم

- ‌المدرسة النقلية:

- ‌المدرسة العقلية:

- ‌الأشاعرة:

- ‌الماتريدية:

- ‌ الفصل الثالث فيتحدث فيه عن المنهج الفلسفي في تفسير القرآن:

- ‌ الفصل الرابع تحدث عن المنهج العرفاني في تفسير القرآن:

- ‌ التفسير الإشاري

- ‌التفسير الصوفي:

- ‌التفسير الباطني:

- ‌التفسير العلمي:

- ‌مناقشة لبعض ما ذكره الكاتب:

- ‌تعريف الدارسين بمناهج المفسرين الدكتور صلاح الخالدي

- ‌مناقشة الكاتب في بعض ما ذهب إليه:

- ‌وأيُّ جهد بعد هذا الحشد

- ‌الباب الأول التفسير معناه أنواعه ومراحله

- ‌الفصل الأول التفسير والتأويل والحاجة إليهما

- ‌المبحث الأول التفسير والتأويل

- ‌معنى التفسير والتأويل والفرق بينهما:

- ‌المبحث الثاني ما روي عن ابن عباس في أقسام التفسير ومناقشته

- ‌المبحث الثالث الحاجة إلى التفسير

- ‌مراحل التفسير:

- ‌الفصل الثاني من مراحل التفسير: التفسير قبل عهد التدوين

- ‌المبحث الأول التفسير في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌أولًا: تفسير القرآن بالقرآن:

- ‌القرآن يجمل أولًا ثم يفصل:

- ‌القراءات القرآنية:

- ‌ثانيًا: تفسير القرآن بالسنة

- ‌مجالات تفسير السنة للقرآن:

- ‌أفسر الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن كله

- ‌رأي السيوطي والشيخ الذهبي -رحمهما الله- في المسألة:

- ‌مناقشة السيوطي والذهبي:

- ‌هل كان تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم مقتصرًا على ما علمه جبريل عليه السلام

- ‌لمَ لمْ يفسر الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن كله

- ‌بعض روايات التفسير

- ‌سورة الفاتحة:

- ‌سورة البقرة:

- ‌سورة النساء:

- ‌سورة التوبة:

- ‌سورة الشورى:

- ‌المبحث الثاني التفسير في عهد الصحابة -رضوان الله عليهم

- ‌المكثرون في الرواية من الصحابة- مناقشة ما قيل في هذا الموضوع:

- ‌من المكثرين ابن عباس رضي الله عنهما:

- ‌أسباب قلة الروايات عن الصحابة في التفسير:

- ‌شبهة حول روايات التفسير عند الصحابة:

- ‌مناقشة هذه الشبهة:

- ‌اعتماد الصحابة أسباب النزول في التفسير:

- ‌أخبار أهل الكتاب ليست من مصادر التفسير عند الصحابة:

- ‌من مرويات الصحابة في التفسير:

- ‌المبحث الثالث التفسير في عهد التابعين -رضوان الله عليهم

- ‌1 - ميزات التفسير في عهد التابعين:

- ‌2 - أشهر المفسرين في عهد التابعين

- ‌أسباب ضعف التفسير بعد التابعين:

- ‌الإسرائيليات

- ‌من مرويات التابعين في التفسير:

- ‌ نتائج المرحلة الأولى (مرحلة ما قبل التدوين):

- ‌الفصل الثالث أنواع التفسير

- ‌المبحث الأول التفسير الأثري

- ‌حدود التفسير الأثري:

- ‌ملحوظات على هذا التقسيم:

- ‌التقسيم البديل المختار:

- ‌ شبهات أثيرت حول الصحابة رضوان الله عليهم وحول التفسير:

- ‌الأولى: اتهام الصحابة بعدم النضوج العقلي:

- ‌الثانية: شبهة على التفسير الأثري وردها:

- ‌منكرو التفسير الأثري ومناقشتهم:

- ‌عبارة الإمام أحمد (ثلاثة ليس لها أصل):

- ‌مناقشة ما ذكره بعض الأفاضل في تقسيم التفسير الأثري:

- ‌ملحوظات على هذا التقسيم:

- ‌أتفسير الصحابة كلّه لهُ حُكْم المرفوع

- ‌المبحث الثاني التفسير بالرأي

- ‌معنى التفسير بالرأي وأنواعه:

- ‌رأي الراغب الأصفهاني:

- ‌رأي الشاطبي:

- ‌رأينا في القضية:

- ‌قول الزركشي في القضيّة:

- ‌تقسيمات أخرى للتفسير:

- ‌دعائم التفسير بالرأي:

- ‌الدعامة الأولى: المأثور:

- ‌الدعامة الثانية: اللغة

- ‌مناقشة تخليطات محمد شحرور اللغوية:

- ‌الدعامة الثالثة: السياق

- ‌شروط المفسِّر:

- ‌الفَصْلُ الرَّابِع الإسرائيليات وموقف العلماء منها

- ‌ما ذهب إليه جولد زيهر والأستاذ أحمد أمين:

- ‌رأي الأستاذ الذهبي:

- ‌رأي الدكتور إبراهيم خليفة وتناقضه:

- ‌موقف العلماء من الإسرائيليات:

- ‌الإسرائيليات تتجاوز القصص إلى العقيدة:

- ‌هل للقرآن ظهر وبطن

- ‌الروايات في هذه القضية وتمحيصها:

- ‌دراسة أسانيد الحديث:

- ‌دراسة متن الحديث:

- ‌الفَصْلُ الخَامِس التفسير في عصر التدوين

- ‌ابن جرير الطبري:

- ‌مدارس التفسير بعد ابن جرير الطبري

- ‌1 - المدرسة البيانية:

- ‌2 - المدرسة الفقهية:

- ‌3 - المدرسة العقدية:

- ‌4 - مدرسة التفسير بالمأثور:

- ‌5 - مدرسة المتصوّفة:

- ‌6 - المدرسة الوعظية:

- ‌التفسير في العصر الحديث

- ‌البَابُ الثَّاني أسباب اختلاف المفسِّرين

- ‌الفَصْلُ الأَوّل اختلاف المفسّرين وأسبابه

- ‌ مقدّمات لا بدّ منها:

- ‌الخلافات الفقهية والعقدية:

- ‌أولًا: الخلافات الفقهية:

- ‌ثانيًا: الخلافات العقديّة:

- ‌الخلافات بين المفسرين: أهي في التفسير بالنقل أم في التفسير بالرأي

- ‌ آراء الكاتبين في أسباب اختلاف المفسرين

- ‌ ملحوظات على ما ذكروه من أسباب الاختلاف:

- ‌اختلاف التفسير المسبِّب للاختلاف في الوقف والوصل:

- ‌الفَصْلُ الثَّاني الرأي المختار في أسباب اختلاف المفسّرين

- ‌أولًا: الاختلاف فيما صحَّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ثانيًا: الاختلاف بسبب تعدد القراءات

- ‌ثالثًا: الاختلاف الناشئ عن اللغة:

- ‌أثر اختلاف المعنى اللغوي في اختلاف الحكم الفقهي:

- ‌ اختلافات ناشئة عن أسباب أُخَر:

- ‌أيهما يقدّم المعنى الشرعي أم اللغوي

- ‌ ليس كل ما اشتهر في التفسير جديرًا بالقبول:

- ‌أكثر خلافات المفسّرين يَرجع إلى الرأي والاجتهاد وأمثلة لذلك:

- ‌قاعدة جليلة:

- ‌التفسيرات البعيدة عن اللغة والسياق:

- ‌الاختلاف الناشئ عن التفسير العلمي:

- ‌ التجرد الحقّ أساس لفهم القرآن الكريم:

- ‌الفَصْل الثَّالثِ مخالفة المفسرين

- ‌وقفة موجزه مع المفسّرين:

- ‌وقفة مطوّلة مع بنت الشاطئ:

- ‌الفَصْلُ الرَّابِع تذوق القرآن الكريم وفهمه لا بدّ له من التعمق في العربية

- ‌ احتمال الكلمة أكثر من معنى:

- ‌ اختلافهم في الأعاريب ناشئ عن اختلافهم في فهم المعنى:

- ‌الفَصْلُ الخَامِس الآيات المختلف فيها بين المفسرين في سورة الحج أنموذج تطبيقي

- ‌الخاتمة

- ‌الباب الثالث اتجاهات التفسير

- ‌تمهيد:

- ‌الفَصْلُ الأوّل الاتجاه البيانيُّ

- ‌المبحث الأول خصائص القرآن الكريم

- ‌المبحث الثاني: تطور الدراسة البيانية للقرآن

- ‌المبحث الثالث جهود اللغويين والنحويين وعلماء البيان

- ‌أبو عبيدة:

- ‌الفراء:

- ‌الجاحظ:

- ‌جهود علماء البيان بعد الجاحظ إلى الباقلاني:

- ‌نظرية عبد القاهر وإبداعه:

- ‌الزمخشري:

- ‌الكشاف: للزمخشري:

- ‌موازنة بينه وبين عبد القاهر:

- ‌استدراكات على الزمخشري:

- ‌أثر الكشاف:

- ‌جهود المتأخرين:

- ‌أمثلة من هذه الجهود:

- ‌جهود أخرى في البيان القرآني:

- ‌المبحث الرابع تصحيح أخطاء بعض الباحثين في هذا المضمار

- ‌المبحث الخامس مدرسة الشيخ محمد عبده وأثرها في الاتجاه البياني

- ‌المبحث السادس دراسات متخصصة في هذا الاتجاه

- ‌1 - مصطفى صادق الرافعي

- ‌أولًا: دفاعه عن الإسلام وتصديه للمشككين والمارقين:

- ‌ثانيًا: كتابه في الإعجاز:

- ‌ثالثًا: تفسير الرافعي:

- ‌2 - فضيلة الأستاذ الدكتور محمد عبد الله دراز

- ‌3 - سيد قطب

- ‌كتاب التصوير الفني في القرآن:

- ‌القصة في القرآن:

- ‌4 - الشيخ أمين الخولي

- ‌5 - الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)

- ‌نماذج من تفسيرها:

- ‌ملحوظات حول التفسير:

- ‌6 - الأستاذ محمد المبارك وكتابه دراسة أدبية لنصوص من القرآن

- ‌7 - الدكتور محمد رجب البيومي

- ‌المبحث السابع: كلمة أخيرة عن البيان القرآني

- ‌الكلمة القرآنية:

- ‌الجملة القرآنية:

- ‌السورة القرآنية:

- ‌المبحث الثامن: رد افتراءات على البيان القرآني

- ‌الفصل الثاني الاتجاه الفقهي

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول التفسير الفقهي في العصر الحديث ومميزاته

- ‌المبحث الثاني: التشريعات الاجتماعية

- ‌1 - الأسرة:

- ‌أ- تعدد الزوجات:

- ‌ب- الطلاق:

- ‌جـ- الميراث:

- ‌2 - تحرير الرقيق:

- ‌نماذج من أقوال العلماء:

- ‌أ- في الرق:

- ‌ب- في حقوق المرأة:

- ‌العلماء المعتدلون الذين لا يتأولون النص بعيدًا عن مدلوله:

- ‌المبحث الثالث التشريعات السياسية

- ‌1 - الحكم بما أنزل الله:

- ‌ما أورده الألوسي:

- ‌رأي صاحب المنار:

- ‌مناقشتنا للشيخ رشيد:

- ‌آراء بعض الكتَّاب:

- ‌ما ذهب إليه الباقوري:

- ‌2 - موقف المسلمين من غيرهم:

- ‌3 - وحدة هذه الأمة:

- ‌المبحث الرابع تشريعات أخرى عرض لها المفسرون المحدثون:

- ‌الفصل الثالث الاتجاه العقدي في التفسير

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول ظهور الفرق وأثره في كتب التفسير

- ‌المبحث الثاني أثر مدرسة الإمام محمد عبده، وميزات الاتجاه العقدي

- ‌أثر مدرسة الإمام في هذا الاتجاه:

- ‌مميزات الاتجاه العقدي في التفسير:

- ‌1 - التركيز على أن الإسلام دين العقل:

- ‌2 - عدم التعقيد وسهولة العرض ويسره:

- ‌3 - الرد على الشبهات والافتراءات:

- ‌4 - تضييق نطاق الخلافات الداخلية:

- ‌5 - أبراز خصائص العقيدة:

- ‌خصائص العقيدة:

- ‌المبحث الثالث نماذج من أقوال المفسرين في هذا الاتجاه

- ‌الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة:

- ‌إسهام الشيخ محمد السماحي:

- ‌الفصل الرابع الاتجاه العلمي في التفسير

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول موقف العلماء المسلمين من التفسير العلمي وأدلتهم (المانعون)

- ‌رأي المانعين:

- ‌أدلة القائلين بالتفسير العلمي:

- ‌المبحث الثاني المانعون من المحدثين

- ‌ الشيخ محمود شلتوت

- ‌الأستاذ محمود شاكر

- ‌المبحث الثالث المثبتون للتفسير العلمي

- ‌الأقدمون:

- ‌1 - الإمام الغزالي:

- ‌2 - الإمام الرازي:

- ‌المبحث الرابع موقف مدرسة الإمام الشيخ محمد عبده من التفسير العلمي

- ‌مناقشة ما ذهبوا إليه:

- ‌المبحت الخامس التفسير العلمي للآيات الكونية للأستاذ حنفي أحمد

- ‌أولًا: منهج الأستاذ في بحثه:

- ‌تقسيمه للآيات الكونية والقضايا المستنبطة منها:

- ‌تقديره لجهود السابقين ودعوته إلى تفسير علمي:

- ‌شروط المفسر كما يراها:

- ‌نبذة موجزة للقواعد والنظريات التي توصل إليها العلماء:

- ‌مأخذ على المؤلف:

- ‌ثانيًا: نماذج من التفسير:

- ‌أ- آيات خلق السماوات والأرض:

- ‌ب - كلامه عن آيات النجوم والكواكب والضياء والنور:

- ‌1 - تفسيره للمصباح:

- ‌2 - تفسيره للنجم الثاقب:

- ‌3 - تفسيره (المعراج):

- ‌ج- تفسير آيات الشهب والحجارة:

- ‌1 - آيات إهلاك قوم لوط:

- ‌2 - الصيحة:

- ‌3 - تفسيره للطير الأبابيل:

- ‌4 - تفسيره الشهب بالحجارة:

- ‌د - على أنه لا ينبغي أن يفهم مما تقدم

- ‌1 - تفسيره لقول الله تعالى: (ووضع الميزان):

- ‌2 - ما المقصود بالليل والنهار:

- ‌3 - الفرق بين السبح والجري:

- ‌4 - معنى التسخير:

- ‌5 - تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} [التكوير: 15]:

- ‌6 - الفرق بين المد والبسط في استعمال القرآن:

- ‌7 - البعد بين المشرقين:

- ‌ثالثًا: ملحوظات حول التفسير:

- ‌المبحت السادس رأينا في التفسير العلمي

- ‌المبحث السابع نماذج من التفسير العلمي

- ‌أولًا: نماذج مقبولة:

- ‌1 - خلق الإنسان:

- ‌2 - خلق الكون:

- ‌كلمتا بنيان وبناء:

- ‌3 - تكوين المطر:

- ‌الإعجاز البياني في الآية:

- ‌4 - البرازخ المائية:

- ‌ثانيًا [*]: نَمَاذجِ يَظْهَرُ فِيهَا التَكَلُّف:

- ‌خاتمة:

- ‌الفَصْل الخَامِس الاتجاه الموضوعي في التفسير

- ‌معناه ودلالاته

- ‌المبحث الأول: ألوان التفسير الموضوعي

- ‌1 - الموضوع القرآني:

- ‌2 - السورة القرآنية:

- ‌3 - المصطلح القرآني أو اللفظة القرآنية:

- ‌المبحث الثاني: نشأة التفسير الموضوعي ومنهج البحث فيه

- ‌منهج البحث في التفسير الموضوعي:

- ‌بعض من كتب في هذا الاتجاه

- ‌مدرسة الإمام محمد عبده والتفسير الموضوعي:

- ‌الشيخ محمود شلتوت:

- ‌1 - القرآن والمرأة:

- ‌2 - القرآن والقتال:

- ‌العقاد وآخرون:

- ‌الشيخ محمد محمد السماحي:

- ‌كتُبٌ ألّفت في هذا الاتجاه:

- ‌1 - التفسير الموضوعي للقرآن الكريم/ أحمد السيد الكومي:

- ‌2 - الفتوحات الربانيّة في التفسير الموضوعي/ الحسيني محمد أبو فرحة

- ‌3 - المدخل إلى التفسير الموضوعي/ عبد الستار فتح الله سعيد

- ‌4 - المدرسة القرآنية/ محمد باقر الصدر:

- ‌الموضوع الأول: سنن التاريخ في القرآن الكريم:

- ‌الموضوع الثاني: عناصر المجتمع في القرآن الكريم:

- ‌‌‌فوائد هذا الاتجاهوالمآخذ عليه

- ‌فوائد هذا الاتجاه

- ‌المآخذ على هذا الاتجاه:

- ‌كلمة أخيرة:

- ‌الفَصْلُ السَّادِس التفسيرات المنحرفة

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول أسباب التفسيرات المنحرفة: الاستشراق والاستغراب

- ‌1 - المستشرقون:

- ‌2 - المستغربون وشبهاتهم:

- ‌افتراءات أبي زيد الدمنهوري:

- ‌المبحث الثاني مدرسة الإمام والانحرافات في التفسير

- ‌قيود مزعومة:

- ‌المبحث الثالث دعوة مشبوهة

- ‌الدوافع الحقيقية لتلك الدعوة:

- ‌رد حاسم:

- ‌المبحث الرابع نماذج من التفسيرات المنحرفة ومناقشتها

- ‌أ- رسالة الفتح:

- ‌ب- محاولة لفهم عصري للقرآن

- ‌المعمار القرآني:

- ‌مخيّر أو مسيّر:

- ‌قصة الخلق:

- ‌النعيم والعذاب:

- ‌الحلال والحرام:

- ‌خاتمة:

- ‌قَائِمَةُ الْمَصَادِرُ وَالْمَرَاجِعُ

الفصل: ‌الفصل الخامس الآيات المختلف فيها بين المفسرين في سورة الحج أنموذج تطبيقي

‌الفَصْلُ الخَامِس الآيات المختلف فيها بين المفسرين في سورة الحج أنموذج تطبيقي

يطلق بعضهم على مثل هذه الدراسات، التفسير المقارن، وأصبحت هذه المادة تدرس في بعض الجامعات، وبخاصّة في الدراسات العليا، وهي بحق تستحق من ذوي الشأن العناية اللائقة بها، ذلك لأن دراسة أقوال المفسرين فيما اختلفوا فيه من آيات ومحاولة ترجيح ما يستحق الترجيح ذات فوائد جمّة، فهو يضيّق نطاق الخلافات من جهة وينمي الفكر الإسلامي في فهم القرآن الكريم من جهة ثانية، ثم هو بعد ذلك مجال لفتح باب التنافس في استخراج كنوز هذا الكتاب الكريم من جهة ثالثة.

وإذا كانت بعض الجامعات، لها عناية بالدخيل في التفسير، حيث يكلّف بعض طلبة الدراسات العليا -الدكتوراه- بتتبع الدخيل في التفسير، فأرى أن هذا الموضوع قد يكون حريًّا بالدرس أكثر من أي موضوع آخر، ويا ليت هذا الأمر يدرس من قبل الأساتذة المتخصصين فتجمع هذه الدراسات من أول القرآن الكريم إلى آخره، وسنقف مع هذه السورة الكريمة، سورة الحج، محاولين أن نتتبع الآيات التي اختلف فيها المفسرون، ثم -وهذه المهمة التي هي أكثر صعوبة- نحاول الترجيح بين هذه الأقوال على أنني لن أذكر الآيات التي للسلف فيها أقوال كثيرة، لكنها متقاربة تؤول إلى شيء واحد، كاختلافهم في معنى قوله سبحانه:{ثَانِيَ عِطْفِهِ} حيث ذهب بعضهم إلى أنه وصف بذلك لتكبره، وآخرون قالوا: لاويًا رقبته، وقال آخرون يعرض عما يُدعى إليه. إن هذه الأقوال كلها ترجع إلى معنى واحد، وهي كثيرة جدًّا وبخاصة عند ابن جرير وأمثاله -رحمهم الله تعالى- لذا لن أعرض لهذه الأقوال.

ص: 377

ولم يكن اختيار سورة الحج بخاصة هدفا مقصودًا، لكن وجدت أن هذه السورة وسط من حيث الطول والقصر، ثم هي تجمع بين القرآن المكي والمدني، وتجمع بين موضوعات متعدّدة من حيث الأحكام وغيرها، وأسأل الله أن يلهمني الرشد والسداد، إن ربي رحيم ودود، إن ربي قريب مجيب، إن ربي سميع الدعاء.

* الآية الأولى: قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: 1].

اختلف المفسرون، أتكون الزلزلة قبل البعث أم بعده؟ ورجح كثيرون ومنهم الطبري أنها تكون بعد البعث، أي بعد أن يقوم الناس لرب العالمين، ورجحوا هذا القول بما ورد من أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم "يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك، فيقول: أخرج لي بعثَ النار قال وما بعث النار؟ قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد" قالوا يا رسول الله: وأينا ذلك الواحد؟ فقال: أبشروا فإن منكم رجلًا ومن يأجوج ومأجوج ألفا، ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة فكبرنا فقال أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبرنا، فقال: أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة فكبرنا، فقال: وما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود" (1).

وذهب بعضهم إلى أن الزلزلة قبل هذا الموعد، وأظن أننا أكثر ميلًا إلى ترجيح هذا القول لما يأتي:

1 -

لأن الحديث الذي استشهدوا به ليس نصًّا فيما نحن بصدده.

2 -

لأن الزلزلة هي ما يصيب الناس من صعق وفزع، أما بعد قيام الناس لرب

(1) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء باب قصة يأجوج ومأجوج.

ص: 378

العالمين وبدء الحساب فيكون كل شيء انجلى خبره، نسأل الله أن يعيننا ويسلمنا في هذا اليوم العظيم.

* الآية الثانية: قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ} [الحج: 3] ثم قال تعالى بعد ذلك {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} [الحج: 8].

ذهب بعض المفسرين إلى أن صدر الآية الثانية تأكيد لصدر الآية الأولى فهما حديث عن صنف واحد، وذهب بعض المحققين من المفسرين إلى غير هذا، فقالوا إن الآية الأولى تتحدث عن الأتباع والمستضعفين الذين رضوا في هذه الحياة أن يعطوا من أنفسهم الدنية، وأن يكونوا أذلاء، وأما الآية الثانية فتتحدّث عن المستكبرين، ولعل هذا القول حريّ بالقبول جدير بالترجيح للأسباب الآتية:

1 -

لأنه جاء في خاتمة الآية الأولى قوله سبحانه {وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ} فهو متبع إذن لا يلوي على شيء من الرأي.

2 -

جاء عقب الآية الثانية قوله سبحانه: {ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} فهو يصعر خدّه، ويرى أن له على غيره من الناس فضلًا.

* الآية الثالثة: قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [الحج: 4] اختلفوا هنا في مرجع الضمائر، فبعضهم رجع بعضها إلى الشيطان، فقال: كتب عليه أي على الشيطان المريد، فان هذا الشيطان المتبع -بفتح الباء- يضل المتبع -بكسر الباء- ويهديه إلى عذاب السعير.

وآخرون رجعوا الضمير الأول إلى المتبع بكسر الباء ولا أرى ثمرة ذات شأن لهذا الخلاف لذا قصرت القول فيه.

* الآية الرابعة: قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5].

ذكر الإمام الطبري رحمه الله أقوالًا ثلاثة للعلماء في معنى المخلقة وغير المخلقة.

ص: 379

الأول: المخلقة ما كان خلقا سويًّا، وغير المخلقة ما دفعته الأرحام قبل أن يكون خلقًا.

الثاني: المخلقة التامة، وغير المخلقة غير التامة.

الثالث: المخلقة هي المصورة، وغير المخلقة غير المصورة.

ورجح رحمه الله هذا الأخير، وحجته أنه بعد أن تتخلق المضغة وقبل أن تكون عظامًا تصور، فما صورت هي التي يتم خلق الإنسان منها، وما لم تصور تسقط غير مستفاد منها.

وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة، وأصحاب هذه الأقوال متفقون على أن هذه المضغة قسمان، هناك مضغة مخلقة، وهي التي يتم منها خلق الإنسان، والقسم الثاني: مضغة غير مخلقة وهي التي تتلاشى قبل أن تخلق عظامًا، ولكنّ العلماء -بعد أن علّم الله الإنسان في هذا العصر من أحوال الأجنة ما لم يكن يعلم- ذهبوا مذهبًا آخر، فقالوا إن المخلقة وغير المخلقة قسم واحد كما تقول هذا الكتاب ممتع وغير ممتع، فهو ممتع بما فيه من قصص مفيدة، وغير ممتع بما فيه من حشو وألغاز، قالوا وكذلك مخلقة وغير مخلقة، فهي مخلقة من جهة، لأنها تظهر فيها بعض أعضاء الإنسان بالمجهر، ولا يظهر فيها بعضها الآخر، وأثبتوا ذلك بالصور التي لا تدع مجالًا لمرتاب، ويقيني أن هذا ما يرشد أليه النظم القرآني، لأن الله يمتن على الناس بأنه خلقهم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة، ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة، إذن الناس جميعًا الذين شاء الله لهم أن يعيشوا في هذا الكون خلقوا من مضغة مخلقة وغير مخلقة، فلو كانت المضغة غير المخلقة هي التي سقطت وتلاشت، لا يقال إنا خلقناكم من مضغة مخلقة وغير مخلقة، وإنما الخلق كان من المخلقة فحسب، ولو كان ذلك كذلك لبينه الكتاب الذي فيه تبيان كل شيء؛ لذا أختار ما وصل إليه العلم الحديث، وجل الله القائل {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} .

ص: 380

* الآية الخامسة: قال تعالى: {مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج: 15].

المعنى الإجمالي للآية الكريمة: أن من ظنّ أن الله لن يبلغه ما يصبو إليه فليأت بحبل يربط به نفسه، ثم يربطه بمكان عالٍ مرتفع، ثم ليقطع هذا الحبل، وليقض على نفسه، فإنه لن يُذهِب كيدُه غيظَه، وإنما ضرّ نفسه ليس إلا.

وقد اختلف المفسرون في هذه الآية في أكثر من موضع، ولكن أشهر الخلافات كان في مرجع الهاء في قوله تعالى:{أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ} فبعضهم رجع هذه الهاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعنى الآية عنده، من كان يظن ألن ينصر الله نبيه فليفعل ما يشاء، وليشنق نفسه، فإن الله ناصر نبيه صلى الله عليه وسلم، واختار هذا المعنى الإمام الطبري.

ودذهب آخرون إلى أن الهاء ترجع إلى الشخص المتحدث عنه، إلى (من)، أي أيها الإنسان الذي يظنّ أن الله لن يبلغه ما يريد وعز عليه هذا ليفعل بنفسه ما يشاء.

والاختلاف الثاني في قوله تعالى (ينصر) فبعضهم حمل النصر على حقيقته المعروفة وبعضهم فسره بالرزق، قال {أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ} أن لن يرزقه.

والاختلاف الثالث: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ} [الحج: 15] اختلفوا في المقصود بالسماء، فقال بعضهم هي السماء المعروفة، وبعضهم قال: سقف البيت، وهذا خلاف لا يترتب عليه كبير فائده. وقد حاول ابن جرير رحمه الله بقوة عارضته وسطوع حجته أن ينتصر للقول الأول، وهو أن المقصود الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن الذي يرجحه سياق الآيات، وقاله أكثر المحققين، وهو الذي يستحق الترجيح -مع اعتذارنا لابن جرير- هو أن الضمير في قوله (ينصره) يرجع إلى الشخص نفسه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُتحدث عنه في الآيات الكريمات، ولأن الحديث قبل هذه الآية الكريمة عن الذي يعبد الله على حرف ويدعو من دون الله ما لا يضره ولا ينفعه. هذا الذي يترجح في فهم الآية الكريمة.

ص: 381

أما معنى النصر، فلا أرى أن يخصص بالرزق وحده، وإنما يُعنى به بلوغ الأماني، وقد ورد النصر في القرآن الكريم، في غير منازلة الأعداء في ساحات الحرب، قال تعالى في شأن سيدنا نوح عليه السلام:{وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} [الأنبياء: 77] ومعلوم أنه لم يكن بينهم حرب، وهكذا نرجح أنَّ معنى الآية:

أيها الإنسان الذي يظن أن لن يعطيه الله ما يشاء وما يطلب، فلتمدُدْ بسبب

إلى آخر الآية والله أعلم بما ينزل.

* الآية السادسة: قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَال وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحج: 18].

اختلفوا في كيفية العطف، لأن سجود الشمس والقمر والنجوم والدواب، يختلف عن سجود الإنسان، لأن سجود الإنسان باختياره، أما سجود تلك فانقيادها إلى ما أمر الله، فكيف يعطف بعضها على بعض، مع أن سجودها مختلف؟

فذهب بعضهم إلى أنه يمكن حمل اللفظ أي حمل السجود على الحقيقة والمجاز، ولكن الزمخشري رحمه الله جعله من عطف الجمل لا من عطف المفردات، والمعنى عنده: ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم الجبال والشجر والدواب ويسجد له كثير من الناس، فهو من عطف جملة على جملة، أي يسجد له الشمس

الخ ويسجد له كثير من الناس، وهو توجيه حسن يفطن له مثل جارِ الله.

* الآية السابعة: قال تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] فعل الإرادة يتعدى بنفسه يقال: أردت الخير، وفي غير القرآن يقال: ومن يرد إلحادًا، ولكن مجيء النظم هكذا في كتاب الله، {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ}

ص: 382

قالوا لأن الفعل (يُردْ) هنا ضُمّن معنى الهمّ. بيان ذلك، أن الله لا يؤاخذ عباده إذا همّوا بسيئة، أي إذا أرادوا فعلها ولم يفعلوها، أما في البيت الحرام الذي تضاعف فيه الحسنات، فقالوا إن الإنسان مؤاخذ فيه بهمّه، فمن همّ بسيئة في غير مكة لا يؤاخذ عليها، بل تكتب له حسنة إن لم يعملها أما إذا همّ في البيت الحرام بمعصية، فإنه يؤاخذ على همّه وإن لم يعمل ما همّ به.

* الآية الثامنة: قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 28].

ومع اختلافهم في تحديد هذه المنافع، إلا أنها تجمع خيري الدنيا والآخرة.

* الآية التاسعة: قال تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28].

بعضهم ذهب إلى أن الأيام المعلومات هي أيام التشريق، والذي اختاره ابن جرير والأكثرون أن الأيام المعلومات هي العشر من ذي الحجة، وأما أيام التشريق فهي المعدودات قال تعالى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة: 203].

* الآية العاشرة: قال تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33].

قال بعضهم: العتيق هو القديم؛ لأنه أول بيت وضع للناس، وقال بعضهم: الكريم وقال: آخرون: العتيق الذي أعتقه الله من ظلم الجبارين، وهي معانٍ متقاربة، إلا أن العرف يرجح الأول.

* الآية الحادية عشرة: قال تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32].

وسواء كانت الشعائر هي بعض أعمال الحج، أم كانت الذبائح، فإن ذلك كله محتمل قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} [المائدة: 2] فقد تطلق الشعائر ويراد بها كل ما ذكر مما يعمله الحاج.

ص: 383

وهكذا اختلافهم في المنافع في قوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الحج: 33] يرجع فيها إلى معنى الشعائر، فإن قلنا إن الشعائر هي الذبائح، فتكون المنافع هي ركوبها وحلبها، وإن قلنا إن الشعائر هي أعمال الحج، فالمنافع هي ما يبتغيه الإنسان من أجر الدنيا والآخرة.

* الآية الثانية عشرة: قال تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36].

ومع اختلافهم في معنى القانع اختلافًا كثيرًا، إلا أن أرجح الأقوال أن القانع السائل، والمعتر الذي لا يسأل، وهذا ما رجحه كثير من العلماء، ومما قالوه في هذا: العبدُ حر إن قَنِع، والحر عبد إن قَنَعَ، فهناك قَنِع بكسر النون على وزن شرِب، وهناك قَنَع بفتحها على وزن فَتَح، فالأول من القناعة ولهذا قالوا العبد حر إن قنِع، أي إن العبد إذا لم يسأل فأخلاقه أخلاق الحر، والحر عبد إن قنَع بفتح النون، أي إذا سأل، فإن ذلك ينزله إلى مرتبة العبد، لأن السؤال لا يليق بذوي الكرامات.

* الآية الثالثة عشرة. قوله تعالى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47].

اختلفوا في هذا اليوم فبعضهم جعله من أيام الدنيا مستدلًا بقوله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [السجدة: 5].

وبعضهم جعله من أيام الآخرة، ولعشاق التفسير العلميّ رأي آخر، والأولى أن نبقي تفسير مثل هذه الآيات على ما هو عليه والله أعلم بما ينزل.

* الآية الرابعة عشرة: قال تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44)} [الآيات: 42 - 44].

ص: 384

اختلف المفسرون في السر في مغايرة النظم، حيث قال سبحانه {وَكُذِّبَ مُوسَى} ولم يقل "قوم موسى" ومن هم المكذبون؟

ذكر بعض المفسرين أن المكذب له عليه الصلاة والسلام القبط، وليسوا قومه، فإن قومه وهم بنو إسرائيل لم يكذبوه بأسرهم، ومن كذبه منهم تاب إلا اليسير، وتكذيب اليسير من القوم كلا تكذيب، ولم يأت النظم (كذب موسى القبط) بل جاء الفعل (كذب) مبنيًّا للمجهول فللإيذان بأن تكذيبهم له عليه الصلاة والسلام في غاية الشناعة لكون آياته في كمال الوضوح (1).

إن التغير في النظم (كذبت قوم نوح

وكذب موسى) يبدو -والله أعلم- لأمور عدة:

الأول: ما ذكره أبو السعود من أن موسى عليه السلام أعطي من الآيات الكثيرة الواضحة، فتكذيبها مع كثرتها ووضوحها أشنع وأبشع.

الثاني: البيان أن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام بعث لفئتين متناقضتين من الناس، هما:

1 -

الفئة المستبدة الظالمة وهم قوم فرعون.

2 -

الفئة المستضعفة الذليلة وهم بنو إسرائيل.

فلو قال سبحانه (قوم فرعون) وحدهم لا يكفي، ولو قال (قوم موسى) وحدهم لا يكفي، فجاء النظم هكذا بـ (كذب) ليفي بالغرض المطلوب وليشمل المقصود وهم قوم فرعون وقوم موسى معًا.

الثالث: لبيان المعاناة الشديدة التي لاقاها سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام في دعوته -فلم يرسل إلى قوم فرعون وحدهم، ولا إلى بني إسرائيل فحسب،

(1) روح المعاني (17/ 165).

ص: 385

بل إليهما معًا، ومن هنا فقد لقي من العنت عليه السلام ما لقي، فجاء التعبير القرآني هكذا ليعطي هذا المعنى النفيس، وهذه الدرر الغالية.

* الآية الخامسة عشرة:

قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الآية: 52].

والتمني على ما قال أبو مسلم: نهاية التقدير، ومنه المنيَّة وفاة الإنسان للوقت الذي قدره الله تعالى. والأمنية كما قال الراغب: الصورة الحاصلة في النفس من التمني، وقال بعضهم التمني القراءة، وكذا الأمنية.

وقد ربط بعض المفسرين بين هذه الآية وقصة الغرانيق، وفسروا التمني في الآية بالقراءة، وقصة الغرانيق ملخصها أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ سورة النجم عند الكعبة، فلما بلغ قوله سبحانه:{أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20)} [النجم: 19 - 20] ألقى الشيطان في كلامه: (وإنها لهي الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى) ففرح المشركون بهذا الوصف لهذه الأصنام الثلاثة اللات والعزى ومناة، ووصفها بالغرانيق العلى، وبأن شفاعتها ترتجى، فلما بلغ آخر السورة وهي قوله تعالى:{فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] سجد، فسجد المؤمنون والمشركون معه جميعًا.

وهذه الرواية يجعلونها تفسيرًا للآية الكريمة: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ

} ولقد وقف الأئمة قديمًا وحديثًا من هذه القصة موقف التمحيص وبينوا فسادها من جهة النقل ومن جهة العقل:

- أمّا من جهة النقل، فإن هذه الرواية لم ترو في كتب السنة المعتد بها بأسانيد صحيحة أو مقبولة، ولا عبرة في نقلها من قبل بعض القصاص والمفسّرين الذين يولعون بنقل الأقاصيص والحكايات الغريمة دون تمحيص أو تثبت.

ص: 386

وأما من جهة العقل، فأولًا: إن هذا لو صح لتمسك به المشركون أعداء الإسلام في ذلك الوقت، ولكان له ردة فعل سيئة عند بعض المسلمين.

ثانيًا: إن كلمة الغرانيق مما لم يستعمله العرب وصفًا لآلهتهم شعرًا أو نثرًا، مما يجعلنا نجزم أن هذه الفرية لفقت فيما بعد.

ثالثًا: إن ما قبل هذه الآية وما بعدها فيه موقف حازم من قضية الأصنام، ومن أنها تخلق مجردة من الحياة:{أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} [النحل: 21] فأي عاقل، بل أي عقل يمكن أن يصدق بهذه الحكاية التي ودت بحزم في جميع آي القرآن؟

رابعًا: إن شخصية النبي صلى الله عليه وسلم كانت شخصية متوازنة كل التوازن، وبخاصة في قضايا الوحي، وقد عُرضت عليه حوادث لم يقطع ميها حتى نزل عليه الوحي، وإذا اجتهد في بعض هذه الحوادث كان ينزل عليه الوحي ليصحح له ويبين وجهة الحق؛ كما في قصة المجادلة.

خامسًا: هذه العبارة (عبارة الغرانيق) إما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قالها، وإما أن يكون الشيطان هو الذي نطق بها كما تحكي الروايات، وكلتا الروايتين مرفوضة، أما الاحتمال الأول فلأن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه كما جاء في مواضع كثيرة من القرآن لا يملك لنفسه شيئًا، ولو شاء الله ما تلا شيئًا من هذا القرآن قال الله تعالى:{قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ} [يونس: 16] بل إن القرآن نفسه يقرر أنه رحمة وفضل من الله، وأنهم يكادون يفتنونه عن بعض ما أوحي إليه، ولكن الله يثبته قال الله مبينًا ذلك:{وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} [الإسراء: 73].

أما الاحتمال الثاني فهو أكثر بعدًا عن المنطق والواقع، فالقرآن بعيد أن يحوم حوله شيطان فالقارئ أول ما يقرأ القرآن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وهم لا يستطيعون ذلك أبدًا، والقرآن يبين هذه الحقيقة واضحة قال تعالى:{وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء: 210 - 212].

ص: 387

وأخيرًا فإن هذه الأحدوثة لم تعرف إلا في زمن متأخر، ويمكن الجزم بأنها من وضع الزنادقة في عصر متأخر، إن ما ادعوه مناف كل المنافاة لعصمة الأنبياء، والعصمة من المبادئ البدهية التي يتفق عليها العقل والنقل على السواء. ثم هي مختلفة الاختلاف كله عن البيان القرآني، ويدل على ذلك تلك الروايات المضطربة الظالمة فتارة يقولون: وهي الغرانيق العلى وتارة: الغرانقة العلى. وتارة شفاعتهن لترتجى، ولا ندري كيف يمكن أن يجمع بين قوله سبحانه:{تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} [النجم: 22 - 23] وبين هذه الفرية فكيف ترتجى شفاعة هذه الأحجار، وما هي إلا أسماء بدون مسميات ما أنزل الله بها من سلطان! (1).

* الآية السادسة عشرة: قال تعالى: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} [الحج: 56].

أي السلطان القاهر والاستيلاء التام والتصرف المطلق لله وحده بلا شريك.

"يَوْمَئِذٍ" قال الزمخشري، هذا التنوين عوض عن جملة، فهو يدل على غاية زوال المرية فتقدير الجملة: الملك يومئذْ تزول مريتهم (2) ويؤمنون، لأنهم ما داموا في مرية في الدنيا فستزول هذه المرية يوم القيامة، ويؤمنون، ولن ينفعهم إيمانهم.

ولكن أبا السعود لم يقبل قول الزمخشري، وجعل التنوين عوضًا عن شيء آخر هو الساعة، التي هي مدار الحكم، فالحديث يدور على إتيان الساعة وظهور الملك الحق لله عز وجل، والمعنى: يومئذْ تأتي الساعة، ويثيب الله الطائعين ويعاقب العاصين.

قال أبو السعود: (وليس التنوين نائبًا عما تدل عليه الغاية من زوال مريتهم كما قيل، ولا عما يستلزمه ذلك من إيمانهم كما قيل، كما أن القيد المعتبر مع اليوم

(1) راجع كتابنا قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية نقض ورد ص (314).

(2)

فالآية السابقة: {وَلَا يَزَال الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} [الحج: 55].

ص: 388

حيث وسط بين طرفي الجملة يجب أن يكون مدارًا لحكمها، أعني كون الملك لله عز وجل وما يتفرع عليه من الإثابة والتعذيب، ولا ريب في أن إيمانهم أو زوال مريتهم ليس ممّا له تعلق ما بما ذكر، فضلًا عن المدارية له، فلا سبيل إلى اعتبار شيء منهما مع اليوم قطعًا) (1).

* الآية السابعة عشرة: قوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [الحج: 63].

النحويون مجمعون على أن الفعل المضارع يجب نصبه في مواضع منها أن يأتي بعد الاستفهام تقول لمن لم يستفد من تعليمك إيّاه: ألم أعلمك فتستفيد، ولمن أنعمت عليه فلم يقابل نعمتك بالشكر:"ألم أنعم عليك فتشكرَ" بنصب هذين الفعلين (تستفيد وتشكر).

لكن ما في الآية الكريمة جاء على خلاف هذه القاعدة، فالقراء مجمعون على رفع الفعل المضارع (تصبح)، وهذا يبين لنا عناية العلماء وهم يقفون أمام آي القرآن الحكيم ليبينوها للناس، قالوا إن الفعل المضارع إنما ينصب بعد الاستفهام إذا كان نتيجة له أو فرعًا عنه هذا أولًا.

وثانيًا: إن الفعل الذي دخل عليه الاستفهام ينبغي أن يكون سببًا للفعل الذي بعده كالمثالين السابقين، فكان ينبغي أن تكون الإفادة مسببة عن العلم، والشكر مسببًا عن الإنعام، فالنعمة سبب الشكر، والتعليم سبب الإفادة.

لكن ما في الآية الكريمة ليس من هذا القبيل، فكون الأرض مخضرة ليس مسببا عن الرؤية، ولنتدبر الآية الكريمة مرة أخرى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: 63] فالفعل الذي دخل عليه الاستفهام قوله سبحانه (تر) وهذه الرؤية لا يمكن أن تكون سببًا في اخضرار الأرض، إنما السبب

(1)(4/ 28).

ص: 389

فيها إنزال الماء ثم إنه لو نصب الفعل المضارع (تصبح) لتغير المعنى تغيّرًا تامًّا وهذه دقيقة من الدقائق حيث يصير المعنى: إن الأرض غير مخضرة.

وما أجمل كلمة الزمخشري رحمه الله "فإن قلت: فما له رفع ولم ينصب جوابا للاستفهام؟ قلت: لو نصب لأعطى عكس الغرض لأن معناه إثبات الاخضرار فينقلب بالنصْب إلى نفي الاخضرار، مثاله أن تقول لصاحبك: ألم تر أني أنعمت عليك فتشكر، إن نصبت فأنت نافٍ لشكره شاكٍ تفريطه فيه، وإن رفعته فأنت مثبت للشكر. وهذا وأمثاله مما يجب أن يرغب له من اتسم بالعلم في علم الإعراب وتوقير أهله"(1).

* الآية الثامنة عشرة: قال تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [آية: 78].

اختلفوا في مرجع الضمير، فذهب الأكثرون إلى أن المقصود به هو اسم الجلالة، مستدلين بقراءة شاذة (الله سماكم المسلمين) وذهب بعضهم إلى أن مرجعه أبونا إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وهذا القول رجحه أبو حيان في البحر المحيط.

وعندما نوازن بين القولين، يبدو لنا -والله أعلم بما ينزل- أن الضمير يرجع إلى أبينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم.

أما أولًا: فلأن ما استدلوا به من القراءة لا يصلح مرجحًا.

وأما ثانيًا: فلأنه لو كان الضمير يرجع إلى اسم الجلالة، لكان مجيء النظم على غير ما جاء عليه في الآية الكريمة؛ فلقد ذكر الضمير المنفصل في الآية الكريمة مرتين أولًا في قوله {هُوَ اجْتَبَاكُمْ} ، وهذا الضمير لا خلاف في رجوعه إلى الله تبارك وتعالى. والثاني {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} وهذا الذي اختلف فيه فلو كان مرجع الضميرين واحدًا لقيل (هو اجتباكم

(1) الكشاف (3/ 21).

ص: 390

وسمّاكم)، أو (هو اجتباكم وهو سماكم) أما مجيء النظم على ما هو عليه فإنما يرجح ما ذهب إليه أبو حيان.

ثالثًا: إن الاجتباء من الله تعالى وحده، فهو الذي اجتبى إبراهيم، ومن خصهم سبحانه باجتبائه، ولقد جاء هذا في آيات كثيرة. قال تعالى:{وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 87] وقال تعالى: {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 121] أما التسمية فيمكن أن تكون من غير الله تعالى فتكون من أبينا إبراهيم، وتكون هذه منقبة لأبينا إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

رابعًا: قال تعالى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ} [البقرة: 128].

خامسًا: وصف الله خليله إبراهيم بالإسلام في آيات كثيرة: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 67] فإذا أضفنا إلى هذه كلها رجوع الضمير إلى أقرب مذكور، فإنه يترجح رجوع الضمير إلى الخليل صلى الله عليه وسلم، والله أعلم بما ينزل.

ص: 391