الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولًا: اتفاق العلماء على أن الله تعالى منزه عن أن يكون متصفًا بما تتصف الحوادث به، فليس لديه يد كأيدي الناس ولا عين كعيونهم ولا وجه كوجوههم.
ثانيًا: اتفاق العلماء على أن العامة لا يصح أن يخوضوا في تأويل هذه الآيات ولا تفسيرها، ولكن عليهم أن يؤمنوا بأن الله تعالى منزه عن أن يكون له ما يشبه الآدميين وسائر الحوادث، ولكن المعنى المجازي ليس عليهم أن يطلبوه لأنه ليس إلا من علم الخاصة الذي لا يطالب به العامة، ولا يطالب به إلا من يطيق إدراكه، ويكفي من العامي التنزيه الإجمالي.
ثالثًا: أننا نرى أن السلف لم يفسروا بظواهر الألفاظ، فلم يقولوا إن لله يدا لا نعلمها، ولا إن لله عينًا لا نعلمها، ونظرنا في ذلك مستمد من كلام ابن الجوزي والغزالي، وأن بعضهم كان يفسر هذه الألفاظ بما يتفق مع التنزيه، ونستبعد أن يكون مثل علي بن أبي طالب وأبي بكر وعمر وابن عباس، وغيرهم من علية العلماء يفهمون من قوله تعالى:{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} أن لله يدًا.
وخلاصة القول: أن وحدانية الذات الإلهية وعدم مشابهتها للحوادث ركن من أركان الوحدانية لا يسع مسلمًا أن يجهله، ولا يعتبر موحدًا من لا يؤمن به.
إسهام الشيخ محمد السماحي:
أما أستاذنا فضيلة الشيخ محمد السماحي، فلقد أسهم في هذا الاتجاه إسهامًا مشكورًا طيبًا، وها هو في تفسيره الموضوعي لبعض موضوعات القرآن، وعند كلامه عن الألوهية، يذكر ما ورد في شأن الإنسان والحيوان والنبات والسموات والأرض من آيات. ثم يجمل هذه الأدلة التي أشار إليها القرآن مبينًا قطعيتها، رادًا جميع الشبهات التي يمكن أن ترد عليها مبينًا أن طريقة القرآن ومنهجه لا تدانيهما طريقة أو منهج آخر. وهذه هي الأدلة التي أجملتها:
1 -
دليل الحياة من العناصر الميتة نباتية وحيوانية.
2 -
دليل تركيب الخلايا وتعاونها بعضها مع بعض في تكوين كائن حي وتخصيص كل خلية في عمل خاص، بعد أن كانت كل خلية مستقلة بنفسها وتتوالد بالانقسام.
3 -
دليل الزوجية في النبات والحيوان، والتوالد من زوجين، كل زوج مشابه لزوجه في الجنسية والنوعية، ومتلائم معه في التكوين المادي، منجذب إليه بالغريزة، متجاوب معه في العاطفة بالتراحم والتعاطف، متلائم معه في التكوين النفسي والغريزي والعاطفي.
4 -
دليل العلق المكون من نطفة الرجل (الخلية الذكرية)، وبويضة الأنثى (الخلية الأنثوية) واشتمال كل منهما على نصف حاملات الوراثة، بعد أن كان كل منهما في خلية، حاملة لكل حاملات الوراثة، انشطرت شطرين، كل شطر حمل نصفها، ويتكاملان بالتلقيح، ويبتدئ التفاعل بينهما بالامتزاج، في المكان الصالح لتكوين الجنين، سواء أكان في رحم الأم، أم في بويضة تنفصل عن الأم، ثم تنمو بالانقسام إلى أن يتكون الجنين.
5 -
تنوع الأنواع من النبات والحيوان تنوعًا يؤدي إلى قيام كل نوع بمهمته الخاصة به في الحياة، لا يؤديها نوع آخر، والكل يتعاون في تكميل سلسلة الحياة المتشابكة الحلقات.
6 -
تكوين العناصر من الذرات، وتكوين الذرات من النواة المشحونة بشحنة كهربائية موجبة، والإلكترونات المشحونة بشحنة كهربائية سالبة.
7 -
قابلية العناصر إلى أن تكون المواد المختلفة بالتركيب تارة، وبالتحليل تارة ثانية.
8 -
التدبير في معزل عن المؤثرات الطبيعية في النبات والحيوان.
9 -
التدبير المترابط في النظام العام بين الكائنات جميعها علويها وسفليها، وتأثر بعضها ببعض حتى كأن العالم وحدة متحدة القصد والغاية.
10 -
الإنسان سيد هذا الوجود، خلقه في أحسن تقويم، وخلافته في الأرض في تسخير كل شيء له، فركب الماء والهواء، واستخدم الحديد والنار، واستعان بالمغناطيسية والكهربائية واكتشف العناصر وركبها وحللها، واكتشف الذرة وذللها.
وأكتفي بهذه النماذج .. ولعلي أكون قد وفقت في انتقائها واختيارها.
ومن كل ما تقدم ندرك أن الاتجاه العقدي في التفسير كان كسابقه، حيث عالج ما أملته روح العصر ومشكلات المادة والماديين. إلا أن قضايا العقيدة أكبر خطرًا من غيرها، ومن هنا كان هذا الاتجاه في رأيي، أبرز ما ينبغي أن توجه له عناية المفسرين، إذ ليس عبثًا أن ينزل القرآن في ثلاث عشرة سنة، يعالج هذا الجانب، وأن أكثر آيات القرآن جاءت لبناء العقيدة وستبقى أدلة القرآن ومنهجه في هذا المجال فصل الخطاب على مدى الأجيال.