الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطبري، وهؤلاء فسروا القرآن بضوابط شتى من تفسير القرآن بالقرآن أو بالسنّة أو باللغة أو بالاستنباط العقلي أو ببعض الروايات، ويعرض الكاتب للطبري من حيث أسلوبه المتميز في تفسير القرآن وغزارة علمه في العربية والحديث، ومن حيث آراؤه التي يعرضها في تفسيره وذلك بترجيحه بين الروايات.
ويرى أن منهج الطبري الذي اعتمد فيه على الأثر والبيان والتاريخ، والنظر هو المنهج المتكامل الذي أثّر فيمن جاء بعده من المفسرين، وهذا المنهج الأصولي هو المنهج الإسلامي الصحيح المتبع منذ عصر الصحابة إلى اليوم، وقد تفرع عن مدرسة الطبري مدارس تفسيرية اقتربت أن تشكل اتجاهات ذات ملامح عرفت بها في أخبار المنهج الأصولي الشامل، ومنها
المدرسة اللغوية
التي غلب فيها جانب الذوق والبيان.
أما
الفصل الثاني فتحدث فيه عن مدارس المنهج الأصولي في تفسير القرآن الكريم
ومن هذه المدارس:
المدرسة اللغوية:
اهتم العلماء على مر العصور بالمعاني اللغوية لألفاظ القرآن الكريم، ولذا ظهر الكثير من التفاسير التي تعنى بهذه القضية منها معاني القرآن للفراء، حيث اهتم بضبط الألفاظ القرآنية من خلال حديثه عن القراءات وضبطها وتصحيحها، ومنها كتاب معاني القرآن للأخفش، ومجاز القرآن لأبي عبيدة، ومعاني القرآن للزجاج، وكانت كتب المعاني هذه أساسًا لظهور تفاسير لغوية كبيرة منها التفسير البسيط للواحدي، وتفسير الكشاف للزمخشري الذي اهتم بالمسائل اللغوية والتخريجات النحوية اهتمامًا واضحًا، ومنها مجمج البيان للطبرسي والبحر المحيط لأبي حيان وهذا الأخير يعد أوسع تفسير.
ويدخل ضمن التفسير اللغوي التفسير البياني الذي يتعلق بتركيب القرآن ولغته من
حيث الحقيقة والمجاز والتشبيهات والكنايات والإيجاز والإطناب والتقديم والتأخير، وقد كانت بذوره ترجع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كثرت هذه اللفتات البيانية في كتب المفسرين، ولو رجعت لكتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة (1) وجدته مليئًا بمثل هذه الأمور، وممن عني بهذه القضايا الجاحظ في كتبه وهو لم يقف عند الدراسات البيانية المعاصرة له فقط، ولكن خطا بها خطوة كبيرة نحو لم الشعث والتجديد (2).
وقد نحا نحو الجاحظ ابن قتيبة الذي كان أكثر تنظيمًا وترتيبًا وتوسعًا، فقد تناول لغة القرآن من حيث هي أداة للتعبير ومن ثم أتبعها ببيان قيمها الجمالية والأدبية، واستشهد للاستعارة بأمثلة كثيرة من القرآن الكريم.
ثم كانت الدراسات الإعجازية التي عنيت بتلك الوجوه البيانية، وكان من أهم تلك الدراسات إعجاز القرآن للواسطي (3)، والنكت في إعجاز القرآن للرماني، وبيان إعجاز القرآن للخطابي، وإعجاز القرآن للباقلاني، الذي قام فيه بتحليل بعض السور القرآنية، ويرى الدكتور زغلول سلام أن الباقلاني عرض للوحدة الموضوعية في السورة القرآنية، ويرى الدكتور رجب البيومي أن الباقلاني لم يتجه إلى الوحدة الفنية، ويوافق الكاتب البيومي في أن الباقلاني لم يقصد الوحدة الموضوعية في كلّ ما كتب.
ومن هذه الكتب التي عنيت بالإعجاز، دلائل الإعجاز لعبد. القاهر الجرجاني، الذي وضع نظرية النظم، هذه النظرية التي لم تكن قبل الجرجاني مجرد
(1) مجاز القرآن لأبي عبيدة لم تكن عنايته بالقضايا البيانية التي ذكرها الكاتب، لأن كلمة مجاز التي أرادها - أبو عبيدة - ليس هو المجاز الذي اصطلح عليه فيما بعد، وسيأتي لهذا مزيد تفصيل إن شاء الله.
(2)
ما ذكره الجاحظ كان ملحوظات أوليَّة.
(3)
هذا الكتاب غير موجود، ولم تثبت نسبته للواسطي، فإذن لا ينبغي أن نعول عليه ونذكر أنه من أهم الكتب في إعجاز القرآن الكريم.
ملاحظات، وإنما قامت على دراسات دقيقة واضحة وذلك فيما كتبه الخطابي والباقلاني وعبد الجبار، لكنها لم تتكامل إلا على يد الجرجاني.
وممن عني بالدراسات البيانية الزمخشري في الكشاف الذي طبق نظرية الجرجاني، تلك النظرية التي كانت بحاجة إلى ذوق الزمخشري الأدبي النقدي المرهف وإلى غزارة علمه بأسرار العربية، لأن ذلك التطبيق كان يقوم أساسًا على تحليل التركيب القرآني وبيان خصائصه، ويمثل الكاتب ببعض الأمثلة من تفسير الزمخشري.
وممن عني بالدراسات البيانية الرازي في تفسيره، الذي أدخل شيئًا جديدًا في دراسة الإعجاز القرآني، وهو اهتمامه الواضح بترتيب الآيات وتحليلها وبيان أسباب مجيئها على صورتها والاستدلال على إعجازها، وانصب جلُّ اهتمامه على ترتيب الكلمات بجانب ترتيب الآيات والسور .. إن الرازي يعد مكملًا لما بدأ به الزمخشري والجرجاني، ويرد الكاتب على البيومي الذي يرى أن الرازي قد وضع تفسيره لا ليهتم بنماذج الجمال القرآني، بل ليجعل من العلوم الإسلامية منطقًا وأصولًا وفلسفة وتوحيدًا وجدلًا، ويرى أن المتصفح لتفسير الرازي يجد غير ما ذكره محمد رجب البيومي.
وفي العصر الحاضر جاء الشيخ محمد عبده بالدعوة إلى تغير مناهج الدراسة والعودة إلى المنابع الأولي في فهم الدين والحياة والأدب، وقد جاء ليجدد منهج الشيخ عبد القاهر في النظرية البيانية الجمالية إلى القرآن، وعالج الأنماط البلاغية سواء أكانت في المعاني أم في البيان، ثم تفرع عن مدرسة الإمام محمد عبده اتجاه سمي بالاتجاه الأدبي في تفسير القرآن حمل لواءه الشيخ أمين الخولي الذي يرى أن التفسير هو النظر في القرآن من حيث هو كتاب العربية أكبر وأثرها الأدبي العظيم.
ومن أخطر ما دعا إليه أن العرض القرآني للقصة أدبي لا يرجع إليه في تاريخ ولا يسمى ذلك من نظر أصحابه إليه وتقديرهم إياه بما يشاءون دون الموافقة أو