الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القراءات ما له أعظم الاعتبار في هذا الباب، وما هو أهم بكثير، وأغلب من حيث الكمية والكيفية جميعًا، وأعظم مدخلًا في مضمار التفسير ولا ريب من اختلاف القراءات مما ضربنا منه مثلًا فيما سبق هذا البحث كبسط الموجز، وتقييد المطلق .. فهو إذن وبحكم منطق شرحه هذا يتجاهل كل هذا القدر الأغلب والأهم في هذا الباب، ويوهم أن في اختلاف القراءات وفيها فحسب قد تركزت المحاولة الأولى للتفسير والنواة التي بدأ بها على حدّ قوله ثم في شرح الرجل نفسه ثانيًا لاختلاف نص القرآن وقراءاته، وكيف أن هذا الاختلاف في زعمه اختلاف اضطراب، وأن فيهم مجافاة لما يفرد من كون نص القرآن الكريم على الله ما كذب وافترى، نقول في هذا الشرح ما يكشف أتم كشف عن منتهى سوء القصد من هذه الكلمة (1).
ثانيًا: عرض الدكتور محمد إبراهيم الشريف لهذا الكتاب: وهذه خلاصة ما ذكره
.
استهدف هذا الكتاب كما يقول مؤلفه أن ينبه المسلمين على تراثهم التفسيري الذي اكتظت به المكتبة الإسلامية على سعتها وطول عهدها، وهو يرجو أن يكون لعشاق التفسير من وراء مجهوده موسوعة تكشف لهم عن مناهج أشهر المفسرين وطرائقهم التي يسيرون عليها في شرحهم لكتاب الله تعالى .. حتى لا يقصروا حياتهم على دراسة كتب طائفة واحدة أو طائفتين دون من عداهما من طوائف المفسرين، يقول في مناقشة كتاب الذهبي رحمه الله
(التفسير والمفسّرون) لا يهتم بالتحليل الكافي لكل التفاسير التي ذكرها، بالإضافة إلى أن أحكامه في الغالب عامة وقضاياه سطحية يعوزها التثبّت واليقين.
كما أن مؤلفه رحمه الله يعتقد أن الأولين لم يتركوا شيئًا لمن بعدهم اللهم إلا اليسير النادر فهو يقول: (والذي يقرأ كتب التفسير على اختلاف ألوانها لا يداخله شك في أن كل ما يتعلق بالتفسير من الدراسات المختلفة قد وفاه هؤلاء المفسرون
(1) دراسات في مناهج المفسرين ص 73.
الأقدمون حقه من البحث والتحقيق) (1).
أما مفهومه للتجديد في التفسير فهو مفهوم سلبي ينحصر في الاتجاه إلى تنقية القديم من التفسير وتطهيره من الإسرائيليات، ونقد الروايات الضعيفة أو الموضوعة، وإلباس التفسير ثويًا اجتماعيًا يظهر روعة القرآن ويربط آياته بالنظرات العملية الصحيحة.
ويشير المؤلف إلى ألوان التفسير الحديث وهي أربعة ألوان:
1 -
اللون العلمي
2 -
اللون المذهبي
3 -
اللون الإلحادي
4 -
اللون الأدبي والاجتماعي.
ويناقش صاحب كتاب الاتجاهات الشيخ الذهبي في أكثر من قضية فيبين أن اللون المذهبي لم تعرفه البيئة المصرية حديثًا، وإن ما سماه باللون الإلحادي لا يوافقه عليه كثير من الدارسين وحري بهذا اللون أن يدرس تحت الأفهام المنحرفة أو الشاذة لنصوص القرآن الكريم .. ).
ويعلل ذلك بأننا لو عددناه لونًا من ألوان التفسير لكان اعترافًا منا بشرعيته، علمًا بأنه (أبعد ما يكون عن خريطة التفسير لأنه يسقط من حسابه أسس التفسير وقواعده جميعها)(2).
كما يأخذ على هذه الدراسة قصورها عن استيعاب الدراسات المصرية الحديثة في التفسير لسبب أو لآخر، وهو أمر مخل بالصورة الصحيحة للجهود التفسيرية الحديثة في مصر.
أما ما يسميه باللون الأدبي فلا يقصد بالأدبية في تعبيره ذلك المنهج الفني الذي ينظر فيه إلى النص القرآتي باعتباره نصا أدبيًا، وإنما يقصد المؤلف بالأدبية: إفراغ
(1) التفسير والمفسرون 2/ 495.
(2)
انظر ص 106 - 107.
معاني التفسير التي يهدف إليها القرآن الكريم في أسلوب شيق أخاذ وعبارة عصرية سهلة تخلص التفسير من الأساليب الجامدة المتحجرة.
ويقول هي موضع آخر.
يزعم الأستاذ الدكتور محمد حسين الذهبي هي كتابه (التفسير والمفسرون) أن فريقًا على رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قائلون بشمول بيانه صلى الله عليه وسلم لجميع معاني القرآن. بدون استثناء مستندًا في هذا الزعم إلى ما قاله السيوطي في الإتقان، ثم في ما ساق من الشبهة له إلى طرف من مقالة شيخ الإسلام نفسه في مقدمته في أصول التفسير، وذلك إذ يقول الأستاذ رحمه الله اختلف العلماء في المقدار الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن لأصحابه فمنهم من ذهب إلى القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيّن لأصحابه كل معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه وعلى رأس هؤلاء ابن تيمية) أ. هـ. كذا ذكر السيوطي رحمه الله ذلك في الإتقان على أنه أحد احتمالين فهمهما من كلام شيخ الإسلام رحمه الله في هذه المقالة وفي غيرها، إذ يقول السيوطي: وقد صرح ابن تيمية فيما تقدم وغيره بأن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه تفسير جميع القرآن أو غالبه.
ولكنك إذا نظرت إلى جميع ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله في هذه المقدمة نظرة منصفة لا تجتزيء فيها بمجرد ما تظهر الدلالة لك فيه من قول الشيخ وتبتر غيره مما ليس لك، بل تضم بعض قول الشيخ إلى بعض، نقول إذا نظرت إلى كلام شيخ الإسلام رحمه الله هذه النظرة فإنك سترى أن مثل هذا الزعم مما لم يصحبه التوفيق بالكلية، كيف لا وإن فيما سنسوقه بين يديك من البدهيات الآتية ما يقضي بسقوط من يقول بمقتضى مثل هذا الزعم عن درجة صغار العقلاء، فضلًا عن أكابر العلماء من أمثال شيخ الإسلام رحمه الله بل كيف لا ومعنا قرينتان مقالتان من قول شيخ الإسلام نفسه في هذه المجال صريحتان في أنه لا يمكن أن يعني بحال من الأحوال شمول البيان النبوي لجميع القرآن:
إحداهما: تصريحه أن أحسن طرق التفسير وأصحها أن يطلب أول ما يطلب من القرآن ذاته، وأنه حين يعيينا ذلك فحسب ننتقل إلى السنة ..
أما القرينة الثانية من كلام الشيخ نفسه في هذه المقدمة فقوله بعد إذ فرغ من الحديث عن السنة (وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة .. )(1).
ويناقشه أيضًا في وصف هذا اللون بأنه اجتماعي، باعتبار أن هذا التخصيص يهدر كثيرًا من التيارات التي تجمعت في مدرسة المنار ويقلل من أهميتها.
كما يأخذ عليه أنه يقبل ظاهرة التفسير العلمي في الاتجاه الهدائى -بينما يعترض على الظاهرة نفسها وينكرها إنكارًا شديدًا في اتجاه آخر، وفي الوقت الذي يعترض فيه على اللطائف والجواهر العلمية في تفسير الجواهر، باعتبارها تخرج بالتفسير عن أهدافه وأغراضه، يحاول تعليل استطرادات المنار بأن صاحبه رجل صحفي اتصل عن طريق مجلته بالناس فأراد أن يتمشى بكتابته مع الجميع فيثبت المتدين على دينه، ويرد الملحد عن إلحاده، ويكشف عن محاسن الإسلام (2).
وأخيرًا يأخذ على الشيخ إغفاله لقضية المناهج الفتية في التفسير والأنماط والأشكال الحديثة التي عبرت حقيقة عن اتجاهات التفسير الحديثة (3).
ونحن نوافق صاحب اتجاهات التفسير في جل ما ذكر من ملحوظات.
(1) دراسات في مناهج المفسرين ص 217 - 218.
(2)
ص 115 - 116.
(3)
ص 116.