الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صريح في الإباحة. ولن يورد الله كلامه قصد السخرية، من شرع شرعه، وبينه نبيه. صلى الله عليه وآله وسلم، وسارت عليه الصفوة المختارة ممن رضي الله عنهم ورضوا عنه.
2 -
أن الاستطاعة المنفية بـ (لن) إنما هي العدل في الميل القلبي، وذلك ما بينه الرسول عليه وآله الصلاة والسلام بقوله:(اللهم إن هذا قسمي في ما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)(1).
3 -
إن القرآن لم يستعمل كلمة (حل)، لأن البلاغة لا تقتضيها والحس لا يرتضيها، لأن قوله تعالى:(فانكحوا) إنما يفهم منه الحلال، لأن النكاح المأمور به من الله لن يكون إلا كذلك، فلو قال (ماحل) لكان تكرارًا ليس تحته طائل، يمجه الذوق وتأباه الفصاحة.
4 -
إن اتهام الفقهاء بمسايرة واقع فرضته الظروف، والتساهل في إيجاد سند قرآني لإباحة التعدد قول لا تعوزه الدقة الموضوعية فقط بل والأمانة العلمية والتاريخية كذلك.
العلماء المعتدلون الذين لا يتأولون النص بعيدًا عن مدلوله:
ومقابل أولئك، نجد العلماء المعتدلين، الذين يأبون أن يخرج الناس عما شرع الله لعباده، لا يتأولون النص بعيدًا عن مدلوله، تلبية لضغوط من هنا وهناك. ومن هؤلاء الأستاذ الفاضل الشيخ محمد أبو زهرة - الذي بيّن هذه المسألة، في كثير من كتاباته. فرأى أن التعدد إنما هو شرع الله لحكمة، قد تكون فيها مصلحة الزوج أو الزوجة أو المجتمع. وأنها قد تكون ضرورة في كثير من الأحيان. ولا ينبغي ولا يجوز أن نذهب إلى ما هو أبعد من ذلك.
ومنهم صاحب الظلال رحمه الله، الذي يرى أن القرآن لم ينشئ التعدد إنما
(1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح باب رقم 38.
حدده. ولم يأمر بالتعدد وإنما رخص فيه وقيده لمواجهة واقعيات الحياة البشرية، وضرورات الفطرة الإنسانية. وهو ينعى على أولئك الذين يسمحون لأنفسهم، بالتطاول على شريعة الله بقوله (هذه الرخصة -مع هذا التحفظ- يحسن بيان الحكمة والصلاح فيها، في زمان جعل الناس يتعالمون فيه على ربهم الذي خلقهم، ويدعون لأنفسهم بصرًا بحياة الإنسان وفطرته ومصلحته، فوق بصر خالقهم سبحانه. ويقولون في هذا الأمر وذاك بالهوى والشهوة وبالجهالة والعمى. كأن ملابسات وضرورات جدت اليوم، يدركونها هم ويقدرونها، ولم تكن في حساب الله -سبحانه- ولا في تقديره يوم شرع للناس هذه الشرائع! .
وهي دعوى فيها الجهالة والعمى، بقدر ما فيها من التبجح وسوء الأدب، بقدر ما فيها من الكفر والضلالة! . وهم يتبجحون على الله وشريعته، ويتطاولون على الله وجلاله، ويتوقحون على الله ومنهجه، آمنين سالمين غانمين مأجورين من الجهات التي يهمها أن تكيد لهذا الدين! ).
هذه مسائل من التشريع الاجتماعي في الاتجاه الفقهي، رأينا كيف عالجها العلماء، وكيف كانت مواقفهم من النص القرآني، وهي معالجات تخضع لروح العصر وتطوراته، أكثر مما تخضع للنص نفسه عند بعضهم، وتحكم النص أول ما تحكم عند بعض آخرين. والحق أن ما في القرآن من تشريعات اجتماعية، لا تصلح للمجتمع فحسب، بل لمن يصلح المجتمع إلا بها.