الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفاسير، وعشرات المدارس غير الذي حدثتك عنه.
إن هذه المرحلة، أعني مرحلة التدوين، ملأت مئات الخزائن من المؤلفات، التي يحتاج عدها فحسب إلى مجلدات، فما بالك بالتعريف بها، فضلًا على التفصيل والتعليق، إن ذلك أمر لا يستطيع أيّ فرد أن يقوم به، بل هو يحتاج إلى أكثر من فريق، وذلك كله ليس كثيرًا على هذا الكتاب الخالد، كتاب الله، الذي لا تنقضي عجائبه ولا يخلق على كثرة الرد، فرحم الله أئمتنا وأجزل لهم في العطاء وجزاهم خير الجزاء.
التفسير في العصر الحديث
(1)
يختلف الباحثون في تحديد العصر الحديث، والذي أراه أن هذا يختلف باختلاف الأمم أولًا، وباختلاف العلوم المتحدث عنها ثانيًا، فالعصر الحديث عند الأوروبيين مثلًا يختلف عنه عندنا، ومؤرخو الأدب العربي يجعلون ابتداءه مطلع القرن التاسع عشر، إلا أنّ العصر الحديث للتفسير، إنما ابتدأ في رأيي بظهور تفسير الإمام الشيخ محمَّد عبده، وذلك في نهاية القرن التاسع عشر. ولعل خير شاهد على ذلك، هذا البون الشاسع من حيث الموضوع والأسلوب في التفسير بين الآلوسي الذي توفي سنة 1270 هـ - أي بعد ولادة الشيخ محمَّد عبده بست سنين - وتفسير الشيخ محمَّد عبده. فلقد كان منهج الشيخ في التفسير وأسلوبه وموضوعاته التي عرض لها، كان ذلك كله جديدًا يختلف عما ألفه الناس من الناحية التقليدية في التفسير. ولئن كان يغلب على اتجاه التفسير في هذه المرحلة، الطابع الاجتماعي، فإن مدرسة الإمام في التفسير كاتت النواة لجميع الاتجاهات التي اتسعت دائرتها فيما بعد، وأهمها الاتجاه البياني والفقهي (2) والعلمي والعقدي
(1) وهو موضوع هذا الكتاب.
(2)
ويمثل هذا تفسير المنار ومجلة المنار كذلك حيث كانت تعرض لكثير من القضايا الفقهية المعاصرة.
والسياسي والاجتماعي والاتجاه الموضوعي. وهناك مع كل أسف تفسيرات منحرفة عن جادة الصواب، بعضها عن قصد وبعضها عن غير قصد.
والتفسير في العصر الحديث يتسع باتساع الزمن، فلئن بدأ بالإمام محمَّد عبده رحمه الله إلا أننا نجد له اليوم أعلامًا ومدارس، وهذا أمر طبعي، فارتباط المسلمين بكتابهم أمر حيوي، تحتمه الظروف، فلا حياة لهم إلا به، وسنحاول في هذا الكتاب إن شاء الله بفضل الله ومنته وتيسيره، أن تقدم لك خلاصة، أرجو أن تكون جمّة الفوائد، طيبة الجنى، دانية القطوف، وارفة الظلال، تجد فيها تفصيلًا لما أجمل من قبل.
راجيًا من الله التوفيق، فهو ولينا في الدنيا والآخرة، له الفضل وحده، وعليه التوكل والاعتماد وهو حسبي ونعم الوكيل.