الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لله عينين، فكان بيانه موافقا لبيان محكم التنزيل الذي هو مسطور بين الدفتين مقروء في المحاريب والكتاتيب. (1)
الوجه الثاني: من عقيدة أهل السنة والجماعة: إثبات صفة العين لله تعالى
.
وأنها ليست كعين المخلوق، فله سبحانه وتعالى عين تليق بجلاله وعظمته، وللمخلوق عين مناسبة لعجزه وفنائه.
الوجه الثالث: إثبات العينين لله
.
قال ابن خزيمة: نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى، وتحت الأرض السابعة السفلى، وما في السموات العلى، وما بينهما من صغير وكبير، لا يخفى على خالقنا خافية في السموات السبع والأرضين السبع ولا مما بينهم، ولا فوقهم ولا أسفل منهن، لا يغيب عن بصره من ذلك شيء، يرى ما في جوف البحار ولججها كما يرى عرشه الذي هو مستو عليه. (2)
وبوب اللالكائي في أصول الاعتقاد (سياق ما دل من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن صفات الله عز وجل الوجه والعينين واليدين). (3)
الوجه الرابع: أن الله تعالى ليس بأعور
.
لأن العور صفة نقص، والله منزه عن صفة النقص. وقد خلق الله تعالى الدجال بهذه الصفة حتى لا يختلط الأمر عند الناس ويظنوا أنه الله، وخاصة وأن الله تعالى قد أقدره على أشياء لا يقدر عليها إلا هو سبحانه؛ فتنة للناس، واختبارا وامتحانا؛ ليكشف الله لخلقه حال الناس فيميز الصادق من الكاذب للناس.
(1) كتاب التوحيد (1/ 97).
(2)
كتاب التوحيد (1/ 117).
(3)
أصول الاعتقاد (3/ 412).
وهذا شيخ الإسلام يحتج بحديث الدجال على إثبات صفة العين لله تعالى، وردا على النصارى فقال: ولهذا لما أنذر النبي صلى الله عليه وسلم بالمسيح الدجال وقال: "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته المسيح الدجال حتى نوح أنذر قومه به".
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم له ثلاث دلائل ظاهرة تظهر لكل مسلم تبين كذبه:
أحدها: قوله صلى الله عليه وسلم: "مكتوب بين عينيه كافر (ك ف ر) يقرأه كل مؤمن قارئ وغير قارئ".
الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: "واعلموا أن أحدًا منكم لن يرى ربه حتى يموت" فبين أن الله لا يراه أحد في الدنيا بعينيه، وكل بشر فإنه يرى في الدنيا بالعين، فعلم أن الله لا يتحد ببشر.
الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: "أنه أعور وأن ربكم ليس بأعور" ودلائل نفي الربوبية عنه كثيرة؛ لكن لما كان حلول اللاهوت في البشر، واتخاذه به مذهبا ضل به طوائف كثيرون من بني آدم، النصارى وغيرهم، وكان المسيح الدجال يأتي بخوارق عظيمة، والنصارى احتجوا على إلهية المسيح بمثل ذلك.
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من علامات كذبه أمورا ظاهرة لا يحتاج فيها إلى بيان موارد النزاع التي ضل فيها خلق كثير من الآدميين، فإن كثيرًا من الناس؛ بل أكثرهم تدهشهم الخوارق حتى يصدقوا صاحبها قبل النظر في إمكان دعواه، وإذا صدقوه صدقوا النصارى في دعوى إلهية المسيح، وصدقوا أيضًا من ادعى الحلول والاتحاد في بعض المشايخ، أو بعض أهل البيت، أو غيرهم من أهل الإفك والفجور.
وبهذا يظهر الجواب عما يورده بعض أهل الكلام كالرازي على هذا الحديث حيث قالوا: دلائل كون الدجال ليس هو الله ظاهرة، فكيف يحتج النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك بقوله:"إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور"؟ وهذا السؤال يدل على جهل قائله بما يقع فيه بنو آدم من الضلال، وبالأدلة البينة التي تبين فساد الأقوال الباطلة، وإلا فإذا كان بنو إسرائيل في عهد موسى ظنوا أن العجل هو إله موسى فقالوا:{هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى} [طه: 88]، وظنوا أن موسى نسيه، والنصارى مع كثرتهم يقولون: إن المسيح هو الله، وفي المنتسبين إلى القبلة خلق كثير