الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)} [سبأ: 33].
- وقال تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45)} [غافر: 45].
القسم الثاني: ما ذكر فيه مكر الله تعالى:
لم يذكر مكر الله في أي آية إلا صفة فعل مقابل لما يفعله أهل الضلال، ولم تذكر الصفة مفردة، ومن أجل ذلك لا تطلق الصفة إلا مقارنة بالكفار كما ذكرت في القرآن، ولا يتخذ منها اسمًا أو صفة مستقلة. ولنأخذ مثالا على ذلك:
منها: قال تعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)} [آل عمران: 54].
قال البغوي: قوله تعالى: (وَمَكَرُوا) يعني كفار بني إسرائيل الذي أحس عيسى منهم الكفر، وبَرُّوا في قتل عيسى عليه السلام، وذلك أن عيسى عليه السلام بعد إخراج قومه إياه وأمه عاد إليهم مع الحواريين، وصاح فيهم بالدعوة فهموا بقتله، وتواطؤوا على الفتك به فذلك مكرهم قال الله تعالى:{وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} فالمكر من المخلوقين: الخبث والخديعة والحيلة، والمكر من الله: استدراج العبد وأخذه بغتة من حيث لا يعلم كما قال: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182]، وقال الزجاج: مكر الله عز وجل مجازاتهم على مكرهم فسمي الجزاء باسم الابتداء؛ لأنه في مقابلته كقوله تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15]{وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] ومكر الله تعالى خاصة بهم في هذه الآية، وهو إلقاؤه الشَبه على صاحبهم الذي أراد قتل عيسى عليه السلام حتى قتل. (1)
(1) تفسير البغوي 1/ 307.
وقال أيضًا: وجملته: أنَّ أسماء الله تعالى على التوقيف؛ فإنه يسمى جوادًا ولا يسمى سخيًا، وإن كان في معنى الجواد، ويسمى رحيمًا ولا يسمى رفيقًا، ويسمى عالمًا ولا يسمى عاقلًا، وقال تعالى:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142] وقال: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54]، ولا يقال في الدعاء: يا مخادع، يا مكار؛ بل يدعى بأسمائه التي ورد بها التوقيف على وجه التعظيم، فيقال: يا الله، يا رحمن، يا رحيم، يا عزيز، يا كريم ونحو ذلك. (1)
وقال الشيخ السعدي: قال تعالى هما (ومكروا) أي: الكفار بإرادة قتل نبي الله، وإطفاء نوره (ومكر الله) بهم جزاء لهم على مكرهم (والله خير الماكرين) رد الله كيدهم في نحورهم، فانقلبوا خاسرين. (2)
وجاء في التفسير الميسر: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} ، ومكر الذين كفروا من بني إسرائيل بعيسى عليه السلام، بأن وكَّلوا به من يقتله غِيْلة، فألقى الله شَبَه عيسى على رجل دلَّهم عليه فأمسكوا به، وقتلوه وصلبوه ظنًا منهم أنه عيسى عليه السلام، والله خير الماكرين. وفي هذا إثبات صفة المكر لله - تعالى - على ما يليق بجلاله وكماله؛ لأنه مكر بحق، وفي مقابلة مكر الماكرين. (3)
ومن المواضع الأخرى:
قال تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)} [الأعراف: 99].
وقال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} [الأنفال: 30].
وقال تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ
(1) تفسير البغوي 2/ 218.
(2)
تيسير السعدي ص 132.
(3)
التفسير الميسر: مجموعة من العلماء بإشراف الدكتور عبد الله عبد المحسن التركي.