الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك ما قاله الله ورسوله، وما قاله سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم من علماء المسلمين.
فنصف الله تعالى بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل؛ بل نؤمن بأن الله سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الشورى: 11) فلا ننفي عنه ما وصف به نفسه، ولا نحرف الكلم عن مواضعه، ولا نلحد في أسماء الله وآياته، ولا نكيف، ولا نمثل صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سمي له، ولا كفو له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه - سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا -، فهو سبحانه ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله؛ بل يوصف بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله من غير تكييف ولا تمثيل خلافا للمشبهة، ومن غير تحريف ولا تعطيل خلافا للمعطلة، فمذهبنا مذهب السلف إثبات بلا تشبيه، وتنزيه بلا تعطيل، وهو مذهب أئمة الإسلام كمالك والشافعي والثوري والأوزاعي وابن المبارك والإمام أحمد وإسحاق بن راهويه، وهو اعتقاد المشايخ المقتدى بهم كالفضيل بن عياض وأبي سليمان الداراني وسهل بن عبد الله التستري وغيرهم، فإنه ليس بين هؤلاء الأئمة نزاع في أصول الدين. اهـ (1)
(2) في النفي:
نفي ما نفاه الله عن نفسه، ونفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من صفاتٍ لا تليق به سبحانه وتعالى.
مثال: قال تعالى: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (الكهف: 49) فنفي الظلم عن الله واجب مع إثبات كمال العدل له سبحانه.
مثال آخر: قال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (البقرة: 255)، ففي هذه الآية إثبات لصفتي الحياة والقيومية لله تعالى؛ لأنهما من صفات الكمال،
(1) التحفة المدنية في العقيدة السلفية صـ 23 - 25.
ونفي صفتي السِنَة والنوم عنه؛ لأنهما من صفات النقص، فيجب نفيهما وإثبات كمال الحياة والقيومية .... وهكذا في سائر الصفات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الله سبحانه موصوف بالإثبات والنفي، فالإثبات: كإخباره بأنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه سميع بصير ونحو ذلك.
والنفي: كقوله: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (البقرة: 255).
وينبغي أن يعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتًا، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال، لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء فهو كما قيل: ليس بشيء فضلًا عن أن يكون مدحا أو كمالا؛ ولأن النفي المحض يوصف به المعدوم والممتنع، والمعدوم والممتنع لا يوصف بمدح ولا كمال، فلهذا كان عامة ما وصف الله به نفسه من النفي متضمنا لإثبات مدح كقوله:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (البقرة: 255) إلى قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} (البقرة: 255)، فنفي السنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيومية، فهو مبين لكمال أنه الحي القيوم.
وكذلك قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} أي: لا يُكرثه ولا يُثقله، وذلك مستلزم لكمال قدرته وتمامها، بخلاف المخلوق القادر إذا كان يقدر على الشيء بنوع كلفة ومشقة، فإن هذا نقص في قدرته وعيب في قوته.
وكذلك قوله: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَال ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ} (سبأ: 3) فإن نفي العزوب مستلزم لعلمه بكل ذرة في السماوات والأرض، وإذا تأملت ذلك وجدت كل نفي لا يستلزم ثبوتا هو مما لم يصف الله به نفسه، فالذين لا يصفونه إلا بالسلوب لم يثبتوا في الحقيقة إلهًا محمودًا؛ بل ولا موجودًا، وكذلك من شاركهم في بعض ذلك كالذين قالوا: لا يتكلم أو لا يرى، أو ليس فوق العالم أو لم يستو على العرش، ويقولون: ليس بداخل