الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا الحديث أصل من أصول أهل السنة في إثبات عذاب القبر ونعيمه وسؤال الملكان للإنسان.
2 -
اليهود يؤمنون بعذاب القبر:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ فَقَالتْ لَهَا: أَعَاذَكِ الله مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَقَال: نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ. قَالتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدُ صَلَّى صَلاةً إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَاب الْقَبْرِ. (1)
3 -
التعوذ من عذاب القبر:
1 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدْعُو وَيَقُولُ: اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمنْ عَذَابِ النَّارِ وَمنْ فِتْنَةِ المُحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ المُسِيحِ الدَّجَّالِ. (2)
2 -
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَال أَبُو سَعِيدٍ وَلَمْ أَشْهَدْهُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنْ حَدَّثَنِيهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَال: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةُ، فَقَال: مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ؟ فَقَال: رَجُل أَنَا، قَال: فَمَتَى مَاتَ هَؤُلاءِ؟ ، قَال: مَاتُوا فِي الإِشْرَاكِ. فَقَال: إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا فَلَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ الله أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَال: تَعَوَّذُوا بِالله مِنْ عَذَابِ النَّارِ، قَالوا: نَعُوذُ بِالله مِنْ عَذَابِ النَّارِ، فَقَال: تَعَوَّذُوا بِالله مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، قَالوا: نَعُوذُ بِالله مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، قَال: تَعَوَّذُوا بِالله مِنْ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، قَالوا: نَعُوذُ بِالله مِن الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، قَال: تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، قَالوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ فِتنَةِ الدَّجَّالِ. (3)
الوجه الثالث: هل العذاب على الروح والبدن أم على البدن فقط أم على الروح فقط
(1) البخاري (1283).
(2)
البخاري (1288).
(3)
مسلم (5112).
قال ابن القيم: قول السائل: هل عذاب القبر على النفس والبدن؟ أو على النفس دون البدن؟ أو على البدن دون النفس؟ وهل يشارك البدن النفس في النعيم والعذاب أم لا؟
وقد سئل شيخ الإسلام عن هذه المسألة، فقال:
بل العذاب والنعيم على النفس والبدن جميعا باتفاق أهل السنة والجماعة، تنعم النفس وتعذب منفردة عن البدن، وتنعم وتعذب متصلة بالبدن والبدن متصل بها، فيكون النعيم والعذاب عليها في هذه الحال مجتمعين، كما تكون على الروح منفردة عن البدن، وهل يكون العذاب والنعيم للبدن بدون الروح؟
هذا فيه قولان مشهوران لأهل الحديث والسنة وأهل الكلام.
وفي المسألة أقوال شاذة ليست من أقوال أهل السنة والحديث: قول من يقول: إن النعيم والعذاب لا يكون إلا على الروح، وإن البدن لا ينعم ولا يعذب.
وهذا تقوله الفلاسفة المنكرون لمعاد الأبدان، وهؤلاء كفار بإجماع المسلمين.
ويقوله كثير من أهل الكلام من المعتزلة وغيرهم الذين يقرون بمعاد الأبدان؛ لكن يقولون لا يكون ذلك في البرزخ، وإنما يكون عند القيام من القبور؛ لكن هؤلاء ينكرون عذاب البدن في البرزخ فقط، ويقولون: إن الأرواح هي المنعمة أو المعذبة في البرزخ، فإذا كان يوم القيامة عذبت الروح والبدن معًا.
وهذا القول قاله طوائف من المسلمين من أهل الكلام والحديث وغيرهم، وهو اختيار ابن حزم وابن مرة، فهذا القول ليس من الأقوال الثلاثة الشاذة؛ بل هو مضاف إلى قول من يقول بعذاب القبر، ويقر بالقيامة ويثبت معاد الأبدان والأرواح ولكن هؤلاء لهم في عذاب القبر ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه على الروح فقط.
الثاني: أنه عليها وعلى البدن بواسطتها.
الثالث: أنه على البدن فقط وقد يضم إلى ذلك القول الثاني، وهو قول من يثبت عذاب القبر ويجعل الروح هي الحياة ويجعل الشاذ قول منكر عذاب الأبدان مطلقا وقول من ينكر عذاب الروح مطلقا. فإذا جعلت الأقوال الشاذة ثلاثة.
فالقول الثاني الشاذ: قول من يقول إن الروح بمفردها لا تنعم ولا تعذب؛ وإنما الروح هي الحياة وهذا يقوله طوائف من أهل الكلام من المعتزلة والأشعرية كالقاضي أبى بكر وغيره، وينكرون أن الروح تبقى بعد فراق البدن، وهذا قول باطل وقد خالف أصحابه أبو المعالي الجويني وغيره؛ بل قد ثبت بالكتاب والسنة واتفاق الأمة: أن الروح تبقى بعد فراق البدن وأنها منعمة أو معذبة والفلاسفة الإلهيون يقرون بذلك؛ لكن ينكرون معاد الأبدان وهؤلاء يقرون بمعاد الأبدان لكن ينكرون معاد الأرواح ونعيمها وعذابها بدون الأبدان، وكلا القولين خطأ وضلال؛ لكن قول الفلاسفة أبعد عن أقوال أهل الإسلام، وإن كان قد يوافقهم عليه من يعتقد أنه متمسك بدين الإسلام؛ بل من يظن أنه من أهل المعرفة والتصوف والتحقيق والكلام.
والقول الثالث الشاذ: قول من يقول إن البرزخ ليس فيه نعيم ولا عذاب؛ بل لا يكون ذلك حتى تقوم الساعة الكبرى كما يقول ذلك من يقوله من المعتزلة ونحوهم ممن ينكر عذاب القبر ونعيمه بناء على أن الروح لا تبقى بعد فراق البدن، وأن البدن لا ينعم ولا يعذب، فجميع هؤلاء الطوائف ضلال في أمر البرزخ لكنهم خير من الفلاسفة فإنهم مقرون بالقيامة الكبرى.
فإذا عرفت هذه الأقوال الباطلة، فلتعلم أن مذهب سلف الأمة وأئمتها أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة، وأنها تتصل بالبدن أحيانا ويحصل له معها النعيم أو العذاب، ثم إذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الأرواح إلى الأجساد، وقاموا من قبورهم لرب العالمين ومعاد الأبدان متفق عليه بين المسلمين واليهود والنصارى.