الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال السبكي رحمه الله: "وعدم اختلاطهم يبعدهم عن معرفة محاسن الإسلام، ألا ترى من الهجرة إلى زمن الحديبية لم يدخل في الإسلام إلا قليل، ومن الحديبية إلى الفتح دخل فيه نحو عشرة آلاف؛ لاختلاطهم بهم، للهدنة التي حصلت بينهم فهذا هو السبب في مشروعية عقد الذمة (1).
3 - الإحسان الى المحتاج منهم بالصدقة والصلة:
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: قدمت عليَّ أمي، وهي مشركة في عهد قريشٍ إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إنّ أمي قدمت عليَّ وهي راغبة، أفأصلها؟ قال:"نعم، صليها"(2). وأنزل الله تعالى فيها: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الآية (3).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى حلة سيراء عند باب المسجد، فقال: يا رسول الله، لو اشتريت هذه فلبستها للناس يوم الجمعة، وللوفد إذا قدموا عليك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنّما يلبس هذه مَن لا خلاق له في الآخرة"، ثم جاءت رسولَ الله منها حللٌ، فأعطى عمر منها حلة. فقال عمر: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كسوتنيها، وقد قلتَ في حلة عُطارد ما قلت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنّي لم أكسكها لتلبسها" فكساها عمر أخًا له مشركًا بمكة (4).
قال النووي: "وفي هذا دليل لجواز صلة الأقارب الكفار، والإحسان إليهم، وجواز
(1) الفتاوى 2/ 404.
(2)
رواه البخاري (5979).
(3)
ينظر: الدر المنثور 8/ 130 - 131، حيث عزاه لابن المنذر وغيره.
(4)
رواه البخاري (846)، ومسلم (2068).
الهدية إلى الكفار" (1). والمشركون بمكة كانوا أهل حربٍ.
ومن الإحسان: الإحسان إلى الحربِي الأسير، قال تعالى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9)} قال قتادة: "لقد أمر الله بالأسارى أن يحسن إليهم، وإنهم يومئذ لمشركون"(2).، وقال الحسن:"كان الأسارى مشركين يوم نزلت هذه الآية"(3).، وقال الطبريّ:"هو الحربي من أهل دار الحرب، يؤخذ قهرًا بالغلبة، أو من أهل القبلة يؤخذ فيحبس بحقّ"(4).
(1) شرح النووي على صحيح مسلم 14/ 39.
(2)
ذكره السيوطي في الدر المنثور 8/ 371، وعزاه لعبد بن حميد.
(3)
ذكره السيوطي في الدر المنثور 8/ 371، وعزاه لابن مردويه وغيره.
(4)
تفسير الطبري 26/ 543 - 544، وانظر: في هذا المبحث إرهاب المستأمنين وموقف الإسلام منه.
د/ بدر بن ناصر البدر اللجنة العلمية للمؤتمر العالمي عن موقف الإسلام من الإرهاب.