الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما العرب الذين انتقلوا إلى السواحل، فإنهم نقلوا إليها الكتابة والعمارة وأدوات الحضارة، وطبعوها بطابعهم في كثير من أحوال المعيشة.
وليس ما حدث من الدمار إنما حلّ في إفريقية فحسب؛ بل لننظر في مناظر مؤسفة أخرى.
فماذا فعل رعاة البقر بشعب أمريكا الأصلي- الهنود الحمر؟
الجواب: إبادة كاملة.
وماذا فعلت فرنسا في الجزائر مثلًا؟
الجواب: مليون شهيد، وقبلها اتباع سياسة الأرض المحروقة على يد "بوجو".
وماذا عملت إنجلترا في أستراليا؟
الجواب: إبادة واستعمار استيطاني، وفي أفريقية تمييز عنصري.
ماذا عملت أسبانية والبرتغال في سكان أمريكا الجنوبية؟
الجواب: إنتهاء حضارة الإنكا والمايا والأزتيك، وإبادة كاملة، وسفن أسبوعية في قوافل مستمرة لنقل الذهب والفضة إلى أسبانية والبرتغال.
ماذا عملت هولندا في أندونيسيا؟
الجواب: امتصاص خيرات وإرهاق الشعب وإذلاله حتى إذا أراد الجندي الهولندي أن يعلو جواده أشار إلى أندونيسيٍّ فيركع أمام الهولندي بإزاء جواده، فيدوس الهولندي بحذائه العسكري على ظهر الأندونيسي ليعلو جواده.
ماذا عملت أمريكا المتحضرة في فيتنام؟
الجواب: ملايين القنابل على الشعب الآمن.
ناهيك عن الجهل والتأخر والسيطرة الاقتصادية على الشعوب.
الوجه الثاني: رمتني بدائها وانسلّت (كيف انتشرت المسيحية وغيرها من الديانات
؟ ).
مثل عربي يطلق على الشخص الذي يكون به الداء ثم يرمى به غيره.
فإننا لو نظرنا إلى أصحاب الديانات الذين يتهمون الإسلام بأنه انتشر بالسيف والإرهاب نجد هذه الفرية ملتصقة بهم قديمًا وحديثا فهم اتهمونا بها لدفعها عن أنفسهم
فوقعوا في "الإسقاط" كما يقول علم النفس، والإسقاط من وسائل الدفاع الأولية ألا وهو اتهام الآخرين بما فينا، كالكاذب يتهم الناس بالكذب ليظهر نفسه صادقًا.
فمن يستقريء التاريخ في كيفية انتشار الأديان يجد ما يلي:
1 -
فرض "امنحتب" -فرعون مصر- على شعبه عبادة إله الشمس "آتون". وأغلق معابد الآلهة الأخرى، وحطم تماثيلها، ومحا صورها، وطمس أسماءها، وكل مخالف تعرض للاضطهاد والعذاب (1).
2 -
كانت البوذية: لا شأن لها قبل "آزوكا" الذي اعتنقها واهتم بنشرها خارج مملكته حتى وصل سيلان وبورما، فآزوكا تبناها وأخذ بنشرها حتى شملت جنوب شرق آسيا (2).
3 -
وكذلك المزدكية: لم يكن لها اعتبار قبل "قباذ" فهذا الملك الفارسي تبنى هذه العقيدة وحاول فرضها جبرًا على شعبه كله، وحتى المناذرة العرب التابعين له في العراق (3). وبزوال سلطان قباذ ضعف شأن المزدكية.
4 -
وأما الزرادشتية: فلم تنشر قبل دارا كسرى الفرس، الذي نشرها حربًا بعد قرن من وفاة زرادشت، حتى وصل بها أثينا عاصمة اليونانيين القدماء.
5 -
الكونفوشيوسية: ما انتشرت تعاليمها إلا لاستخدام صاحبها لمركزه رئيسًا للوزراء في مقاطعة "لو" الصينية.
6 -
وأخيرًا المسيحية: فإنها لم تكن لتنتشر لولا سلطة قسطنطين الذي أراد أن يكون سيدها فاستغل الخلافات الداخلية للكنيسة، وأصدر مرسوم ميلانو عام 313 م، الذي اعترف بموجبه بالمسيحية، وأهال عليها أعطياته.
(1) راجع تاريخ الشرق الأدنى القديم لعبد العزيز عثمان، القسم المختص بتاريخ مصر القديم.
(2)
راجع تاريخ الحضارة لجورج حداد.
(3)
تاريخ الأمم الإسلامية للخضري، الجزء الأول، وراجع الشهرستاني في الملل والنحل 2/ 88.