الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني: سنة الله في عباده
.
وقد اطردت سنته الكونية سبحانه في عباده بأن من مكر بالباطل مكر به، ومن احتال احتيل عليه، ومن خادع غيره خدع قال الله تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (النساء: 142)، وقال تعالى:{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} (فاطر: 43)، فلا تجد ماكرًا إلا وهو ممكور به، ولا مخادعًا إلا وهو مخدوع، ولا محتالا إلا وهو محتال عليه. (1)
الوجه الثالث: أعلى مراتب الحسن
.
وقد دل على هذا نسبة الله سبحانه ذلك الكيد إلى نفسه بقوله: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [يوسف: 76] وهو سبحانه ينسب إلى نفسه أحسن هذه المعاني، وما هو منها حكمة وحق وصواب وجزاء للمسيء، وذلك غاية العدل والحق كقوله:{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا} (الطارق: 15، 16). وقوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} (آل عمران: 54) وقوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} (البقرة: 15) وقوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (النساء: 142) وقوله: " {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} (الأعراف: 183).
فهذا منه سبحانه في أعلى مراتب الحسن، وإن كان من العبد قبيحًا سيئًا؛ لأنه ظالم فيه؛ وموقعه بمن لا يستحقه؛ والرب تعالى عادل فيه موقعه بأهله؛ ومن يستحقه سواء قيل: إنه مجاز للمشاكلة الصورية أو للمقابلة، أو سماه كذلك مشاكلة لاسم ما فعلوه، أو قيل: إنه حقيقة وإن مسمى هذه الأفعال ينقسم إلى مذموم ومحمود واللفظ حقيقة في هذا وهذا. (2)
الوجه الرابع: وماذا في كتبهم عن صفة الخداع
؟
جاء في سفر أشعيا: هكَذَا تُكَلِّمُونَ حَزَقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا قَائِلِينَ: لَا يَخْدَعْكَ إِلهُكَ الَّذِي أَنْتَ مُتَوَكِّلٌ عَلَيْهِ، قَائِلًا: لَا تُدْفَعُ أُورُشَلِيمُ إِلَى يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ. (أشعيا 37: 10).
* * *
(1) إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان لابن قيم الجوزية 1/ 360.
(2)
المصدر السابق 2/ 114.