الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - شبهة: الساق
.
نص الشبهة:
قالوا: الله يكشف عن ساقه أمام الناس.
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42].
وفي حديث أبي سعيد الخدري .... وفيه، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا ....... الحديث. (1)
الرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: وصف الله عز وجل نفسه بأن له ساق، ووصفه رسوله به
.
الوجه الثاني: تنازع السلف في المراد بالساق في الآية؛ هل هي صفة، أو أنها غير صفة
.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: وصف الله عز وجل نفسه بأن له ساق، ووصفه رسوله به.
فهو حق نؤمن به من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تأويل، ولا تعطيل كباقي الصفات التي ذكرت في القرآن والسنة الصحيحة.
قال تعالى {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم: 42].
وفي حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى كل من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدًا. (2)
الوجه الثاني: تنازع السلف في المراد بالساق في الآية، هل هي صفة، أو أنها غير صفة
قال ابن تيمية: وتمام هذا: أني لم أجدهم تنازعوا إلا في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} [القلم: 42] فروي عن ابن عباس رضي الله عنه وطائفة: أن المراد به الشدة؛ أن الله يكشف عن
(1) البخاري (4635، 7001).
(2)
البخاري (4635).
الشدة في الآخرة، وعن أبي سعيد وطائفة: أنهم عدُّوها في الصفات للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين، ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات، فإنه قال:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله، ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر. (1)
وقال ابن القيم: نقول من أين في ظاهر القرآن أن لله ساقا؟ وليس معك إلا قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} ؛ والصحابة متنازعون في تفسير الآية؛ هل المراد الكشف عن الشدة، أو المراد بها أن الرب تعالى يكشف عن ساقه، ولا يحفظ عن الصحابة والتابعين نزاع فيما يذكر أنه من الصفات أم لا في غير هذا الموضع، وليس في ظاهر القرآن ما يدل على أن ذلك صفة لله؛ لأنه سبحانه لم يضف الساق إليه؛ وإنما ذكره مجردا عن الإضافة منكرا، والذين أثبتوا ذلك صفة كاليدين والإصبع لم يأخذوا ذلك من ظاهر القرآن، وإنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري المتفق على صحته، وهو حديث الشفاعة الطويل، وفيه:(فيكشف الرب عن ساقه فيخرون له سجدًا)، ومن حمل الآية على ذلك قال قوله تعالى:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ} مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم: "فيكشف عن ساقه فيخرون له سجدا"، وتنكيره للتعظيم والتفخيم، كأنه قال: يكشف عن ساق عظيمة جلت عظمتها وتعالى شأنها أن يكون لها نظير أو مثيل أو شبيه، قالوا: وحمل الآية على الشدة لا يصح بوجه؛ فإن لغة القوم في مثل ذلك: أن يقال كشفت الشدة عن القوم لا كشف عنها، كما قال الله تعالى:{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ} [الزخرف: 50]، وقال:{وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ} [المؤمنون: 75]، فالعذاب والشدة هو المكشوف؛ لا المكشوف عنه، وأيضًا فهناك تحدث الشدة وتشتد، ولا تزال إلا بدخول الجنة، وهناك لا
(1) دقائق التفسير لابن تيمية (2/ 482).
يدعون إلى السجود؛ وإنما يدعون إليه أشد ما كانت الشدة. (1)
وفي خلاصة القول: أن الساق ثبتت في الحديث الصحيح وأضيفت إلى الله تعالى؛ فهي صفة من صفات الذات تليق بجلاله وعظمته سبحانه وتعالى.
* * *
(1) الصواعق المرسلة لابن قيم الجوزية (1/ 252 - 254).