الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1 - شبهات: النزول
.
الشبهة الأولى: النزول إلى السماء الدنيا
.
نص الشبهة:
الله ينزل للسماء الدنيا؟ .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ ومن يسألني فأعطيه؟ ومن يستغفرني فأغفر له؟ ".
وأن الله ينزل على جمل يوم الجمعة.
وأن الله ينزل للسماء الدنيا بروحه فتنتفض روحه، وتنتفض الملائكة.
والجواب عن هذه الشبهة من وجوه:
الوجه الأول: نزول الله جل وعلا ليس كنزول البشر
.
الوجه الثاني: لا يُسأل عن كيفية النزول.
الوجه الثالث: الرد على قولهم: كيف ينزل مع اختلاف الليل في البلاد؟ .
الوجه الرابع: أقوال أهل العلم في إثبات النزول.
الوجه الخامس: إذا كان من العيب أن يوصف الرب بالنزول، فهل هذا دلالة على خطأ كتابهم المقدس في ذكر النزول؟ .
وإليك التفصيل
الوجه الأول: نزول الله جل وعلا ليس كنزول البشر
صفة النزول لله سبحانه وتعالى صفة فعل، تليق بجلاله وعظمته، يفعل ذلك سبحانه متى يشاء، لا يشبه نزول المخلوق؛ لأن الخالق غير المخلوق في الذات والصفات، فلا يجوز أن نشبه الله بخلقه في ذلك، أو أن نتوهم أنَّها صفة تشابه صفة الخلق، ومن وقع له ذلك في قلبه فليتهم نفسه.
ولقد سبق الجهمية لهذا الزيغ وقلبوا المعاني، فقيض الله لهم من يبطل كلامهم بالحجة والبرهان، وإليك بعضًا من ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: روى أبو بكر الأثرم عن الفضيل بن عياض قال: ليس
لنا أن نتوهم في الله كيف؟ وكيف؟ ؛ لأن الله وصف فأبلغ فقال: قل هو الله أحد الله، الصمد، فلا صفة أبلغ مما وصف به نفسه.
ومثل هذا النزول والضحك، وهذه المباهاة، وهذا الاطلاع، كما شاء أن ينزل، وكما شاء أن يضحك، فليس لنا أن نتوهم أن ينزل عن مكانه كيف؟ وكيف؟ .
وإذا قال لك الجهمي: أنا كفرت برب ينزل.
فقل أنت: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.
وقال البخاري في كتاب "خلق الأفعال" والفضيل بن عياض: إذا قال لك الجهمي أنا أكفر برب يزول عن مكانه.
فقل: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء.
قال البخاري: وحدث يزيد بن هارون عن الجهمية فقال: من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما تقرر في قلوب العامة فهو جهمي.
وروى الخلال عن سليمان بن حرب أنه سأل بشر بن السري حماد بن زيد فقال: يا أبا إسماعيل الحديث ينزل الله إلى السماء الدنيا أيتحول من مكان إلى مكان؟
فسكت حماد بن زيد، ثم قال: هو في مكانه يقرب من خلقه كيف شاء وهذا نقله الأشعري في كتاب "المقالات" عن أهل السنة والحديث، فقال: ويصدقون بالأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويأخذون بالكتاب والسنة كما قال تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]، ويرون اتباع من سلف من أئمة الدين، ولا يحدثون في دينهم ما لم يأذن به الله، ويقرون أن الله يجيء يوم القيامة كما قال:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22].
وإن الله يقرب من خلقه كما يشاء كما قال: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)} [ق: 16] ثم قال الأشعري: وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب.
وقال أبو عثمان النيسابوري الملقب في رسالته المشهورة في السنة قال: ويثبت أهل الحديث نزول الرب سبحانه في كل ليلة إلى السماء الدنيا من غير تشبيه له بنزول المخلوقين، ولا تمثيل، ولا تكييف؛ بل يثبتون له ما أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينتهون فيه إليه، ويمرون الخبر الصحيح الوارد بذكره على ظاهره، ويكلون علمه إلى الله، وكذلك يثبتون ما أنزل الله في كتابه من ذكر المجيء، والإتيان في ظلل من الغمام والملائكة، وقوله عز وجل:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22].
وقال: سمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت إبراهيم بن أبي طالب سمعت أحمد بن سعيد الرباطي يقول: حضرت مجلس الأمير عبد الله ابن طاهر ذات يوم، وحضر إسحاق بن إبراهيم - يعني ابن راهويه - فسئل عن حديث النزول صحيح هو؟
فقال: . فقال بعض قواد عبد الله: يا أبا يعقوب أتزعم أن الله ينزل كل ليلة؟ قال: نعم، قال كيف ينزل؟ قال: أثبته فوق؛ حتى أصف لك النزول، فقال الرجل: أثبته فوق؟ فقال إسحاق: قال الله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22)} [الفجر: 22].
فقال له الأمير عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب هذا يوم القيامة.
فقال إسحاق: أعز الله الأمير! من يجيء يوم القيامة من يمنعه اليوم؟ ! !
وروى بإسناده عن إسحاق قال: قال لي الأمير عبد الله بن طاهر: يا أبا يعقوب! هذا الحديث الذي تروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا" كيف ينزل؟
قال: قلت: أعز الله الأمير، لا يقال لأمر الرب كيف ينزل؟ ، إنما ينزل بلا كيف - أي بلا كيف معلوم لنا - وبإسناده أيضًا عن عبد الله بن المبارك أنه سأله سائل عن النزول ليلة النصف من شعبان؟ .
فقال عبد الله: يا ضعيف ليلة النصف، أي وحدها؟ ! هو ينزل في كل ليلة.
فقال الرجل: يا أبا عبد الرحمن! كيف ينزل، ألم يخل ذلك المكان؟