الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: عقيدة التمييز العنصري عند اليهود
.
إن من المفارقات العجيبة أن يندد اليهود: "بالعنصرية النازية" مع أنهم أعنف دعاة الاستعلاء والتمييز العنصري عبر قرون الدهر.
إن اليهود يعدون أنفسهم من جنس مميز على سائر أجناس بني البشر الذين يطلق عليهم اليهود (الجويم) أو الأمميين. فهم يزعمون أنهم شعب الله المختار، وأنهم أصحاب مميزات جنسية وعقلية وحضارية لم تتوافر لسائر بني البشر.
ويستند اليهود في هذه العقيدة إلى نصوصٍ في توراتهم المحرفة وتلمودهم الموضوع (1).
المطلب الثاني: عقيدة أرض الميعاد عند اليهود
تعد هذه العقيدة من أهم عقائد اليهود التي يؤمنون بها، ويبنون سياساتهم وعلاقاتهم عليها، ومعناها عندهم: أن الله سبحانه وتعالى قد وعد بني إسرائيل أن يملكهم أرضًا، لكي يقيموا عليها دولة لهم تجمعهم من التشرد والشتات. وقد اختلفوا فيما بينهم حول تحديد حدود هذه الأرض الموعودة، فمنهم من قال: إنها أرض كنعان فقط، يعني أرض فلسطين، ومنهم من قال: بأنها من النيل إلى الفرات، والمستغرب أن كلتا الطائفتين لديها نصوص من كتابهم المحرف تؤيد ما ذهبت إليه (2).
المطلب الثالث: أثر عقائد اليهود على الإرهاب العالمي
.
إن الإرهاب الحقيقي واستخدام العنف بطريقة غير مشروعة يمتد بجذوره إلى العقيدة اليهودية المحرفة، والتي تمثلها إسرائيل وتطبقها في واقعنا اليوم، وإن دراسة التاريخ المعاصر للصهيونية، يظهر بجلاء أن الكيان الصهيوني قد تبنى الإرهاب على مستوى الأفراد والدول على حدٍ سواء، وإرهابهم الحالي يشهد به القاصي والداني، وقد أُلفت في
(1) انظر هذه النصوص مجموع في العقيدة اليهودية صـ 351 - 352. وراجع فصل تحريف الكتاب المقدس من هذه الموسوعة.
(2)
العقيدة اليهودية وخطرها على الإنسانية د. سعد الدين صـ 367 - 370.
ذلك كتب عديدة، وهناك مواقع في الشبكة العالمية "الإنترنت" خصصت لذلك (1).
لكننا في هذا البحث معنيون ببيان الجذور التي تربي وتغذي الإرهاب وهي جذور عقائدية.
إن في عدم معرفة اليهود لله تعالى حقًّا، وبما يجب له من صفات الكمال والجلال أثرًا كبيرًا على سلوكهم وعدوانهم، فمن كان بالله أعرف كان لله أخوف، وكتبهم مليئة بالاستهزاء والانتقاص من حق الله تعالى، ومن اعتدى على الله من باب أولى كان له أن يعتدي على خلقه.
وكذلك نجد وصفهم لرسل الله تعالى وأنبيائه عليهم السلام بما يستحيي المرء من ذكره يعد احتقارًا وعدوانًا عليهم، ومن اعتدى على أنبياء الله تعالى فلن يتردد أو يتأخر في العدوان على غيرهم من البشر.
كما أن عدم الإيمان باليوم الآخر يجعل منهم عبيدًا للمادة وللتراب ولكل ما هو أرضي، وفي اعتقادهم بأنهم شعب الله المختار وتميزهم العنصري يجعلهم يسوِّغون كل عمل إرهابي في حق غيرهم؛ لأنهم هم الأسياد وما عداهم خدم لهم -في ظنهم-.
واعتقادهم بأرض الميعاد يجعلهم يستبيحون احتلال أراضي المسلمين وطردهم وقتلهم لإخراجهم منها، وقد تسببت هذه العقيدة في حروب دامية وصراعات طويلة بينهم وبين المسلمين، وقد بين لنا المولى عز وجل في القرآن الكريم فساد عقيدتهم، وحذرنا منهم في أكمل بيان وأجلى حقيقة (2).
وإن الباحث ليعجب أشد العجب حين يعلم أن توراة بني إسرائيل الحالية تعد سجلًا دقيقًا ومفصلًا لشرورهم وآثامهم، وصمم آذانهم عن الاستجابة لله، ومخالفتهم لشريعته، وخيانتهم لعهده، بل كفرانهم به، وعبادتهم الأصنام والأوثان من دونه، وقتل أنبيائهم في
(1) انظر: المركز الإعلامي الفلسطيني، على الإنترنت. وقد خصص دراسات ومقالات وكتبًا وصورًا عن الإرهاب الصهيوني.
(2)
وقد ألفت كتب عنيت بذلك منها: معركة الوجود بين القرآن والتلمود، د: عبد الستار فتح الله السعيد صـ 59 وما بعدها، وموجز الأديان في القرآن، د: عبد الكريم زيدان صـ 31 - 60.
أطوار تاريخهم، فما من سفر من أسفارهم إلا يزخر بعبارات السخط والغضب التي صبها الله على بني إسرائيل صبًّا في كل عهودهم منذ أن أخرجهم الله من مصر، إلى أن أهلكهم بظلمهم، وقضى بخراب بلادهم، وتقطيعهم في الأرض (1).
ويهود اليوم هم الخلف السيئ لمن سلف، إننا نجد هؤلاء الخلف ينطلقون من تراث السلف، فوراء كل جريمة يرتكبونها نبوأة مزعومة تسوِّغها لهم.
يقول هرتزل: "
…
إن هدف الحركة الصهيونية هو تنفيذ النص الوارد في الكتاب المقدس بإنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين" (2).
ويقول بن غوريون: "قد لا تكون فلسطين لنا من طريق الحق السياسي أو القانوني، ولكنها حق لنا على أساس ديني، فهي الأرض التي وعدنا الله، وأعطانا إياها من الفرات إلى النيل"(3).
ولعل أشد ما دونته نبوءاتهم المحرفة تحريضًا لليهود على التوسع العدواني الظالم هو: "كل مكان تطؤهُ أخامص أرجلكم لكم أعطيته" يشوع 1: 3.
فهم مرتبطون عقديًّا بكل أرض سكنوا فيها، من أرض الآباء والأجداد مثل كل فلسطين، وسورية .. العراق، ومصر.
ولقد قال بن غوريون في تسويغ عدوان (1956 م): "إنه يوطد أمن إسرائيل، ويحميها من العدو، ويحرر أرض الأجداد من الغاصبين".
ولما اعترض أحد الوزراء على احتلال الجولان، وعلَّل اعتراضه بعدم وجود روابط توراتية، رد عليه "إيجال آلون" قائلًا:"إن الجولان قطعة من إسرائيل القديمة لا تقل أهمية عن الخليل ونابلس"، وهبَّ زعماء يهود يؤكدون أن استيلاءهم على الأراضي المحتلة ما
(1) في مقارنة الأديان بحوث ودراسات: د. محمد الشرقاوي صـ 240 وقد أورد المؤلف نصوصا على ذلك من الأسفار الخمسة المنسوبة إلى موسى، وهي أوثق الكتب عندهم.
(2)
عقيدة اليهود في الوعد بفلسطين لمحمد آل عمر صـ 213.
(3)
المصدر السابق: صـ 213.
هو إلا تحقيق لنبوءات العهد القديم.
وقال "مناحيم بيجن" في (28/ 5/ 1968): "إن الأراضي العربية المحتلة هي أراضٍ إسرائيلية حررتها إسرائيل من الحكم الأجنبي غير الشرعي"(1).
حتى السور العنصري المقيت الذي اقترح بناءه إسحاق رابين -حمامة السلام المفترسة- وشرع بيريز في تنفيذه عام 1996 م، وهو مثار الجدل حاليًّا في حكومة شارون الذي سيحول المناطق الفلسطينية الحالية إلى معتقل كبير للفلسطينيين، استخرجوا له أسطورة من كتاب القابلاه في شرح التوراة، تنص على أن القدس هي "الملكوت الذي سيحكم العالم، وستحيط بها المرتفعات، حتى لا تصل إليها قوى الظلام، وستعلو جدرانها؛ حتى يعود التوازن إلى العالم"(2).
إذن وراء كل مجزرة ومذبحة وجريمة يهودية نبوأة توراتية مزيفة، أو محرفة، وليس على الآخرين سوى أن يرضخوا لإرادة الشعب المختار؛ لأنها -وببساطة- إرادة الله في زعمهم.
وإنَّ العقيدة اليهودية المحرفة لم تكن مسطرة في كتبهم القديمة فحسب؛ بل كانت حيةً في مناهجهم التي يربون عليها أطفالهم، وبالفعل أثمرت هذه المناهج، وفرخت ما نراه من إرهاب عبر شاشات التلفزة على مرأى ومسمع العالم كله، ليشهد العالم على إرهابهم وعدوانهم المتأصِّل في نفوسهم التي ربيت على مناهج البغي والعدوان، وسأعرض نموذجًا على هذا وهو رسالة دكتوراة بعنوان "الاتجاهات الأيديولوجية في أدب الأطفال العبري" للدكتورة سناء عبد اللطيف، حيث تتبعت المؤلفة مناهجهم بالعبرية في دراسة موضوعية، وسأنقل شيئًا من خاتمتها حيث قالت:
"يسعى المؤلفون إلى تلقين الأطفال مبادئ الأيديولوجية الصهيونية بشكل يظهر فيه بوضوح انحياز أدب الأطفال العبري للنسق القيمي للحركة الصهيونية، ومتسقًا اتساقًا شديدًا مع أهدافها حتى إنه يمكن القول: إن أدب الأطفال العبري يُعدّ سمفونية دعاوية
(1) خدعة هرمجدون صـ 26.
(2)
موسوعة اليهودية والصهيونية د. عبد الوهاب المسيري 4/ 125.
وإعلامية، وإنه يعمل بانضباط على إيقاع تعاليم الأيديولوجية الصهيونية.
إن أدب الأطفال العبري يسعى إلى صهينة الجيل الجديد من اليهود في إسرائيل.
ويعمد إلى خلق ما يؤيد كل القضايا التي واجهت الصهيونية سواء كان ذلك:
* تسويغ رفض الاندماج في مجتمعات الشتات اليهودي، وذلك بالتركيز على ما يطلقون عليه العداء للسامية وكراهية اليهود.
* أو بتسويغ اغتصاب فلسطين من العرب، وذلك بالتركيز على مقولة أرض اليهود التاريخية، والحق الديني والتاريخي لهم في فلسطين.
* مضمون الأدب العبري مناسب جدًّا لأهدافه، وهو يتسق اتساقًا مباشرًا مع أهداف الصهيونية ومتمشٍ مع اتجاهاتها العقدية.
* يركز الأدب العبري الموجّه للأطفال على وضع المفاهيم الصهيونية في قالب ديني عاطفي يمكنه من جذب اليهود وتأييدهم، وإثارة حماستهم الدينية من خلال تحويل القيم اليهودية إلى مفاهيم سياسية قومية.
* يركز الأدب الموجّه للأطفال أيضًا على الدعوة إلى الاهتمام باللغة العبرية من أجل الحفاظ على التراث اليهودي وبعثه وتعميقه بين الأطفال.
* يركز أدب الأطفال على تدعيم الإحساس لدى الأطفال بحتمية الحروب من أجل ضمان الوجود البيولوجي الإسرائيلي، فيكثر الأدباء من الحديث عن وضع اليهود في أيام الحروب.
* ومن ناحية أخرى، فإن اهتمام الأدباء بوضع اليهود في جوّ محاصر بالأعداء في قصصهم الموجّهة للأطفال يؤكّد في نفوسهم المقولة الصهيونية:"لا خيار إلا القتال" وبذلك يعدّ الأطفال نفسيًا لتقبل فكرة التجنيد الإلزامي حينما يصلون إلى السن الملائمة لذلك، وتهيئتهم لخوض الحروب.
وقد سادت الصفحات السلبية معظم كتب الأطفال لتشوه الشخصية العربية، مثل الخيانة والكذب والمبالغة والدهاء والوقاحة والشك والوحشية والجبن وحب المال