الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن كان سرَّكم ما قد بُليت به
…
فما لجرحٍ إذا أرضاكُمُ ألمُ (1)
الوجه التاسع: المحبة في كتابهم المقدس وفي تاريخهم
.
أما المحبة في كتابهم المقدس فقد وردت على النحو التالي:
1 -
الله محبة.
وردت في سفر أيوب في موضعين:
الموضع الأول: (ومن لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة)(1 يو 4: 8)
الموضع الثاني: (ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه)(1 يو 4: 16).
وعندما نتجه إلى الموضع الأول: (من لا يحب لا يعرف الله).
ونقول هذا قول فيه نظر: لأن المعرفة تختلف عن الحب، فليس كل ما يعرفه الإنسان يحبه، وإلا ما كانت هناك كراهية! ! !
فكثير من الناس يعرفون الله تعالى، ومع ذلك تحمل قلوبهم الكراهية للمؤمنين والرسل، قال تعالى عن اليهود والنصارى في شأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146]. وكلمة (من لا يحب) عامة تشمل الحب الغريزي والحب الإيماني. فنجد أن الشيوعي والملحد والكافر فيهم غريزة الحب لكثير من الناس. وإيصال الخير لهم. ومع ذلك ليسوا بمؤمنين.
ولكن الإسلام لم يربط الحب بالمعرفة، وإنما بالإيمان، وهذا أبلغ في الوصف وأدق.
ومن ذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165].
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ الله وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحبَّ المَرْءَ لا يُحبُّهُ إِلا للهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ".
(1) اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى.
ففي الآية والحديث ربط الإيمان بالحب، وليس ربط الحب بالمعرفة.
وأما الكلام عن الموضع الثاني فهو أشد من الأول:
فهم يقولون: (ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا، الله محبة، ومن يثبت في المحبة يثبت في الله، والله فيه) فقولهم (ومن يثبت في المحبة يثبت في الله، والله فيه) هذا دلالة على حلول الله في العبد، وهي عقيدة خبيثة درج عليها النصارى. وتدل على أن الله قد يوجد في جميع البشر ليس الأمر خاصًّا بحلول اللاهوت في الناسوت كما صوروا ذلك مع المسيح عليه السلام؛ بل صار الأمر أعم من ذلك؛ فكل من يحب يحل الله فيه، فكل المحبين آلهة؛ وليس المسيح فقط.
كما أنهم يدعون أن المسيح هو ابن الله ثم يعودون ويقولون (طوبى لصانعي السلام. فإنهم أبناء الله يدعون) وكل هذا تناقض في العبارات دلالة على تحريفهم لكتابهم كما هو مبين في موضعه.
وفي موضع آخر من سفر يوحنا (انظروا أية محبة أعطانا الأب حتى ندعى أولاد الله من أجل هذا لا يعرفنا العالم لأنه لا يعرفه)(1 يو 3: 1)
2 -
محبة الناس مخالفة لمحبة الله.
فها هم يدعون إلى ترك محبة الناس
فقد جاء في يوحنا 1: (لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الأب)(1 يو 2: 15). وهي دعوة صريحة للكراهية وحب النفس.
3 -
محبة المال أصل لكل شر.
والمال هو عصب الحياة، وحبه أمر فطري غريزي لا ينكره أحد من البشر. ولكنهم هنا يناقضون الفطرة والغريزة في ذلك فقد جاء في رسالة بولس الأولى:(إن محبة المال أصل لكل الشرور الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة)(1 تي 6: 10).
وأما في الإسلام فقد قال الله تعالى: {الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)} [الكهف: 46].
ثم حذر أن يلهيه المال عن طاعة الله تعالى فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المنافقون: 9].
3 -
وصايا في كتاب لوقا يعمل النصارى بعكسها تمامًا جاء في إنجيل لوقا الإصحاح السادس: 27 "لكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، 28 بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ. 29 مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أيضًا، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلَا تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أيضًا. 30 وَكُلُّ مَنْ سَأَلكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَخَذَ الَّذِي لَكَ فَلَا تُطَالِبْهُ. 31 وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا أَنْتُمْ أيضًا بِهِمْ هكَذَا. 32 وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أيضًا يُحِبُّونَ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ. 33 وَإِذَا أَحْسَنْتُمْ إِلَى الَّذِينَ يُحْسِنُونَ إِلَيْكُمْ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أيضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا. 34 وَإِنْ أَقْرَضْتُمُ الَّذِينَ تَرْجُونَ أَنْ تَسْتَرِدُّوا مِنْهُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أيضًا يُقْرِضُونَ الْخُطَاةَ لِكَيْ يَسْتَرِدُّوا مِنْهُمُ المثْلَ. 35 بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لَا تَرْجُونَ شَيْئًا، فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيمًا وَتَكُونُوا بَنِي الْعَليِّ، فَإِنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ وَالأَشْرَارِ. 36 فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أباكُمْ أيضًا رَحِيمٌ. 37 "وَلَا تَدِينُوا فَلَا تُدَانُوا. لَا تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلَا يُقْضَى عَلَيْكُمْ. اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ".
ولننظر في تاريخ النصارى على مر العصور ماذا فعلوا بأعدائهم حتى بني جلدتهم؟ ، وكيف أن الحرب العالمية الأولى والثانية قد راح ضحيتها أكثر من سبعين مليون نسمة دون فائدة تعود لأحد الأطراف.
ولننظر إلى الحرب الصليبية وكم قتلوا من الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة والشباب؟ !
ولننظر إلى الحركات الاستعمارية في الأمريكتين، كم قتلوا من السكان الأصليين؟ كما جاء في بعض الإحصائيات أكثر من مليار، وماذا فعلوا في أفريقيا والهند والدول التي استعمروها؟ نهبوا الأموال وقتلوا الناس واستعبدوهم.
وماذا فعلوا في البوسنة والهرسك؟ ، وماذا فعلوا في الشيشان ولا يزالوا يفعلون؟ ، وماذا فعل الأمريكان وحلفائهم في أفغانستان والعراق؟
ولو نظرنا إلى حركات التشويه والسب في نبي الإسلام والله سبحانه وتعالى على صفحات الانترنت، وفي الفضائيات والصحف وغيرها من وسائل الإعلام لرأينا أن كل هذا يناقض ما جاء في إنجيل لوقا.
وهذا إذا دل فإنما يدل على أن هؤلاء لا دين لهم صحيح يرتكزون عليه؛ إنما هو الهوى والتحريف بحسب هواهم (1).
* * *
(1) راجع شبهة (انتشار الإسلام بالسيف) في هذه الموسوعة.