الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - شبهة: صفة الضحك
.
نص الشبهة:
قالوا: الله يضحك، فعن جابر رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اهتز العرش لموت سعد بن معاذ، وعن الأعمش حدثنا أبو صالح عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، فقال رجل لجابر: فإن البراء يقول: اهتز السرير، فقال: إنه كان بين هذين الحيين ضغائن، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ. (1)
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجَنَّة. فقالوا: كيف يا رسول الله؛ ؟ قال: يقاتل هذا في سبيل الله عز وجل فيستشهد، ثم يتوب الله على القاتل فيُسلم فيقاتل في سبيل الله عز وجل فيستشهد، وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وأبو كريب قالوا: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزناد بهذا الإسناد مثله. (2)
والجواب عن ذلك من وجوه:
الوجه الأول: صفة الضحك لله تعالى
.
الوجه الثاني: ماذا في كتب النصارى حول ضحك الرب؟
وإليك التفصيل
الوجه الأول: صفة الضحك لله تعالى.
فإن الله سبحانه وتعالى كما ورد في الأحاديث المتقدمة قد وصف نفسه بالضحك، وهي صفة فعل له سبحانه وتعالى متعلقة بمشيئته؛ إذا شاء ضحك وإذا شاء لم يضحك. صفة تليق بجلاله وعظمته من غير تشبيه لأحد من خلقه، أو تمثيل، أو تكييف، أو تعطيل، أو إلحاد فيها، وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة خلافًا لأهل البدعة.
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَال: "آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ رَجُلٌ فَهُوَ يَمْشِي مَرَّةً وَيَكْبُو مَرَّةً وَتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً
…
فَيَقُولُ اللهُ: يَا ابْنَ آدَمَ مَا يَصْرِينِي مِنْكَ، أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ
(1) البخاري (3803)، مسلم (2466).
(2)
البخاري (2826)، مسلم (1890).
الدُّنْيَا وَمثْلَهَا مَعَهَا؟ قَال: يَا رَبِّ أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي، وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالِمَينَ". فَضَحِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَقَال: أَلَا تَسْأَلُونِّي مِمَّ أَضْحَكُ؟ فَقَالوا: مِمَّ تَضحَكُ؟ قَال: هَكَذَا ضَحِكَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم. فَقَالوا مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ الله؟ قَال: "مِنْ ضِحْكِ رَبِّ الْعَالِمَينَ حِينَ قَال: أَتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالمَينَ؟ فَتقُولُ: إِنِّي لَا أَسْتَهْزِئُ مِنْكَ، وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ". (1)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَال أُنَاسٌ يَا رَسُولَ الله، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَال:"هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟ " قَالوا: لَا يَا رَسولَ الله. قَال: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَاب؟ " قَالوا: لَا يَا رَسُولَ الله
…
الحديث (2).
قال ابن خزيمة: باب ذكر إثبات ضحك ربنا عز وجل، بلا صفة تصف ضحكه جل ثناؤه، ولا يشبّه ضحكه بضحك المخلوقين وضحكهم كذلك؛ بل نؤمن بأنه يضحك كما أعلم النبي صلى الله عليه وسلم ونسكت عن صفة ضحكه جل وعلا، إذ الله عز وجل استأثر بصفة ضحكه لم يطلعنا على ذلك، فنحن قائلون بما قال النبي صلى الله عليه وسلم، مصدقون بذلك بقلوبنا، منصتون عما لم يبين لنا مما استأثر الله بعلمه. (3)
وقال محمد بن الحسين الآجري رحمه الله: باب الإيمان بأن الله عز وجل يضحك. اعلموا - وفقنا الله، وإياكم للرشاد من القول والعمل - أن أهل الحق يصفون الله عز وجل وصف به نفسه عز وجل، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وبما وصفه به الصحابة رضي الله عنهم.
وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع، ولا يقال فيه: كيف؟ بل التسليم له، والإيمان به: أنَّ الله عز وجل يضحك، كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن صحابته رضي الله عنهم، فلا ينكر هذا إلا من لا يحمد حاله عند أهل الحق. (4)
(1) مسلم (187).
(2)
البخا ري (6573، 7437، 7439)، مسلم (2182، 2968).
(3)
التوحيد 2/ 563.
(4)
الشريعة 268.