الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الغرب يكيل بمكيالين، فحين تُرتكب جريمة نفذها يهودي أو نصراني أو أي ديانةٍ أخرى لا يقال: نفذها يهودي أو نصراني، أما حين يكون المنفذ مسلمًا فوصف الإرهاب قرينًا له فيقال:"إرهابي مسلم".
لقد وضعوا الإسلام في قفص الاتهام، وحكموا عليه من غير شهود ولا بينة، وحقًا إن العين لتدمع وإن القلب لينفطر غيظًا وحزنًا حين يرى هذا الظلم العالمي والإرهاب العدواني على الإسلام (1).
أصبح مصطلح الإرهاب يحتل حيزًا كبيرًا في القاموس السياسي المعاصر، وأصبحت له هالة رهيبة، بل لقد أصبح هذا المصطلح نفسه من أخطر وسائل الإرهاب، فتهمة الإرهاب صارت تشكل مسوغًا لا نقاش فيه للانقضاض على الشعوب والحركات والأفراد، وحتى على بعض الحكومات بقصد إذلالها والتنكيل بها أو ربما تصفيتها والقضاء عليها، وفي أحيان كثيرة نجد أن مجرد التلويح بتهمة الإرهاب يشكل تهديدًا صريحًا للجهة المراد ضربها، ومقدمة للانقضاض عليها إلا أن ترضخ وتستسلم أمام هذا النوع من الإرهاب.
لذا أصبح من الضروري العمل على توضيح هذا الأمر والسعي إلى رفع ما يكتنفه من تلبيس وتضليل، وما يصاحبه من استغلال وتهويل فهذا واجب كل الشرفاء والنزهاء من الباحثين والمفكرين والعلماء (2).
تعريف الإرهاب لغةً
تشتق كلمة "إرهاب" من الفعل المزيد (أرهب)، ويقال أرهب فلانًا: أي خوَّفه وفزَّعه، وهو نفس المعنى الذي يدل عليه الفعل المضعف (رَهّبَ). أما الفعل المجرد من
(1) انظر: أثر الانحراف الاعتقادي على الإرهاب العالمي د/ سعد الشهراني. اللجنة العلمية للمؤتمر العالمي عن موقف الإسلام من الإرهاب. 1425 هـ.
(2)
انظر مجلة كلية أصول الدين والدعوة - جامعة الأزهر - فرع أسيوط - العدد 21 - الجزء الثاني (906).
نفس المادة وهو (رَهِبَ)، يَرْهبُ رَهْبَةً ورَهْبًا ورَهَبًا فيعني خاف، فيقال: رَهِبَ الشيء رهبًا ورهبة أي خافه. أما الفعل المزيد بالتاء وهو (ترَهَّبَ) فيعني انقطع للعبادة في صومعته، ويشتق منه الراهب والراهبة والرهبنة والرهبانية
…
إلخ، وكذلك يستعمل الفعل ترهب بمعنى توعد إذا كان متعديا فيقال: ترهب فلانًا: أي توعده. وكذلك تستعمل اللغة العربية صيغة استفعل من نفس المادة فتقول (استرهب) فلانًا أي رَهَّبَه.
ويلاحظ أن القرآن الكريم لم يستعمل مصطلح "الإرهاب" بهذه الصيغة، وإنما اقتصر على استعمال صيغ مختلفة الاشتقاق من نفس المادة اللغوية، بعضها يدل على الإرهاب والخوف والفزع، والبعض الآخر يدل على الرهبنة والتعبد، حيث وردت مشتقات المادة (رهب) سبع مرات في مواضع مختلفة في الذكر الحكيم لتدل على معنى الخوف والفزع كالتالي:(يَرْهَبُون): {وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)} . (الأعراف: 154).
(فارْهبُون): {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)} [البقرة: 40].
{إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (النحل: 51)
(تُرهِبُونَ): {تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ} [الأنفال: 60].
(اسَتْرهَبُوهُم): {وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} .
(رَهْبَةً): {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ} (الحشر: 13).
(رَهَبًا): {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].
بينما وردت مشتقات نفس المادة (رهب) خمس مرات في مواضع مختلفة لتدل على الرهبنة والتعبد كالتالي:
ورد لفظ (الرهبان) في سورة (التوبة: 34)، كما ورد لفظ (رهبانًا) في (المائدة: 82)، ولفظ (رهبانهم) في "التوبة: 31) وأخيرا (رهبانية) في (الحديد: 27).