الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فشُرْبهمْ الْأَبْوَال كَانَ لِلتَّدَاوِي، فَإِنْ قِيلَ: كَيْف أَذِنَ لَهُمْ فِي شُرْب لَبَن الصَّدَقَة؟
فَالجَوَاب: أَنَّ أَلْبَانهَا لِلْمُحْتَاجِينَ مِنْ المُسْلِمِينَ وَهَؤُلَاءِ إِذْ ذَاكَ مِنْهُمْ. (1)
الوجه الرابع: ذكر بعض فوائد أبوال الإبل وألبانها من السنة
.
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن في أبوال الإبل وألبانها شفاء للذرية بطونهم"(2).
وَفِي أَبْوَالِ الْإِبِلِ جَلَاءٌ، وَتَلْيِينٌ، وَإِدْرَارٌ، وَتَلْطِيفٌ، وَتَفْتِيحٌ لِلسُّدَدِ؛ إذَا كَانَ أَكْثَر رَعْيِهَا الْأَدْوِيَةَ النَّافِعَةَ للاسْتِسْقَاءِ، وَقَالَ ابْنُ جَزْلَةَ لَبَنُ اللِّقَاحِ - وَهِيَ النُّوقِ - أَقَلُّ الْأَلْبَانِ دُسُومَةً وَجُبْنِيَّةً، وَهُوَ رَقِيقٌ جدًّا، مَانِيٌّ لَا يُحْدِثُ سَوْدَاءَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْألبَانِ؛ لِقِلَّةِ جُبْنِيَّتِهِ يَنْفَعُ مِنْ الرَّبْوِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَأَمْرَاضِ الطِّحَالِ وَالْبَوَاسِيرِ، وَأَجْوَدُ مَا يُسْتَعْمَلُ لِلاسْتِسْقَاءِ مَعَ أَبْوَالِ الْإِبِلِ؛ فَإِنَّهُ يُسَهِّلُ المُاءَ الْأَصْفَرَ، وَهُوَ سَرِيعُ الانْحِدَارِ عَنْ المُعِدَةِ وَهُوَ أَقَلُّ غِذَاءً مِنْ سَائِرِ الْألبَانِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ في أَبْوَالِ الْإِبِلِ قَدْ كَانَ المُسْلِمُونَ يَتَدَاوَوْنَ بِهَا فَلَا يَرَوْنَ بِهَا بَأْسًا، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ (3)، وَقَالَ الطَّحَاوِيَّ ثنا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَسْتَشْفُونَ بِأَبْوَالِ الْإِبِلِ لَا يَرَوْنَ بِهَا بَأْسًا (4).
قال ابن القيم: كان الاستسقاء لما رواه مسلم في صحيحه أنهم قالوا: (إنا اجتوينا المدينة فعظمت بطوننا وارتهشت أعضاؤنا)، وذكر تمام الحديث والجوى: داء من أدواء الجوف - والاستسقاء: مرض مادي سببه مادة غريبة باردة تتخلل الأعضاء فتربو لها، إما الأعضاء الظاهرة كلها، وإما المواضع الخالية من النواحي التي فيها تدبير الغذاء والأخلاط، وأقسامه ثلاثة: لحمي وهو أصعبها، وزقي، وطبلي، ولما كانت الأدوية المحتاج إليها في علاجه هي الأدوية الجالبة التي فيها إطلاق معتدل وإدرار بحسب الحاجة، وهذه الأمور موجودة في أبوال الإبل وألبانها، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بشربها فإن في لبن اللقاح جلاء
(1) شرح النووي على مسلم (6/ 79).
(2)
مسند أحمد (2677)، وفي إسناه ابن لهيعة بتصرف يسير وهو ضعيف.
(3)
البخاري (5444).
(4)
الآداب الشرعية (3/ 99).
وتليينا وإدرارا وتلطيفا وتفتيحا للسدد؛ إذ كان أكثر رعيها الشيح والقيصوم والبابونج والأقحوان والإذخر وغير ذلك من الأدوية النافعة للإستسقاء، وهذا المرض لا يكون إلا مع آفة في الكبد خاصة أو مع مشاركة، وأكثرها عن السدد فيها ولبن اللقاح العربية نافع من السدد لما فيه من التفتيح والمنافع المذكورة.
قال الرازي: لبن اللقاح يشفي أوجاع الكبد، وفساد المزاج، وقال الإسرائيلي: لبن اللقاح أرق الألبان، وأكثرها مائية وحدة، وأقلها غذاء، فلذلك صار أقواها على تلطيف الفضول، وإطلاق البطن، وتفتيح السدد، ويدل على ذلك ملوحته اليسيرة التي فيه لإفراط حرارة حيوانية بالطبع، ولذلك صار أخص الألبان بتطرية الكبد وتفتيح سددها وتحليل صلابة الطحال إذا كان حديثا، والنفع من الاستسقاء خاصة إذا استعمل لحرارته التي يخرج بها من الضرع مع بول الفصيل وهو حار كما يخرج من الحيوان؛ فإن ذلك مما يزيد في ملوحته، وتقطيعه الفضول، وإطلاقه البطن، فإن تعذر انحداره وإطلاقه البطن وجب أن يطلق بدواء مسهل، قال صاحب القانون: ولا يلتفت إلى ما يقال: من أن طبيعة اللبن مضادة لعلاج الاستسقاء قال: واعلم أن لبن النوق دواء نافع لما فيه من الجلاء برفق، وما فيه من خاصية، وأن هذا اللبن شديد المنفعة، فلو أن إنسانا أقام عليه بدل الماء والطعام شفي به وقد جرب ذلك في قوم دفعوا إلى بلاد العرب فقادتهم الضرورة إلى ذلك فعوفوا، وأنفع الأبوال: بول الجمل الأعرابي وهو (النجيب)(1).
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: أقبلت يهودُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم، نسألك عن خمسة أشياء، فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قال:{قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} (يوسف: 66). قال: "هاتوا". قالوا: أخبرنا عن علامة النبي؟ قال: "تَنَامُ عَيْنَاهُ وَلا يَنَامُ قَلْبُه". قالوا: أخبرنا كيف تُؤنِّثُ المرأةُ وكيف تُذْكرُ؟ قال: "يَلْتَقِي الماءَان، فإذا علا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ المُرْأَةِ أذْكَرَتْ، وإذَا عَلا مَاءُ المُرْأَةِ آنثَتْ. قالوا: أخبرنا ما حَرَّم
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 42).