الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليه فما حكم به الكتاب والسنة وشهدا له بالصحة؛ فهو الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال (1).
وذلك لأن القرآن والخبر الصحيح بعضها مضاف إلى بعض، وهما شيء واحد في أنهما من عند الله تعالى، وحكمها حكم واحد في باب وجوب الطاعة لهما (2).
فما حكم به الله تعالى هو بعينه حكم رسوله، وما يحكم به الرسول صلى الله عليه وسلم هو بعينه حكم الله (3)
ومن لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة، ولا يرجع إليهما في ذلك؛ فليس مؤمنًا بالله، ولا باليوم الآخر (4).
حيث جعل هذا الرد من موجبات الإيمان ولوازمه، فإذا انتفى هذا الرد؛ انتفى الإيمان (5).
والتحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والرجوع إليهما في فصل النزاع خير، وأحسن عاقبة ومآلًا (6).
وأخبر سبحانه أن من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول؛ فقد حكَّم الطاغوت وتحاكم إليه، وهؤلاء لم يسلكوا طريق الناجين الفائزين من هذه الأمة، وهم الصحابة ومن تبعهم (7).
وعليه لا يسع مسلمًا يقر بالتوحيد أن يرجع عند التنازع إلى غير القرآن، والخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أن يأتي غيرما وجد فيهما، فإن فَعَل ذلك بعد قيام الحجة عليه؛ فهو فاسق، وأما من فعله مستحلا للخروج عن أمرهما وموجبا لطاعة أحد دونهما؛ فهو كافر (8).
5 - التسليم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإيمان:
(1) تفسير القرآن ابن كثير (1/ 713)، الرسالة للشافعي (84).
(2)
الإحكام ابن حزم (1/ 94).
(3)
زاد المهاجر إلى ربه ابن القيم (85).
(4)
تفسير القرآن ابن كثير (1/ 713).
(5)
إعلام الموقعين ابن القيم (1/ 54).
(6)
تفسير القرآن ابن كثير (1/ 713).
(7)
إعلام الموقعين ابن القيم (1/ 54، 55).
(8)
الإحكام ابن حزم (1/ 95).
قال تعالى {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].
أقسم سبحانه بنفسه على نفي الإيمان عن العباد حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الدقيق والجليل، ولم يكتف في إيمانهم بهذا التحكيم بمجرده حتى ينتفي عن صدورهم الحرج والضيق عن قضائه وحكمه، ولم يكتف منهم أيضًا بذلك حتى يسلموا تسليمًا، وينقادوا انقيادًا (1)؛ لأنهم إذا سلموا لحكم رسول الله؛ فإنما سلموا لحكمه بفرض الله؛ لأن حكمه حكمه (2).
فما حكم به الله تعالى هو بعينه حكم رسوله، وما يحكم به الرسول صلى الله عليه وسلم هو بعينه حكم الله (3).
وقد أقام الله الحجة على خلقه بالتسليم لحكم رسول الله، واتباع أمره (4).
فالواجب: كمال التسليم للرسول صلى الله عليه وسلم، والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يعارضه بخيال باطل يسميه معقولا، أو بحمله شبهة، أو شكًا، أو يقدم عليه آراء الرجال وزبالة أذهانهم، فيوحده بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، كما وحد المرسل بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل (5).
وقد حذر المولى عز وجل من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو: سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته. (6)
ومخالفة أمره وتبديل سنته؛ ضلال وبدعة متوعد من الله عليه بالخذلان والعذاب (7).
(1) إعلام الموقعين ابن القيم (1/ 55).
(2)
الرسالة الشافعي (84).
(3)
زاد المهاجر ابن القيم (85).
(4)
الرسالة الشافعي (88).
(5)
شرح العقيدة الطحاوية ابن أبي العز الحنفي (1/ 228).
(6)
تفسير القرآن ابن كثير (3/ 422).
(7)
الشفا القاضي عياض (2/ 17).