الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله قَاتِلُوا، مَنْ كَفَرَ بِالله اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَليدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ المُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ، فَأَيتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ؛ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ المُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى المُهَاجِرِينَ؛ فَإِنْ أَبُوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ المُسْلِمِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ الله الَّذِي يَجْرِي عَلَى المُؤْمِنِينَ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ المُسْلِمِينَ؛ فَإِنْ هُمْ أَبُوْا فَسَلْهُمْ الجزْيَةَ؛ فَإِنْ همْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ؛ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبُوْا فَاسْتَعِنْ بِالله وَقَاتِلْهُمْ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لهمْ ذِمَّةَ الله وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلَا تَجْعَلْ لهمْ ذِمَّةَ الله وَلَا ذِمَّةَ نَبِيِّهِ؛ وَلَكِنْ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ؛ فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ الله وَذِمَّةَ رَسُولِهِ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلهمْ عَلَى حُكْمِ الله، فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ الله وَلَكِنْ أنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ الله فِيهِمْ أَمْ لَا" (1).
وفي الحديث: تَحْرِيم الْغَدْر، وَتَحْرِيم الْغُلُول، وَتَحْرِيم قَتْل الصِّبْيَان إِذَا لَمْ يُقَاتِلُوا وَكَرَاهَة المُثْلَة، وَاسْتِحْبَاب وَصِيَّة الْإِمَام أُمَرَاةُ وَجُيُوشه بِتَقْوَى الله تَعَالَى (2).
وقد حرم الإسلام قتل النساء والصبيان في الحرب فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: وُجِدَتْ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَنَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ (3).
الوجه الخامس: فضل الجهاد في سبيل الله
.
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى
(1) مسلم (1731).
(2)
شرح النووي (6/ 281).
(3)
البخاري (3015)، مسلم (1744).
بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة: 111).
قال ابن كثير: يخبر تعالى أنه عاوض عباده المؤمنين عن أنفسهم وأموالهم؛ إذ بذلوها في سبيله بالجنة، وهذا من فضله وكرمه وإحسانه، فإنه قبل العوض عما يملكه بما تفضل به على عباده المطيعين له؛ ولهذا قال الحسن البصري وقتادة: بايعهم والله فأغلى ثمنهم. (1)
وعن عَبْد الله بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: سَألتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قُلْتُ يَا رَسُولَ الله أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ: "الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ: الِجْهَادُ فِي سَبِيلِ الله فَسَكَتُّ عَنْ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم وَلَوْ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي (2).
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ؛ وَلَكِنْ جِهَاد وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا"(3).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، تُرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْعَمَلِ أَفَلَا نُجَاهِدُ قَالَ:"لَكِنَّ أَفْضَلَ الجهَادِ حَجٌّ مَبْرُورٌ"(4).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ جَاءَ رَجُل إِلَى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ قَالَ: "لَا أَجِدُهُ قَالَ هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ، قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: إِنَّ فَرَسَ المُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ فِي طِوَلِهِ فيكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٍ (5).
(1) تفسير ابن كثير (7/ 291).
(2)
البخاري (2782)، مسلم (85).
(3)
البخاري (2783)، مسلم (1353).
(4)
البخاري (2784).
(5)
البخاري (2785).
وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضي الله عنه قَالَ: قِيلَ يَا رَسولَ الله أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"مُؤْمِنٌ يجاهِدُ فِي سَبِيلِ الله بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ. قَالُوا ثُمَّ مَنْ: قَالَ: مؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنْ الشِّعَابِ يَتَّقِي الله وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ"(1).
وعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله، وَالله أَعْلَمُ بِمَنْ يجاهِدُ فِي سَبِيلِهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَتَوَكَّلَ الله لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ. (2)
فالجهاد أجره عظيم.
وقَالَ عِيَاض: اِشْتَمَلَ حَدِيث الْبَاب عَلَى تَعْظِيم أَمْر الجهَاد، لِأَنَّ الصِّيَام وَغَيْره مِمَّا ذَكَرَ مِنْ فَضَائِل الْأَعْمَال قَدْ عَدَلَهَا كُلّهَا الجهَاد، حَتَّى صَارَتْ جَمِيع حَالَات المُجَاهِد وَتَصَرُّفَاته المُبَاحَة مُعَادِلَة لِأَجْرِ المُوَاظِب عَلَى الصَّلَاة وَغَيْرهَا. (3)
وقال النووي: "وَلَكِنْ جِهَاد وَنِيَّة" أي: وَلَكِنْ لَكُمْ طَرِيق إِلَى تَحْصِيل الْفَضَائِل الَّتِي فِي مَعْنَى الهجْرَة، وَذَلِكَ بِالجهَادِ، وَنِيَّة الْخَيْر فِي كُلّ شَيْء. (4)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تَضَمَّنَ الله لمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلي، وَإِيمَانًا بِي، وَتَصْدِيقًا بِرُسُلي؛ فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ، نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ.
مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ الله؛ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى المُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ الله أَبدًا؛ وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً ويشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ الله، فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ" (5).
(1) البخاري (2786).
(2)
البخاري (2787)، مسلم (1878).
(3)
فتح الباري (6/ 7: 6).
(4)
شرح النووي (5/ 136).
(5)
مسلم (1876).