الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الرابع: أن الشيطان لا يُمتنع أن يختص بالدخول في الكلب الأسود لخصيصة فيه
.
قال ابن تيمية: عن شيخ أخبر عن نفسه أنه كان يزني بالنساء ويتلوط بالصبيان الذين يقال لهم "الحوارات" وكان يقول: يأتيني كلب أسود بين عينيه نكتتان بيضاوان فيقول لي: فلان إن فلانا نذر لك نذرا وغدا يأتيك به، وأنا قضيت حاجته لأجلك فيصبح ذلك الشخص يأتيه بذلك النذر؛ ويكاشفه هذا الشيخ الكافر. قال: وكنت إذا طلب مني تغيير مثل اللاذن، أقول حتى أغيب عن عقلي، وإذ باللاذن في يدي أو في فمي، وأنا لا أدري من وضعه قال: وكنت أمشي وبين يدي عمود أسود عليه نور. فلما تاب هذا الشيخ وصار يصلي ويصوم ويجتنب المحارم: ذهب الكلب الأسود وذهب التغيير؛ فلا يؤتي بلاذن ولا غيره (1).
ثم إذا جاز في عقول النصارى أن الله خالق السموات والأرض يظهر في مخلوقاته. فكيف يمتنع ذلك في بعض مخلوقاته وهو الشيطان أن يظهر في صورة كلب أسود؟ .
الوجه الخامس: الكلب وصفاته في الكتاب المقدس
.
يوصف الكلب في حقبات التاريخ المبكرة في الكتاب المقدس بأنه يهر ويدور في شوارع المدن (مزمور 59: 6 و 14) يَعُودُونَ عِنْدَ المَسَاءِ، يَهِرُّونَ مِثْلَ الْكَلْبِ، وَيَدُورُونَ فِي المدِينَةِ.
يأكل ما يرمى إليه (خروج 22: 31) وَتَكُونُونَ لِي أُنَاسًا مُقَدَّسِينَ. وَلَحْمَ فَرِيسَةٍ فِي الصَّحْرَاءِ لَا تَأْكُلُوا. لِلْكِلَابِ تَطْرَحُونَهُ.
ويلحس الدم المسفوك (1 مل 32: 38، مز 68: 23) أو ينهش لحوم الأموات (1 مل 14: 11 و 16: 4 و 2 مل 9: 35 و 36) لِكَيْ تَصْبغَ رِجْلَكَ بِالدَّمِ.
وكانت الكلاب تتجمع أحيانًا وتهاجم الناس (مز 22: 16 و 20). والكلب من الحيوانات الأولى التي روضها الإنسان باكرًا جدًّا، واستخدمها لتساعد الراعي على حماية القطعان من الوحوش المفترسة ومن اللصوص (أيوب 30: 1). وقد أصبحت أخيرًا مستأنسة ترافق أسيادها من مكان إلى آخر، وتسكن معه في البيت حيث تلتقط الفتات
(1) مجموع الفتاوى 35/ 113.
الساقطة من مائدته (مر 7: 28). وقد لحست الكلاب قروح الفقراء الذين كانوا يقفون عند باب الرجل الغني (لو 16: 21). وكثيرًا ما استخدم القدماء الكلب للصيد. ولكن أكثر الكلاب بقيت في حالة الوحشية. وبسبب طعامها وعوائدها كانت الكلاب تعتبر نجسة وكانت تسمية أحد الناس بكلب شتيمة كبرى (1 صم 17: 43 و 2 مل 8: 13). ويطلق اسم كلب بالمعنى المجازي على الذين لا يقدرون أن يفهموا الأمور المقدسة أو السامية (متى 7: 6) والذين يأتون بتعاليم كاذبة (فيل 3: 2). والذين، مثل الكلب العائد إلى قيئه. يرجعون إلى الخطايا التي ادعوا ظاهريًا بأنهم تركوها إلى الأبد (2 بط 2: 22 بالمقابلة مع آم 26: 11) أو الذين انحطوا إلى درجة اتباع الشهوات بالطريقة التي يتبعها بها الكلب (تث 23: 18). وقد تعود اليهود المتأخرون أن يطلقوا اسم كلب على الأمم بسبب عدم طهارة هؤلاء حسب الشريعة. وقد استعمل يسوع الاسم عينه مرة كي يصف بقوة عمل النعمة الذي كان مزمعًا أن يقوم به (متى 15: 26 ومر 7: 27). فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: "يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي! " فَأَجَابَ وَقَالَ: "لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلَاب". فَقَالَتْ: "نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلابُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا! ".
وكانت الشريعة الموسوية تعتبره نجسًا، لأنه لا يجتر ولا يشق ظلفًا (لاويين 11: 1 - 8)
1 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلًا لَهُمَا: "كَلِّمَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلَيْنِ: هذِه هِيَ الحَيَوَانَاتُ الَّتِي تَأْكُلُونَهَا مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: كُلُّ مَا شَقَّ ظِلْفًا وَقَسَمَهُ ظِلْفَيْنِ، وَيَجْتَرُّ مِنَ الْبَهَائِمِ، فَإِيَّاهُ تَأْكُلُونَ. فهو إذًا نجس.
لا تُدْخِلْ أُجْرَةَ زَانِيَةٍ، وَلا ثَمَنَ كَلْبٍ، إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ عَنْ نَذْرٍ مَّا، لأَنَّهُمَا كِلَيْهِمَا رِجْسٌ لَدَى الرَّبِّ إِلهِكَ. (التثنية 23/ 18).
* * *