الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو قول أكثر المحدثين، وجمهور أهل الظاهر، ورواية عن الإمام أحمد، وحكاه ابن حزم عن داود، والحسين بن علي، والحارث المحاسبي، وحكاه ابن خويز منداد عن مالك.
قال ابن القيم: (فممن نص على أن خبر الواحد يفيد العلم: مالك، والشافعي، وأصحاب أبي حنيفة .. ). (1)
أدلة هذا القول:
لقد ذكر ابن القيم ما يقرب من عشرين دليلًا، وبعضها يشترك مع أدلة المسألة الأولى، فنذكر الآن بعضا منها ونضيف عليها غيرها -إن شاء الله-.
أولًا: من القرآن الكريم:
1 -
قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (المائدة: 67). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني، ولو آية"(2).
وجه الدلالة: أن البلاغ هو الذي تقوم به الحجة على المبلغ ويحصل به العلم، فلو كان خبر الواحد لا يحصل به العلم؛ لم يقع به التبليغ الذي تقوم به حجة الله على العبد؛ فإن الحجة إنما تقوم بما يحصل به العلم. (3)
2 -
قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)} (التوبة: 122).
وجه الدلالة: أن الطائفة تقع على الواحد فما فوقه، فأخبر أن الطائفة تنذر قومهم إذا رجعوا إليهم، والإنذار الإعلام بما يفيد العلم. (4)
(1) مختصر الصواعق المرسلة (521).
(2)
رواه البخاري (3274).
(3)
مختصر الصواعق (545).
(4)
مختصر الصواعق (544).
3 -
قوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (الإسراء: 36). وقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (النجم: 3).
وجه الدلالة: أنه نهى عن اتباع غير العلم، وذم على اتباع الظن، ولم يزل المسلمون من عهد الصحابة يقفون أخبار الآحاد، ويعملون بها ويثبتون لله تعالى بها الصفات، فلو كانت لا تفيد علمًا؛ لكان الصحابة والتابعون وتابعوهم وأئمة الإسلام كلهم قد قفو ما ليس لهم به علم. (1)
4 -
قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (النجم: 3، 4)، وقوله تعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} (الحجر: 9).
وجه الدلالة: صح أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كله في الدين وحي من عند الله عز وجل، لا شك في ذلك، ولا خلاف بين أحد من أهل اللغة، والشريعة في أن كل وحي نزل من عند الله تعالى فهو ذكر منزل، فالوحي كله محفوظ بحفظ الله تعالى له بيقين، وكل ما تكفل الله بحفظه، فمضمون ألا يضيع منه، وألا يحرف منه شيء أبدًا تحريفًا لا يأتي البيان ببطلانه؛ إذ لو جاز غير ذلك لكان كلام الله تعالى كذبًا. (2)
5 -
قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (النحل: 44).
وجه الدلالة: (فصح أنه صلى الله عليه وسلم مأمور ببيان القرآن للناس، وفي القرآن مجمل كثير: كالصلاة، والزكاة، والحج، وغير ذلك مما لا نعلم ما ألزمنا الله تعالى فيه بلفظه، لكن ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان بيانه صلى الله عليه وسلم لذلك المجمل غير محفوظ ولا مضمون سلامته مما ليس منه؛ فقد بطل الانتفاع بنص القرآن، فبطلت أكثر الشرائع المفترضة علينا فيه، فإذا لم ندر صحيح مراد الله تعالى منها، فما أخطأ فيه المخطئ أو تعمد فيه الكذب الكاذب، ومعاذ الله من هذا)(3).
6 -
قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ
(1) مختصر الصواعق (544).
(2)
الإحكام في أصول الحكام لابن حزم (1/ 167).
(3)
الإحكام لابن حزم (1/ 166).