الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكما قالت عائشة زوجه رضي الله عنها: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الحدِيثَ كَسَرْدِكُمْ، إنما كَانَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ العاد لَأَحْصَاهُ (1).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ"(2).
ولذلك فقد كان الصحابة رضي الله عنه يحفظون كلامه وأفعاله، وكان ذلك أمرًا يسيرًا عليهم، وكان من الصحابة من يكتب ما يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم: كعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، إلا أنَّ غالب الصحابة كانوا يحفظون ولا يكتبون.
الوجه الثاني: حفظ السنة على أنواع
.
اعلم أن حفظ السنة قام على أمرين أساسيين:
الأول: حفظ الصدر. الثاني: حفظ الكتاب.
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم صحابته على كلا الأمرين فمن ذلك:
قوله صلى الله عليه وسلم: "نَضَّرَ الله امْرَءًا سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ"(3).
فدعا صلى الله عليه وسلم بالنضرة لمن سمع شيئًا - وشيئًا نكرة في سياق الإثبات فتدل على الإطلاق - فبلغه على وجهه كما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حث السامع على تبليغه والعمل به بقوله:"فرب مبلغ أوعى من سامع" ففي هذا النص حث على حفظ الصدر، وضبطه ضبطًا صحيحًا حتى يؤديه كما سمعه، وحث على رواية الحديث؛ نشرا للعلم.
2 -
وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو قَالَ: "كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شيء أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؛ أُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ وَقَالُوا: أَتَكْتُبُ كُلَّ شيء تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضبِ وَالرِّضَا؛ فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابِ؛ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُول الله صلى الله عليه وسلم؛ فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ: "اكتُبْ فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ: مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ". (4)
(1) البخاري (3567)، (3568)، ومسلم (2493).
(2)
البخاري (94)، كتاب العلم، باب: من أعاد الحديث ثلاثًا ليفهم عنه.
(3)
رواه الترمذي (2657)، وابن ماجه (32)، وأحمد 1/ 43، وصححه الألباني (6764).
(4)
أخرجه أحمد (2/ 162)، وأبو داود (3646)، وصححه الألباني في الصحيحة (1532).