الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)}، وعلى الأخص من هذا صفوة الأنبياء وأفضل المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي نشَّأه الله أطيب نشأة وأزكاها وأبرأها وأبعدها من كل نقيصة أو دنية، حتى كان زينة المجالس في قومه ومرجع الأحكام وموئل الكرام، ومثال عزة النفس، فكان سرهم وحلَّال مشكلاتهم، وحرز أماناتهم.
قال ابن العربي: قَدْ بَيَّنَّا فِي السَّالِفِ فِي كِتَابِنَا هَذَا -أحكام القرآن- وَفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ عِصمَةَ الْأَنْبِيَاءِ -صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِمْ- مِنْ الذُّنُوبِ، وَحَقَّقْنَا الْقَوْلَ فِيمَا نُسِبَ إلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ، وَعَهِدْنَا إلَيْكُمْ عَهْدًا لَنْ تَجِدُوا لَهُ رَدًّا أَنَّ أَحَدًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ نَبِيًّا إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ الله، لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ أَخْبَارَهُمْ مَرْوِيَّةٌ، وَأَحَادِيثَهُمْ مَنْقُولَةٌ بِزِيَادَاتٍ تَوَلَّاهَا أَحَدُ رَجُلَيْنِ: إمَّا غَبِيّ عَنْ مِقْدَارِهِمْ، وَإِمَّا بِدْعِيّ لَا رَأْيَ لَهُ فِي بِرِّهِمْ وَوَقَارِهِمْ، فَيَدُسُّ تَحْتَ المُقَالِ المطْلَقِ الدَّوَاهِي، وَلَا يُرَاعِي الْأَدِلَّةَ وَلَا النَّوَاهِيَ (1).
أولًا: تعريف العصمة
.
العصمة لغة:
العصمة وردت في اللغة لعدة معان منها:
1 -
المنع:
قال ابن منظور: العصمة في كلام العرب: المنع، وعصمة الله عبده: أن يعصمه مما يوبقه. عَصمه، يَعْصِمه، عَصْما: منعه ووقاه (2).
2 -
الحفظ:
قال ابن منظور: والعصمة الحفظ. يقال: عصمته فانعصم، واعتصمت بالله إذا امتنعت بلطفه من المعصية (3).
(1) أحكام القرآن لابن العربي 3/ 1542.
(2)
لسان العرب 4/ 2976.
(3)
لسان العرب 4/ 2976.
3 -
القلادة:
قال ابن منظور: العصمة القلادة (1).
4 -
الحبل:
قال الزجّاج: أصل العصمة: الحبل وكل ما أمسك شيئا فقد عصمه (2).
5 -
السبب:
قال الطبري: وللسبب الذي يتسبب به الرجل إلى حاجته: عاصم ومنه قول الأعشى:
إلى المرء قيس أطيل السرى
…
وآخذ من كل حي عصم
يعني بالعصم: الأسباب، أسباب الذمة والأمان. (3)
وبهذا المعنى جاءت الكلمة في القرآن الكريم والسنة المطهرة.
قال تعالى على لسان سيدنا نوح عليه السلام وابنه: {يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} (هود: 42 - 43)، وقال تعالى على لسان امرأة العزيز:{وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ} (يوسف: 32)، وقال سبحانه في حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}؛ وقال تعالى:{قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً} وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهَّ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله"(4).
(1) لسان العرب 4/ 2976.
(2)
لسان العرب 4/ 2977.
(3)
تفسير الطبري 4/ 26.
(4)
البخاري (2946)، مسلم (20).