الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال ابن القيم: أُسْرِيَ برسول الله صلى الله عليه وسلم بِجَسَدِهِ على الصحيح، مِن المسجد الحرامِ إلى بيتِ المقدس، راكبًا على البُراقِ، صُحبة جبريل عليهما الصلاةُ والسَّلام، فنزل هُناكَ، وصَلَّى بالأنبياء إِمامًا، وربط البُراقَ بحَلْقَةِ بابِ المسجد. (1)
الوجه الرابع: قدرة الإنسان محدودة بالنسبة لقدرة المخلوقات الأخرى
.
إن الله عز وجل لم يخلق الإنس وفقط بل إن مخلوقاته سبحانه وتعالى لا تعد ولا تحصى، قال سبحانه:{يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: 17].
ومن مخلوقات الله عز وجل الإنس والجن والملائكة وهم المكلفون بعبادة الله رب العالمين ولا شك أن التكوين الخلقي لكل منهم يختلف عن الآخر، فعن عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم "خُلِقَتِ الملَائكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجانُّ مِنْ مَارجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لكُمْ". (2)
بالنسبة للملائكة: سألت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23]، {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: 14] فقال: "إِنَّما هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ التي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ المرّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ". (3)
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ملك من حملة العرش. فعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أُذِنَ لي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ الله مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمائَةِ عَامٍ". (4)
(1) زاد المعاد 3/ 34.
(2)
مسلم (2996).
(3)
مسلم (177).
(4)
أبو داوود (4727)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (151).
بالنسبة للجن والشياطين: قال الله عز وجل في الشيطان: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 27].
قال الطبري: يعني جل ثناؤه بذلك: إن الشيطان يراكم هو، و"الهاء" في "إنه" عائدة على الشيطان. و"قبيله"، يعني: وصنفه وجنسه الذي هو منه واحدٌ. (1)
قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحجر: 16]، وقال سبحانه:{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} .
قال ابن كثير: في قوله {وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ} : وقوله ها هنا: {وَحِفْظًا} تقديره: وحفظناها حفظًا، {مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ} يعني: المتمرد العاتي إذا أراد أن يسترق السمع، أتاه شهاب ثاقب فأحرقه، ولهذا قال:{لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى} أي: لئلا يصلوا إلى الملأ الأعلى، وهي السماوات ومن فيها من الملائكة، إذا تكلموا بما يوحيه الله مما يقوله من شرعه وقدره.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا قَضَى الله الأَمْرَ في السَّمَاءِ ضَرَبَتِ المَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ - قَالَ عَليٌّ وَقَالَ غَيْرُهُ صَفْوَانٍ - يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ، قَالُوا للذي قَالَ الْحَقَّ وَهْوَ الْعَليُّ الْكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ- وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابعِ يَدِهِ الْيُمْنَى، نَصبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ - فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ المُسْتَمِعَ، قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ، فَيُحْرِقَهُ وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى يَرْمِىَ بِهَا إِلَى الذي يَلِيهِ إِلَى الذي هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الأَرْضِ- وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ حَتَّى تنتهي إِلَى الأَرْضِ- فَتُلْقَى عَلَى فَمِ السَّاحِرِ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ فَيَصْدُقُ، فَيَقُوُلونَ أَلَمْ يُخْبِرْنَا يَوْمَ
(1) تفسير الطبري 8/ 153.