الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - شبهة: ابتلاء أحد الأنبياء بالقمل
.
نص الشبهة:
في بعض الأحاديث أن نبيًّا من الأنبياء ابتلي بالقمل حتى قتله.
فكأنهم استنقصوا هذا الكلام، إذ كيف يحدث لنبي مثل ذلك؟ .
والرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: معرفة درجة الحديث
.
الوجه الثاني: الفهم الصحيح للحديث.
الوجه الثالث: هناك إشكال أن يُبتلى نبي بمثل ذلك، فهذا قدر الله عز وجل.
الوجه الرابع: أن الأنبياء عليهم السلام قدوة لنا.
الوجه الخامس: ابتلاء الأنبياء في الكتاب المقدس.
وإليك التفصيل
الوجه الأول: معرفة درجة الحديث.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: وَضَعَ رَجُلٌ يَدَهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: وَالله مَا أُطِيقُ أَنْ أَضَعَ يَدِي عَلَيْكَ مِنْ شِدَّةِ حُمَّاكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّا مَعْشَرَ الْأنْبِيَاءِ يُضَاعَفُ لنَا الْبَلَاءُ كَمَا يُضَاعَفُ لنَا الْأَجْرُ، إِنْ كَانَ النَّبِيُّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يُبْتَلَى بِالْقُمَّلِ حَتَّى يَقْتُلَهُ، وَإِنْ كَانَ النَّبِيُّ مِنْ الْأنْبِيَاءِ يُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى يَأْخذَ الْعَبَاءَةَ فَيَجُوبَهَا، وَإِنْ كَانُوا لَيَفْرَحُونَ بِالْبَلَاءِ كَما تَفْرَحُونَ بِالرَّخَاءِ."
وهذه الرواية في إسنادها رجل مبهم لم يُسم، قال الإمام أحمد: ثنا عبد الرزاق، أخبرنا، معمر، عن زيد بن أسلم، عن رجل، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه به، وقد صحح الشيخ الألباني إسناده. (1)
(1) مسند أحمد (3/ 94)، مصنف عبد الرزاق (20626)، وصححه الألباني في الصحيحة (2047).
ولعل هذا الرجل هو عطاء بن يسار، كما صرح به في رواية الحاكم في المستدرك، والتي فيها أن أبا سعيد هو الذي وضع يده على قطيفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال الحاكم: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، عن الربيع بن سليمان المرادي، وبحر بن نصر بن سابق الخولاني، قال الربيع: حدثنا، وقال بحر: أخبرنا عبد الله بن وهب، أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو موعوك، عليه قطيفة، ووضع يده عليها فوجد حرارتها فوق القطيفة، فقال أبو سعيد: ما أشد حر حماك يا رسول الله؟ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنا كذلك يشدد علينا البلاء ويضاعف لنا الأجر" ثم قال: يا رسول الله، من أشد الناس بلاء؟ قال:"الأنبياء" قال: ثم من؟ قال: "العلماء" قال: ثم من؟ قال: "ثم الصالحون" كان أحدهم يبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يلبسها، ويبتلى بالقمل حتى تقتله، ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فقد احتج بهشام بن سعد، ثم له شواهد كثيرة ولحديث عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه طرف يتبع ويذاكر بها، وقد تابع العلاء بن المسيب عاصم بن بهدلة على روايته عن مصعب بن سعد. (1)
وللحديث شواهد:
الأول: عَنْ عَبْدِ الله بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُوعَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، قَالَ:"أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ، قُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ، قَالَ: أَجَلْ ذَلِكَ كَذَلِكَ، مَا مِنْ مسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا كَفَّرَ الله بِهَا سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا". (2)
(1) المستدرك (1/ 99)(119). قال الذهبي في التلخيص: على شرط مسلم، وله شواهد كثيرة اهـ.
وإسناد هذا الحديث كله ثقات، إلا هشام بن سعد فهو صدوق له أوهام، كما قال ابن حجر في التقريب، وضعفه النسائي وغيره، وقال ابن معين: كان يحيى القطان لا يحدث عنه، وقال أحمد بن حنبل: ليس هو بمحكم الحديث، وقال ابن عدي: هو من ضعفه يكتب حديثه، وقال أبو عبد الله الحاكم: لينته، روى له مسلم في الشواهد (من تكلم فيه وهو موثق (354)، وانظر تهذيب الكمال (30/ 209: 205).
(2)
البخاري (5648)، مسلم (2571).