الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفسرين أن ذلك المكان هو (مورة) في شكيم (نابلس) وأن الذبيحة قدمت في السامرة وكان المذبح طبيعيًا وهو قمة جبل جرزيم.
لكن إبراهيم وإسحاق -فيما يقول صاحب كتاب السنن- وصلا المكان في اليوم الثالث ولكن كون جبل جرزيم بعيدًا جدًّا عن بئر سبع يمنع من هذا القول، وعلى هذا فيرجع أنه قرب أورشليم لأنها تبعد نحو ثلاث مراحل أي سير نحو إحدى وعشرين ساعة. وأورد صاحب القاموس أن (مريا) اسم سامي ربما كان معناه (رؤيا) ويطلق على:
1 -
أرض أوصى الرب إبراهيم أن يصعد إليها ويقدم ابنه على أكمة منها وهي منطقة في أورشليم.
2 -
الميل الذي بنى سليمان عليه الهيكل في أورشليم وكان في القسم الشرقي من المدينة الحاضرة يشرف على وادي قدرون وكان إلى الشمال من صهيون، ثم يذكر صاحب القاموس أن الأكثرين يظنون أن موضع الهيكل هو نفس الموضع الذي فيه أمر الله إبراهيم أن يستعد لتقديم إسحاق ذبيحه، غير أن التقليد السامري يقول: إن موضع مذبح إبراهيم كان على جبل جرزيم (1).
وجبل جرزيم هو جبل صخري منحدر يكون الحد الجنوبي للوادي الذي تقع فيه شكيم (نابلس الآن)، وهكذا فإن اليهود فيما بينهم قد اختلفوا في الموضع الذي يذكرون أن إسحاق قد هيئ للذبح فيه مما يعني أن المسألة غير مؤكدة لديهم (2).
6 - الاستدلال بما في قصة مولد إسماعيل وإسحاق من البشارات:
ومن خلال البشارات التي جاءت عند مولد إسماعيل وإسحاق نجد أنها تنبئ بما يمكن أن يحدث لأخوين في مستقبل حياتهما.
وفيما يتعلق بإسماعيل: نجد أن ملاك الرب -كما ورد في سفر التكوين- قد بشر هاجر أثناء حملها بوليدها المنتظر: (وقال لها ملاك الرب: لأكثرن نسلك تكثيرًا حتى لا يحصى لكثرته، وقال لها ملاك الرب: ها أنت حامل وستلدين ابنًا وتسمينه إسماعيل لأن الرب قد
(1) قاموس الكتاب المقدس صـ (859).
(2)
قصة الذبيح (28/ 3) د/ فتحي محمد الزغبي.
سمع صوت شقائك
…
) (التكوين 16/ 11: 10)، والذي يتأمل هذه البشرى يلاحظ أنها لم تذكر شيئًا عن ذرية لإسماعيل في المستقبل بل تكلمت عن نسل لهاجر وإخوة لإسماعيل، وما دامت هاجر قد حملت من إبراهيم بوليدها البكر إسماعيل فإنها يمكن أن تحمل منه ذرية أخرى يتكاثر منها نسل هاجر ولا يوجد في تلك البشرى ما يمنع حدوث مكروه لإسماعيل مثل موته أو قتله قبل أن يكبر وتكون له ذرية.
فلو حدث بعد مولد إسماعيل أن جاء الوحي لإبراهيم بأمره بذبح ابنه هذا ما كان هناك تناقص وأما ما جاء في الدعاء بالبركة وكثرة ذريته فكان ذلك بعد ما بلغ ثلاث عشرة سنة عند البشرى بإسحاق، كما جاء في سفر التكوين صحيحًا قال الرب لإبراهيم (وأما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه وها أنا ذا أباركه وأنميه وأكثره جدًّا ويلد اثنى عشر رئيسًا وأجعله أمة عظيمة)(التكوين 17/ 20).
أقول: كانت هذه البركة قبل مولد إسحاق بعام وعند ذلك كان عمر إسماعيل ثلاث عشرة سنة، معنى ذلك أن هذا الكلام قد قبل بعد أن فدى الله إسماعيل من الذبح.
أما ما يتعلق بإسحاق: نجد أن الأمر قد اختلف تمامًا عن أخيه إسماعيل حيث إن البشرى التي تلقاها إبراهيم السَّلام قبل مولد إسحاق بعام وأن البشرى بكثرة نسله وذريته كان قبل مولد إسحاق، فقد جاء في سفر التكوين ما نصه:(فقال الله: بل سارة امرأتك ستلد لك ابنا واسمه إسحاق وأقيم عهدي معه عهدًا أبديًا لأكون له إلهًا ولنسله من بعده)(تكوين 17/ 19)، فكيف إذن ينبئ وحي السماء إبراهيم عليه السلام بذرية لإسحاق قبل مولده ويقام معها عهد الله، ثم يعود وحي السماء ليطلب من إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق وهو لا يزال بعد صبيًا لم يتزوج وينجب ذرية كما ورد في البشارة.
قلت: والبشارة بنسل إسحاق مع ولادته هو ما صرح به القرآن الكريم حيث بشر إبراهيم وزوجته سارة بولادة إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب كما قال سبحانه: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71]، وهذا دليل على أن إسحاق ليس هو الذبيح.