الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعمل الصحابة كلهم بحديث أبي بكر رضي الله عنه: "الأئمة من قريش"(1) وبحديث: "يقبر النبي حيث يموت"(2).
وكان زيد بن ثابت رضي الله عنه يرى: أن لا تصدر الحائض حتى تطوف بالبيت؛ فقال له ابن عباس: "سل فلانة الأنصارية: هل أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؟ فأخبرته؛ فرجع زيد عن رأيه"(3).
ورجع ابن عمر- رضي الله عنهما إلى حديث رافع بن خديج في المخابرة. (4)
وعن ابن عمر- رضي الله عنهما أن سعدًا حدثه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين؛ فسأل ابن عمر أباه فقال: نعم، إذا حدثك سعد عن النبي رضي الله عنه؛ فلا تسأل عنه غيره" (5).
[رابعا][*]: أقوال العلماء:
- ولم يزل سبيل السلف الصالح ومن بعدهم قبول خبر الواحد الثقة عن النبي صلى الله عليه وسلم والاحتجاج به، حتى جاء التكلمون فخالفوا ذلك.
1 -
قال الإمام الشافعي: "وفي تثبيت خبر الواحد أحاديث يكفي بعض هذا منها، ولم يزل سبيل سلفنا والقرون بعدهم إلى من شاهدنا هذا السبيل، وكذلك حكي لنا عمن حكي لنا عنه من أهل العلم بالبلدان،
…
، ومحدِّثي الناس، وأعلامهم بالأمصار كلهم يحفظ عنه تثبيت خبر الواحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والانتهاء إليه، والإفتاء به، ويقبله كل واحد منهم عن من فوقه، ويقبله عنه من تحته، ولو جاز لأحدٍ من الناس أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون - قديمًا وحديثًا - على تثبيت خبر الواحد، والانتهاء إليه بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته؛ جاز لي" (6).
(1) رواه أحمد (3/ 129)، والطيالسي في مسنده (2133) وهو حديث صحيح، انظر: إرواء الغليل (520).
(2)
رواه أحمد (1/ 7)، وصححه الألباني (9332) الجامع الصغير وزيادته.
(3)
رواه مسلم (1328).
(4)
رواه مسلم (1547).
(5)
رواه البخاري (199).
(6)
الرسالة (453، 457).
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: بالمطبوع «خامسًا»
2 -
وقال أيضًا: لم أسمع أحدًا - نسبه الناس، أو نسب نفسه إلى علم - يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتسليم لحكمه؛ فإن الله عز وجل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن ما سواهما تبع لهما، وأن فرض الله تعالى علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد لا يختلف؛ في أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا فرقة سأصف قولها - إن شاء الله تعالى -" (1).
3 -
قال الإمام ابن حبان: فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد، إلى أن قال: وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد؛ فقد عمد إلى ترك السنن كلها؛ لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد (2).
4 -
وقال ابن حجر: وقد شاع فاشيًا عمل الصحابة والتابعين بخبر الواحد، من غير نكير؛ فاقتضى الاتفاق منهم على القبول. (3)
5 -
وقال النووي: ولم تزل الخلفاء الراشدون، وسائر الصحابة، فمن بعدهم من السلف والخلف على امتثال خبر الواحد إذا أخبرهم بسنة، وقضائهم به، ورجوعهم إليه في القضاء والفتيا، ونقضهم به ما حكموا به على خلافه، وطلبهم خبر الواحد عند عدم الحجة ممن هو عنده، واحتجاجهم بذلك على من خالفهم، وانقياد المخالف لذلك. (4)
وبهذا يتضح - بما لا يدع مجالًا للشك - حجية أخبار الآحاد، ولزوم العمل بها في أمور الدين كله متى ما ثبتت عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وأن القول بعدم حجيتها قول باطل لا يعرف إلا عن أهل البدع ومن تبعهم، ولو ترك الاحتجاج بها؛ لهجرت السنة، وتهاوت أركان الشريعة، واندثر الحق.
(1) الأم (9/ 5).
(2)
الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (1/ 156).
(3)
فتح الباري (13/ 234).
(4)
شرح النووي على مسلم (1/ 132).