الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله (ثمَّ جَهَدها): أَيْ جَامَعَهَا وَوَطِئَهَا وَفَعَلَ بِهَا الْفِعْل المُقْصُود بِهَا" فَلِذَلِكَ قِيلَ جَهَدهَا. وهوَ عبارة عَن الاجتهاد في إيلاج الحشفة في الفرج، وَهوَ المراد -أيضًا- مِن التقاء الختانين. (1)
وَمسّ الختانُ الختانَ: أَيْ خِتَان الرَّجُل بِخِتَانِ المُرْأَة، وَالمُرَاد تَلَاقِي مَوْضِع الْقَطْع مِنْ الذَّكَر مَعَ مَوْضِعه مِنْ فَرْج الْأُنثَى. قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ إِذَا غَابَ الذَّكَر فِي الْفَرْج وَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة المسّ وَالْإِلْصَاق بِغَيْرِ غَيْبُوبَة، وَذَلِكَ أَنَّ خِتَان المُرْأَة فِي أَعْلَى الْفَرْج وَلَا يَمَسّهُ الذكَر فِي الجَماع. وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ ذَكَرَهُ عَلَى خِتَانها وَلَمْ يُولجِهُ لَمْ يَجِب الْغُسْل لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا (2).
وَمَعْنَى الحدِيث أَنَّ إِيجَاب الْغُسْل لَا يَتَوَقَّف عَلَى نُزُول المُنِيّ، بَلْ مَتَى غَابَتْ الحشَفَة فِي الْفَرْج وَجَبَ الْغُسْل عَلَى الرَّجُل وَالمُرْأَة، وَهَذَا لَا خِلَاف فِيهِ الْيَوْم، وَقَدْ كَانَ فِيهِ خِلَاف لِبَعْضِ الصَّحَابَة وَمَنْ بَعْدهمْ، ثُمَّ اِنْعَقَدَ الْإِجْمَاع عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ. (3)
الوجه الرابع: الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّما الْمَاء، مِنَ الْمَاء، " وقوله صلى الله عليه وسلم: "إِذا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبهَا الأربَعِ وَمَسَّ الْخِتَان الْختانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْل
"
فقد سلك العلماء في الجمع بين الحديثين بهذه المسالك.
المسلك الأول: مسلك الفسخ
.
قال الترمذي: وَإِنَّمَا كَانَ المَاءُ مِنَ المَاءِ في أَوَّلِ الإِسْلامِ " ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ ذَلِكَ" وَهَكَذَا رَوَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ أُبي بْنُ كَعْبٍ وَرَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ.
وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ -الجمهور- عَلَى أَنَّهُ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرأتهُ في الْفَرْجِ وَجَبَ عَلَيْهِما الْغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلا. (4)
(1) حاشية السندي على سنن النسائي 1/ 148، فتح الباري لابن رجب 1/ 372، وانظر: شرح صحيح مسلم للنووي 2/ 276، فتح الباري لابن حجر 1/ 470.
(2)
عون المعبود 1/ 246.
(3)
شرح صحيح مسلم للنووي 2/ 276.
(4)
سنن الترمذي 1/ 185. وانظر: اختلاف الحديث للشافعي 1/ 493، الاستذكار 3/ 84، الناسخ والمنسوخ لابن شاهين (51)، الاعتبار للحازمي (57)، كشف المشكل لابن الجوزي 1/ 985، شرح صحيح مسلم للنووي 2/ 273، فتح الباري لابن حجر 1/ 473.