الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
25 - شبهة: بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا
.
نص الشبهة:
يقولون: في قوله صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا" إن الإسلام بدأ ضعيفًا وسيعود ضعيفًا كما بدأ.
والرد من وجوه:
الوجه الأول: معنى الغربة لغةً، واستعمالاتها في السنة النبوية.
الوجه الثاني: ذكر الحديث، وبيان معناه.
الوجه الثالث: أقسام الغربة، وبيان أن كل قسم يعقبه تمكين.
الوجه الرابع: مبشرات بالنصر والتمكين للإسلام، وأن الدائرة على الكافرين.
وإليك التفصيل،
الوجه الأول: المعنى اللغوي
.
مادة (غرب) مادة واسعة جدًّا، ذكر صاحب القاموس لأحد تصريفاتها (وهو الغَرْبُ) أربعة وعشرين معنى (1)، واستدرك عليه شارح القاموس محمد مرتضى الزبيدي عشرة معان لم يذكرها، فصار مجموعها أربعة وثلاثين معنى. (2)
وإذا كانت هذه المعاني لتصريف واحد، فما بالك بسائر ما يتفرع عن المادة؟ ! أما كلمة "الغربة" فتطلق على معانٍ عدة:
أ- منها النوى والبعد، يقال: اغترب غربة إذا بعد، ونوى غربة بعيدة. (3)
ب- ومما يقرب من هذا المعنى النزوح عن الوطن والاغتراب، يقال: رجل غُرُب -بضم الغين والراء- وغريب: أي بعيد عن وطنه، والجمع: غرباء. (4)
(1) القاموس المحيط ل 1/ 208: 206.
(2)
تاج العروس للزبيدي 1/ 404: 407.
(3)
القاموس 1/ 207، الصحاح 1/ 173: 172، اللسان 1/ 638.
(4)
اللسان 1/ 639، القاموس 1/ 206، معجم مقاييس اللغة لابن فارس 4/ 336.
ج- ويقرب منهما: الغريب بمعنى أنه ليس من القوم. (1)
د- وتطلق على الغموض والخفاء وعدم الشهرة، ومنه غريب الحديث: أي خفيه الذي لا يظهر معناه (2)، وأغرب: أتى بالغريب. (3)
هـ- وتطلق على الذهاب والتنحي عن الناس، يقال: غرب عنا يغرب غربًا. (4)
قال سلمان بن فهد العودة: والذي جمع هذه المعاني أن غربة الشيء تعني أنه غير موافق كليًا أو جزئيًا للأشياء التي حوله، وقد تكون دلالة هذه الكلمة على مدلولها بالمطابقة؛ كتسمية المقيم بين قومٍ سوى قومه غريبًا، وقد تكون بالالتزام؛ كتسمية النازح عن وطنه غريبًا؛ لأن نزوحه يقتضي أن يقيم بين ظهراني قوم آخرين فيكون غريبًا بينهم. فإذا صح هذا، فإننا نكون قد جمعنا معظم معاني هذه الكلمة في معنىً واحد عام مشترك. (5)
الغربة والغرب: النوى والبعد، وهي التروح عن الوطن والاغتراب، وفي الحديث أَن النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الغُرباء فقال:"الذين يُحْيُونَ ما أَماتَ الناسُ من سُنَّتِي" وفي حديث آخر: "إِنّ الإِسلامَ بَدأَ غريبًا وسيعود غريبًا كما بَدأَ فطوبَى للغُرباءِ" أَي: أنه كان في أَوّلِ أَمْرِه كالغريبِ الوحيدِ الذي لا أَهل له عنده لقلة المسلمين يومئذ، وسيعودُ غريبًا كما كان أَي يَقِلُّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغُرباء، فطُوبى للغُرَباء، أَي: الجنةُ لأُولئك المسلمين الذين كانوا في أَوّل الإِسلام ويكونون في آخره؛ وإِنما خَصَّهم بها لصبْرهم على أَذى الكفار أَوَّلًا وآخرًا، ولُزومهم دينَ الإِسلام؛ وإِنما أَراد أَن أَهلَ الإِسلام حين بَدأَ كانوا
(1) اللسان (1/ 640)، الصحاح (1/ 171)، القاموس (1/ 208: 207).
(2)
اللسان (1/ 640).
(3)
الصحاح (1/ 171)، القاموس (1/ 207).
(4)
القاموس (1/ 206)، اللسان (1/ 638).
(5)
القاموس (1/ 206: 208)، معجم مقاييس اللغة (4/ 420: 422)، الصحاح (1/ 171: 173)، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الجزري (3/ 348: 353)، وغيرها.