الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصفة الخامسة ذكرها بعضهم: أن يقول: سبحان الله إحدى عشرة مرة، والحمد لله إحدى عشرة مرة، والله أكبر إحدى عشرة مرة. لكن الصحيح أن هذه لم ترد، لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هي تفسير لبعض الرواة، وليس مصيبًا، فالوجوه كم؟
طلبة: أربعة.
الشيخ: أربعة، ينبغي للإنسان أن يحافظ عليها، تارةً هذه وتارةً هذه، وألا يهملها (
…
).
***
[مكروهات الصلاة]
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف رحمه الله تعالى في باب صفة الصلاة:
فصل: ويكره في الصلاة التفاته، ورفع بصره إلى السماء، وتغميض عينيه، وإقعاؤه، وافتراش ذراعيه ساجدًا، وعبثه، وتخصره، وتروحه، وفرقعة أصابعه وتشبيكها.
الشيخ: في المناسبة أُلقي سؤال في اختبار -اختبار طلبة- فجاء في السؤال: ما حكم فرقعة الأصابع في الصلاة؟ وكان فيه طالب بليد، فكتب: قال المؤلف رحمه الله: (يكره في الصلاة التفاته، ورفع بصره إلى السماء، وتغميض عينيه) إلى قوله: (وفرقعة أصابعه وتشبيكها) ثم قال للأستاذ: خذ من هذا ما شئت ودع ما شئت. نعم لأنه ما يعرف المسكين.
بسم الله الرحمن الرحيم، قال المؤلف رحمه الله:(يكره في الصلاة التفاته).
أولًا: يجب أن نعلم أن الفقهاء رحمهم الله أهل أصول الفقه اصطلحوا على أن الكراهة درجة بين المباح والحرام. وهذا اصطلاح خاص، فقالوا: المكروه ما يثاب تاركه امتثالًا ولا يعاقب فاعله، هذا اصطلاح الأصوليين.
أما فيما يتعلق بالسنة فإنه قد يكون حرامًا، وقد تكون كراهة تنزيه، وقد تكون كراهة طبيعية، فكراهة النبي صلى الله عليه وسلم لأكل الثوم والبصل ما هي كراهة شرع، ولهذا صرح صلى الله عليه وسلم بأنها مباحة، لكن يكرهها لرائحتها (1)، هذا لا حكم له؛ لأنه يرجع إلى؟
طلبة: الطبيعة.
الشيخ: إلى طبيعة الإنسان، والكراهة التي يراد بها كراهة التنزيه هي التي لا يعاقب من فعلها، مثل كراهة قيل وقال وكثرة السؤال إذا لم يصل إلى درجة التحريم، والكراهة التي منها التحريم وهي الأكثر؛ مثل قوله تعالى حينما ذكر المحرمات قال:{كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: 38]. يعني حرامًا.
هنا إذا رجعنا إلى اصطلاح الفقهاء نقول: يكره في الصلاة التفاته، إذن الالتفات ليس حرامًا ولكنه مكروه، من تركه صارت صلاته أكمل، ومن فعله لم تبطل صلاته، ولكن يجب أن نعلم أن الالتفات ثلاثة أقسام: التفات بالقلب والتفات بالرأس والتفات بالبدن كله.
أما الالتفات بالقلب فإنه ليس بمكروه إذا غلب على الإنسان كالوساوس التي تحدث للإنسان في صلاته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشيطان يأتي للإنسان ويقول: اذكر كذا واذكر كذا وهو يصلي (2) ولم يأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة.
والثاني: التفات بالرأس، يعني: يلتفت برأسه برقبته هكذا، هذا هو الذي عناه المؤلف أنه مكروه.
والثالث: التفات بكل البدن، فهذا يبطل الصلاة؛ لأنه يكون قد استدبر القبلة أو جعلها عن يمينه أو عن شماله.
فإن قال قائل: ما هو الدليل على كراهة الالتفات بالرأس؟
قلنا: هو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن الالتفات في الصلاة فقال: «هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» (3) يعني كالسرقة يسرقها الشيطان من صلاة العبد، وهذا يدل على أن أقل أحواله الكراهة.
(ورفع بصره إلى السماء) يعني: يكره أن يرفع بصره إلى السماء في حال الصلاة، وهذا يقع كثيرًا من الناس، إذا قال: سمع الله لمن حمده تجده يقول: سمع الله لمن حمده ويرفع رأسه، هذا مكروه كما قال المؤلف.
الدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِ أَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ» (4). واشتد قوله في ذلك، ولكن مقتضى هذا الاستدلال أن يكون رفع البصر إلى السماء حرامًا، وهذا هو الصحيح أن رفع البصر إلى السماء حرام، ولكن هل يبطل الصلاة أو لا يبطل؟
قال ابن حزم: إنه يبطل الصلاة؛ لأنه فعل محرم في نفس الصلاة، فهو كالأكل للصائم، الأكل لما حرم على الصائم بخصوص الصيام صار مفطرًا مفسدًا للصوم، كذلك رفع البصر إلى السماء ليس منهيًّا عنه على سبيل العموم بل هو منهي عنه في حال الصلاة، وإذا كان كذلك فإنه يكون فعلًا منهيًّا عنه في نفس العبادة من أجل العبادة، ومقتضى القواعد أن تبطل الصلاة، ولا شك أن هذا هو القياس والنظر الصحيح، وأن الإنسان إذا رفع بصره إلى السماء وهو يصلي بطلت صلاته.
واحتج هؤلاء أيضًا بأنه إذا رفع بصره إلى السماء فقد خالف قول الله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144] لأن هذا ولى وجهه السماء ولم يول وجهه شطر المسجد الحرام، فيكون الدليل بالآية والحديث، وهذا هو الصواب أن من رفع بصره إلى السماء وهو يصلى فإن صلاته تبطل. ثم هو أيضًا فيه سوء أدب مع الله؛ المطلوب منك وأنت بين يدي الله أن تكون ذليلًا خاضعًا رأسك، أما أن ترفع رأسك إلى السماء وربما تكون في الليل وفيه النجوم تحسب النجوم كم عدد النجوم، هذا لا شك أنه يؤدي إلى التلهي عن الصلاة. إذن الصواب قول المؤلف أو خلافه؟
طلبة: خلافه.
الشيخ: خلافه، أن رفع البصر إلى السماء محرم مبطل للصلاة، ولكن لو كان الإنسان جاهلًا فإن صلاته لا تبطل على القاعدة المعروفة: أن فعل المحظور مع الجهل أيش؟ أجيبوا يا جماعة؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: يعفى عنه ولا يؤثر.
(وتغميض عينيه) أي أن يكره للمصلي أن يغمض عينيه إلا لحاجة؛ لأن ذلك فعل اليهود، ولأن العينين لهما عبادة، العينان لهما عبادة، ما العبادة؟
النظر إلى موضع السجود أو إلى الإشارة في الإصبع في حال التشهد والجلوس بين السجدتين؛ لأن المشروع في حال الإشارة بالإصبع أن تنظر إلى إشارتك، فإذا أغمضت عينيك فاتتك هذه السنة، ولكن قلت: إلا لحاجة، ما الحاجة؟
الحاجة أن يكون مثل يمر بين يديك أناس لو فتحت أشغلوك، أو أمامك مثلًا نقوش تلهيك، فهنا لا بأس بتغميض العينين لأنه لحاجة.
يقول بعض الناس: إنه إذا أغمض عينيه كان أخشع له، فيفعل هذا لأنه أخشع، فنقول: إن هذا الخشوع من الشيطان، يريد أن ترتكب الشيء المكروه ويقول لك: إن هذا أخشع، فعود نفسك أن تكون فاتح العينين مع أيش؟
طلبة: الخشوع.
الشيخ: مع الخشوع.
سبق لنا أن بعض العلماء يقول: إذا كنت تصلي في المسجد الحرام وأنت تشاهد الكعبة فالأفضل أن تنظر إلى الكعبة، وبينا هناك أن هذا قول ضعيف جدًّا.
(وإقعاؤه) يعني أن يجلس مقعيًا، وكيفية الإقعاء أن يكون هكذا، يضع يديه كده؛ لأن هذا هو إقعاء الكلب، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:«الْإِقْعَاءُ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ» (5)، تنصب الفخذ والساق وتجلس على الألية وتضع يديك على الأرض، هذا هو المكروه.
أما الإقعاء الذي هو نصب القدمين والجلوس على العقبين فهذا أيضًا على مذهب الحنابلة رحمهم الله مكروه حتى بين السجدتين، ومن العلماء من قال: إن هذا الإقعاء بين السجدتين من السنة كما جاء ذلك عن ابن عباس (6) رضي الله عنهما، والظاهر أنه ليس من السنة؛ لأن أكثر الواصفين لصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يحكون عنه في الجلسة إما الافتراش وإما التورك، ولأن هذا الإقعاء يكلف الإنسان في الواقع يشق عليه، لكن إن احتاج إلى هذا الإقعاء بأن تكون عليه بنطلون مثلًا ويشق عليه أن يفترش أو أن يتورك يجوز هذا أو لا يجوز؟ يجوز للحاجة.
(وافتراش ذراعيه ساجدًا) يعني أيضًا مكروه، افتراش الذراعين يعني أن يضع ذراعيه على الأرض في حال السجود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لَا يَفْتَرِشْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ» (7) طيب فإن وضعهما -وضع المرفق على الركبة- فهل هذا افتراش؟ لا، لكنه خلاف السنة، السنة أن ترفع الذراع وأن تجافي العضدين عن الجنبين.
(وعبثه) العبث ويش العبث؟
طلبة: يعبث (
…
).
الشيخ: نعم يعبث، مرة يصلح الغترة، ومرة يصلح الطاقية، ومرة يزر الزرار، ومرة يطلع (
…
) يشوف، ومرة يطلع الساعة، كل هذا واقع هذا عبث لا شك؛ لأنه يروى عن عمر رضي الله عنه أنه رأى رجلًا يعبث بلحيته فقال: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه (8). نعم، فالعبث يدل على أن القلب غافل؛ لأن حركة الجسم مبنية على حركة القلب.
بعض الناس يكون نسي شيئًا وتفطن له في الصلاة، وكان معه ورقة وقلم، فلما ذكره وهو يصلي أخرج الورقة والقلم وكتب، ماذا تقولون؟ يكره ولَّا لا يكره؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: نعم، لا يكره، إن كان هناك ضرورة ما يكره وإلا فيكره، لكن إذا كانت مسألة علمية محتاجًا إليها وإلى تقييدها فلا بأس؛ لأن هذه حاجة، وكان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كان يجهز جيشه وهو في الصلاة (9).
(وتخصره) تخصر يعني: وضع يديه على الخاصر كذا هكذا، يكره أن يضع يديه على خاصرته، وجاء في الحديث أنه فعل اليهود.
والرابع ما هو الرابع؟
(تروحه) تروح يعني المروحة، فيه مروحة تنسج من الخوص يتروح بها الإنسان هكذا، هذا مكروه؛ لأنه عمل لا حاجة له يشبه العبث، لكن لو احتاج إلى ذلك بأن كان رجلًا لا يصبر على الحر واغتم من شدة الحر وروح على نفسه، فهذا جائز لا بأس به؛ لأن هذه حاجة.
(وفرقعة أصابعه) الفرقعة أن يضغط على الأصابع حتى يكون لها صوت مكروه؛ لأنه عبث.
(وتشبيكها) أي: أن يدخل بعضها في بعض، تعرف التشبيك؟ تعرفه ما هو؟
طالب: يخلل الأصابع بعضها ببعض ..
الشيخ: بعضها ببعض هكذا، يكره لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك (10)، لكن مر علينا في سجود السهو أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سلم من ركعتين قام إلى خشبة في قبل المسجد وشبك بين أصابعه (11).
فيقال: هذا بعد الصلاة، والتشبيك المنهي عنه إما في الصلاة وإما قبلها لمنتظريها.
(وأن يكون حاقنًا أو بحضرة طعامٍ يشتهيه) أن يكون حاقنًا وهو الذي حصره البول، وكذلك حاقبًا وهو الذي حصره الغائط، وكذلك من حصره الريح، فهذه ثلاثة أشياء: البول والغائط والريح. يكره للإنسان أن يصلي وهو على هذا الوجه حاقنًا أو حاقبًا أو محتبسًا ريحه، إلى متى؟
حتى يقضي حاجته؛ لأنه إذا صلى على هذا الوضع عذب نفسه، والله عز وجل يقول:{مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء: 147]، ولأنه ينشغل به عن صلاته، ولكن المراد إذا كان حاقنًا على وجه ينشغل به عن الصلاة، أما إذا كان مجرد إحساس بأنه محتاج فهذا لا يضر، ولهذا جاء في الحديث مدافعة الأخبثين مدافعة:«لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» (12)، أما مجرد الإحساس بأنك في حاجة فهذا لا يكره.
(أو بحضرة طعامٍ يشتهيه) بشرط أن يكون يحل له أكله؛ لأنه إذا كان ممنوعًا منه شرعًا فلا فائدة، لكن إذا حضر طعام وهو جائع ويتمكن من أكله لأنه ملكه ولأنه ليس صائمًا فهنا نقول: لا تصل، كل الطعام أولًا ثم صل.
فإذا قال قائل: تفوتني الصلاة، الناس الآن يصلون في المسجد والطعام أمامي وأنا مشتهيه، ماذا نقول؟
نقول: كل الطعام ولو فاتتك الجماعة. وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو من أشد الناس حرصًا على اتباع السنة؛ كان يُقدَّم له العشاء فيأكل وهو يسمع قراءة الإمام (13)، ولهذا جاء في القرآن {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} [الشرح: 7] فنقول: قدم الأكل ثم صل.
كذلك أيضًا في مسألة الحقن؛ إذا قال الإنسان: إنه حاقن يدافع الخبث لكن الصلاة أقيمت الآن فماذا نقول؟
نقول: اقض حاجتك ولو فاتتك الصلاة، لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان.
فإن قال لي قائل: إنه يدافعه الأخبثان ويخشى إن قضى حاجته أن يخرج الوقت، فهل نقول: صل ولو كنت مدافعًا الأخبثين حفاظًا على الوقت أو نقول: اقض حاجتك؟
الثاني، يعني: حتى لو خرج الوقت، كإنسانٍ استيقظ من نومه قبيل طلوع الشمس وهو لم يصل الفجر، ووجد نفسه حاقنًا، فهل نقول: توضأ وصل، أو نقول: اقض حاجتك وتوضأ وصل؟
الثاني، ولو خرج الوقت؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» (12).
إذا قدم الفطور للصائم وهو قد استيقظ بعد العصر والفطور جاهز ونفسه تتوق إليه، هل نقول: لا تصل حتى تفطر وتأكل وتصلي بعد غروب الشمس؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا؟ ما هو حضرة طعام هذا؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: نعم، لكنه لا يستفيد من تأخير الصلاة لأنه لا يمكن أن يأكل.
إنسان مشتهٍ طعامًا وجاء رجل من الناس ووضع عنده كيسًا فيها خبز، فيها فول، فيها أيش نقول؟
طالب: عدس.
الشيخ: عدس، المهم الرجل قدم هذا الطعام، وضعه صاحبه أمامه، وهو يشتهي هذا الطعام، هل نقول: لا تصل أو صل؟
الطلبة: لا، يصلي.
نقول: يصلي ولّا لا يصلي؟
الشيخ: يصلي، لماذا؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: الطعام ليس له، لا يملك أكله، ولهذا نقول:(بحضرة طعامٍ يشتهيه) يُزاد عليها: ويحل له أكله.
***
طالب: وله رد المار بين يديه، وعد الآي، والفتح على إمامه، ولبس الثوب، ولف العمامة، وقتل حية وعقرب وقمل، فإن أطال الفعل عرفًا من غير ضرورة ولا تفريق بطلت، ولو سهوًا.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، ما هو الالتفات الذي يبطل الصلاة؟
طالب: الالتفات بالبدن.
الشيخ: الالتفات بالبدن عن القبلة، الدليل؟
الطالب: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 144].
الشيخ: قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} وهذا خرج عن أن يولي وجهه شطر المسجد الحرام.
تغميض العينين حكمه؟
طالب: تغميض العينين إذا كان لحاجة فليس بمكروه.
الشيخ: فلا بأس به.
الطالب: وإن كان بغير حاجة فمكروه.
الشيخ: فمكروه، ما هي العلة في كراهته؟
طالب: لأن فيه مشابهة لليهود.
الشيخ: لأن فيه مشابهة اليهود، أحسنت.
حكم التخصر في الصلاة؟
طالب: منهي عنه.
الشيخ: مكروه ولّا حرام ولّا واجب ولّا جائز؟
طالب: مكروه يا شيخ.
الشيخ: مكروه، الدليل؟
طالب: الدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التخصر في الصلاة (14).
الشيخ: نعم، أنه نهى عن التخصر في الصلاة، أو نهى أن يصلي الإنسان مختصرًا، ما معنى تخصر؟
طالب: يضع يده هنا.
الشيخ: يضع يده على خاصرته نعم.
رفع البصر إلى السماء حكمه؟
طالب: حرام.
الشيخ: حرام، وعلى كلام المؤلف؟
طالب: مكروه.
الشيخ: هو مكروه ولّا حرام على القول الراجح؟
طالب: إنه حرام، الراجح أنه حرام.
الشيخ: الدليل؟
طالب: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِ أَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ» (4).
الشيخ: وهذا وعيد، والوعيد لا يكون على شيء مكروه، بل هو على شيء محرم.
من الذي بالغ من العلماء وقال: إن الصلاة تبطل؟
طالب: ابن حزم.
الشيخ: ابن حزم بالغ وقال: إنها تبطل؛ لأن هذا فعل منهي عنه في الصلاة بخصوص الصلاة؛ لأن رفع البصر إلى السماء في غير الصلاة ليس مكروهًا، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول الله له:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144] لكن في الصلاة منهي عنه، والقاعدة أن ما نهي عنه في العبادة بخصوصها يبطلها.
رجل أحضر له أهله الغداء وحضرت الصلاة؟
طالب: (
…
).
الشيخ: هو طلب غداء قال: هاتوا الغداء ولّا هاتوا العشاء.
الطالب: فإنه يبدأ بالطعام قبل الصلاة.
الشيخ: يبدأ بالطعام قبل الصلاة، الدليل؟
طالب: الدليل: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» (12).
الشيخ: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ» . تمام.
***
قال المؤلف رحمه الله: (وتكرار الفاتحة)، يعني: يكره تكرار الفاتحة، العلة أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإذا كررها زاد عن المنقول، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (15).
لكن استثنى بعض العلماء ما إذا قرأها وهو غافل لم يستحضر، قال: فله أن يعيدها لاستحضار القلب؛ لأن إعادتها هنا لفائدة، وهي حضور القلب وتدبر معاني آياتها.
وهذا قول جيد لا شك أن له وجهة قوية، لكن فيه إشكال، وهو أنه ربما يفتح باب الوساوس على المصلي، يكون كلما قرأ الفاتحة قال: ما تدبرتها، إذن أعود، فيفتح عليه باب الوسواس.
ومن المعلوم أن كل شيء يفتح باب الوسواس فإنه ينهى عنه، فالأولى إبقاء كلام المؤلف وغيره من الفقهاء على عمومه وأن يقال: يكره أن يكرر الفاتحة.
(لا جمع سور في فرض) يعني: لا يكره أن يقرأ سورتين فأكثر في الفريضة (كنفل) أي كما لا يكره في النفل، وإنما قال رحمه الله: كنفل؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان معه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه في صلاة الليل، فقرأ البقرة والنساء وآل عمران فجمعها في ركعة (16).
والأصل وفقًا للقاعدة -بارك الله فيك- الأصل أن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض، وما ثبت في الفرض ثبت في النفل إلا بدليل، وقد أملينا عليكم الفرق بين النفل فبلغ نحو؟
طالب: ثلاثين.
الشيخ: ثلاثين فرقًا أو قريبًا منها.
إذن لو جمع بين سورتين في الفرض يجوز أو لا؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: في النفل؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: يجوز؛ الدليل: حديث حذيفة، لكن إن كان إمامًا وخرج بجمع السورتين عن السنة فإنه يُنهى عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شدد في موعظة من زاد وأرشد إلى قراءة السور المتوسطة:(الليل إذا يغشى)، (الشمس وضحاها)(17) وما أشبه ذلك.
قال: (وله رد المار بين يديه).
(له) إذا عبر الفقهاء بكلمة (له) فهذه العبارة تفيد الإباحة، يعني: يجوز أن يرد المار بين يديه فإن لم يفعل فلا شيء عليه؛ لا إثم ولا نقص في صلاته إلا ما سنذكره إن شاء الله.
وقال بعض العلماء: بل يسن رد المار بين يديه وأنه مطلوب من المصلي أن يرد المار بين يديه، وقال آخرون: بل يجب أن يرد المار بين يديه وجوبًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ؛ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ» (18)، وهذا بقوته وقوة عبارته يدل على أن رد المار إذا كان للإنسان سترة واجب، وهذا القول ليس ببعيد من الصواب، لاسيما إن كان هذا المار ممن يفسد مروره الصلاة؛ لأنه جناية على المصلي.
وظاهر كلام المصنف أنه يرد المار سواء كان له سترة أم لا، لكن إن كان له سترة فإنه يمر مَن مر بينه وبينها، وإن لم يكن له سترة فإن كان له مصلًّى خاص كما يفعل الناس الآن، ويش المصلى الخاص؟
طلبة: السجاد.
الشيخ: السجاد، فإنه يرد من مر على هذا السجادة إذا لم تخرج عن العرف، وإن لم يكن له سجادة فقيل: إن له من قدميه إلى ثلاثة أذرع، من قدميه إلى ثلاثة أذرع، هذا قول وهذا هو المذهب، يعني ترده إذا مر بين يديك وبينك وبينه ثلاثة أذرع من القدمين، ثلاثة أذرع يمكن متران أو قريبًا منهما، لكن هذا إذا قلنا به فإنه يلزم من هذا أن المصلي يخطو خطوات حتى يرده، مع أن هذه الخطوات لا حاجة لها؛ لأنه بعيد منه.
وقيل: ما بين يديه مقدار رمية حجر، إذا صار الإنسان قويًّا وين يكون؟
طلبة: مئة متر.
الشيخ: مئة متر هذا مشكل، معناه مائة متر بين يدي المصلي محجوز، هذا ضعيف لا شك فيه.
وقيل: العرف يعني: ما قال الناس: إن هذا الرجل قريب من المصلي وإنه مار بين يديه، فإنه يرده، وما قال الناس: إنه بعيد منه فلا يرده، هذا نوعًا ما قريب.
والقول الراجح في هذا أنه ما بين مسجده وقدميه، ما بين مسجده وقدميه يعني منتهى جبهته، له الحق فيه؛ لأن المصلي له الحق فيما تحت قدميه إلى جبهته ما (
…
) هذا هو القول الراجح، أن ما بين يديه وما بين موضع قدميه وموضع جبهته إلا إذا كان له سترة أو كان له مصلًّى خاص، فحسب ما كان له.
وظاهر كلام المؤلف أنه يرده، سواء وضع سترة أو لا، وهذا هو الصحيح، وقد فعل ذلك ابن عمر رضي الله عنهما، فمنع من أراد أن يمر بين يديه (19) وهو لم يتخذ سترة.
(وله رد المار بين يديه) إذن المسألة فيها ثلاثة أقوال في مسألة رد المار: الإباحة والسنية والوجوب.
(وعد الآي) له عد الآي، بماذا يعدها؟ بأصابعه؛ لأنه روي في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث (20) لكن في صحته نظر، وعد الآي في الغالب لا يحتاج إليه، وإذا لم يحتج إليه صار حركة الأصابع بالعد أيش؟ عبثًا، لا داعي له، ولا يمكن تقدير وقفة الإنسان بعدد الآيات؛ لأن من الآيات ما هو طويل ومنها ما هو قصير.
(له عد الآي والفتح على إمامه) يعني: وله الفتح على إمامه، يعني: يجوز له أن يفتح على إمامه هكذا قال المؤلف رحمه الله، والصواب أنه مأمور أن يفتح على إمامه، مأمور أن يفتح على إمامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«إِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي» (21)، وهذا عام في الزيادة والنقص، وكذلك في القراءة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكره أُبَيُّ بن كعب رضي الله عنه بالآية التي نسيها بعد صلاته قال:«هَلَّا كُنْتَ ذَكَّرْتَنِيهَا» (22)، فالصواب أن الفتح على الإمام أقل أحواله الاستحباب مأمور به.
وإذا كان خطأ الإمام في ترك واجب صار الفتح عليه واجبًا يجب، فمثل لو أسقط آيةً من الفاتحة هل نقول: لك أن تفتح ولك ألا تفتح؟ ويش الواجب؟
طلبة: يجب.
الشيخ: يجب أن يفتح عليه؛ لأن قراءة الفاتحة يجب أن تكون كاملة.
لو أسقط آية من سورة أخرى غير الفاتحة؟
طلبة: يستحب.
الشيخ: فإنه يستحب أن يفتح عليه، لكن لو قال: إذا فتحت على إمامي في الآية التي نسيها تلخبط، فإن بعض الناس إذا رديت عليه وهو يقرأ ضاع كل اللي عنده، قام يقرأ الآية اللي قبلها والآية اللي بعدها وغيّر في الآيات، فهل نقول في مثل هذه الحال: لا نفتح عليه؟
نعم نقول هكذا؛ لأن القاعدة عندنا أننا لا نفعل شيئًا يكون وسيلة إلى ما هو أردى منه، هذه قاعدة معروفة عندكم وعند جميع العلماء، يدل عليها قول الله تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108] وهذا في غير الفاتحة، الفاتحة لا بد أن يُرد عليه؛ لأن قراءتها ركن.
إذا فتحنا على الإمام ولم يفهم، مثل أن يكون قام إلى زائدة، فتحنا عليه ما فهم، فهل لنا أن نتكلم معه بكلامٍ يفهمه أو لا؟ لا، ما نتكلم؛ لأن لو تكلمنا؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: لبطلت الصلاة، لكن نأتي بما يدل على ذلك، مثل أن نقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] أو نقول: {قُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] حسب ما نسي.
وقوله رحمه الله: (والفتح على إمامه) يُفهم منه أنه لا يفتح على غير إمامه؛ يعني: لو كان إلى جنبك إنسان يقرأ وأنت تصلي وغلط فلا تفتح عليه، لكن إذا فرغت من صلاتك يجب أيش؟ يجب أن تعلمه وتبين له ما أخطأ فيه، أما وأنت تصلي فلا؛ لأنك غير مأمور بالإنصات له، بخلاف الإمام.
قال: (ولبس الثوب والعمامة) كيف لبس الثوب وهو يصلي يلبس ثوبه؟ نعم له لبس الثوب، مثاله رجل يتهجد في ليالي الشتاء وأصابه البرد وهو يصلي، وعلى العلاقة ثوب معلق، فله أن يتناول الثوب ويلبسه، أفهمت؟ لا نقول: تبقى ترتعد من البرد وتنشغل في الصلاة، لا، ما نقول هكذا، نقول: الأمر واسع والحمد لله، تقدم والبس الثوب. وهل له خلع الثوب؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم من باب أولى؛ لأن الخلع أهون، فلو فرض أن الحر اشتد به وأراد أن يخلع شيئًا من ثيابه فله ذلك.
(لف العمامة) يعني: مثلًا العمامة ارتخت -العمامة اللي بتكور على الرأس- ارتخت العمامة فله أن يلفها؛ لأنه في حاجة، إذا لم يلفها ماذا (
…
)؟ أشغلته وإذا لفها زال الانشغال، ومن ذلك الحكه مثلًا، لو أنه التهب عليه جلده هل نقول: اصبر ولا تحك ولَّا حك؟
طلبة: حك.
الشيخ: حك؛ لأنه إذا حكها بردت واستراح، لكن إذا تصبر وتركها انشغل بها، والمقصود هو حضور القلب.
(ولبس الثوب والعمامة وقتل حية وعقرب وقمل) يعني: وله ذلك، وظاهر كلام المؤلف أنه يباح له قتل الحية والعقرب والقمل، وقد يقول قائل: إن المؤلف أراد أن ذلك ليس بممنوع، وإذا كان هذا المراد رجعنا إلى أصل قتل الحية والعقرب، قتل الحية مأمور به، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحيات، بل أمر بقتل العقرب (23)، وهي دون الحية، وأمر بقتلها حتى في الحرم لأنها مؤذية.
فنقول: إذا وجد المصلي حية فله أن يقتلها، عقربًا نعم له أن يقتله. له على سبيل الإباحة أو على سبيل الاستحباب؟
الثاني، لكن نقول: إنه لا يمنع من قتل الحية والعقرب، بالمناسبة الأيام هذه حر وسمعنا في الإذاعة أنه حر الموجة هذه عمت أوربا وتركيا، وأنه في تركيا هاجت العقارب، عجزت أن تبقى في جحورها وبدأت تلدغ الناس، ومات منها سبعة أنفار، سبحان الله، يعني: كيف الله سلط على بني آدم والله على كل شيء قدير، لولا حماية الله لنا لتسلطت علينا (
…
) وأهلكتنا.
القمل، ويش القمل هذا؟ أتعرفونه؟
طلبة: نعم.
الشيخ: من قال: نعم؟
طالب: حشرة تكون في الرأس.
الشيخ: حشرة تكون في الرأس.
الطالب: دويبة صغيرة تسير في الرأس ..
الشيخ: عن حشرة نقول: بويضة الآن؟
طالب: دويبة.
الشيخ: دويبة نعم.
الطالب: دويبة صغيرة تكون في الرأس وتأكل من الرأس فتؤذي ..
الشيخ: تأخذ شعره.
الطالب: لا، تأخذ من جلد الرأس ..
الشيخ: تأخذ أيش؟ تأخذ جلدًا.
الطالب: تأخذ منه ..
الشيخ: من الجلد؟
الطالب: إي نعم.
الشيخ: سبحان الله.
الطالب: يكون لها منقار (
…
) تغرسه في الرأس.
الشيخ: هذا التعريف طورها خلاها.
طالب: تعريف بالمهمة.
الشيخ: أيش تقول؟
طالب: نوع من الدويبة الصغيرة (
…
).
الشيخ: صحيح هي ما تقلع الجلد لكنها تثقب الجلد وتمص الدم، وهي صغيرة جدًّا يعني صغيرة يمكن ما تعرفونها حبة أيش؟ الخردل.
طالب: (
…
).
الشيخ: لا، صغيرة جدًّا.
طلبة: السمسم.
الشيخ: سمسم تقريبًا صغيرة تكون في الرأس كما في حديث كعب بن عجرة، قال: حُملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي (24).
وتكون أيضًا في الجسم، تكون في الجسم في اللباس، في القميص، في السروال، ولكنها تقرص الإنسان وتسحب منه الدم.
إذا أحس بالقملة وهو يصلي هل له أن يقتلها؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم يقتلها، طيب إذا كانت ريانة من الدم، يعني هي مثل التانك قبل ما تمص الدم خفيفة جدًّا ما فيها شيء، إذا مصت ما شاء الله انتفخت، فإذا قتلها سيكون في أصابعه دم؟
طلبة: يسير.
الشيخ: نقول: أما على القول بأن دم الآدمي طاهر فلا إشكال في ذلك، وأما على القول بأنه نجس فهذا يسير جدًّا ما يضر.
طالب: (
…
) إذا كان الإنسان والإمام سها في السجود -سجود الركعات- إذا كان سها عند السجدات سها الإمام في سجود الركعة؟
الشيخ: يعني سها تركها ولا زادها؟
الطالب: سها عنها.
الشيخ: سها عنها تركها؟
الطالب: تركها سهو ..
الشيخ: إي بس تركها؟
الطالب: إي نعم التنبيه يا شيخ (
…
) لأن بعض الناس خاف أكثر من التشويش عليه كمثل إنسان يقول: سبحان ربى الأعلى ينبه.
الشيخ: لا بأس، يعني يذكره بالذكر الوارد فيه.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: لا بأس طيب.
الطالب: ولَّا بالركوع: سبحان ربي العظيم.
الشيخ: وكذلك بالركوع هذا جيد.
طالب: شيخ (
…
) التنبيه كيف؟
الشيخ: يقول: سبحان الله في حالة التنبيه، لكن إذا لم يفهم أحيانًا ما يفهم (
…
) العلم نقول مثلما قال الأخ، نذكر الذكر الوارد حتى ينتبه أن المتروك هو هذا.
***
طالب: (
…
) وصحبه أجمعين، قال المصنف رحمه الله تعالى في باب صفة الصلاة:
فإن أطال الفعل عرفًا من غير ضرورة ولا تفريق بطلت ولو سهوًا، ويباح قراءة أواخر السور وأوساطها، وإذا نابه شيء سبح رجل وصفقت امرأة ببطن كفها على ظهر الأخرى، ويبصق في الصلاة عن يساره وفي المسجد في ثوبه.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ذكر المؤلف رحمه الله أن للمصلي رد المار، فما هو ظاهر كلام المؤلف؟
طالب: ظاهر كلام المؤلف يرد على كل هذا.
الشيخ: لا، بس (وله رد المار).
الطالب: إي نعم، يعني ما الحكم؟
الشيخ: إي الحكم أنه سنة ولَّا واجب ولَّا مباح؟
الطالب: (
…
) إنه سنة أو ..
الشيخ: لا، كلام المؤلف:(له رد المار).
الطالب: إي نعم.
الشيخ: (
…
)؟
الطالب: على أنه مباح.
الشيخ: على أنه مباح، تمام، هل هناك قول آخر؟
طالب: إي نعم يا شيخ، أنه سنة.
الشيخ: أنه سنة، هل هناك قول ثالث؟
طالب: أنه واجب.
الشيخ: أنه واجب، على القول بأنه واجب هل يجب، وإن لم يكن للإنسان سترة؟ أو لا يجب إلا إذا كان له سترة؟
طالب: الأظهر (
…
).
الشيخ: أيش؟
الطالب: الأظهر أنه ..
الشيخ: أيش الأظهر؟
الطالب: أنه يجب.
الشيخ: يعني وصلت إلى حد الاجتهاد تقول: أظهر ولا غير أظهر؟
الطالب: (
…
) أنه يجب عليه رده (
…
).
الشيخ: إي يعني الراجح أنه يرده، سواء كان بين يديه سترة أو لا، وبعض العلماء يقول: لا يجب إلا كان؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: بين يديه سترة؛ لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ» (25).
قول المؤلف رحمه الله: (له الفتح على إمامه) هل على إطلاقه؟
طالب: نعم يا شيخ، على الإطلاق.
الشيخ: على إطلاقه، الفتح على الإمام على الإطلاق، يعني يجوز أن تفتح ويجوز ألا تفتح؟
الطالب: لا يا شيخ ليس على الإطلاق.
الشيخ: كيف (
…
)؟
طالب: أحيانًا يكون واجبًا وأحيانًا يكون (
…
).
الشيخ: متى يكون واجبًا؟
الطالب: إذا كان في الفاتحة يا شيخ.
الشيخ: يعني: إذا أخل بما يجب، إذا أخل القاعدة عشان يدخل الفاتحة الركوع السجود إذا أخل الإمام بما يجب.
طالب: يجب الفتح ..
الشيخ: وجب فتح، وإن أخل بما لا يجب لم يجب لكن الأفضل الفتح.
إذا كان الإمام لو أنا فتحنا عليه لارتبك ارتباكًا أكثر، هل نرد عليه؟
طالب: إذا كان في واجب فإننا نرد عليه، أما إذا كان في ..
الشيخ: إذا كان في واجب رددننا عليه.
طالب: نعم، أما إذا كان ..
الشيخ: كالفاتحة مثلًا.
طالب: نرد عليه، أما إذا كان في قراءة غير الفاتحة.
الشيخ: إذا كان في غير واجب.
طالب: فإننا لا نرد عليه حتى لا يزداد ارتباكًا.
الشيخ: نعم تمام، المؤلف يقول:(له لبس الثوب) هل هذا على إطلاقه؟
طالب: (
…
).
الشيخ: يعني يجوز ألبس ثوبك؟
الطالب: نعم.
الشيخ: يعني مثلًا واحد يصلي، كان يصلي بالأول بثياب عادية وفي يوم دخل ناس راح ولبس الثياب الثانية، يصلح ويصلي، توافقون على هذا؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، ما نوافق على هذا، لكن له ذلك إذا احتاج إليه، إما كما قلنا: إما شدة البرد.
طلبة: أو شدة الحر.
الشيخ: نعم أو شدة الحر فيما إذا خلعه.
***
يقول رحمه الله: (فإن أطال الفعل عرفًا من غير ضرورة ولا تفريق بطلت ولو سهوًا).
(إن أطال الفعل) يعني هذا العمل كقتل الحية والعقرب والقمل، إذا أطال الفعل عرفًا من غير ضرورة ولا تفريق.
إن أطال الفعل هل هذا الطول مقدر بالشرع كثلاث حركات مثلًا؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، بالعرف، وكيف نقدره بالعرف؟
لأن من الناس من لا يهتمون بالعبث في صلاتهم، ومن الناس من يهتمون كثيرًا، نقول: التقدير أقرب شيء يقال: إذا رأينا هذه الحركة تنافي الصلاة وكأن المتحرك لا يصلي فهذا طول، ولذلك ربما تكون هيئة الفعل مبطلة للصلاة، وإن كانت قليلة، أرأيتم الضحك؛ لو ضحك الإنسان وهو يصلي تبطل الصلاة أو لا؟ تبطل، ولو قليلة؛ لأن الضحك يُنبئ عن عدم الصلاة، بخلاف حركته بيديه أو في رجليه مثلًا فهذا لا بد أن يكون.
وقوله: (من غير ضرورة) فإن كان لضرورة فإن الصلاة لا تبطل، لو فرضنا أن الحية هاجت عليه وثارت عليه واحتاج إلى عمل كثير يدافع عن نفسه، فإن الصلاة لا تبطل، حتى لو انصرف عن القبلة ليأخذ الحجر أو ليأخذ العصا فالصلاة لا تبطل، لماذا؟
طلبة: ضرورة.
الشيخ: لأن هذا ضرورة، وقد قال الله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] ومعلوم أن الراجل الذي يمشي على رجليه يتحرك حركاتٍ كثيرة.
الشرط الثالث: (ولا تفريق) يعني: لم يفرق الأفعال، فإن تحرك في الركعة الأولى ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة إن نظرنا إلى مجموعها قلنا: هذا طويل، وإن نظرنا إلى كل واحد بانفراده قلنا: إنه قليل، فهل نقول: الاعتبار بالمجموع أو نقول: لما تفرقت الأفعال صار لكل فعل حكم نفسه؟
الجواب: الثاني، ولهذا قال:(ولا تفريق).
وهنا يحسن أن ننبه إلى أن الحركة في الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام تجري فيها الأحكام الخمسة: واجبة وحرام ومستحبة ومكروهة ومباحة، خمسة أقسام: واجبة وحرام ومستحبة، مكروهة، مباحة.
الحركة واجبة: ما تتوقف عليها صحة الصلاة هذه واجبة، ما تتوقف عليها صحة الصلاة فالحركة هنا واجبة، ولها أمثلة؛ منها: رجل في البر مجتهد فصلى إلى الشمال والقبلة غرب، فجاءه رجل وقال: إن القبلة على يسارك غرب، هنا الحركة؟
طلبة: واجبة.
الشيخ: واجبة.
إنسان يصلي وتذكر أن في غترته نجاسة، الحركة؟
طلبة: واجبة.
الشيخ: واجبة؛ لأنه يتوقف عليها؟
طلبة: صحة الصلاة.
الشيخ: صحة الصلاة.
الحركة المحرمة هي التي تجمع هذه القيود الثلاثة نعم، بل أربعة؛ لأن الرابع ما ذكره المؤلف أن يكون العمل كثيرًا، وأن يكون أيش؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: من غير ضرورة، وألا يكون مفرقًا، وأن يكون من غير جنس الصلاة، فلو ركع أربع مرات سهوًا ما تبطل الصلاة؛ لأنه من جنس الصلاة، لكن المراد من غير جنس الصلاة، فتكون الشروط أربعة: عمل كثير متوال من غير ضرورة، وليس من جنس الصلاة، هذا حرام.
ومتى يباح هذا الحرام؟ يباح عند الضرورة، والضرورة ضابطها أنه لو لم يفعل لحصل له الضرر أو الموت، هذا ضرورة، فيكون الضرورة جائزة.
المستحب -الحركة المستحبة- ما يتوقف عليه كمال الصلاة، فمن ذلك التقدم والتأخر في الصف، والقرب والدنو، هذا حركة مستحبة.
إنسان تقدم على الصف نقول: تأخره مستحب، إنسان تقلص عن الصف قربه من الرجال من الصفوف مستحب، إذن ما هو الضابط؟ ما يتوقف عليه؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: كمال الصلاة، إدارة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عبد الله بن عباس حين وقف عن يساره في صلاة الليل حتى جعله عن يمينه (26) من أي القسمين؟
طلبة: المستحب.
الشيخ: أو من الواجب؟
طلبة: المستحب.
الشيخ: فيه خلاف من العلماء، من يقول: إنه من الواجب وهو المذهب، ولهذا قالوا: لو صلى عن يسار الإمام فصلاته باطلة، والصحيح أنه من المستحب؛ لأن هذا مجرد فعل، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب كما هي القاعدة المعروفة في أصول الفقه: أن فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المجرد لا يدل على الوجوب، بقي عندنا؟
طلبة: المكروه.
الشيخ: المكروه، المكروه كل عمل لا تدعو إليه الحاجة ولا يتوقف عليه فعل واجب ولا فعل مستحب، هذا المكروه، والمباح اليسير الذي تدعو الحاجة إليه، هذا المباح. ما رأيكم في الحكة، إذا اشتب عليه الجلد، هل نقول: من الحركة المستحبة أو المباحة؟
طلبة: المستحبة.
طالب: تفصيل، قد تكون واجبة.
الشيخ: حكة من المستحبة؛ لأنه لا شك إذا بردت عليه الحكة حضر قلبه أكثر واطمأن، فهيجان الحكة على الإنسان التي يسمونها الحساسية لا شك أنها تشغله، فهي كالصلاة بحضرة طعام أو مع مدافعة الأخبثين، الحركات كم؟
طلبة: خمسة.
الشيخ: خمسة أقسام.
قال: (ولو سهوًا) يعني: إذا تحرك حركة كثيرة بغير ضرورة متوالية ولو سهوًا بطلت الصلاة.
وقوله: (ولو سهوًا) فيه إشارة خلاف؛ لأن بعض العلماء يقول: إذا كانت سهوًا فإنها لا تبطل الصلاة؛ لأن الحركة من باب فعل أتم؟
طالب: المحظور.
الشيخ: المحظور، وفعل المحظور يسقط إثمه، وحكمه بالنسيان أو الجهل.
فالمسألة إذن فيها قولان: يعني: لو صار إنسان غفل وصار يتحرك كثيرًا ناسيًا، فالمذهب أن الصلاة تبطل، وعللوا ذلك بأن هذا مفسد للصلاة، فاستوى عمده وسهوه، كما لو أحدث الإنسان في صلاته، يعني سها وهاجت عليه الريح فأحدث ناسيًا؛ لأنه لو ذكر أنه في صلاة لحبسها، لكن نسي وأطلقها، فهل تبطل الصلاة؟
تبطل، يكون الفعل كذلك إذا أطال الفعل ولو نسيانًا بطلت الصلاة، ولكن يفرق بين هذا وبين مسألة الحدث بأن الحدث إذا وجد فقد شرطًا من الشروط، وهو أيش؟
طلبة: الطهارة.
الشيخ: الطهارة، فيكون من باب ترك المأمور.
(وتباح قراءة أواخر السور وأوساطها) المشروع أن الإنسان يقرأ السورة كاملة، ولم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يفرق السورة في الركعتين في الفريضة، فالأفضل أن تقرأها كاملة، لكن قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد فرق السورة الطويلة في ركعتين وأنه أصابته كحة في أثناء القراءة فركع (27) وفرق السورة، ولهذا نقول: القول الراجح أنه لا بأس أن يقرأ أواخر السور وأوساطها، وأن يفرق السورة في الركعتين، الدليل؟
الدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في سنة الفجر أحيانًا قول الله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} إلى آخرالآية [البقرة: 136] وفي الركعة الثانية أيش؟ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (28)[آل عمران: 64].
وما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل، وهنا ليس عندنا دليل يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى في الفريضة عن قراءة الآيات في أثناء السورة، ولعموم قوله تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20].
أما ما يفعله بعض الأئمة الآن من كونك لا تكاد تسمعهم قرؤوا سورة؛ دائمًا يقرؤون من أثناء السور، فهذا خلاف السنة لا شك، لكن لا بأس أحيانًا أن يقرأ من أواسط السور وأواخرها وأوائلها، أما أن يجعل ذلك ديدنه فهذا خلاف السنة، السنة أن يقرأ في صلاة الفجر من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره، وفي الباقي من أوساطه، وأبعد عن السنة من كان يفعل ما يبدأ به من أول القرآن ثم يختمه إلى آخره، وإذا قيل له ذلك إذا قيل له كيف هذا؟ قال: لأجل أن يسمع الناس جميع القرآن، فيقال: وهل عندك في هذا دليل؟
إن قال: نعم قلنا: هاته، وإن قال: لا قلنا: هل أنت أحرص من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلم القرآن أو يتعلم القرآن الناس كلهم؟
سيقول: لا، ولذلك جاء تعميم من وزارة الأوقاف الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أن هذا ليس من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، وقرأ في الجمع.
(وإذا نابه شيء)، (نابه) أي أصابه، أي الإمام (شيء سبح رجل وصفقت امرأة ببطن كفها على ظهر الأخرى).
إذا ناب الإمام شيء إما خطأ أو زيادة ركوع أو سجود، فماذا يصنع من وراءه؟
يقول: (سبح رجل) وقال: سبحان الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك فقال: «إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ» (29).
والحكمة في أن الرسول صلى الله عليه وسلم اختار التسبيح؛ لأن خطأ الإنسان يعتبر نقصًا والتسبيح تنزيه لله عز وجل، فكأنه يقول: إنه ناقص والكمال لمن؟ لله عز وجل، ولذلك كان الناس مع الرسول عليه الصلاة والسلام في السفر إذا علوا نشزًا؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: كبروا؛ لئلا يشمخ الإنسان بنفسه ويقول: علوت علوت، فنقول: كبر، اذكر كبرياء الله، وإذا نزلوا واديًا سبحوا (30)؛ لأن النزول سفول؛ نقص، فيسبحون الله عز وجل. يسبح الرجل يقول: سبحان الله، إذا لم يفهم نرده سبحان الله، إذا لم يفهم؟
قال لنا الأخ البارحة ماذا قلت؟
طالب: أقول يا شيخ: إذا سها في الركوع نقول: سبحان ربى العظيم، وإذا سها في السجود نقول: سبحان ربي الأعلى.
الشيخ: يعني يذكر الذكر الذي يكون في هذا الذي أخطأ فيه، المرأة يقول:(صفقت امرأة ببطن كفها على ظهر الأخرى) هكذا، هذا البطن ما هو ده البطن؟ الظهر هذا.
وقيل: بظهر كفها على بطن الأخرى، يعني عكسها أيضًا، كيف؟
وقيل: ببطن كفها على بطن الأخرى هكذا.
الواقع أن هذا يعود للعادة، ما فيه شيء بالسنة، الرسول قال:«تُصَفِّقُ النِّسَاءُ» (29).
فإذا كنا في بلد من عادتهم أنهم يصفقون هكذا، ببطنها على الظهر، أو بظهرها على البطن، أو بالبطن على البطن، عملنا بالعادة، وإلا فالإنسان مخير؛ لأن هذه ليس فيها توقيف.
والتصفيق للرجال هل هو من المنهي عنه أو لا؟
يقال: لا، ليس من المنهي عنه؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم أذن للنساء بالتصفيق، ولو كان التصفيق منهيًّا عنه لذاته لنهي عنه الرجال والنساء، لكن النساء أمرن بالتصفيق لئلا تظهر أصواتهن، وظهور أصواتهن في الصلاة قد يكون فتنة، فلذلك أمرن بالتصفيق، أما الرجال فأمروا بالتسبيح لأنه وإن ظهر صوته لا يضر، ولهذا جاء في بعض ألفاظ الحديث:«إِذَا نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ فَلْيُسَبِّحِ الرِّجَالُ وَلْتُصَفِّقِ النِّسَاءُ» (29)، وعلى هذا فلا يظهر لي أن التصفيق عند الإعجاب بالشيء يكون مكروهًا، لا سيما في تعليم الصغار، الصغير اللي في الابتدائي إذا أصاب في الجواب ثم صفقوا له أيش؟
طلبة: يفرح.
الشيخ: يكاد يطير من الفرح، لكن لو (
…
) ما شاء الله جيد جيد يعني ما يقابله بالحماس.
استدلال بعضهم على كراهة التصفيق لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35] فيقال: نعم إذا استبدل الإنسان التسبيح والتهليل والتكبير والقراءة بالتصفيق والصفير فلا شك أن هذا من فعل الجاهلية؛ لأن الله يقول: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} ، فهم يتعبدون بذلك، فمن تعبد به فهو مشابه للمشركين، وأظن بعض الفرق المبتدعة تصفق في الذكر.
طلبة: الصوفية.
الشيخ: صحيح، إي نعم صحيح، تصفق، وبعضهم تذمر الصفير، وبعضهم تخبط على الأرض بالسوط، ويقال له: التغبير، تغبير يعني اضرب الأرض، ولو ضربت بشدة تغبر أكثر، فيقولون: إن الذي يضرب بشدة عند الذكر يدل على عمق العبادة، ولهذا يضرب بشدة حتى يطير الغبار، وسمعنا أيضًا أن بعض الناس من المبتدعة يرقصون عند الذكر، صح؟
طالب: إي نعم.
الشيخ: صحيح، إذن تصفيق ورقص وصفير وتغبير.
طلبة: (
…
).
الشيخ: بعض طبول، أعوذ بالله، على كل حال كما سمعتم لا يظهر التشديد أو القول بالكراهة فيما إذا صفق الإنسان عند الإعجاب.
قد يقول قائل: هذه العادة مأخوذة من الكفار فتكره للتشبه. قلنا: إن ما حرم لعلة زال بزوالها، فإذا انتشر الفعل في المسلمين وصار المسلمون يفعلونه كما يفعل الكفار وليس محرمًا لذاته زال التشبه، وإذا زال التشبه زال الحكم.
***
طالب: (
…
) وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المؤلف رحمه الله تعالى في باب صفة الصلاة:
ويبصق في الصلاة عن يساره، وفي المسجد في ثوبه، وتسن صلاته إلى سترة قائمة كمؤخرة الرحل، فإن لم يجد شاخصًا فإلى خط، وتبطل بمرور كلبٍ أسود بهيم فقط، وله التعوذ عند آية وعيد والسؤال عند آية رحمة ولو في فرض.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هل يتعين التسبيح عندما ينوب المصلي شيء أو يجوز أن ينبه بشيء آخر؟
طالب: يتعين التسبيح.
الشيخ: يتعين لو نحنح؟
طالب: لا، لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز، توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: لا، النحنحة جائزة؛ لأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: كان لي مدخلان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحدهما في الليل والثاني في النهار، فإذا دخلت وهو يصلي تنحنح لي (31).
فالتنبيه بالنحنحة جائز لكن بالتسبيح أفضل.
لماذا جعل التسبيح للرجال والتصفيق للنساء؟
طالب: الصوت للنساء عورة في الصلاة.
الشيخ: نعم.
الطالب: والرجل (
…
).
الشيخ: توافقون على هذا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: صوت المرأة ليس بعورة لا في الصلاة ولا في غيرها؛ لقول الله تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ} [الأحزاب: 32] فإن النهي عن الخضوع يدل على جواز مطلق القول، لكنه ربما يحصل فيه فتنة، فالعلة ليس لأن صوتها عورة لكن خوفًا من الفتنة.
المؤلف وصف التصفيق بماذا؟
طالب: ببطن كفها على ظهر الأخرى.
الشيخ: كيف؟
الطالب: هكذا.
الشيخ: هكذا، أنا رأيت بعض الناس يصفق هكذا، بعض الرجال إذا أراد ينبه أحدًا، في رأي آخر رأي ثالث وقلنا: إن الأمر في هذا واسع، المقصود التنبيه.
***
ثم قال المؤلف رحمه الله: (ويبصق في الصلاة عن يساره وفي المسجد في ثوبه).
يعني: إذا بدره البصاق أو النخامة فإنه يبصق عن يساره كما جاء به الحديث، وهذا يستلزم أن يلتفت المصلي، والالتفات هنا جائز للحاجة إليه فيبصق عن يساره، ويجوز أن يبصق تحت قدمه كما جاء به الحديث أيضًا.
في المسجد يقول: إنه يبصق في ثوبه لماذا؟
لأنه لو بصق عن يساره وقع البصاق في المسجد، وهذا تلويث وإهانة للمسجد، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ» (32) يعني أنه إثم.
وأيضًا فيه محظور آخر إذا كان في جماعة وهو في الصف إذا بصق عن يساره أين يقع؟
طالب: على من يساره.
الشيخ: على الذي عن يساره، فيكون فيه محظور آخر، إذن يبصق في ثوبه.
والمراد بالثوب هنا: القميص، الغترة، الرداء، الإزار، حسب ما يتيسر له، وإذا كان معه منديل ففي المنديل.
نستفيد من هذا فوائد:
أولًا: أن البصاق طاهر؛ لأنه لو كان نجسًا ما جاز أن يبصق في ثوبه.
ثانيًا: أنه ينبغي للإنسان أن يزيل عنه ما تتقزز منه النفوس، ولهذا قلنا: إذا بصق في ثوبه فإنه يحك بعضه ببعض حتى تذهب صورة البصاق.
ثالثًا: أن هذه الحركة مطلوبة أو مباحة؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: لا، مطلوبة؛ لأنه لا يمكن أن يبتلع النخامة، لا بد أن يخرجها من فمه، فإن بلع النخامة حرام لا في الصيام ولا في الإفطار.
يستفاد من ذلك أيضًا: تنزيه المسجد عن البصاق فيه، فإن قال قائل: ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: «الْبُصَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» (32) قلنا: بلى، لكن إثبات أنها خطيئة يدل على التحريم أو على الأقل الكراهة.
أما بيان دواء هذه في قوله: «وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» فلا يدل على الجواز.
أرأيت مثلًا الجماع في نهار رمضان خطيئة وفيه كفارة، هل نقول: يجوز للإنسان أن يجامع ويكفر؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: لا يجوز، وعلى هذا فالبصاق في المسجد إما محرم أو مكروه.
قال: (وتسن صلاته إلى سترة قائمة).
(تسن صلاته) الصلاة هنا بمعنى أن يصلي، فهي مصدر وليس المراد به أفعال الصلاة، المراد المصدر، يعني يسن أن يصلي إلى سترة، ويسن في السترة أن تكون قائمة كآخرة الرحل، فإن لم يمكن فإلى عصا، فإن لم يمكن خط خطًّا كما ذكر المؤلف:(فإن لم يجد شاخصًا فإلى خط).
أفاد المؤلف رحمه الله أن الصلاة إلى السترة سنة لكن في حق من؟
في حق الإمام وحق المنفرد، أما المأموم فلا يسن أن يصلي إلى سترة؛ لأنه تابع لإمامه، ولأن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يتخذون السترة مع نبيهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وما ذهب إليه المؤلف رحمه الله من أن الصلاة إلى السترة سنة هو الذي عليه جمهور العلماء وعليه تدل ظواهر النصوص، وذهب بعض أهل العلم إلى أن اتخاذ السترة واجب، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر به، والأصل في الأمر: الوجوب ولكننا نقول: إن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاته إلى غير سترة (33) يدل على أن الأمر ليس للوجوب.
وأيضًا فإن هذه السترة يراد بها منع المار وليس لها علاقة في نفس الصلاة لا هي بستر عورة ولا اجتناب نجاسة ولا حدث، فلا تكون واجبة، وهذا القول هو الراجح، أعني أن السترة سنة وليست واجبة.
ولكن لها آداب، منها: أن يقرب الإنسان منها؛ لأن قربه منها أحصر لنظره، ولئلا يتحجر مكانًا يحجزه عن غيره؛ لأنك لو أبعدت السترة عنك فما بينك وبين سترتك لا يجوز لأحد أن يمر به، فلتكن السترة على قدر حاجتك، وعلى هذا فنقول: يسن للإنسان أن يقرب من سترته بقدر حاجته.
آخرة الرحل تقريبًا ثلثا ذراع، وقد تصل إلى الذراع، وهي عبارة عن عود فيه خشبة يجعلها الراكب خلف ظهره ليستند إليها، وكانوا يستعملونها فيما سبق لكن الآن أتى الله بهذه السيارات كفاية عنها.
(فإن لم يجد شاخصًا) وهذا يشمل الشاخص الصغير والكبير (فإلى خط) يعني: فليخط خطًّا، وهذا في المساجد الرملية أو الحصوية واضح يمكن أن يخط خطًّا، لكن في مثل مساجدنا اليوم فُرُش لا يمكن أن يخط خطًّا، ولكن هذا الخط الملون لأن هذا الخط الملون مجرد تلوين وليس له جرم، بخلاف الخط في الرمل أو في الحصباء فإنه ينحفر ويكون له جرم.
(فإن لم يجد شاخصًا فإلى خط، وتبطل) يعني الصلاة (بمرور كلب أسود بهيم فقط) تبطل الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة بمرور كلب أسود، مرور يعني عرضًا، بمعنى أن يأتي من اليمين إلى الشمال، أو من الشمال إلى اليمين، إذا مر بينك وبين سترتك أو مر بينك وبين موضع سجودك إن لم يكن لك سترة.
وقوله: (كلب أسود) يعني لونه السواد، (بهيم) أي: خالص السواد ليس مع هذا اللون شيء؛ لأن البُهم تطلق بمعنى العدم، ومنه الحديث أن الناسَ يُحْشَرُونَ يومَ القيامةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا (34) بهمًا يعني ليس معهم شيء، فالبهيم معناه أنه ليس مع سواده لون آخر.
وقوله: (فقط) التفقيط هنا ليخرج المرأة والحمار، فعلى هذا يكون ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله أن المرأة والحمار لا تبطل الصلاة بمرورهما، بل الكلب الأسود البهيم، واستثنى بعض العلماء من البهيم ما كان فوق عينيه نقطتان بيضاوان؛ فإن هذا لا يضر، بمعنى أنه يقال: إنه بهيم ولو كان فيه هاتان النقطتان؛ لأنه لو سألت الناس: ما تقولون في هذا الكلب؟ لقالوا: أسود.
وقوله: (فقط) هذا ما ذهب إليه المؤلف وهو المذهب، والصواب أن الصلاة تبطل بمرور الكلب الأسود والمرأة البالغة والحمار، سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، أسود أو غير أسود.
المرأة لا بد فيها من أن تكون بالغة؛ لأنه في بعض ألفاظ الحديث: «الْمَرْأَةُ الْحَائِضُ» (35) يعني: التي بلغت سن المحيض، وعليه فالذي يبطل الصلاة ثلاثة: الكلب الأسود البهيم، والثاني المرأة البالغة، والثالث الحمار مطلقًا.
فإذا قال قائل: ما الحكمة من هذا؟ لماذا تبطل الصلاة بمرور هذه الأشياء؟
الجواب: أن بعض العلماء يقول: إن ذلك تعبدي، أي: نتعبد لله به وإن لم نعرف الحكمة، ولا شك أن هذه علة صحيحة - علة التعبد لله - لا شك أنها علة صحيحة، ولهذا لما سُئلت عائشة: ما بال الحائض تقضي الصوم دون الصلاة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (36).
وبعضهم قال: إن هذا معلل، أما الكلب الأسود فقد علله الرسول عليه الصلاة والسلام حين سئل: ما بال الأسود من الأحمر من الأبيض؟ فقال: «الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ» (37)، شيطان يعني أنه شيطان الكلاب وليس شيطان الجن، ولهذا نسمي الرجل المجرم شيطانًا، وهو شيطان إنس، كما قال الله عز وجل:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: 112].
المرأة البالغ تقطع الصلاة لعلة؛ لأن مرورها قد يأخذ بقلب المصلي، ولا سيما إن كانت زوجته أو كانت امرأة جميلة.
بقينا بالحمار ويش العلة فيه؟
العلة لأن الحمار من أقبح الحيوانات وأبلدها وأنكرها صوتًا، فإن كانت هذه العلة فهي العلة، وإن لم تكن فالعلة أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك ونقول: سمعًا وطاعة.
وذهب بعض العلماء إلى أن الحمار والمرأة لا يقطع الصلاة كما هو المذهب؛ استدلوا بما لا دلالة فيه بالنسبة للمرأة استدلوا بإنكار عائشة؛ أنكرت عائشة أن تكون المرأة تقطع الصلاة وقالت: شبهتمونا بالكلاب، لقد كنت أنام معترِضة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي (38).
فأنكرت واستدلت، أنكرت بعقلها رضي الله عنها وهذا في الواقع غير مقبول؛ لأن معارضة النص بالقياس لا تجوز، واستدلت بدليل أنها كانت تنام معترضة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي.
وله التَّعَوُّذُ عندَ آيةِ وَعيدٍ، والسؤالُ عندَ آيةِ رَحمةٍ ولو في فَرْضٍ.
(فصلٌ)
أركانُها: القِيامُ والتحريمةُ والفاتحةُ والركوعُ والاعتدالُ عنه والسجودُ على الأعضاءِ السبعةِ والاعتدالُ عنه،
والسجودُ على الأعضاءِ السبعةِ والاعتدالُ عنه، والجلوسُ بينَ السجدتينِ والطُّمأنينةُ في الكلِّ والتَّشَهُّدُ الأخيرُ وجَلستُه، والصلاةُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فيه، والترتيبُ والتسليمُ.
و (واجباتُها): التكبيرُ غيرُ التحريمةِ والتسميعُ والتحميدُ وتَسبيحَتَا الركوعِ والسجودِ، وسؤالُ الْمَغفِرَةِ مَرَّةً مَرَّةً، ويُسَنُّ ثَلاثًا، والتشَهُّدُ الأَوَّلُ وجَلْسَتُه، وما عَدَا الشرائطَ والأركانَ والواجباتِ المذكورةَ سُنَّةٌ،
(باب سجود السهو)
يُشْرَعُ لزيادةٍ ونَقْصٍ وشَكٍّ، لا في عَمْدٍ في الفَرْضِ والنافلةِ، فمتى زَادَ فِعْلًا من جِنْسِ الصلاةِ؛ قِيامًا أو قُعودًا أو رُكوعًا أو سُجودًا
فمتى زَادَ فِعْلًا من جِنْسِ الصلاةِ؛ قِيامًا أو قُعودًا أو رُكوعًا أو سُجودًا عَمْدًا بَطَلَتْ، وسَهْوًا يَسْجُدُ له، وإن زَادَ رَكعةً فلم يَعْلَمْ حتى فَرَغَ منها سَجَدَ، وإن عَلِمَ فيها جَلَسَ في الحالِ فتَشَهَّدَ إن لم يكنْ تَشَهَّدَ وسَجَدَ وسَلَّمَ، وإن سَبَّحَ به ثِقتانِ فأَصَرَّ ولم يَجْزِمْ بصَوابِ نفسِه
لا تجوز.
استدلت بدليل أنها كانت تنام معترضة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي (1).
فيقال: لا دلالة؛ لأن الذي يقطع الصلاة هو مرور المرأة، لا وجود المرأة بين يدي المصلي، فانفكت الجهة.
أما من قالوا: إن الحمار لا يقطع، فاستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو في منى، وكان راكبًا على حمارة أنثى، فنزل ودخل في الصف، وترك الحمار يرتع بعد أن مر بين يدي بعض الصف. (2)
ولكن لا دلالة في هذا؛ لأن مروره بين يدي بعض الصف لم يقطع الصلاة؛ لأن سترة الإمام سترة لمن خلفه، فلا دلالة فيه على أن الحمار لا يقطع الصلاة.
وترك الأتان يرتع، هل نحن علمنا أن الأتان مرت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، ما ندري، هي ترتع، ترعى، قد تكون أبعدت عن الصف، وحينئذ لا دلالة في ذلك.
فالصواب إذن أن الثلاثة كلها تقطع الصلاة، ولكن إذا قطعت الصلاة هل المراد قطع الكمال، أو المراد قطع الصحة؟
طلبة: الثاني.
الشيخ: الثاني، هذا هو الأصل؛ أنها تقطع الصلاة قطع بطلان، وعليه أن يستأنف.
لكن لو كثر مرور النساء بين يديه كما يوجد في المسجد الحرام أو المسجد النبوي، وصار لا يستطيع أن يرد لكثرة العمل، لو جعل يردهن فهل نقول: إن هذا يُعْفَى عنه، أو لا؟
ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يُعْفَى عنه، وهذا حق، يُعْفَى عنه فيما لا يمكن أن يصلي في غير هذا المكان، كما لو قام المسبوق بعد سلام الإمام يصلي، فهو الآن في فريضة، ولا يمكن أن يذهب إلى مكان آخر يصلي، فهنا نقول: لأجل الضرورة لا حرج عليه.
أما لو كان يمكن أن يصلي في موضع آخر نقول له: اترك هذا المكان وصلِّ في موضع آخر، صلِّ في بيتك، قال: صلاتك في بيتك أفضل.
(وَلَهُ التَّعَوُّذُ عِنْدَ آيَةِ وَعِيدٍ، وَالسُّؤَالُ عِنْدَ آيَةِ رَحْمَةٍ، وَلَوْ فِي فَرْضٍ).
(له) أي للمصلي.
(أن يتعوذ عند آية وعيد)، مثل أن يمر بذكر النار، أو بذكر جزاء الكافرين، فيقول: أعوذ بالله من ذلك.
(آية رحمة) مثل أن يمر بذكر الجنة، أو بذكر أهل الجنة وجزائهم، فيسأل الله من فضله.
فيه أيضًا زيادة ثالثة: إذا مر بآية تسبيح فإنه يُسَبِّح، يعني آية فيها تعظيم لله عز وجل فإنه يسبِّح كما جاء ذلك في حديث حذيفة.
وقوله: (ولو في فرض) إشارة خلاف؛ لأن بعض العلماء يقول: لا يفعل هذا في الفرض اقتصارًا على ما جاء به النص؛ إذ لم يُرْوَ عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه فعل ذلك في الفريضة، لكن ثبت عنه أنه فعله في النافلة في صلاة الليل، حين كان معه حذيفة رضي الله عنه، يقول: فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، لا يمر بآية رحمة إلا سأل، ولا آية وعيد إلا تعوذ، ولا آية تسبيح إلا سَبَّحَ (3).
أما الفريضة فلم يَرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك.
لكن ما ذهب إليه المؤلف أقرب للصواب، لماذا؟ لأن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل.
ولكن لنا أن نقول: أما في النفل فسنة، ولا سيما في صلاة الليل؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فعله، وأما في الفريضة: فمباح وليس بسنة؛ مباح لأن الأصل أن ما جاز في النافلة جاز في الفريضة، ولأنه لم يأتِ بما يبطل الصلاة، إما تسبيح أو تعوُّذ أو دعاء.
ولكن كوننا نطلب منه أن يفعل وجميع الواصفين لصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في الفريضة لم يذكروا أنه كان يتعوَّذ عند آية الوعيد، ولا يسأل عند آية الرحمة، ولا يسبِّح عند آية التسبيح، هذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يفعل ذلك، وأنه إنما فعله في صلاة الليل؛ لأنه يُطْلَب فيها التطويل، تطويل القراءة وترتيلها، فيستحب في النافلة ويجوز في الفريضة.
طالب: (
…
) أن القول الراجح أن الكلب الأسود مروره يقطع الصلاة، واشترطنا أن يكون الكلب بهيمًا.
الشيخ: نعم.
طالب: لكن يا شيخ الحديث أشكل عَلَيَّ، يعني يكون الحديث فيه أسود بإطلاق.
الشيخ: نعم.
الطالب: فيعم ما كان أسودًا بهيمًا، أو كان أسود بالتغليب، ماذا يا شيخ؟
الشيخ: يعم ما كان أسودًا بهيمًا، هذا لحن.
الطالب: أسودَ بهيمًا.
الشيخ: نعم. لا، هو إذا أُطْلِقَ الوصف فالمراد العموم، هذا الأصل، إذا قلت: هذا أبيض، هذا أسود، الأصل العموم.
طالب: عفا الله عنك يا شيخ، سؤال المصلي في الفريضة يا شيخ، إذا كان مع إمام، المأمومين يشكل عليهم يعني، إذا كان يصلي لحاله يا شيخ (
…
)؟
الشيخ: هو ما دام إن الأمر مباح الحمد لله، إذا رأيت فيه المصلحة فالقاعدة عندنا: أن المباح إذا تضمن مصلحة صار مطلوبًا.
طالب: شيخ، هل يقاس مرور الكلب على مرور الخنزير؟
الشيخ: لا، ما يقاس عليه.
كما أنه لا يقاس عليه في التطهير، الكلب لا يَطْهُر إلا بسبع غسلات إحداها بالتراب، والخنزير لا، يطهر مثل غيره.