الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رجل رضع من امرأة زيد، وكان لزيد امرأة أخرى لها بنات، هل يجوز أن يتزوجهن؟
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز، ليش؟ لأنهن من فروع صاحب اللبن. أرجو -إن شاء الله- أن الأمر واضح الآن.
إن رجعنا إلى العد فنقول: المحرمات بالرضاع سبع كالمحرمات بالنسب، اقرأ الآية:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: 23] نظيرهن من الرضاع تمامًا حرام، انظر أيها أسهل لك؛ الحد أو العد، لكن الحد يحصر لك الجهات التي يؤثر فيها الرضاع أو لا يؤثر.
[شروط الرضاع المحرِّم]
قال: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)(النسب) يعني: القرابة.
(والمحرِّم خمس رضعاتٍ) بدأ المؤلف بشروط الرضاع المحرِّم، الرضاع المحرِّم خمس رضعات، ودليل ذلك ما رواه مسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي فيما يُقْرَأ من القرآن (13)، هذا الحديث صحيح، وفي مسلم، وعلى هذا فما دون الخمس لا يؤثر.
ولكن يبقى النظر ما هي الخمس؟ أهي خمس مصات، أو خمسة أنفاس، أو خمس وجبات؟ انتبهوا حتى تعرفوا الخلاف، بعضهم قال: خمس مصات، وعلى هذا يمكن أن يثبت الرضاع في خلال ثلاث دقائق؛ لأنه إذا مص ثم بلع، ثم مص ثم بلع، ثم مص ثم بلع -خمس مرات- ثبت الرضاع.
وبعضهم يقول: بل خمسة أنفاس، وعلى هذا فإذا مص ثم بلع، ومص وبلع، ومص وبلع في نفس واحد، ثم أطلق الثدي، ثم عاد، تكون الثانية هي الثانية، فقط ثانية.
وبعضهم يقول: خمس رضعات؛ أي: خمس وجبات، كما يقال: خمس أكلات، وعلى هذا فلا بد من زمن يقطع اتصال الثانية بالأولى.
مثال ذلك: أرضعته أول النهار الساعة الثامنة، ثم الساعة التاسعة، ثم العاشرة، ثم الحادية عشرة، ثم الثانية عشرة، ثم الواحدة، كم هذه؟ خمس رضعات.
فلو أرضعته في مكان واحد، وامتص الثدي، ثم أطلقه يتنفس، ثم عاد ورضع، ثم أطلقه ليتنفس، ثم عاد، خمس مرات ولكنها في جلسة واحدة، فهل يؤثر على هذا القول الأخير أو لا يؤثر؟ لا يؤثر.
فإذا قال لنا قائل: أيهما أرجح؛ المصات، أو الأنفاس، أو الوجبات؟
قلنا: الأصل عدم التأثير، ولا نتيقن التأثير إلا بخمس وجبات؛ لأن الأصل أنه لا يؤثر، فنأخذ بالاحتياط، والاحتياط ألَّا يؤثر إلا خمس وجبات، لا خمس مصات، ولا خمسة أنفاس، وهذا اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، وهو ظاهر اختيار صاحب زاد المعاد ابن القيم، وهو الأحوط.
كيف الأحوط؟ نعم، الأحوط.
إذا قال قائل: لماذا لا نجعل الأقل هو الأحوط؟
قلنا: مشكل؛ إذا احتطنا من جهة أهملنا من جهة أخرى، مثلًا هذه طفلة رضعت خمس مصات، هل الأحوط أن نجعل المصات هي المحرمة أو الوجبات؟
قل: نجعل المصات إذا احتطنا، وقلنا: إن بنت المرضعة تكون أختًا للراضع، فيحرم عليه نكاحها، أتانا أمر آخر ضد هذا الاحتياط؛ وهي أننا إذا قلنا: إنها أخته لزم من ذلك أن يخلو بها، ويسافر بها، وتكشف وجهها له، والاحتياط ألَّا تفعل، وهي لا تفعل هذا إلا إذا قلنا: إن الرضاع غير مؤثر؛ لذلك لا تحتاط من جهة إلا أهملت من جهة أخرى، فنرجع إلى الأصل، ما هو الأصل؟ عدم التأثير؛ ولهذا كان اختيار شيخنا رحمه الله ومن قبله ابن القيم كان هو المتمشي على القواعد والأصول. إذن يُشْتَرط لكون الرضاع محرِّمًا أن يكون خمس رضعات.
وقالت الظاهرية: لا يُشْتَرط، ولا ثلاث أنفاس ولا شيء، مطلق الرضاع ولو كان نقطة يحرم؛ لقوله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] ولم يذكر عددًا.
فيُقَال: نعم، القرآن ليس فيه ذكر العدد، ولكن السنة فيها ذكر العدد، والسنة تبين القرآن وتفسره.
قال بعض العلماء: المحرِّم ثلاث رضعات، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ، وَلَا الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ» (14)، قالوا: فمنطوق الحديث أن الثنتين لا تؤثر، مفهومه: أن ما زاد مؤثر.
ولكن الجواب عن هذا أن يقال: دلالة تأثير الثلاث بالمفهوم، ودلالة أنه لا يؤثر إلا الخمس بالمنطوق، ودلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم.
ويتبين بشرح المثال، إذا قلنا: لا تحرِّم المصة ولا المصتان، صحيح ولَّا غير صحيح؟ صحيح، حتى إذا قلنا بخمس رضعات فالثنتان لا تؤثر. إذا قلنا: الثلاث تؤثر، بقي عندنا معارضة بحديث الخمس؛ أنه لا يحرِّم إلا خمس رضعات، وحينئذٍ لا يمكن العمل إلا بحديث عائشة أنه لا بد من خمس رضعات (13). وهذا هو الصواب.
قال المؤلف: (في الحولين) هذا شرط آخر؛ يعني: أن تكون الرضعات الخمس كلها في الحولين من ولادة الطفل، فإذا ولد في واحد محرم عام عشرين، متى ينتهي وقت الرضاع؟ واحد محرم عام اثنين وعشرين، فما دام في الحولين فالرضاع مؤثر، وإذا انته الحولان فالرضاع غير مؤثر.
الدليل قول الله تبارك وتعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233]، فقالوا: تمام الرضاعة في حولين، وما زاد فهو خارج.
وظاهر كلام المؤلف: أن الرضاع في الحولين مؤثر، سواء فُطِمَ الصبي أم لم يفطم، حتى لو فُرِضَ أنه فُطِم في سنة، وفي السنة الثانية كان يأكل الخبز والجبن وكل شيء ورضع، فالرضاع مؤثر ولَّا غير مؤثر؟
طلبة: مؤثر.
الشيخ: مؤثر، ولو كان لا يتغذى باللبن، لو كان يتغذى بالخبز والتمر والرز فإنه ما دام في الحولين فرضاعه مؤثر.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن العبرة بالفطام، فما كان قبل الفطام فهو مؤثر ولو بعد الحولين، وما كان بعد الفطام فليس بمؤثر ولو في الحولين، واستدل رحمه الله بالأثر والنظر.
أما الأثر فالحديث المعروف: «لَا رِضَاعَ إِلَّا مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ» (15)، ما قال: وكان قبل الحولين. هذا الأثر.
النظر: لأنه إذا كان يتغذى بغير اللبن -يعني بالطعام المعروف- فأي فرق بين من في الحولين ومن بعد الحولين؟ كل منهما -أي: من الطفلين- لا يحتاج إلى اللبن.
لو رضع أربع مرات إلى صباح ثلاثين من ذي الحجة من السنة الثانية، لما هلَّ محرم عام اثنين وعشرين رضع الخامسة، هل يؤثر أو لا يؤثر على قول من يرى أن العبرة بالحولين؟ لا يؤثر، سبحان الله! أي فرق بين هذا وبين قبل ساعة؟ ! الطفل محتاج للبن. ثم أي فرق بين طفل فطم للحول الأول، وصار يأكل الطعام وآخر يأكل الطعام في السنة الثالثة؟ ! لا فرق. فالقول الراجح أن العبرة بالفطام، سواء كان قبل الحولين أو بعد الحولين
لو فُرِض أن هذا الطفل نموه ضعيف، وصار يتغذى باللبن حتى تم له ثلاث سنوات، في السنة الثالثة رضاعه مؤثر أو غير مؤثر؟ مؤثر على القول الراجح، وأما على قول من قال: العبرة بالحولين فرضاعه غير مؤثر.
والسَّعُوطُ والوَجورُ ولَبَنُ الْمَيْتَةِ والموطوءةِ بشُبْهَةٍ أو بعَقْدٍ فاسدٍ أو باطلٍ أو زِنًا مُحَرَّمٌ، وعكسُه البهيمةُ وغيرُ حُبْلَى ولا مَوطوءةٍ.
فمَتَى أَرضَعَت امرأةٌ طفلاً صارَ وَلَدَها في النكاحِ والنظَرِ والْخَلوةِ والْمَحْرَمِيَّةِ،
الشيخ: في السنة الثالثة رضاعه مؤثِّر أو غير مؤثِّر؟
طلبة: مؤثر.
الشيخ: مؤثِّر على القول الراجح، وأما على قول من قال: العبرة بالحولين، فرضاعه غير مؤثر، ولو فرضنا أن طفلًا فُطِم لأول سنة، وصار يأكل الطعام، وأرضعناه في السنة الثانية، فهل الرضاع محرِّم أو غير محرِّم؟ على القول بأنه الحولين مؤثرٌ، وعلى القول الذي رجحناه غير مؤثر.
المهم يشترط في الرضاع المحرِّم أن يكون في وقت معين؛ إما في الحولين على ما مشى عليه المؤلف، وإما قبل الفطام على القول الراجح، فيضبط هذا، هذا قول.
القول الثاني: يقول الرضاع محرِّم ولو كان الإنسان له ستون سنة، حتى لو كان الراضع أكبر من المرضعة، يمكن يكون الراضع أكبر من المرضعة؟ يمكن، نعم.
هذا شيخ كبير له ستون سنة، رضع من امرأة شابة لها عشرون سنة خمس مرات، لا بل مرة واحدة؛ يكون ولدًا لها، نعم هو يقول لها: يا أمي، وهي تقول: يا بني، وهذا رأي الظاهرية.
الظاهرية لا يرون سنًّا ولا عددًا، متى حصل الرضاع فهو ولد، يقولون: ما نشترط حولين ولا فطام ولا شيئا، متى رضع فهو ولد، ولا نشترط عددًا، لو رضع ولو مرة واحدة، ولو نقطة واحدة فهو ولد، شوف سبحان الله، غريب، إيش دليلهم؟
أولًا: الإطلاق {أُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُم} [النساء: 23].
الثاني: قصة سالم مولى حذيفة، كان حذيفة قد تبناه قبل أن يبطل التبني؛ يعني اتخذه ابنًا له وصار كأبنائهم تمامًا، يدخل البيت وزوجة حذيفة لا تحتجب عنه كأنه ابن تمامًا، لما أبطل الله التبني صار هذا –سالم- صار أجنبيًّا منها، من المرأة، فجاءت تشتكي إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وتقول: إن سالمًا كان حذيفة قد تبناه، يدخل علينا ويخرج، ونكلمه، كل شيء، والآن بطل التبني {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} [الأحزاب: 4] قال لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ» (1)، وهو كبير يقضي الحوائج «أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ» ، قالوا: وهذا رضاع كبير، وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه مؤثِّر، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وعلى هذا فإذا كانت امرأة أحبت أن تكشف لهذا الرجل، قالت: تعالى يا ولد، أنا أرغب أن أفتش لك، وأن تخلو بي وأن أسافر معك، يلَّا ارضع، نعم، يبقى إشكال، يقول: كيف أرضع من ثديها وأنا لست مَحْرمًا لها؟ مشكلة، لو جعل يرضع من الثدي وله عشرون سنة تحصل فتنة لا شك، نقول: الحمد لله فيه مخرج، كل يوم تصلح له دلة حليب من ثديها خمسة أيام (
…
) ولدًا لها، أليس كذلك؟
بل على كلام الظاهرية رحمهم الله مرة واحدة تكفي، هذا القول كما ترون فيه شبهة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أَرْضِعِيهِ تَحْرُمِي عَلَيْهِ» وهو كبير يقضي حاجاتهم، ولكن نقول: هذا الحديث يعارض المنطوق؛ لأن هذا حكم في قضية معينة، يعارض المنطوق، «لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا أَنْبَتَ الْعَظْمَ أَوْ مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ وَكاَنَ قَبْلَ الْفِطَامِ» (2) يعارضه، فيقال: هذا الحكم خاص فيمن حصل لها مثل هذه الحادثة، وبهذا تجتمع الأدلة، وهو أن يقال: هذا الحكم -قصة سالم- خاص بمن تحصل له هذه القضية، بقينا عاد، منعتوا الحكم، هل هو مجرد الحاجة أو لا بد أن تكون حاجة مماثلة لقصة سالم؟
يرى بعض العلماء أنها مطلق حاجة، وأن المرأة متى احتاجت إلى أن ترضع هذا الإنسان وهو كبير أرضعته، وصار ابنًا لها، ولكننا إذا أردنا أن نحقق قلنا: ليس مطلق الحاجة، بل الحاجة الموازية لقصة سالم.
الحاجة الموازية لقصة سالم هل هي ممكنة الآن ولّا غير ممكنة؟
طلبة: غير ممكنة.
الشيخ: غير ممكنة؛ لأن التبني أبطل، لا يمكن أن يكون هذا الرجل الكبير ابنًا لصاحب اللبن، فقد انتفى الحكم، انتفت الحالة فينتفي الحكم، ويدل لهذا التوجيه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما قال:«إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ» ، قالوا: يا رسول الله أرأيت الحمو –الحمو: هو قريب الزوج كأخيه مثلًا، يدخل على بيت أخيه- قال:«الْحَمْوُ الْمَوْتُ» (3)، والحمو هل هو في حاجة إلى أن يدخل بيت أخيه ويخلو بزوجة أخيه أو لا؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، هو بحاجة إذا كان البيت واحدا، فهو بحاجة رجل يدخل ويخرج، ولم يقل عليه الصلاة والسلام الحمو ترضعه زوجة أخيه، مع أن الحاجة ذكرت له، فدل هذا على أن مطلق الحاجة لا يبيح الرضاع المؤثر، والخلاصة الآن بعد انتهاء التبني نقول: لا يجوز إرضاع الكبير ولا يؤثر إرضاع الكبير، بل لا بد إما أن يكون في الحولين، وإما أن يكون قبل الفطام وهو الراجح.
باب الرضاع في الحقيقة مهم جدا اضبطوا مسائله وقواعده؛ لأنه مهم.
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين، أما بعد.
فهذا بحث مختصر عن كلمة (يبسط)
قال ابن فارس:
بَسَطَ: الْبَاء وَالسِّين وَالطَّاء أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ امْتِدَادُ الشَّيْءِ فِي عَرْضٍ أَوْ غَيْرِ عَرْضٍ، فَالْبِسَاطُ مَا يُبْسَطُ. وَالْبَسَاطُ الْأَرْضُ، وَهِيَ الْبَسِيطَةُ، يُقَالُ: مَكَانٌ بَسِيطٌ وَبَسَاطٌ، وقَالَ: البَسْطَة في كل شيء السعة. انتهى
وقال صاحب القاموس: بَسَطَه: نَشَرَه، كبَسَّطَه فانْبَسَطَ وتَبَسَّطَ.
والباسط هو الله تعالى، {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} [الشورى: 12]؛ يوسعه.
والبسيط: المنبسط بلسانه، وقد بَسُط ككرم، وثالث بحور العروض.
الشيخ: وثالث.
الطالب: إي نعم.
الشيخ: ثالث بحور العروض؛ يعني العروض من جملة بحورها البسيط، يقول: البيت هذا من البسيط، البيت هذا من الطويل مثلًا.
الطالب: وذكر في المعجم الوسيط أن بسطة الشَّيْء بمعنى: نشره، وَبمعنى: جعله بسيطًا لَا تعقيد فِيهِ، وأشار إلى أنها محدثة.
الشيخ: هذه (
…
) بسيط ما فيه تعقيد؛ يعني: سهل، لكن أشار إلى أنها محدثة؛ يعني: ليست عربية أصيلة.
طالب: شيخ جزاك الله خيرًا، ذكرت في مادة الحديث، في حديث البراء بن عازب أن من ضحى بعناق وهي دون الستة أشهر يجزئه (4)، وهو قول شيخ الإسلام.
وذكرتم في الرضاعة حديث سالم، كيف خصصت (
…
) بجواز ذلك ولم (
…
)؟
الشيخ: نفس الشيء، إحنا قلنا أيضا في حديث البراء: إن معنى الحديث على القول الراجح لن تجزئ عن أحد بعدك؛ أي: بعد حالك؛ يعني لا تجزئ إلا لمن كان مثلك ذبح -جاهلًا- قبل الصلاة، ولم يكن عنده دراهم، وعندهم عناق صغيرة فيضحي بها إذا شاء، نفس الشيء.
طالب: (
…
).
الشيخ: ونحن ما خصصنا سالمًا بعينه، خصصناه بحاله، وقلنا: إذا وقع حال كحال سالم فالحكم واحد، لكنه لن يقع الآن؛ لأن التبني أبطل.
طالب: في بعض بلاد الكفار يكثر التبني، فلو فرضنا أن عائلة أسلمت، فماذا يحصل بالنسبة لابنهم لو كان عندهم ابن من التبني؟
الشيخ: إي نعم، يلغى هذا، إذا كان الكفار يجيزون التبني وأسلموا يلغى هذا التبني، ويبقى الرجل أجنبيًّا منهم، ويسمى بغير أسمائهم، وينتهي الموضوع.
طالب: يا شيخ حفظك الله، إذا تعدت امرأة على طفل وأرضعته بغير إذن أهله، فهل يأخذ أحكام الرضاعة؟
الشيخ: إذا تمت الشروط نعم؛ لا يشترط إذن الزوج ولا رضا أهل الطفل، بل متى رضع إن تمت الشروط فهو ابنها.
طالب: أحسن الله إليك، قول النبي صلى الله عليه وسلم:«بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا لِلصَّلَاةِ صَدَقَةٌ» (5).
الشيخ: هذه في النوع.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، اللقيط، هل لصاحب البيت يجعل امرأته ترضع اللقيط؟
الشيخ: إي نعم، إذا كان في زمن الرضاع لا بأس ترضعه، ويكون ابنًا لها وأخًا لأولادها وأولاد زوجها.
الطالب: إذا كان كبيرًا.
الشيخ: كيف كبير؟
الطالب: إذا كبر ولم يرضعوه.
الشيخ: لا، ما يجوز، لا بد من الشروط، لا بد أن يكون في الحولين أو قبل الفطام، على الخلاف الذي سمعت.
طالب: هل المرأة تأثم إذا ما استأذنت زوجها في الرضاع؟
الشيخ: لا، لا تأثم إلا إذا كان قد قال لها: لا ترضعي أحدًا إلا بإذني؛ لأنها حرة تفعل ما شاءت.
***
طالب: (
…
) الموطوءة بشبهة أو بعقد فاسد أو باطل، أو بزنا مُحَرِّم، وعكسه البهيمة، وغير حبلى، ولا موطوءة.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، قال المؤلف:(يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) ما هو الدليل؟
طالب: الدليل هو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ: وهو؟
طالب: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ» (6).
الشيخ: ما المُحَرَّمات من النسب؟
طالب: الأخوات من النسب.
الشيخ: عشر.
طالب: البنات.
الشيخ: لا، بس قل لي: عشر.
طالب: أعرفهم يا ..
الشيخ: لا تعدهم، حتى نعرف العدد أولًا ثم المعدود.
طالب: سبع.
الشيخ: سبع ولّا عشر؟
الطالب: سبع.
الشيخ: سبع، قلها؟
الطالب: البنات.
الشيخ: نعم.
الطالب: أولًا الأمهات، ثم البنات.
الشيخ: الأمهات.
الطالب: البنات.
الشيخ: والبنات.
الطالب: الأخوات.
الشيخ: الأخوات.
الطالب: العمات.
الشيخ: العمات.
الطالب: الخالات.
الشيخ: الخالات.
الطالب: بنات الأخ.
الشيخ: بنات الأخ.
الطالب: بنات الأخت.
الشيخ: بنات الأخت، تمام، هؤلاء سبع يحرم نظيرهن من الرضاع؛ الأم من الرضاع، والبنت، والأخت، والعمة، والخالة، وبنت الأخ، وبنت الأخت.
ذكرنا أن هناك ثلاثة أشياء؛ راضع ومرضع وصاحب لبن، كيف انتشار التحريم؟
طالب: بالنسبة للمرضعة ينتشر في أصولها وفروعها والحواشي.
الشيخ: نعم بالنسبة للمرضعة ينتشر التحريم إلى أصولها وفروعها وحواشيها.
الطالب: وكذلك صاحب اللبن ينتشر في فروعه وأصوله وحواشيه.
الشيخ: وكذلك صاحب اللبن ينتشر التحريم إلى أصوله وفروعه وحواشيه.
الطالب: أما الراضع فلا ينتشر إلا في فروعه.
الشيخ: أما الراضع فلا ينتشر إلا في فروعه.
هل يجوز لأخي الراضع أن يتزوج من أرضعت أخاه؟
طالب: (
…
).
الشيخ: أحسنت، يجوز؛ لأنه لا ينتشر في حواشي الراضع.
هل يجوز لأبي الراضع أن يتزوج بنت من أرضعت ابنه؟
طالب: نعم؛ لأن التحريم لا ينتشر في أصول الراضع.
الشيخ: نعم؛ لأن التحريم لا ينتشر في أصول الراضع.
هل يجوز لابن الراضع أن يتزوج أخت أبيه؟
طالب: ابن الراضع؟
الشيخ: إي نعم، يجوز؟ وهي عمته، لعلك ما تصورتها، أو ما عرفت الضابط تمامًا، قل أنت؟
طالب: (
…
).
الشيخ: يجوز ولّا لا يجوز؟
طالب: لا يجوز.
الشيخ: ليش؟ لأنه من فروع الراضع، وفروع الراضع ينتشر إليهم التحريم، هذه القاعدة ذكرتها لكم أمس وقررتها، وقلت إنها تريحكم؛ لأن مسائل الرضاع فيها إشكال كثير، تشكل حتى عند بعض العلماء، لكن إذا عرفت الضوابط سهل عليك الأمر، والضوابط حصرناها بالأمس، واليوم الحمد لله الذين أجابوا أجابوا بالصواب.
يشترط في تحريم الرضاع عدد معين، فما هو؟
طالب: خمس رضعات.
الشيخ: خمس رضعات، ما الدليل؟
طالب: الدليل قول عائشة، نزل في القرآن عشر رضعات ثم نسخت بخمس.
الشيخ: نعم حديث عائشة أنه كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات، فنسخن بخمس رضعات معلومات (7)، وهذا نص في الموضوع.
ما هو زمن الإرضاع المحرِّم؟
طالب: في الحولين.
الشيخ: في الحولين.
الطالب: في الحولين.
الشيخ: يعني: معناه أنه ما دام في الحولين فالرضاع محرِّم وما بعدهما لا أثر له.
الطالب: هذا قول، القول الثاني: ما لم يفطم.
الشيخ: القول الثاني: ما لم يفطم، أيهما أقرب للصواب؟
طالب: الثاني.
الشيخ: الثاني أقرب، فإذا فطم وصار أكثر غذائه الطعام؛ التمر والحب، فإنه لا أثر للرضاع، إذ لا فرق بينه وبين الكبير.
هل رضاع الكبير مؤثر؟
طالب: لا.
الشيخ: لا يؤثر، ماذا تقول في حديث سالم مولى حذيفة؟
طالب: (
…
).
الشيخ: خاص بمن كان مثل حاله، ومثل حاله الآن لا يمكن، تمام بارك الله فيك.
وقيل: إن رضاع الكبير مؤثر، وهو قول الظاهرية، لكنه قول باطل؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لنسائه:«انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ» (8)؛ يعني الرضاعة المؤثرة هي التي يزول بها الجوع، فـ (من) هنا في قوله:«مِنَ الْمَجَاعَةِ» بدلية؛ أي: الرضاعة المؤثرة هي ما يزول به المجاعة، وهذا يعني أنه قبل الفطام، ولما حذر من الدخول على النساء، قالوا: أرأيت الحمو؟ قال: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ» (3)، ولو كان رضاع الكبير جائزًا لقال: الحمو ترضعه زوجة أخيه، وينتهي الإشكال، ولأننا لو قلنا بهذا لكان فيه مفسدة عظيمة، كان المرأة تجيب لزوجها كل يوم دلة حليب من ثديها، وإذا صار اليوم الخامس وشرب الدلة قال: السلام عليكِ، ليش؟
طالب: صار ابنها.
طالب آخر: ابنها من الرضاع.
الشيخ: لأنه صار ولدًا لها، وهذا مشكلة، فالقول بهذا ضعيف أثرًا ونظرًا، ولا يصح.
***
قال: (وَالسَّعُوطُ، وَالْوَجُورُ، وَلَبَنُ الْمَيْتَةِ، وَالمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، أَوْ زِنًا مُحَرِّمٌ).
(محرِّمٌ) هذا خبر المبتدأ في قوله: (والسَّعوط) وما عطف عليه؛ يعني: السعوط وما عطف عليه محرِّم، (السعوط) يجوز فتح السين وضمها، وكذلك الوجور، لكن يختلف المعنى، بالضم الفعل، وبالفتح ما يسعط به، أو يوجر به، مثل السَّحور والسُّحور، السُّحور الفعل، والسَّحور ما يؤكل، ومثل الوَضوء والوُضوء، الوَضوء الماء، والوُضوء الفعل، والطَّهور والطُّهور، الطَّهور الماء، والطُّهور الفعل، وهلم جرا.
أما السَّعوط: فهو ما يكون في الأنف، وأما الوَجورُ: فهو ما يكون في الفم، الفرق واضح ولّا غير واضح؟
طالب: الفرق واضح.
الشيخ: السعوط في الأنف، الآن في المرضى في المستشفى يضعون أنبوبة في الأنف وتغذي الرجل، الوجور في الفم؛ يعني في أحد شقي الفم؛ إما اليمين وإما اليسار، أيضًا يوجر المريض بمعنى أنه يسقى من فمه.
السعوط كيف؟ يؤتى باللبن من المرأة ويحقن الصبي مع أنفه، والوجور يحقن من فمه.
(ولبن الميتة) محرِّم، ما دمنا نقول إن الرضاع لا بد أن يكون خمس رضعات، كيف يكون من المرأة الميتة؟ يكون إذا كانت المرأة الميتة أرضعته قبل ذلك أربع مرات، ويش باقي؟
طلبة: رضعة واحدة.
الشيخ: رضعة واحدة، لما ماتت وإذا ثديها مملوء لبنًا فسلط الصبي عليه فمصه وشربه، نقول: هذا محرِّم كما لو كانت حَيَّة، بقي أن يقال: المشكل؛ هل هذا الحليب طاهر ولّا نجس؟
طالب: طاهر.
الشيخ: الجواب، هل هذه الميتة طاهرة أو نجسة؟
طلبة: طاهرة.
الشيخ: طاهرة، إذن حليبها طاهر، وقال بعض أهل العلم: إن لبن الميتة ليس بمحرِّم؛ لأن هذا شيء نادر، والله عز وجل يقول:{أُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23]، والميتة ترضِع ولّا ما ترضِع؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: ويش ها الجواب هذا؟ ! يا الله، يمشي ها الجواب؟ لا ترضع يا جماعة، ميتة، لا عندها إرادة ولا قدرة فهي لا ترضع، ولهذا ذهب بعض العلماء -وهو أقرب إلى الصواب- إلى أن لبن الميتة ليس بمحرِّم؛ لأن الله قال:{أُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23]، وهذا يدل على فعل الواقع من المرضعة، لبن الميتة.
(والموطوءة بِشُبْهَةٍ) الموطوءة بشبهة؛ إما شبهة عقد، وإما شبهة اعتقاد.
شبهة العقد: أن يتزوجها بعقد ليس بصحيح لكنه يظنه صحيحًا، كما لو تزوجها بولي هو أخوها من الأم، ظن أن الأخ من الأم ولي، وليس بولي، لما تزوجها الرجل دخل عليها وجامعها، هذا الوطء شبهة؟
طالب: شبهة.
الشيخ: شبهة، عقد ولا اعتقاد؟
الطالب: عقد.
الشيخ: عقد؛ لأنه ظن أن العقد صحيح.
شبهة الاعتقاد: رجل دخل بيته ووجد على فراشه امرأة تشبه زوجته تمامًا، وكان فيه إشفاق للجماع فجامعها على طول بدون أن يتأنى ويتروى؛ لأن ظاهر الحال أنها، أجيبوا يا جماعة؟
طالب: امرأته.
الشيخ: أنها زوجته، امرأة على الفراش متجملة، وهي مشابهة لزوجته، فيظنها هي أو فيظنها إياها، فجامعها، هذا شبهة أيش؟
طلبة: اعتقاد.
الشيخ: شبهة اعتقاد، المهم أن الأول والثاني -الأول اللي عقد عليها بولد أخيها من أمها، والثاني الذي جامعها يظنها زوجته- إذا حملت وأتت بولد وأرضعت بهذا اللبن، فهل لبنها محرِّم أو غير محرِّم؟
الجواب: محرّم لا شك؛ لأن الرجل الذي جامع في الصورة الأولى والثانية يعتقد أنها زوجته، وأن هذا الجماع في محله، فيكون ما ترتب عليه حلالًا، فلبن الموطوءة بشبهة كلبن المتزوجة بنكاح لا شبهة فيه.
(أَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ) الموطوءة بعقد فاسد لبنها كالموطوءة بعقد صحيح، الموطوءة بعقد فاسد هو أن يتزوج الإنسان امرأة بنكاح فيه خلاف، لم يجمع العلماء على بطلانه، فيطؤها فتحمل وتأتي بولد، ويكون فيها لبن فترضع به، فنقول: إن لبنها كلبن الموطوءة بعقد صحيح.
(أو زنا) الموطوءة بزنا (مُحَرِّمٌ)، كيف موطوءة بزنا؟ يمكن .. (
…
).
يكون محرمًا، بمعنى أن تكون هي أمًّا له، أو لا؟
الجواب: نعم تكون أمه؛ لأنها أرضعته بلبنها، وإذا كان ولدها من بطنها يكون ولدًا لها، فولدها من لبنها يكون ولدًا لها.
ثم قال: (وَعَكْسُهُ الْبَهِيمَةُ، وَغَيْرُ حُبْلَى، وَلَا مَوْطُوءَةٍ).
طالب: شيخ بارك الله فيك، ما صحة الزيادة في حديث:«لَا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعِ إِلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ فِي الْحَوْلَيْنِ» (9).
الشيخ: لا ضعيف هذا، في الحولين، أو بناء على الغالب، إن صح فهو بناء على الغالب.
طالب: شيخ أثابكم الله، إذا كان الإنسان في مجتمع جرى العمل عندهم على أن الرضعة الواحدة تُحَرّم فهل يجوز ..
الشيخ: الرضعة الواحدة تحرّم؟
الطالب: إي نعم، الرضعة الواحدة تحرم.
الشيخ: يمشي على ما عليه العلماء، يمشي على ما عليه علماؤه.
طالب: شيخ عفا الله عنك، إذا كانت المرأة زنت ولها زوج، فهل يكون زوجها أبًا لولدها من الرضاع؟
الشيخ: أب له من الرضاع، كيف أب له من الرضاع؟
طالب: يعني إذا أرضعت ولد ..
الشيخ: إذا كان اللبن لغير الزوج كيف يكون أبًا له من الرضاع، اللبن لغيره، لكن القول الراجح أن المرأة إذا زنت -والعياذ بالله- وحملت فالولد لزوجها؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» (10)، ولهذا نبهنا الإخوان قبل كام يوم قلنا: ينبغي للإنسان إذا زنت زوجته أن يجامعها فورًا؛ لئلا يقع في قلبه شك، حتى يكون الولد له، وينتهى الموضوع، والقول بأن الزانية إذا زنت يجب على زوجها أن يتجنبها مُدَّةَ العِدَّة قول ضعيف.
طالب: شيخنا، لو أبقاها معه يا شيخ –امرأته- إذا زنت أبقاها معه، ما يكون ديوثًا؟
الشيخ: لا، الديوث الذي يقرها على الفاحشة، وهذا ما أقرها ولا رضي، لكن الديوث -والعياذ بالله، مثل ما يفعل بعض الناس- يقود على امرأته، نسأل الله العافية.
طالب: شيخ، على القول الذي رجحناه أنه يكون في الفطام إذا رضع طفل ممكن في السنة الأولى، يرضع من المرأة بعد السنة الأولى (
…
) فهل يؤثر؟
الشيخ: لا يكون ولدًا لها أبدًا، إنما الرضاعة من المجاعة، وهذا حد معلوم ومعقول المعنى أيضًا؛ أي فرق بين الطفل له سنة وستة أشهر يأكل التمر والخبز ويتغذى كما يتغذى الكبير ورضاع الكبير؟ أي فرق؟ لا فرق بينهما، فالرضاع محرم إذا كان له تأثير في نمو الطفل.
طالب: لو أنه رضع من أمه سنة كاملة ثم تغذى بغير اللبن.
الشيخ: طعام ولا ويش؟
الطالب: لا، طعام، ثم تركه وعاد إلى اللبن ..
الشيخ: العودة هذه لا (
…
)، ما دام فطم وتغذى بالطعام؛ يعني مدة يتغذى بالطعام باختياره ما هو شيء غصب عليه؛ لأنه ربما يمنعونه الحليب ويأكل غصبًا عليه، لكن إذا كان باختياره فعوده بعد ذلك إلى اللبن لا يؤثر.
الطالب: وإذا كان بغير اختياره؟
الشيخ: لا، بغير اختياره ما يجوز، أصلًا ما يجوز أننا نفطم الصبي ما دام في زمن الرضاع، فنفطمه غصبًا عليه، ما يجوز، ولو هلك في هذه الحال لكان مضمونًا.
طالب: رجل تزوج امرأة في الجاهلية.
الشيخ: تزوج امرأة.
طالب: نعم، في الجاهلية.
الشيخ: زوجها؟
الطالب: إي نعم، في الجاهلية، ثم أسلموا، هل يجدد العقد أو لا؟
الشيخ: يقول: إذا تزوج إنسان امرأة من جاهلية على عقد غير شرعي لكنه يعتقده نكاحًا فهل يجددون العقد؟
الجواب: لا يجدد العقد؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يجدد العقد للذين أسلموا، بقوا على ما هم عليه من نكاح، إلا إذا كانت المرأة في تلك الحال لا تحل له كما لو كان مجوسيًّا وتزوج أخته وأسلما، فيجب أن نفرق بينهما؛ لأن المانع قائم، وهي الأخوة، أما إذا كان المانع قد انتهى فلا يضر.
طالب: ما (
…
) وليًّا بالموافقة.
الشيخ: ما يضر، حتى لو تزوجها بغير ولي.
طالب: إذا عاد الزوج الأول (
…
) على الثاني (
…
).
الشيخ: ويش هذا، هذا في الرضاع؟
طالب: لا، ليس في الرضاع.
الشيخ: وين هو؟
طالب: في المرأة المفقودة.
الشيخ: المفقود مفقود جزاك الله خيرًا، هذا انتهى.
***
طالب: قال المؤلف رحمه الله في كتاب الرضاع: والسعوط والوجور ولبن الميتة والموطوءة بشبهة أو بعقد فاسد أو باطل أو بزنا مُحَرِّمٌ، وَعَكْسُهُ الْبَهِيمَةُ، وَغَيْرُ حُبْلَى وَلَا مَوْطُوءَةٍ، فَمَتَى أَرْضَعَتِ امْرَأَةٌ طِفْلًا صَارَ وَلَدَهَا فِي النِّكَاحِ، وَالنَّظَرِ، وَالْخَلْوَةِ، وَالْمَحْرَمِيَّةِ، وَوَلَدَ مَنْ نُسِبَ لَبَنُهَا إِلَيْهِ بِحَمْلٍ، أَوْ وَطْءٍ، وَمَحَارِمُهُ مَحَارِمَهُ، وَمَحارِمُها مَحَارِمَهُ، دُونَ أَبَوَيْهِ وَأُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا، فَتُبَاحُ الْمُرْضِعَةُ لِأَبِي الْمُرْتَضِعِ وَأَخِيهِ مِنَ النَّسَبِ، وَأُمُّهُ وأُخْتُهُ مِنَ النَّسَبِ لِأَبِيهِ وَأَخِيهِ.
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، سبق أن الرضاع له تأثير، ولكن لا بد من شروط، الأول؟
طالب: (
…
)؟
الشيخ: إي نعم، شروط تأثير الرضاع.
الطالب: أن يكون خمس رضعات.
الشيخ: أن يكون خمس رضعات فأكثر، وإن كان ستًّا؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: يعني إذن خمس رضعات فأكثر، لا بد أن تقول: فأكثر، الثاني؟
الطالب: أن يكون قبل الفطام.
الشيخ: أن يكون قبل الفطام.
ما هو الدليل على اشتراط خمس رضعات؟
الطالب: (
…
) خمس رضعات، ثم (
…
).
الشيخ: خمس معلومات، هذا لحديث عائشة: كان فيما أنزل عشر رضعات، ثم نسخن بخمس رضعات معلومات (7).
ما هو الدليل على أنه يكون قبل الفطام؟
طالب: (
…
) النبي صلى الله عليه وسلم (
…
) لعائشة: «انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانِكُنَّ؛ فَإِنَّ الرَّضَاعَةَ مِنَ الْمَجَاعَةِ» .
الشيخ: «فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةَ مِنَ الْمَجَاعَةِ» (8) هذا واحد، دليل آخر؟
الطالب: دليل آخر؟ التعليل.
الشيخ: لا، التعليل غير الدليل، التعليل من الأدلة العقلية ما هو من الأدلة الفعلية، أنسيت؟ سبحان الله.
طالب: قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا رَضَاعَ إِلَّا مَا شَدَّ الْعَظْمَ وَكَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ» (2).
الشيخ: نعم، هذا اثنان، دليل ثالث؟
طالب: قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ» .
الشيخ: ذكرها.
طالب: حديث عقبة عندما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ» (3)، ولو كان يحرم رضاع الكبير لقال: أرضعيه.
الشيخ: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حذر من الدخول على النساء، قالوا: أرأيت الحمو؟ قال: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ» ، الحمو؛ يعني: قريب الزوج، يدخل على زوجة قريبه، قال:«الْحَمْوُ الْمَوْتُ» ، ولو كان رضاع الكبير مؤثرًا لقال: الحمو ترضعه زوجة قريبه، هذه ثلاثة أدلة، فإن قال إنسان: ما جوابكم على حديث سالم مولى حذيفة؟
طالب: (
…
).
الشيخ: أحسنت، نقول: هو خاص في مثل حاله، فإذا وجد إنسان قد تبناه أهل البيت، وصار بمنزلة أولادهم وأرضعوه بعد الكبر صحَّ، لكن هذا لا يمكن في الوقت الحاضر، السبب؟
الطالب: أن التبني حُرّم.
الشيخ: أن التبني حُرّم، لا يمكن.
من قال: إن هذا للحاجة، وأنه متى احتيج إليه جاز إرضاعه؟
طالب: لا يصح.
الشيخ: لا يصح، ونستدل على هذا بحديث الحمو:«الْحَمْوُ الْمَوْتُ» ، فلو كان مطلق الحاجة جاعلًا اللبن محرمًا لكان حل مشكلة الحمو أن ترضعه زوجة قريبه، إذن قصة سالم لا نقول: إنها مخصوصة بشخصه؛ لأنه ليس في الإسلام حكم مخصوص بالشخص، الإسلام ما بينه وبين أحد (
…
)، لكنه مخصوص بالحال، الحال لا توجد بعد تلك الحال التي وقعت لسالم.
إذا شرب الطفل لبنًا بغير إرضاع؟
طالب: صحَّ.
الشيخ: كيف يصح؟ معلوم يصح، ما أحد بيقول: حرام، لكن هل يؤثر أو لا يؤثر؟
الطالب: يؤثر (
…
) وخمس وجبات.
الشيخ: نعم، خمس مرات يؤثر، بارك الله فيك؛ لأن العبرة بالتغذي باللبن، وقد حصل.
ما هي الرضعة التي يثبت بها الحكم؟
طالب: تكون خمس وجبات.
الشيخ: يعني هل هي المصة أو الالتقام؟ إنه ما دام إنه التقم من الثدي فهي رضعة فإذا فصله بأي وسيلة انقطعت الرضعة وصارت رضعة أخرى، أو المراد الرضعة؛ يعني: ما يسمى رضعة بمنزلة ما يسمى وجبة مثلا؟ (
…
).
طالب: (
…
).
الشيخ: الأخير هو الصحيح، فإذا قال قائل: لماذا لا تحتاطون وتجعلونها المصة؟
قلنا: الاحتياط بالأخير ليس بهذا؛ لأن الأصل عدم التأثير، فلا نقول: إنه مؤثر إلا بيقين، وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله.
انتهينا إلى قوله (أو زنا) يعني لبن الموطوءة بزنا محرِّم.
مثال ذلك امرأة زنت والعياذ بالله، وأتت بولد وأرضعت بلبن هذا الولد طفلًا فهل يكون محرِّمًا؟
الجواب: نعم يكون محرِّمًا ولكن هل له أب؟ لا، له أم وليس له أب؛ لأن ولد الزنا لا ينسب للزاني فإذا كان ابنه الذي خلق من مائه لا ينسب إليه فالذي رضع من لبن موطوءته لا ينسب إليه، وعليه فيكون لهذا الولد أم، ولا أب له، كما أن ولد الزنا له أم وليس له أب، واضحة؟
طلبة: نعم.
الشيخ: فيه لغز؛ هذا رجل له أم من الرضاع وليس له أب، غير مسألة الزنا، يقول العلماء: نعم يمكن له أم ولا له أب، كيف ذلك؟
تكون امرأة أرضعت هذا الطفل مرتين وهي عند زوج، ثم مات الزوج أو طلقها فتزوجت آخر، وأتت منه بولد، وأرضعت الطفل الذي أرضعته مرتين أرضعته ثلاث مرات، صار له أم وليس له أب، أليس كذلك؟ لأنها أرضعت بلبن الأول مرتين وبلبن الثاني ثلاثا فصارت أمًّا؛ لأنها أرضعت خمسًا، وليس له أب؛ لأنها إنما أرضعت وهي في حبال الأول مرتين وفي حبال الثاني ثلاثًا، على العكس يكون له أب وليس له أم، إنسان له أب من الرضاع وليس له أم، ما تقول، يمكن؟
طالب: (
…
).
الشيخ: لا تتصوره، له أب وليس له أم، مثاله: رجل له زوجتان، أرضعت إحداهما هذا الطفل ثلاث مرات وأرضعته الأخرى مرتين، المرأتان ليستا بأمين؛ لأن كل واحدة أرضعته دون النصاب، واحدة أرضعته ثلاثًا والأخرى أرضعته مرتين، لكن اللبن لبن رجل واحد؛ فيكون له أب وليس له أم.
في محاضرة ألقيت هذا السؤال عليهم، كل واحد أتى بصوت ليس بصواب، فقام أحد الطلبة الأذكياء، فقال له: السؤال غلط من أصله، السؤال غلط؛ لأنه ما تصور المسألة؟ كيف يكون له أب من الرضاع وليس له أم، فظن أنني ألقيت هذا السؤال لأمتحنهم، قال: هذا السؤال غلط، صار هذا الجواب منه أحب إلي مما لو أجاب بالصواب؛ لأن هذا منتهى تصوره، وجيد أنه صار شجاعًا حتى قال أمام إخوانه الذين كل واحد منهم أتى بجواب ليس بصحيح، لكن هو خطأ السؤال من الأول.
(وعكسُه البهيمةُ وغير حبلى ولا موطوءة) عكسه البهيمة؛ يعني: أن لبن البهيمة غير محرِّم، فلو فرضنا أن طفلين ارتضعا من بهيمة، كل واحد رضع خمس مرات، هل يكونان أخوين من الرضاع؟ أجيبوا يا جماعة؟
الطلبة: لا.
الشيخ: معلوم، لا يكونان أخوين، وإلا لأصبح أهل البيت إذا كانوا يشربون من لبن بقرة واحدة أصبحوا إخوة، مشكلة، وتأتينا لبن الأخيرة؛ ألبان القواطي هذه، إذا اشترك ناس في -هو قوطي يسمونه.
طالب: (
…
).
الشيخ: علبة، هل إذا شرب من هذه العلبة لبنًا خمس مرات فأكثر هل يكونان أخوين؟ لا، إذن البهيمة لا تحرِّم.
(وغَيْرُ حُبْلَى) يعني لو أن امرأة أرضعت طفلًا بدون حمل، وهذا يقع كثيرًا، فإن بعض الصبيان يصيح، فتأتي امرأة ليس فيها لبن ولم تتزوج، فتلقمه ثديها، تريد أن تسكته، مع المص تدر عليه، ويكون بها لبن، ويرضع خمس مرات أو أكثر، هل يكون ولدًا لها؟ يقول المؤلف: لا؛ يقول: ليس ولدًا لها؛ لأنه حصل من غير حمل، وهذا التعليل لا يكفي في عدم إثبات هذا الحكم المهم، والصواب الذي عليه جمهور الأمة والأئمة الثلاثة أنه محرِّم؛ يعني لبن غير الحامل محرِّم، وأن الطفل إذا شرب من امرأة خمس مرات فإنه يكون ولدًا لها، سواء كانت بكرًا أم آيسة أم ذات زوج، محرِّم، بالدليل والتعليل.
الدليل: عموم قول الله تبارك وتعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُم} [النساء: 23]، وليس في الكتاب ولا في السنة اشتراط أن يكون اللبن ناتجًا عن حمل، فتبقى النصوص على عمومها.
التعليل: أن الحكمة من تحريم اللبن؛ أي من كونه محرِّمَا، هو تغذي الطفل به، فإذا تغذى به الطفل حصل المقصود، فالصواب إذن أن لبن المرأة محرِّمٌ سواء صار ناتجًا عن حمل أو عن غير حمل، فلبن البكر محرِّمٌ، ولبن العجوز التي ليس لها زوج؛ يعني: قد مات زوجها وأيست، محرِّم.
وقوله: (ولا مَوْطُوءَةٍ) ظاهر كلامه أن الموطوءة إذا حصل منها لبن فإن لبنها محرِّم، ولكن هذا يخالف قوله:(غير حبلى)؛ لأنه ما دمنا اشترطنا أن تكون حبلى، فالحبل لا يكون إلا من وطء، ولهذا هذه العبارة:(ولا موطوءة) ليست موجودة في الكتب المعتمدة في المذهب، المعتمد في المذهب أنه لا بد أن يكون ناتجًا عن حمل.
هل يشترط في اللبن أن يكون من أنثى؟ نعم، لا بد أن يكون من أنثى، فلو كان من رجل فهل يحرِّم؟ أجب.
طالب: (
…
).
الشيخ: ويش السؤال؟ ! ما أنت معي من قديم؟ ! لو أن رجلًا أرضع طفلًا خمس مرات أيكون أبًا له من الرضاع؟
طالب: (
…
).
الشيخ: أنا ما قلت (
…
) أنا جبت لك مثالًا، سؤال: لو أن رجلًا أرضع طفلًا خمس مرات، كل صباح يوم يرضعه حتى يشبع.
طالب: (
…
).
الشيخ: يُرْضِع، هذا يرضع قلت، شيء واقع، كل يوم تروح أمه لهذا الرجل تقول: يلّا خد، أعطه الفطور، ويأخذه، ويشبع الولد، حتى يكون بطنه (
…
)، عجيب يا أخي، هل يكون أبًا له من الرضاع أو لا؟ أجب، قل: نعم ولّا لا؟
طالب: (
…
).
الشيخ: ويش يقول؟
طالب: يقول: نعم.
الشيخ: يقول: نعم؟ لا، الجواب: لا؛ لأن الله قال {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُم} [النساء: 23]، والأب لا يُسمى أمًّا بأي لغة من اللغات، لا يُسمى أُمًّا، وعليه نشترط أن يكون اللبن من آدمية، أضفه إلى الشروط السابقة.
لو أن امرأة ميتة أرضعت طفلًا، يحصل به التحريم، كيف ترضعه خمس مرات وهي ميتة؟
الطالب: ترضعه في حياتها أربع مرات.
الشيخ: نعم، ترضعه في حياتها أربع مرات، والخامسة وهي ميتة.
هل هذا القول الذي مشى عليه المؤلف هل هو الراجح أو المرجوح؟
الطالب: في هذه المسألة؟
الشيخ: في هذه المسألة أيوة، هل لبن الميتة محرِّم ولّا لا؟
الطالب: هذا (
…
) مرجوح.
الشيخ: الصحيح أنه مرجوح، وأن لبن الميتة لا يحرِّم؛ لأن الله قال {أُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُم} [النساء: 23]، ولم يقل: اللاتي رضعتم منهن، لو قال: اللاتي رضعتم منهن، لقلنا: إذا رضع من الميتة فاللبن يحرِّم، لكن {اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُم} إذن لا بد أن يكون هذا الإرضاع بإرادة المرضعة، والميتة ليس لها إرادة، المهم القول الراجح الذي رجحناه أمس أنه لا عبرة به.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: (فَمَتَى أَرْضَعَتِ امْرَأَةٌ طِفْلًا) يعني: بالشروط التي ذكرنا (صَارَ وَلَدَهَا في النِّكَاحِ، والنَّظَرِ، والخَلْوَةِ، والْمَحْرمِيَّةِ) انتبه، الرضاع يشارك النسب في هذه الأمور الأربعة فقط: النكاح، والنظر، الخلوة، المحرمية.
في النكاح؛ كما تحرُم البنت من النسب تحرم البنت من الرضاع.
النظر؛ كما يجوز للإنسان أن ينظر إلى ابنته من النسب يجوز أن ينظر إلى ابنته من الرضاع.
الخلوة؛ كما يجوز أن يخلو بابنته من النسب، يجوز أن يخلو بابنته من الرضاع.
المحرمية؛ كما يكون مَحْرَمًا لابنته من النسب يسافر بها يمينًا وشمالًا، يكون محرمًا لابنته من الرضاع.
هذه أربعة أحكام من النسب تثبت بالرضاع، ولكن قل لي: هل هذه الأحكام الثابتة في النسب هل تساويها الأحكام الثابتة بالرضاع؟ الحقيقة أنها لا تساويها من كل وجه، في الظاهر تساويها، لكن ليس تعلق الإنسان بابنته من الرضاع أو أخته أو بنت أخته من الرضاع كتعلقه بمن كانت كذلك من النسب، فهو لا يهاب ابنته من الرضاع كما يهاب ابنته من النسب، لا يهاب ابن أخته من الرضاع كما يهاب ابن أخته من النسب، بل ربما إذا كانت جميلة شابة ربما يحصل من خطأ، خطر ولّا لا؟ أجيبوا يا جماعة؟ أيما أقرب إلى الخطر، أن ينظر إلى بنت أخته من النسب أو إلى بنت أخته من الرضاع؟
الثاني لا شك، ولهذا لا تظنوا أن العلماء رحمهم الله لما قالوا: إن الرضاع يشارك النسب في هذه الأحكام، لا تظنوا إنه يشاركه مشاركة مساوية؛ لأنه قد نمنع الرجل من أن يخلو بابنته من الرضاع، أو أن يخلو ببنت أخته أو بنت أخيه من الرضاع؛ لأن الهيبة التي في قلبه بالنسبة للنسب أعظم؛ يعني لا يمكن أن يجرؤ على أن يقبل ابنته بشهوة، لكن يمكن أن يجرؤ على أن يقبل ابنته من الرضاع بشهوة.
هذه أربعة أحكام من النسب تثبت بالرضاع، غير هذا من الأحكام لا يثبت، فالنفقة لا تثبت؛ يعني لا يجب أن ينفق الإنسان على بنته من الرضاع كما ينفق على بنته من النسب.
الميراث يثبت أو لا يثبت؟ لا يثبت، فابنته من الرضاع لا ترث منه شيئًا، تحمُّلُ الدية في قتل الخطأ وشبهه لا يثبت بالرضاع، وجوب الصلة؛ صلة الأرحام، لا يثبت بالرضاع، كل أحكام النسب لا يثبت منها إلا أربعة أحكام فقط، وهي: النكاح، والنظر، والخلوة، والمحرمية.
طالب: (
…
) شرب من الميتة لبنها (
…
) الخامسة، لماذا لا (
…
)؟
الشيخ: لماذا؟ السؤال اللي سأله الأخ يقول: لماذا لا يؤثر لبن الميتة إذا كان المقصود التغذية، فإن لبن الميتة يغذي؟
فالجواب أن ظاهر الآية: {أُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُم} [النساء: 23] أنه لا بد أن يكون الرضاع ممن أرادت الرضاع، أرضعت، وهذه رُضِعَ منها ولم تُرْضِع.
طالب: فيقال: فرع الذي (
…
).
الشيخ: تمام، هذا إيراد جيد، تقول إذن: إذا حلبت المرأة لبنها في إناء وشربه الإنسان فهنا لم ترضعه، فلنقل: هنا أرضعته؛ لأنها هي التي أرادت إخراج اللبن منها إلى هذا الكأس، واضح؟
طالب: إذا كان الإنسان غير مستقيم في دينه، هل نأمن أنه يدخل على محارمه في الرضاعة؟
الشيخ: إذا خيفت الفتنة -ولو على البنت من أبيها- فإنه يحال بينهما، الفتنة هذه ممنوعة بكل حال، حتى لو فرض أن هذا الأب خبيث، حيوان، ويخشى إذا دخل على بنته من الفتنة؛ إما بتقبيل أو ضم أو فعل الفاحشة فإنه يمنع.
طالب: ليس أننا نتهم الرجل فقط، إننا نقول قاعدة: إنه إذا كان الإنسان غير مستقيم هذا ..
الشيخ: لا، بعض الناس غير مستقيم في دينه، لكن لا يمكن أن يجرؤ على محارمه، وعنده من الغيرة على المحارم أكثر من الإنسان المتدين المستقيم، هذا شيء مشاهد، يوجد أناس مثلًا عندهم تهاون في الدين، في الصلاة، في شرب الدخان، في شرب المسكر، لكن عندما تحادثه في الغيرة يكون من أشد الناس، فهذه المسألة يختلف فيها الدين عن الغيرة.
ووَلَدَ مَن نُسِبَ لبنُها إليه بِحَمْلٍ أو وَطْءٍ، ومَحارِمُه مَحارِمُه ومَحارِمُها مَحارِمُه دونَ أبويه وأُصولِهما وفُروعِهما، فتُباحُ الْمُرضَعةُ لأبي الْمُرْتَضِعِ وأخيه من النَّسَبِ، وأمِّه وأُختِه من النَّسَبِ لأبيِه وأخيه، ومَن حَرُمَتْ عليه بِنْتُها فأَرْضَعَتْ طِفلةً حَرَّمَتْها عليه وفَسَخَتْ نِكاحَها منه إن كانتْ زَوْجَتَه، وكلُّ امرأةٍ أَفْسَدَتْ نِكاحَ نفسِها برَضاعٍ قَبلَ الدخولِ فلا مَهْرَ لها، وكذا إن كانت طفلةً فدَبَّتْ فرَضَعَتْ من نَائمةٍ، وبعدَ الدخولِ مَهْرُها بحالِه، وإن أَفْسَدَه غيرُها فلها على الزوجِ نِصفُ الْمُسَمَّى قَبْلَه وجميعُه بعدَه، ويَرْجِعُ الزوجُ به على الْمُفْسِدِ، ومَن قالَ لزوجتِه: أنت أُخْتِي لرَضاعٍ. بَطَلَ النِّكاحُ، فإن كان قبلَ الدُّخولِ وصَدَّقَته فلا مَهْرَ، وإن أَكْذَبَتْهُ فلها نِصْفُه، ويَجِبُ كلُّه بعدَه، وإن قالتْ هي ذلك وأَكْذَبَها فهي زوجتُه حُكْمًا، وإذا شكَّ في الرَّضاعِ أو كمالِه أو شَكَّت الْمُرضِعةُ ولا بَيِّنَةَ فلا تحريمَ.
الشيخ: (
…
) غير مستقيم في دينه، لكن لا يمكن أن يجرؤ على محارمه، وعنده من الغيرة على المحارم أكثر من الإنسان المتدين المستقيم، هذا شيء مشاهَد، يعني يوجد أناس مثلًا عندهم تهاون في الدين، في الصلاة، في شرب الدخان، في شرب المسكِر، لكن عندما تحادثه في الغيرة يكون من أشد الناس، فهذه المسألة يختلف فيها الدين عن الغيرة.
طالب: أحسن الله إليك، لو حلبت امرأة لبنًا وأعطته لأخرى حتى تسقيه ابنها، فأسقته ابنا آخر؟
الشيخ: فهمتم السؤال؟ يقول: هذه امرأة حلبت لبنها، وقالت للمرأة: هذا لولد فلانة، هذا السؤال؟
الطالب: نعم.
الشيخ: وأعطته آخر، أرأيت لو أعطته إناءً فيه طعام وقالت: خذ هذا أَعْطِهِ فلانًا، وراح أعطاه آخر، يحل ولّا ما يحل؟
الطالب: لكن هل يثبت الرضاع؟
الشيخ: أسألك، هل يحل ولَّا ما يحل؟