الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طلبة: (
…
).
الشيخ: وست إماء؟
طالب: ما عليه شيء.
الشيخ: ما عليه شيء، نقول: هذا يجب أن نفصل بالنسبة للإماء؛ كفارة يمين، وبالنسبة للحرائر الزوجات: كفارة ظهار، كفَّر من الحرائر بكلمة واحدة، فقال لهن: أنتن عليَّ كظهر أمي، ثم عزم أن يعود، فماذا يلزمه من الكفارة؟
واحدة؛ وذلك لأن الصيغة واحدة.
فإن ظاهر منهن بكلمات فقال مثلًا لواحدة: أنتِ عليَّ كظهر أمي، فصاحت أختها: كيف تفعل يا فلان؟ تقول المنكر والزور؟ قال: وأنتِ عليَّ كظهر أمي. فردت الثالثة وقالت: اتقِ الله، هذا منكر، ولا يجوز. قال: وأنتِ عليَّ كظهر جدتي. صاحت الرابعة فقال لها: وأنتِ عليَّ كظهر بنتي، كم يلزمه؟
طلبة: أربع كفارات.
الشيخ: أربع ليش؟ لأنه أفرد كل واحدة بظهار، فيلزمه أربع كفارات، فصار الآن لحصر المسألة إذا ظاهر من واحدة وكرر الظهار، هل تتعدد الكفارة أو لا؟ فيه تفصيل: إن كفَّر تعددت الكفارة، وإن لم يُكفِّر فواحدة، إذا ظاهر من جماعة من النسوة؛ إن كان بكلمة واحدة فكفارة واحدة، وإن كان بكلمات فكفارات، هذا خلاصة ما قال المؤلف رحمه الله.
[كفارة الظهار]
ثم قال رحمه الله: (فصل: كفارته عتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا) ثلاث مراتب على الترتيب؛ أولًا: أن يعتق رقبة؛ أي يُحرِّر رقيقًا، سواء كانت الرقبة صغيرة أو كبيرة ذكرًا أو أنثى، المهم أن يعتق رقبة.
(فإن لم يجد) أي إن لم يجد مالًا أو لم يجد رقبة، أو لم يجدهما جميعًا انتقل إلى المرتبة الثانية (صام شهرين متتابعين)؛ يعني لا يفطر بينهما، ولا بيوم واحد.
(فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا) فما هو الدليل على أن هذه هي الكفارة؟ الدليل قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3]، ثم قال:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: 4]، ثم قال:{فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 4]، إذن النص على هذه الخصال في القرآن الكريم، وترتيبها أيضًا في القرآن الكريم، ولا نزاع في ذلك.
بقي أن يقال: (إن لم يجد صام شهرين متتابعين) لو كان الإنسان مريضًا مرضًا يرجى برؤه، فهل يُؤجِّل الصيام أو يطعم؟
فالجواب: يؤجل ما دام يرجى زوال عجزه فإنه يؤجل كرمضان تمامًا، أما إذا كان لا يُرجى كشيخ كبير ومريض بمرض لا يرجى زواله، فهنا نقول: أطعِم ستين مسكينًا، إطعام ستين مسكينًا، هل هو تمليك أو إطعام؟ نقول: القرآن الكريم يقول: إنه إطعام، ولم يقل: أعطوا، قال: أطعموا، وحينئذٍ نعلم أنه ليس أيش؟
طلبة: تمليكًا.
الشيخ: ليس بتمليك، وبناءً على ذلك نقول: إطعام ستين مسكينًا له صورتان: الصورة الأولى: أن يصنع طعامًا -غداء أو عشاء- ويدعو المساكين إليه، ويأكلون وينصرفون.
الصورة الثانية: أن يعطي كل واحد طعامًا ويصلحه بنفسه، ولكن مما يؤكل عادة، إما مُدّ بُر أو نصف صاع من غيره، في عهدنا ليس يُكال الطعام، ولكنه يُوزن، فنقول: تقدير ذلك كيلو من الرز لكل واحد، وينبغي أن يجعل معه ما يُؤدمه من لحم ونحوه ليتم الإطعام، أفهمتم؟ وهل هذا العدد مقصود أو المقصود طعام هذا العدد؟
المقصود إطعام هذا العدد، لا طعامهم؛ بمعنى لو أن إنسانًا تصدق بما يكفي ستين مسكينًا على مسكين واحد؟ يجزئ أو لا يجزئ؟ لا يجزئ (
…
) مسكينًا.
لو أطعم ثلاثين مسكينًا على مرتين يكفي أو لا؟ لا يكفي؛ لأن العدد منصوص عليه فلا بد من اتباعه، اللهم إلا ألا يجد أحدًا إلا ثلاثين مسكينًا، فهنا نقول: لا بأس للضرورة.
لو قال قائل: ما الحكمة في أنه يصوم شهرين متتابعين، وأنه يطعم ستين مسكينًا؟ نقول: هذا السؤال غير وارد؛ لأن هذا لا مجال للعقل فيه، وإلا لقلنا: كيف صارت الصلوات خمسًا؟ وكيف صارت الظهر أربعًا مثلًا؟ هذا لا مجال للعقل فيه، وإنما وظيفة المؤمن التسليم، وأن يقول: سمعنا وأطعنا.
فإن قال قائل: وهل إطعام الستين مسكينًا مربوط بصيام شهرين متتابعين؟ يعني بمعنى أنه جُعل عن كل يوم إطعام مسكين؟ الظاهر لا، الظاهر أنه ليس هذا الإطعام عن الصيام بدليل أنه لو صام شهرين متتابعين ثمانية وخمسين يومًا أجزأ أو لم يجزئ؟
طلبة: نعم، يجزئ، وافق الشهرين.
الشيخ: إي، شهرين متتابعين، ثمانية وخمسين يومًا.
طالب: ما يجزئ.
الشيخ: ما يجزئ.
طالب: يجزئ.
الشيخ: يجزئ، ما فيه واحد يقول: فيه تفصيل، نقول: يجزئ؛ لأن الله قال: {صِيَامُ شَهْرَيْنِ} [المجادلة: 4]، فإذا كان الشهر الأول ناقصًا، والثاني ناقصًا، كم يصوم ثمانية وخمسين يومًا، فيجزئ عوضًا عن الصيام، لكنها تجزئ على أنها خصلة مستقلة.
قال: (صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا)(ولا تلزم الرقبة) اسمع شروط وجوبها الإعتاق، (ولا تلزم الرقبة إلا لمن ملكها)؛ يعني كانت عنده من قبل.
(أو أمكنه ذلك) أي: أمكنه ملكها.
(بثمن مثلها فاضلًا عن كفايته دائمًا وكفاية من يمونه، وعما يحتاجه من مسكن وخادم ومركوب، وعرض بذلة، وثياب تجمل، ومال يكون كسبه بمؤنته، وكتب علم، ووفاء دين)
يعني الشرط، خلاصة كلام المؤلف: أنه لا تجب الرقبة إلا لمن ملكها، أو أمكنه ذلك بشروط؛ أولًا: بثمن مثلها، فإن لم يجد رقبة إلا بزيادة، مثل أن يكون ثمن هذا العبد عشرة آلاف، ولم يجد إلا بخمسة عشر ألفًا، فهنا لا تلزمه الرقبة؛ لأن هذه الزيادة خارجة عن العادة، وقيل: بل تلزمه إذا كانت لا تُجحِف بماله، وهذا القول هو الصحيح؛ لأنه إذا كان غنيًّا، ولا يهمه أن تزيد القيمة، فهل يصح أن نقول: إنه لم يجد؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا يصح، فمثلًا لو قدرنا أن الرجل الذي ظاهَرَ عنده خمسين مليون ريال، ووجد رقبة بعشرين ألفًا، وقيمتها العادة بعشرة، هل يلزمه أن يعتق أو لا؟
طلبة: يلزمه.
الشيخ: لا، على كلام المؤلف لا يلزمه، وعلى القول الثاني الذي اخترناه يلزمه؛ لأن قول الله تعالى:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [النساء: 92] يدخل فيه من وجدها بثمن زائد، فيجب تحصيلها إلا إذا كانت الزيادة تجحف بماله مثل أن يكون يجد رقيقًا قيمته عشرة، يجده بعشرين، لكن إذا أخذ عشرين من ماله أجحف به وضره، فهنا نقول: إنه في حكم من لم يجد، والله أعلم.
طالب: يا شيخ -أحسن الله إليكم- بالنسبة يعني إطعام مسكين، هل يلزم يعني إطعام مسكين في وقت واحد أو يعني يقسم المساكين إلى ثلاثة أقسام، اليوم يعني يقسم عشرين وغدًا عشرين، وبارك الله فيك؟
الشيخ: إي، لا بأس، يعني الإطعام سواء أطعمهم متفرقين أو مجتمعين ربما يجد مثلًا عشرة أبيات في كل بيت ستة فيُطعم هذه الستة.
طالب: شيخ -أحسن الله إليك- هل نفصل رمضان؟ يعني الصيام لو سافر أو مرض يجوز له أن يقطع، أو إذا ذهب إلى الحج وهو مثلًا لم يجد الهدي، ويريد أن يصوم ما عليه؟
الشيخ: ما فهمت السؤال!
الطالب: بالنسبة للصيام ستين يومًا إذا مرض ..
الشيخ: هذا بيجينا الآن، بماذا ينقطع التتابع؟ هذا سيأتينا في كلام المؤلف إن شاء الله.
طالب: شيخ -بارك الله فيكم- هل يجب على الإنسان في هذه الكفارة كفارة الظهار على الفور (
…
) من الظهار؟
الشيخ: كل الكفارات تجب على الفور إلا أنه لا يجب عليه بالنسبة للمُظاهِر إذا عزم فإنه لا يطأ حتى يكفر.
الطالب: عزم على التوبة، ولا على الوطء؟
الشيخ: عزم على الوطء.
طالب: تاجر عنده مثلًا مئة عبد ممكن مثلًا يظاهر زوجته، ثم يعتق من ها العبيد الذين عنده، أو تغلظ عليه الكفارة صيام شهرين؟
الشيخ: لا، يعتق من اللي عنده.
الطالب: ما تنتقل بحقه .. ؟
الشيخ: لا، ما يجوز، هذه سياسة باطلة وإلا فإن بعض أهل العلم -غفر الله لنا ولهم- حصل من أحد البنوك وجوب كفارة عليه؛ عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، فقال: أرى أن نُلزم الأمير أو الخليفة بصيام شهرين متتابعين؛ لأن هذا أثقل عليه، فنقول: هذا اجتهاد في مقابلة النص؛ فهو مردود، والشارع لم يلاحظ الأسهل والأغلظ على الفاعل أو على الْمُكفِّر، راعى مصلحة المكفَّر به، فهذا العبد الذي حرَّره ينتفع.
طالب: شيخ، بارك الله فيك، لو ظاهر منهن بعطف بدون أن يكرر، هل يعتبر تكرار .. ؟
الشيخ: ويش لون يعني؟
الطالب: كأن يقول: أنتِ مثلًا، يخاطب إحداهما يقول: أنتِ عليَّ كظهر أمي، وأنتِ وأنتِ وأنتِ؟
الشيخ: كله واحد، هذا تكرار.
طالب: شيخ -أحسن الله إليك- إذا يُكثر الإنسان من الحلف كثيرًا، ثم بعد وقت يُكفِّر عن كل ما حلف بكفارة يمين واحدة، هل يجزيه هذا، ويا شيخ -أحسن الله إليك- إذا جمع المساكين، ثم فيه نوع من الزيت هو حلو في الطعم، لكنه يقلل من الأكل؛ يعني ممكن يكفيهم نص الطعام إذا صب عليه هذا الزيت وهو حلو في المذاق، هل له أن يصب هذا الزيت حتى يقللوا من الطعام؟
الشيخ: هذه حيلك، تحيلت علينا من وجهين؛ من جهة الطعام، ومن جهة سألت سؤالين في سؤال واحد، ما نسمح لك إلا بسؤال واحد؟
الطالب: يا شيخ واحد.
الشيخ: واحد فقط.
الطالب: طب الأول.
الشيخ: ما هو؟
الطالب: إنسان يحلف كثيرًا، وبعد وقت من الزمن يُكفِّر يمينًا واحدًا، هل يجزيه عن كل ما حلف؟
الشيخ: تعدد الكفارة إن تعدد المحلوف عليه تعددت الكفارة.
الطالب: ما (
…
) يا شيخ هذا.
الشيخ: إن تعدد المحلوف عليه مثل أن يقول: والله لا أُكلم زيدًا، والله لا أخرج من البيت، والله لا أرسل الشيء لفلان، فهنا يلزمه ثلاث كفارات وإن لم يتعدد، بل كرر على شيء واحد، فإنه لا تلزمه الكفارة، لا تتعدد، وإن تعدد المحلوف عليه دون الصيغة بأن قال: والله لا آكل هذا الطعام، ولا أخرج من البيت ولا أكلم زيدًا فكفارة واحدة.
السؤال الثاني: ما يمكن (
…
) أولًا: فيه حيلتان؛ حيلة أنه دخله في السؤال الأول، والحيلة الثانية أنه بيخلي هذا ما يأكل إلا نصف (
…
).
طالب: هل يوجد في عصرنا الحاضر عتق رقبة أم متعذر الآن؟
الشيخ: والله الظاهر أنه ما يوجد، قيل: إنه كان موجودًا في إفريقيا في الحروب التي بينهم وبين النصارى، لكن تبين أنه لا يوجد، وهذا تكلمنا متى؟
طلبة: أمس.
الشيخ: البارحة، في الصباح؟ (
…
).
***
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، قال صاحب الزاد رحمه الله تعالى: ولا تلزم الرقبة إلا لمن ملكها أو أمكنه ذلك بثمن مثلها فاضلًا عن كفايته دائمًا وكفاية من يمونه، وعما يحتاجه من مسكن وخادم ومركوب وعرض بذلة، وثياب تجمل، ومال يقوم كسبه بمؤنته، وكتب علم ووفاء دين، ولا يجزئ في الكفارات كلها إلا رقبة مؤمنة سليمة من عيب، يضر بالعمل ضررًا بيِّنًا كالعمى والشلل ليد، أو رجل، أو أقطعهما، أو أقطع الإصبع الوسطى، أو السبابة أو الإبهام أو الأنملة من الإبهام، أو أقطع الخنصر والبنصر من يد واحدة.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
ففي هذا الفصل بيَّن المؤلف رحمه الله، وكذلك في الذي بعده كفارة الظهار وهي: عِتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.
بيَّن شروط وجوب العتق فقال: (ولا تلزم الرقبة إلا لمن ملكها)؛ يعني لمن كانت عنده بشرط ألا يحتاجها لخدمة، فإن احتاجها لخدمة فإنه لا يجب عليه عتقها (أو أمكنه ذلك) أي أمكنه ملكها (بثمن مثلها)؛ يعني لا يُرفع ثمنها عليه، فإذا كان ثمن مثلها عشرة، وقيل له: لا نبيعها إلا باثني عشر فإنه لا يلزمه، وسبق لنا أن القول الراجح هو أنها تلزمه إلا إذا أجحفت بماله؛ يعني ضرته، فهنا لا تلزمه، أما إذا كان قادرًا، ولا تجحف بماله، فلو زادت قيمتها عن ثمن مثلها أضعافًا مضاعفة؛ لأنه قادر (بثمن مثلها فاضلًا عن كفايته دائمًا وكفاية من يمونه).
قوله: (عن كفايته دائمًا) من يستطيع أن يُقدِّر هذا؟ من يستطيع أن يقول: إن هذا يكفيني دائمًا؟ الإنسان لو كان عنده مال قارون، لا يستطيع أن يحكم بأن هذا المال يكفيه دائمًا؛ لأنه قد يأتيه مثلًا آفات تتلف هذا المال، أو أحوال لمالكه تقتضي إتلافه كمرض ونحو ذلك، لكن العلماء يقولون: إن معنى هذه العبارة أن يكون لديه عمل تجارة أو نحو ذلك تكفيه، فإن الأصل بقاء القدرة على هذه التجارة التي بها يحتفظ بكفايته دائمًا.
(وكفاية من يمونه) أي: من عليه مؤنته كالزوجة والأولاد والآباء والأمهات وما أشبه ذلك.
(وعما يحتاجه) أيضًا (عما يحتاجه من مسكن وخادم ومركوب)(عما يحتاجه من مسكن) كلمة (يحتاجه) مهمة جدًّا؛ يعني إذا كان لديه مسكن يكفيه نصفه، وجب عليه أن يبيع النصف الآخر ليعتق الرقبة، ولا نقول: هذا المسكن يبقى وأنت لا تحتاج إلا جزءًا منه، فإذا قال: إذا بعتُ نصفه صار مشقصًا عليَّ، وربما يؤذيني الذي يشتريه؟
قلنا: هناك طريقة أخرى، وهي: أن يبيعه كله، ويشتري مسكنًا يناسبه.
الثاني قال: (وخادم) عما يحتاجه من خادم، الخادم يكون عند الإنسان عن طريق الترفه والتنعم، وعن طريق الحاجة، فإذا كان شيخًا كبيرًا يحتاج من يساعده إذا قام للمرحاض، إذا قام يصلي، إذا قام يلبس الثياب، وما أشبه ذلك، فهذه أيش؟ هذه حاجة، أما إذا كان عنده خادم، لا يحتاجه إلا أن يقول: قدِّم لي حذائي، افرش لي فراشي، احركلي الشاهي حتى يذوب السكر، هذا يحتاج إليه ولَّا ما يحتاج؟ ما يحتاج، ترف، هذا لا يحتاج، نقول: بعه واشترِ رقبة، لكن المراد ما يحتاج من خادم.
(ومركوب) ما يحتاج من مركوب، إذا كان غنيًّا، فمعلوم أن مركوبه سيكون فخمًا، وإذا كان وسطًا مركوبه وسط، وإذا كان فقيرًا مركوبه مركوب فقير، هذا رجل وسط، أحواله وسط، لكن عنده سيارة فخمة لا يركبها إلا الملوك وأبناؤهم، وقال: والله إن عليَّ عتق رقبة، والسيارة اللي معي شبح ضد الرصاص، وضد الانقلاب، وضد وضد، أستطيع أن أبيعها وأشتري سيارة تكفيني، وأشتري رقبة بما زاد من الثمن، فهل يلزمه أن يبيعها أو لا؟ نعم، يلزمه أن يبيعها حتى لو قيل: إنه يلزمه أن يبيعها مطلقًا؛ لأنها بالنسبة إليه إسراف وتجاوز للحد، لو قيل بهذا لكان له وجه؛ لأنه يجب أن يعرف الإنسان منزلته وقدره في قومه.
إذن نقول: (ما يحتاجه من مسكن وخادم ومركوب) ما يحتاجه من مركوب. (وعرض بذلة وثياب تجمُّل) عرض البذلة؛ يعني الأشياء التي تكون مهنته كثياب البيت مثلًا، أواني البيت وما أشبه ذلك.
(ثياب تجمل) (
…
) أو بما يتجمل به مَنْ هو أعلى منه؟ بما يتجمل به مثله، عنده مثلًا بشت، تعرفون البشت أيش؟
طالب: البشت.
الشيخ: البشت البشت! هذا ما يصلح هذا، ما هو تعريف المشلح، أتعرفون المشلح؟
طالب: العباءة.
الشيخ: العباءة (
…
)، هذا إنسان عنده عباءة تساوي مبلغًا كبيرًا؛ لأنه لا يلبسها إلا الملوك وهو من دونة الناس، هل نقول: بعها واشترِ عباءة تناسبك؟ نعم؛ لأن قول المؤلف: (ثياب تجمُّل) أي فيما يتجمل به مثله، واضح؟
(وثياب تجمُّل) لو كان الإنسان مما يلبسون الخاتم -وهو لبسه لا بأس به- عليه خاتم من معدن نفيس كريم كما يقولون، يستطيع أن يبيعه بقيمته العالية، ويشتري خاتمًا على قد نفسه، هل يبيعه ويشتري خاتمًا على قده؟ نعم؛ لأن هذا زائد.
(ومال يقوم كسبه بمؤنته) أيضًا لا بد أن يكون ثمن الرقبة فاضلًا عن مال يكون كسبه بمؤنته، رجل عنده مثلًا عشرة آلاف، يبيع ويشتري فيها، يكسب فيها هذا الكسب للمؤنة، هو يقول: لو اشتريت الرقبة بعشرة آلاف قدرت على هذا، لكن أبقى بعد ذلك أيش؟ أجيبوا يا جماعة؟
طلبة: عادمًا.
الشيخ: عادمًا، ما عندي شيء، وإن بقيت لي العشرة صرت أبيع بها وأشتري على حسب الحال، وكسبها يكفيني النفقة، هل يلزمه أن يشتري بهذا المال الذي يحتاجه إلى كسبه؟ لا؛ لأن هذا إضرار به، ولذلك قال:(ومال يقوم كسبه بمؤنته وكتب علم)(كتب علم) إنسان طالب علم، عنده، يحتاج إليها، فهل نقول: بِعْ هذه الكتب (
…
)، أو نقول: أبقها وصُم؟ الأول أو الثاني؟
طلبة: الثاني.
الشيخ: الثاني، الإنسان يحتاج إلى كتب العلم، ولكن لاحظوا أن من كتب العلم ما لا يحتاجه إلا بعد عشر سنوات، ومن كتب العلم ما يحتاجه يوميًّا، ومن كتب العلم ما يحتاجه كل شهر أو كل سنة حسب الحال، فالكتب التي يندر أن يحتاج إليها إذا كانت قيمتها يحصل بها إعتاق رقبة وجب عليه بيعها لا سيما إذا كان في مدينة فيها مكتبة عامة، يستطيع إذا عرضت له هذه المسألة بعد سنة أن يذهب للمكتبة ويحررها، أما التي يحتاجها ولو في الشهر مرة فتبقى عنده، ولا يلزمه الرقبة.
(ووفاء دَيْن) وهذا من أهم ما يكون، لو كان على الإنسان الْمُظاهر الذي أوجبنا عليه عتق الرقبة، لو كان عليه دَيْن، وقال: بيدي الآن عشرة آلاف، إما أن أقضي بها ديني وهو عشرة آلاف، وإما أن أشتري رقبة، فما الجواب؟
نقول: اقضِ دَيْنَك؛ لأن قضاء الدَّيْن واجب، والدَّيْن حق للعباد، وأما الكفارة فهي فيما بينك وبين ربك، فاقضِ الدَّيْن وكفِّر بالصيام.
لما ذكر شرط وجوب الرقبة ذكر ما يجب في الرقبة، فقال:(ولا يجزئ في الكفارات كلها)؛ يعني التي تجب فيها رقبة (إلا رقبة مؤمنة).
واعلم أن الرقبة في القرآن الكريم وردت في مواضع متعددة في كفارة اليمين، قال الله تعالى:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: 89].
طالب: (
…
).
الشيخ: ما يخالف {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} هل قيدها الله بالإيمان؟
طالب: لا.
الشيخ: لا، ما قيدها الله بالإيمان، خذ هذه: في كفارة القتل قال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً} [النساء: 92] اتلُ الآية.
طالب: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92].
الشيخ: نعم، في كفارة القتل قال:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ، فقيد الرقبة بالإيمان، وقال تعالى في كفارة الظهار:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] ولم يقيد بالإيمان.
فهل نقيد المطلق بالإيمان، أو نقول: المطلَق مع المطلَق لا يقيدان بالإيمان؟ هذا مختلف فيه؛ منهم من قال: إن آية الظهار وآية كفارة اليمين اللتين فيهما الإطلاق يجب أن يحملا على آية القتل، فنشترط في الرقبة أن تكون مؤمنة، ومنهم من قال: لا، نطلق ما أطلقه الله، ونقيد ما قيده الله عز وجل:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]، والأسباب مختلفة، ليس الحنث اليمين، ولا الظهار من الزوجة كالقتل أيهما أعظم؟ القتل أعظم، فلهذا اشترط الله في كفارته أن تكون الرقبة مؤمنة، وإذا كان القتل أشد فلا يمكن أن نقيس الأخف على الأشد، وهذا -كما تعلمون- قول قوي ووجيه؛ وهو أن الإيمان في رقبة الكفارة شرط في كفارة القتل فقط، لكن يشكل على هذا حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه، أنه قال: يا رسول الله، إنّ لي جارية غضبت عليها يومًا فصككتها كما يغلط بنو آدم، وإني أريد أن أعتقها لأجل أن تُكفَّر هذه اللطمة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي بها، فأتى بها فقال لها -أي الرسول صلى الله عليه وسلم:«أَيْنَ اللَّهُ؟ » . قالت: في السماء، قال:«أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» (3). فأمر بإعتاقها معللًا ذلك بأنها مؤمنة، فإذا كان لا يمكن إعتاق الكافرة في غير الكفارة؛ ففي الكفارة من باب أوْلى، وهذا مما يؤيد أن الإيمان شرط في الرقبة إذا كانت كفارة في اليمين أو كفارة في الظهار.
بل ظاهر الحديث أن الإيمان شرط في كل عتق؛ ولأننا إذا أعتقنا الكافر لا نأمن أن يلحق بالكفار؛ لأنه إذا عتق صار حرًّا، لا يمكن لسيده ولا لغيره أن يمنعه عما يريد، فيُخشى أن يلتحق هذا الكافر بالكفار، ويكون ذلك سببًا لتعسر إسلامهم، وربما يكون الكفار الذين التحق بهم حربيين، فيكون هذا العبد حربًا علينا.
إذن نقول: لا بد في الرقبة التي تُعتق في كفارة الظهار أن تكون مؤمنة، بل المؤلف رحمه الله يقول: في كل الكفارات إلا رقبة مؤمنة.
(ولا يجزئ في الكفارات كلها إلا رقبة مؤمنة) والمراد بالإيمان هنا الإيمان الكامل أو مطلق الإيمان؟
طلبة: مطلق الإيمان.
الشيخ: مطلق الإيمان، حتى لو كان فيه معاص فإنه يعتق. (سليمة من عيب يضر بالعمل ضررًا بيِّنًا) هذا شرط لم يذكره الله ولا رسوله أن تكون سليمة من العيوب الضارة بالعمل، فأين الدليل على اشتراطه؟ قالوا: لأنه إذا أعتق من كان فيه عيب يضر بالعمل ضررًا بيِّنًا صار هذا العتيق كلًّا على الناس بخلاف ما إذا بقي عند سيده، فإن سيده مأمور بأن ينفق عليه، والآن ماذا يصنع؟
فكأنهم استنتجوا من المعنى اشتراط أن يكون المعتق سليمًا من الآفات والعيوب الضارة بالعمل ضررًا بيِّنًا، مثاله، قال:(كالعمى) قوله: (كالعمى) في التمثيل به نظر؛ لأنه ليس كل عمى يمنع من العمل، كم من أناس عمي وعندهم أعمال، يتعيشون بها؛ فلهذا يجب أن نُقيِّد كالعمى الذي يمنعه من العمل، وأما إذا كان لا يمنعه فلا يضر.
المثال الثاني: (الشلل ليد أو رجل) هذا واضح أنه يمنع من العمل، لكن عن كل عمل أو عن غالب الأعمال؟ عن غالب الأعمال؛ لأن الأشل بالرجل قد ينتفع بعمل آخر، لا يحتاج إلى رجله فيه كالغزل والنسج، والنجارة، والحدادة، وما أشبه ذلك، وكذلك يقال بالعكس: لو كان أشل في يده فهذا أيضًا يختلف اليد اليمنى عن اليد اليسرى، لكن ارجع إلى الضابط؛ لأن الأمثلة لا تعطي التعيين ما هو الضابط؟ كل عيب يمنعه عن العمل.
(والشلل ليد أو رجل أو أقطعهما) أقطع اليد والرجل، أو أقطع واحد منهما (أو أقطع الإصبع الوسطى أو السبابة أو الإبهام) أو أقطع الأصبع كذا؟
طالب: (
…
).
الشيخ: يصح؟ إي نعم، أصبع هذه ما يمكن يخطئ بها الإنسان إلا في آخرها يمكن يخطئ، لكن في أولها ووسطها ما يمكن يخطئ؛ لأن أولها مثلث، ووسطها مثلث، مثلث يعني ذا زوايا ثلاث؟ لا ولَّا نعم؟ لا، مثلث؛ يعني يجوز في أولها الفتحة والضمة والكسرة، ويجوز في ثالثها الفتحة والضمة والكسرة، ثلاثة، اضرب ثلاثة في ثلاثة: تسعة، فيه لغة عاشرة (أُصبوع)، وقد جُمعت هذا اللغات في الإصبع، وفي الأنملة في بيت واحد، كنا ننشده كثيرًا، فمن يحفظه منكم؟ واحد، اثنين، ثلاثة، أربع، والله غريب، أنا كنت أظن أكثر الموجودين يحفظونه:
وَهَمْزُ أُنْمُلَةٍ ثَلِّثْ .......
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يعني فيه حركات ثلاثة
................. وثَالِثَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التي هي الميم أنملة الثالثة هي الميم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالتِّسْعُ فِي أُصْبُعٍ وَاخْتِمْ بِأُصْبُوعِ
تكون الجميع عشرة، نبدأ بـ (أَنملة): افتح الهمزة مع ضم الميم (أَنمُلة)، اكسر الهمزة (إِِنمُلة)، ضم الهمزة (أُنمُلة)، هذه ثلاثة.
الثالث: فيه ثلاث حركات، كذا؟ افتحه مع فتح الهمزة، (أَنمَلة)، ضُمَّه مع فتحها؛ أي الهمزة، (أَنمُلة) اكسره، (أَنمِلة) ضم الهمزة، وثلِّث في الميم (أُنمُلة)(أُنمَلة)(أُنمِلة)، اكسر الهمزة مع تثليث الميم:(إِنمِلة)(إِنمَلة)(إِنمُلة)، هذه تسع، اجعلها في إصبع، أعطنا ثلاث لغات مع فتح الهمزة؟
طالب: أَصبُع وأَصبِع وأَصبَع.
الشيخ: أحسنت، تمام، ثلاث مع ضم الهمزة؟
الطالب: أُصبُع أُصبَع أُصبِع.
الشيخ: أُصبِع، هذه ست، ثلاث مع كسر الهمزة؟
طالب: (
…
).
الشيخ: إِصبِع إِصبَع، الثالثة إِصبُع، هذه تسع، العاشرة أصبوع، كلها لغة عربية، فيه لغة ميكانيكية تبع السيارات ما هي؟
طالب: صُباع.
الشيخ: أُصباع.
الطالب: صُباع؟
الشيخ: صُباع، إذن هذه حادي عشر (
…
).
طالب: أحسن الله إليك، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» (3) فيكون من باب الأولوية ما دامت أنها مؤمنة فهي تستحق الإعتاق.
الشيخ: كيف؟
الطالب: معناه من باب الأولوية؛ يعني إذا كانت مؤمنة، فهي أولى أن تعتق، لكن ما يمنع أن تُعتق إذا كانت كافرة.
الشيخ: لا، الأصل في الوصف أن يكون لازمًا، فالحكم هذا مبني على عِلَّة، إذا تخلفت العلة تخلف الحكم.
طالب: رجل ظاهر، لا يريد الطلاق، ثم رأى أن الكفارة تُكلفه فطلَّق، طلَّق بدون أن ..
الشيخ: بدون أن يُكفِّر، صحيح، يصير، رجل ظاهر، ثم رأى أن الكفارة صعبة عليه، فقال: أتخلص من هذا وأُطلقها، لكن له أن يحل المشكلة على غير هذا الوجه، فيقول للزوجة: أنا لا أستطيع الكفارة، فلا أستطيع الرجوع إليكِ، لكن إذا شئتِ أن تبقي دون أن يكون لكِ حق عليَّ فلا بأس، نقول: هذا حل؛ لأنه أحيانًا الرجل له أولاد من المرأة، ولو فارقت البيت ضاع الأولاد، ولو حملتهم معها ضاعوا أيضًا، فتبقى على أولادها، ولكن تُسقط حقها، وهذا يقع فيما إذا طلق الإنسان زوجته آخر ثلاث تطليقات، إذا طلقها آخر ثلاث تطليقات، ويش الحكم؟ تبين منه، ما تحل له، فيرغب وترغب هي أن تبقى في البيت على أولادها، وتحتجب منه، ولا يخلو بها، نقول: لا بأس.
طالب: (
…
).
الشيخ: العود؛ يعني في قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: 3] يعني أن العزم على الجماع هو العود في قوله تعالى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ؛ لأن بعضهم قال: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} ، المراد بالعود الجماع، لا العزم عليه، وقالوا: إنه لا تلزمه الكفارة إلا بالجماع، وهذا غلط؛ لأن الله تعالى قال:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3]، فلما قال:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} اضطررنا إلا أن نؤول العودة بالعزم.
طالب: شيخ -أحسن الله إليك- في بعض المناطق الناس يتزوجون كثيرًا، ثم ..
الشيخ: كم يتزوج؟ ما فيه إلا أربعة!
الطالب: كثيرًا يعني أربع، ما يجمع أكثر من أربع في حين واحد، لكنه يتزوج أربعة، ثم إذا وجد بأن واحدة وقفت ولادتها أبغضها؛ يعني طلقها وتزوج أخرى، حتى يصير مثل عشرة أو زيادة من النساء، لكن هؤلاء لا يتعففون، أحيانًا يجاملون المرأة وقد ..
الشيخ: أيش؟
الطالب: يعني لا يتعففون عن المرأة اللي ..
الشيخ: اللي طلقت.
الطالب: اللي غير (
…
)؛ لأنها موجودة في الحوش ومعها الأولاد وكذا، فيعاملونها معاملة الزوجات الأخرى أحيانًا.
الشيخ: يقسم لها.
الطالب: لا، ما يقسم لها، لكن يجاملها أحيانًا، هل نقول: بأن واجب إبعادها؟
الشيخ: إي نعم، إذا خشينا عليها، يجب إبعادها، لكن أنت حدثتنا قبل شهر أو أكثر حديثًا غريبًا، أتعيده علينا؟ أتذكرونه؟
طالب: (
…
).
طالب آخر: ما أذكره يا شيخ.
طالب: (
…
).
الشيخ: أنت تقول: إن بعضكم؟
طالب: لا، ما قلت هذا.
الشيخ: ما قلت بهذا اللفظ، لكن المعنى.
الطالب: أيش هو؟
الشيخ: أنه يجامع كثيرًا.
الطالب: إي، هذه رواية عن علي (
…
).
الشيخ: علي؟ (
…
) عجيب، عن علي، ما هي بعندك؟
الطالب: لا، ما عندي.
الشيخ: أجل، أحسبها عندك.
طالب: شيخ، ها دول أفراد، لا يكون عامًّا.
الشيخ: المهم على كل حال، هذه المسألة الأخيرة اللي قلت مما يؤيد ما سبق.
الطالب: شيخ، هذا واقع فيه ناس (
…
).
الشيخ: على كل حال يا أخي، أنتم طلبة علم، علِّموهم بأنه إذا كان يخشى الإنسان على نفسه إذا بقيت مع أولاده عنده في البيت يجب أن يُخرجها من البيت.
يَضُرُّ بالعملِ ضَرَرًا بَيِّنًا كالْعَمَى والشلَلِ ليَدٍ أو رِجْلٍ أو أَقْطَعِهما أو أَقطعِ الإصْبَعِ الوُسْطَى أو السَّبَّابَةِ أو الإبهامِ أو الأَنْمُلَةِ من الإبهامِ أو أَقْطَعِ الْخِنصَرِ والبِنْصَرِ من يدٍ واحدةٍ، ولا يَجْزِي مَريضٌ مَأْيُوسٌ منه ونحوُه ولا أمُّ وَلَدٍ، ويَجْزِي الْمُدَبِّرُ ووَلَدُ الزِّنَا والأحمَقُ والْمَرهونُ والجاني والأَمَةُ الحاملُ ولو اسْتَثْنَى حَمْلَها.
(فصلٌ)
يَجِبُ التتابُعُ في الصوْمِ، فإن تَخَلَّلَه رمضانُ أو فِطْرٌ يَجِبُ كعيدٍ وأيَّامِ تَشريقٍ وحَيْضٍ وجُنونٍ ومَرَضٍ مَخوفٍ ونحوِه أو أَفْطَرَ نَاسِيًا أو مُكْرَهًا أو لعُذْرٍ يُبيحُ الفِطْرَ لم يَنْقَطِعْ، ويُجزئُ التكفيرُ بما يُجْزِئُ في فِطرَةٍ فقط، ولا يُجْزِئُ من الْبُرِّ أقلُّ من مُدٍّ ولا من غيرِه أقلُّ من مُدَّيْنِ لكلِّ واحدٍ مِمَّنْ يَجوزُ دَفْعُ الزكاةِ إليهم، وإن غَدَّى المساكينَ أو عَشَّاهُمْ لم يُجْزِئْه، وتَجِبُ النِّيَّةُ في التكفيرِ من صَوْمٍ وغيرِه، وإن أصابَ الْمُظاهِرُ منها ليلاً أو نهارًا انْقَطَعَ التتابُعُ، وإن أصابَ غيرَها ليلًا لم يَنْقَطِعْ.
الطالب: (
…
).
الشيخ: إي، عجيب (
…
) عندك؟
الطالب: لا، ما هو بعندي.
الشيخ: إي، أحسبه عندك.
طالب: عنده يا شيخ (
…
).
الشيخ: شهد عليك.
طالب: صحيح يا شيخ اللي قاله.
طالب آخر: شيخ، هذا أفراد لا يكون عامًّا، هذا أفراد.
الشيخ: المهم، على كل حال، هذا الأخير، المسألة الأخيرة اللي قلت مما يؤيد ما سبق.
طالب: شيخ، هذا واقع فيه ناس (
…
).
الشيخ: على كل حال يا أخي، أنتم طلبة علم، علِّموهم بأنه إذا كان يخشى الإنسان على نفسه إذا بقيت مع أولاده عنده في البيت يجب أن يخرجها من البيت.
طالب: غالبًا يقع من غير الملتزمين يا شيخ، لكنهم لا يتعففون؛ لأنه في يأتي أحيانًا ..
الشيخ: المهم، شوف أنتم -والحمد لله- أطباء وعلماء، عندكم الدواء، بلِّغوا، فإن استجابوا فهذا المطلوب، وإلا إنك لا تهدي من أحببت.
الطالب: نقول بالمنع.
الشيخ: نعم؟
طالب: ما يدعها في الفرش.
الشيخ: إي، نقول: إذا كان الإنسان يخشى على نفسه أن يستبيح منها ما يحرم عليه فيجب أن يطلعها من (
…
).
***
طالب: يضر بالعمل ضررًا بينًا، كالعمى والشلل ليد أو رجل، أو أقطعهما، أو أقطع الإصبع الوسطى، أو السبابة، أو الإبهام، أو الأنملة من الإبهام، أو أقطع الخنصر والبنصر من يد واحدة، ولا يجزئ مريض ميؤوس منه ونحوه، ولا أم ولد، والأحمق، والمرهون، والجاني.
الشيخ: لأنك لو قلت والأحمقِ صار المعنى.
طالب: ولد الأحمق.
الشيخ: وولد الأحمق نعم.
الطالب: والأحمق، والمرهون، والجاني، والأمة الحامل ولو استثنى حملها.
الشيخ: بسم الله الرحم الرحيم.
سبق أنه يشترط في الرقبة التي تعتق في الكفارة أن تكون مؤمنة، وذكرنا الدليل على هذا.
اشترط المؤلف أن تكون سليمة من العيوب التي تضر بالعمل ضررًا بينًا، وضرب لهذا أمثلة سبق بعضها.
ومنها قال: (أو أقطع الإصبع الوسطى، أو السبابة، أو الإبهام) ثلاث متواليات ولَّا لا؟ اسمع يا رجل الوسطى أو السبابة التي بينها وبين الإبهام أو الإبهام، هذه ثلاثة أصابع إذا كان واحد منها مقطوعًا لا يجزئ؛ لأن هذا ضرر بيِّن.
الخنصر والبنصر، إن اجتمعا في يد واحدة لم تجزئ، وإن انفرد كل واحد بيد أجزأت، وإن كان في يد واحدة خنصر أو بنصر أجزأت.
الإبهام: له أهمية عظيمة، فإذا قُطع نقص عمل الرقيق نقصًا بينًا، وانظر إلى حكمة الله عز وجل حيث جعله مقابلًا للأربعة، يقوم مقام الأربعة، ثم جعله أغلظ منها؛ لأنه سيُحمَّل كثيرًا، ثم جعله أنملتين فقط؛ لأن الأنامل إذا تعددت ضعفت لكثرة المفاصل، وهذا من آيات الله عز وجل، لا شك أن الإبهام إذا قطع فإنه ينقص العمل نقصًا بينًا.
إذا قطع السبابة، يقول المؤلف: إنه ينقص نقصًا بينًا، ولكن أولًا: قد لا نُسلِّم بهذا؛ لأنه يمكن أن تستعين الوسطى والإبهام مستغنية عن السبابة، لكن على كلام المؤلف السبابة تعتبر نقصًا بينًا.
الوسطى نقص بيِّن، وإذا اجتمعت الثلاثة صار أشد وأشد، الخنصر والبنصر أيهما أهم؟
طلبة: الخنصر.
الشيخ: ياللا انظروا إلى خناصركم وبناصركم.
طالب: متساوية.
الشيخ: متساويات ما أظن، الظاهر أن البنصر أهم.
طالب: أقوى.
الشيخ: أقوى وأهم؛ لأن مهما قدَّرت، لو قلت مثلًا: إن الإبهام مع الخنصر تأخذ به الأشياء اللطيفة الخفيفة، قلنا: وتأخذ بالبنصر أشد.
على كل حال هم يرون؛ الفقهاء: أن الخنصر الواحد أو البنصر الواحد لا يؤثر، لا بد أن يجتمعا.
قال: (ولا يجزئ مريض ميؤوس منه) معلوم (مريض ميؤوس منه)، لا يجزئ في الكفارة؛ لأنه ميت أو كالميت، فلو أن رجلًا عليه كفارة، وكان عنده عبد، وكان لا يريد أن يعتقه في كفارته، فلما حضره الموت حضر العبد الموت، قال: إنه حُرٌّ عن كفارتي، يُجزئ أو لا يجزئ؟
طلبة: لا يجزئ.
الشيخ: لا يجزئ؛ لأنه بعد أن يئس منه، ويش الفائدة؟ أو رأى عبده يهوي من مكان مرتفع وهو يريد أن يعتق عبدًا، وكان قد شح به في الأول، فلما رآه قد أهوى من شاهق، قال: أنت حر عن كفارتي، أيش الفائدة؟ لا فائدة.
طالب: قبل أن يسقط يا شيخ.
الشيخ: إي، قبل أن يسقط، وأما بعد أن يسقط ينظر، هل تأثر تأثرًا بينًا يمنع العمل، فلا يجزئ، وإن لم يتأثر أجزأ.
المهم: (المريض الميؤوس منه) لا يجزئ في الكفارة.
وقوله: (ونحوه) أي: من كل من تلبس بشيء مهلك ولا بد.
(ولا أم ولد) ويش معنى أم ولد؟ أم الولد هي التي أتت من سيدها بحمل كامل أو قد تبين فيه خلق الإنسان.
الحمل له أطوار:
الطور الأول: لو سقط من الأمة التي يجامعها زوجها في الطور الأول النطفة لم تكن أم ولد.
في الطور الثاني: أم الولد هي التي أتت من سيدها بما تبين به خلق إنسان.
الطور الثاني: لو أن رجلًا كان يجامع أمته فحملت وأسقطت في الطور الثاني، تكون أم ولد؟
طلبة: لا.
الشيخ: يا إخواني!
طلبة: ما تكون أم ولد.
الشيخ: ليش؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: لأن ما يمكن يتبين فيه خلق الإنسان.
في الطور الثالث: وهو ما بعد الثمانين أتت بولد، هل تكون أم ولد؟
طالب: لا.
الشيخ: لا، إن قلتم: لا، قلت: خطأ، وإن قلتم: نعم، قلت: خطأ.
طالب: إن تبين فيه خلق الإنسان ..
الشيخ: إن تبين فيه خلق الإنسان فهي أم ولد، وإن لم يتبين فليست أم ولد.
فإن قال قائل: إذا وصل إلى ثمانين يومًا صار مضغة، نقول: نعم، قال الله تعالى في القرآن:{مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5] قد يتبين فيها خلق إنسان، وقد لا يتبين.
الخلاصة أن أم الولد هي التي أتت من سيدها بحمل كامل، أو قد تبين فيه خلق إنسان، هذه أم ولد.
وماذا تكون أم الولد؟ يرى المؤلف رحمه الله أنه قد انعقد سبب تحررها، وهو: أنها أتت بولَد، وهو أمر لا اختيار فيه، فتكون ناقصة الرق؛ فلا يصح إعتاقها.
وأما الثاني قال: (ويجزئ المدَبَّر) إلى آخره.
أم الولد يرى بعض أهل العلم أنها لا تعتق، ولو مات سيدها، فلا تعتق؛ لأن أمهات الأولاد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر كن يُبعن علنًا إلا أنه لا يُفرق بين المرأة وولدها، في عهد عمر كثرت أمهات الأولاد وقل خوف الناس من الله عز وجل، وصار الرجل يولج أمته، ثم يبيعها، ويبقي ولدها، فمنع عمر رضي الله عنه من بيع أمهات الأولاد (1) من باب السياسة، وليست حكمًا شرعيًّا. على هذا الرأي؛ أي على قول من يقول: إن أمهات الأولاد لا يعتقن بموت ساداتهم، يجوز أن تعتق؛ لأنها أمة كاملة.
قال: (ويجزئ المدبر) المدبر يجزئ شو معناه؟ معنى المدبر؟ الْمُدَبَّر: هو الذي عُلِّق عتقه بالموت، هذا المدبر، وسمي بذلك؛ لأنه يعتق عن دبر حياة سيده، مثاله: قال السيد لعبده: إذا متُّ فأنتَ حُرٌّ، أو إذا متَّ فأنت حر؟
طلبة: إذا متُّ.
الشيخ: نعم.
طلبة: إذا متُّ بالضم.
الشيخ: أو إذا مِتَّ، إذا متَّ فأنت حُرٌّ، هذا ما فيه فائدة، لكن إذا مِتُّ -يقول السيد- فأنت حر، فهذا اسمه: مدبر؛ لأنه عُلِّق عتقه بأيش؟
طلبة: بالموت.
الشيخ: بالموت، فإذا كان شخص عليه كفارة، وعنده عبد قد دبره، أي: قد قال له: أنت حر بعد موتي، فإن ذلك لا يجزئ في الكفارة؛ لأنه ناقص.
طالب: (
…
).
الشيخ: نعم، وجه النقصان أن عتقه معلق بموت سيده.
وقيل: إن المدبَّر يجزئ، وهو الصواب، ووجه ذلك أن المدبر إذا أعتق استفاد، ما الذي يستفيده؟
طالب: تعجيل العتق.
الشيخ: تعجيل العتق والتحرر، وإذا كان يجوز بيع المدبر، فلماذا لا يجوز عتقه؟ يعني أن السيد إذا دبَّر عبده وقال: أنتَ حر بعد موتي جاز له أن يبيعه، وإذا باعه بطل التدبير، فإذا كان يجوز بيعه، فلماذا لا يجوز عتقه؟ مع أن عتقه فيه فائدة وهو تحرره، فالصحيح جواز عتق المدَبَّر.
والتعليل؛ لأن هذا المدبر لم يكن حُرًّا، ولم ينعقد به سبب الحرية اللازمة، فجاز إعتاقه في الكفارة.
قال: (ويجزئ ولد الزنا)، كيف ولد الزنا؟
طالب: (
…
).
الشيخ: أيش؟
الطالب: لأن ولد الزنا (
…
).
الشيخ: إي، ويش لون؟ فيه عبد يكون ولد الزنا؟ كيف؟ ! العبد سبق لنا أن الإنسان بالنسبة للملك والحرية يتبع من؟
طلبة: الأم.
الشيخ: يتبع الأم، فهذا رجل فاجر زنا بأمة فلان، وأتت بولد، الولد حر أو عبد؟
طلبة: عبد.
الشيخ: عبد، فاشتراه شخص وأعتقه في كفارة، نقول: يُجزئ؛ لأن هذا رقيق رقًّا تامًّا، وتحريره فكه من الرق.
ويجزئ أيضًا (الأحمق)، ويش الأحمق؟ الأحمق هو الذي تصرفه غير سليم؛ يعني: يتصرف تصرفًا غير سليم.
وعندنا أن الأحمق هو سريع الغضب، والحقيقة أن سريع الغضب من الأحمق، وليس هو الأحمق، بل كل من يتصرف تصرفًا غير سليم يسمى أحمق.
ويجزئ أيضًا (المرهون)، يجزئ عتقه في الكفارة، مثال هذا: رجل وجبت عليه كفارة عتق رقبة، وله عبد قد رهنه عند شخص فأعتقه يقول المؤلف: إنه يجزئ، وهذا مبني على أن عتق المرهون صحيح.
والقول الراجح أن عتق المرهون غير صحيح، إلا بموافقة المرتهن، مثال ذلك: رجل عنده عبد واستسلف من شخص عشرة آلاف ريال، وقال له الشخص: أنا ما أعطيك سلفًا إلا إذا رهنتني، فقال: هذا عبدي رهن عندك، الآن تعلَّق في هذا العبد حق من؟
طلبة: المرتهن.
الشيخ: حق المرتَهَن، قال الفقهاء رحمهم الله: يحرم على سيد المرهون أن يعتقه، وإن أعتقه نفذ العتق.
انظر هذا الكلام الذي ليس مبنيًّا على أي قاعدة؛ لأننا إذا قلنا: يحرم عتقه، فكيف نقول: ينفذ ويصح؟ والصواب أن عتق المرهون حرام ولا ينفذ؛ لأنه تعلق به حق المرتهن.
قالوا في تعليل نفوذ عتقه: إن العتق له نفوذ قوي؛ ولذلك لو أعتق الإنسان ربع عبده عتق العبد كله؛ فله نفوذ.
والجواب عن هذا التعليل العليل بمرض لا يرجى زواله، الجواب على هذا أن نقول: إن هذا العبد مشروط، وإذا كان يحرم أن يعتقه سيده، فكيف ينفذ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ شَرَطَ مِئَةَ مَرَّةٍ» (2)؟
فعلى هذا القول الراجح أن عتقه لا ينفذ، هل يصح أن يُعتق في كفارة؟ لا؛ لأن عتقه لا ينفذ شرعًا.
ويجزئ أيضًا عتق (الجاني)، العبد الجاني يجوز أن يعتق، وظاهر كلام المؤلف أنه حتى ولو كانت جنايته تؤدي إلى القتل، لكن في هذا نظر.
مثال المسألة: رجل عنده عبد قد قتل شخصًا عمدًا، وحُكم بالقصاص عليه، يقول المؤلف: إنه يجوز عتقه، أيهما أعظم هذا أو إنسان مريض بمرض مخوف؟ هذا أعظم؛ لأن هذا يمكن يقتل بعد خمس دقائق، قالوا: إنه وإن وجب القتل عليه، فإن من الجائز أن أصحاب القوَد أن يعفو عنه.
لو فرض أنه جانٍ بجناية تُحتِّم قتله، فحينئذٍ نقول: لا يجزئ أن يعتق؛ لأننا نعلم أنه هالك على كل حال.
(والأمة الحامل ولو استثنى حملها)؛ يعني: يجوز أن يُعتق الأمة الحامل. وإعتاق الأمة الحامل على نوعين: الأمة الحامل، يجوز إعتاقها.
بقي أن يقال: هل حملها يتبعها أو لا؟ الجواب: إن استثناه لم يتبعها، وإن لم يستثنه تبعها.
ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (ولو استثنى حملها) إشارة خلاف؛ لأن بعض العلماء يقول: إذا استثنى حملها لا يصح أن يعتقها؛ لأن الحمل جزء منها، فينفذ فيه العتق، ولكن ما ذهب إليه المؤلف أصح؛ أنه لو قال: أمتي هذه حُرَّة عن كفارتي التي عليَّ إلا حملها، فالصواب أنها تعتق والحمل يبقى حُرًّا.
الطالب: والحمل (
…
).
الشيخ: إي نعم، الحمل يبقى حرًّا إذا كان يبقى عبدًا؛ لأنه مملوك إلا أن يكون من سيده.
***
ثم قال المؤلف: (فصل يجب التتابع في الصوم)، ودليل ذلك قول الله تعالى:{فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [المجادلة: 4]، فأوجب الله تعالى شهرين ووصفهما بأنهما متتابعان.
ومعنى التتابع ألَّا يفطر بينهما إلا لعذر شرعي أو حسي؛ هذا معنى التتابع ألا يُفطر بينها إلا بعذر شرعي أو حسي؛ العذر الشرعي كأيام التشريق مثلًا، وأيام العيدين، وشهر رمضان، هذا مستثنى شرعًا، فلا يفصل بين التتابع؛ مثال ذلك: رجل وجب عليه صيام شهرين متتابعين، فشرع في أول يوم من شعبان، ثم دخل رمضان، بقي عليه شهر، صام رمضان، نقول: بعد يوم العيد مباشرة تشرع في تكميل صيام الشهرين، الآن فصَل بين الشهر الأول بشهر كامل وزيادة يوم، الشهر الكامل رمضان، وزيادة اليوم العيد؛ لأنه ما يصام، هذا فصل بعذر شرعي.
ومثال آخر: امرأة وجب عليها صيام شهرين متتابعين، فشرعت في الصوم، فحاضت لمدة سبعة أيام، ثم استأنفت الصوم، هل يضرها انقطاع التتابع هنا؟ لا، لأنها أفطرت بعذر شرعي.
الإفطار بعذر حسي: إنسان شرع في صيام الشهرين، ثم مرض في أثناء ذلك، وأفطر من أجل المرض، هل ينقطع التتابع؟ لا؛ لأنه أفطر بعذر حسي.
مثال آخر: رجل شرع في صيام شهرين متتابعين، ثم سافر وأفطر في السفر، هل ينقطع التتابع أو لا؟
طلبة: لا ينقطع.
الشيخ: لماذا؟
طلبة: لأنه أفطر بعذر حسي.
الشيخ: لأنه قطع التتابع بعذر.
طالب: حسي.
الشيخ: هنا نقول: هل هو حسي ولَّا شرعي؟
طلبة: شرعي.
طلبة آخرون: شرعي وحسي.
الشيخ: شرعي وحسي: حسي؛ لأنه هو الذي فعله باختياره، وشرعي؛ لأن الشرع أباح له أن يفطر في حال السفر.
يقول: (يجب التتابع في الصوم، فإن تخلله رمضان) نقول: رمضانٌ أو رمضانُ؟
طلبة: رمضانُ.
الشيخ: لسنا بعيدين عن الاسم الذي لا يصرف.
طلبة: رمضانُ.
طلبة آخرون: رمضانُ.
الشيخ: بتنوين أو بغيره؟
طلبة: بغير تنوين.
الشيخ: بغير تنوين؟ ! لا، الأصح بتنوين؛ لأن قولنا:(رمضانٌ) يعني أي رمضان، ما هو رمضان خاص.
فإذن نقول: (فإن تخلله رمضانٌ) يعني أي رمضان.
(أو فطر يجب) أي أو تخلله فطر يجب (كعيد، وأيام تشريق، وحيض) فإنه لا ينقطع التتابع لوجود العذر.
(وجنون، ومرض مخوف ونحوه)(جنون) رجل شرع في الصيام؛ صيام الشهرين في أثناء ذلك أصابه جنون؛ إما بسبب حادث أو اعتداء على جن أو غير ذلك من الأسباب، المهم أنه جُنَّ، وأفطر لمدة عشرة أيام، ثم رد الله إليه عقله وواصل، هل يضره الإفطار؟ لا، ليش؟
طلبة: معذور.
الشيخ: لأنه معذور.
كذلك: (ومرض مخوف)، هذا تقييده بالمخوف فيه نظر، والصواب: أن المرض إذا كان يُبيح الفطر سواء كان مخوفًا أو غير مخوف، عذر في التتابع.
(أو أفطر ناسيًا، أو مُكرهًا، أو لعذر يبيح الفطر لم ينقطع)(أفطر ناسيًا)، لماذا لا ينقطع التتابع إذا أفطر ناسيًا؟ لأن صومه باقٍ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» (3).
(أو مكرهًا) أكره على أن يفطر، فأفطر فإنه لا يضر، ولا ينقطع التتابع، لكن هل من الإكراه أن يلزم عليه أبواه بالإفطار؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا، ليس من الإكراه، من الإكراه أن يقول له ظالم: إما أن تفطر، وإما الحبس، وهو يستطيع أن ينفذ؛ فهذا إكراه، أو يقول ظالم: إما أن تفطر وإلا أخذت مالك؛ وهو قادر على أخذه فأفطر؛ فهذا مُكره، لا يضره الإفطار؛ لأنه أصلًا لم يفطر، صومه باقٍ.
(أو لعذر يبيح الفطر لم ينقطع)(لعذر يبيح الفطر) أي عذر يبيح الفطر فإنه لا يقطع التتابع.
والخلاصة أن التتابع في الصوم -في صوم الكفارة- في الظهار واجب، إلا إذا انقطع بعُذر حسي أو عذر شرعي؛ فإنه لا ينقطع التتابع.
طالب: بارك الله فيك (
…
).
الشيخ: نعم، كيف؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: أن يقول لها: أنتِ حُرَّة.
طالب: أحسن الله إليكم، جرى عندنا قبل فترة في اليمين عندما سيطر الشيوعيون على الحكم حرروا العبيد قهرًا.
الشيخ: حرروهم؟
الطالب: إي نعم، بالقوة دون عوض، فاتجروا العبيد، وصاروا تجارًا بالملايين.
الشيخ: ما شاء الله، ما شاء الله.
الطالب: فالإشكال الآن، هل ما ملكت أيديهم، وما معهم من مال يعودوا إلى هؤلاء الأسياد؟
الشيخ: هل الحكومة لما حررتهم أدَّبت السادات؟
الطالب: كيف أدبتهم؟
الشيخ: أدبت الأسياد؟ يعني عذَّرتهم؟
الطالب: لا، إنما أصدرت نظامًا بتحرير العبيد مطلقًا دون عوض.
الشيخ: ما يخالف، حررتهم الحكومة، فهل أدَّبت ساداتهم؟
الطالب: لا، لم يجرِ شيء من ذلك.
الشيخ: ليش ما أدبتهم؟
الطالب: هم يملكونهم ملكًا شرعيًّا.
الشيخ: من يقول: إنه شرعي؟ !
الطالب: بالشراء (
…
) وإما أن يكون توارثوهم.
الشيخ: من أين اشتروهم؟
طالب: متعارف هذا عليه يا شيخ في العرف، هناك أن كل ..
الشيخ: لا، الواقع أنه من زمان بعيد ما فيه رقيق، حتى إن بعض الناس قالوا: الحروب التي في إفريقيا، إن فيه رق، وفعلًا بدأ كثير من الناس الذين تلزمهم كفارة العتق يشترونهم، يعطون مثلًا وكلاء عشرة آلاف ريال أو أكثر أو أقل، ويقول: اشتروا لي وحررها عن كفارة، فصاروا يذهبون فيعرض الرجل ابنته أو ولده، شاب، جلد، صالح للعمل، ويقول للرجل اللي يطلب الرقبة: هذه رقبة، كم؟ بعشرة آلاف ريال، يقول الطالب: قال: لا، هذا شاب، جلد، صالح للعمل، متعلم، شوف يكتب أمامك الآن بعشرين ألفًا، قال له: بعشرين ألفًا، أعطاه عشرين ألفًا. قال له: حرِّرها الآن علشان أنا أعرف شؤوني. قال: هو حر، لما راح (
…
)، وقع هذا يأخذون القيمة عشرين ألفًا، يروحون يعلموهم في فرنسا ولَّا غيرها.
ولهذا كف كثير من الإخوة الذين يتلقون أموال الناس ليعتقوا عنهم، كفوا عن هذا، وقالوا: ما لنا؛ فلذلك يصعب عليك جدًّا أن تجد رقيقًا على وجه شرعي بالوقت الحاضر.
الطالب: يا شيخ، وجه الإشكال، إلى الآن يعني عندنا بعض الأفراد أو بعض العوائل ملحقات بعوائل كبرى بالأولى؛ يعني فلان وفلان يعني مولى .. ؟
الشيخ: ما يخالف مولاه إذا أعتق صار حرًّا.
الطالب: لو الإعتاق لو جرى من قِبل الحكومة يعني؟
الشيخ: على كل حال، ما نقدر نقول شيئًا؛ لأن أنا عندي شك في وجود الرقيق الشرعي لا سيما الذين على السواحل.
طالب: أحسن الله إليك (
…
) بأنهم يعني ورثوا هذه العبيد لما وقع حرب بين المسلمين والكفار؛ آباؤهم يعني ملكوا هذه (
…
).
الشيخ: لا بأس هذه لا ..
الطالب: (
…
) الذي أمر (
…
).
الشيخ: هذا لا شك أن هذا استرقاق، إذا كان القتال بين الكفار والمسلمين، وغلب المسلمون، وغنموا الأموال، وسبوا النساء والذرية، هذا صحيح، لكن أين هذا؟
الطالب: موجود.
الشيخ: موجود؟ !
الطالب: (
…
).
الشيخ: من يشهد لك؟
طالب: (
…
) استقبال الكفار.
الشيخ: في أيش؟
الطالب: (
…
).
الشيخ: على كل حال، شوف الآن إذا مُلكوا بسبب شرعي فهم أرقة.
طالب: تقييد الرقبة بالإيمان، نقول: إنه من باب اختلاف السبب والموافقة في الحكم؟
الشيخ: إي نعم، اختلاف السبب مع الموافقة في الحكم (
…
).
من أحسن القصور لأحد الملوك، فلما انتهى من بنائه قيل للملك: يا فلان، ترى هذا الرجل إن بقي على قيد الحياة صلَّح قصرًا أحسن من قصرك أو مثله، فلا يكون لك ميزة على الناس، قال: ماذا أصنع؟ قال: احمله من فوق، وارمِ به على الأرض، ففعل، فصار ذلك مثلًا جزاء سِنِمَّار.
***
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن ولاه.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
فصل
يجب التتابع في الصوم، فإن تخلله رمضان، أو فطر يجب، كعيد، وأيام تشريق، وحيض، وجنون، ومرض مخوف ونحوه، أو أفطر ناسيًا، أو مكرهًا، أو لعذر يبيح الفطر لم ينقطع، ويجزئ التكفير بما يجزئ في فطرة فقط، ولا يجزئ من البر أقل من مد، ولا من غيره أقل من مدين لكل واحد، ممن يجوز دفع الزكاة إليهم، وإن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه، وتجب النية في التكفير من صوم وغيره، وإن أصاب المظاهر منها.
الشيخ: المظاهَر بفتح الهاء.
بسم الله الرحمن الرحيم، الخصلة الثالثة من خصال الكفارة في الظهار: الصوم، وهو صوم شهرين متتابعين، هذا نص القرآن، قال الله تعالى:{ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} [المجادلة: 3، 4]، ولم يقل: من قبل أن يتماسا، أليس كذلك؟
التتابع في الصوم بنص القرآن: {شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} يعني لا يفطر بينهما، إلا أن يُستثنى من ذلك ما إذا أفطر لعُذر شرعي أو حِسي؛ الإفطار لعذر شرعي كإفطار يوم العيدين، وأيام التشريق، ورمضان، والمرأة في الحيض، والحسي: المرض، والسفر، فإذا أفطر لعذر شرعي أو حسي فإنه لا ينقطع التتابع، هذا هو الضابط، إذن يجب التتابع إلا لعذر شرعي أو حسي، وسبق المثال.
قال: (ويجزئ التكفير بما يجزئ في فطرة فقط)، السفر يقطع التتابع أو لا؟
طلبة: يقطع.
طلبة آخرون: لا يقطع.
الشيخ: لا يقطع عذر، لكن لو سافر ليفطر حرم الفطر، وحرم السفر، أما الفطر فظاهر، وأما السفر فلأنه يريد به إسقاط واجب، وكل سفر، بل كل فعل يُفعل حيلة لإسقاط الواجب فإنه لا يسقط الواجب، أفهمتم يا جماعة؟ فإذا سمع إنسان أن السفر لا يقطع التتابع قال: إذن: أسافر، نقول له: إذا سافرت لهذا الغرض حرُم عليك الفطر؛ لأن الواجبات لا تسقط بالحيل.
هل نقول: لا تسافر إلا لأمر ضروري؟ لا، سافِر لأي غرض شئت ما لم تُرد به إسقاط الواجب، أظن انتهينا من الصيام أمس.
طالب: نعم.
الشيخ: قال: (ويجزئ التكفير بما يجزئ في فطرة فقط) التكفير الذي هو إطعام ستين مسكينًا.
(يجزئ بما يجزئ في فطرة فقط)، والذي يجزئ في الفطرة خمسة أصناف: التمر، والشعير، والزبيب؛ لأن الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من التمر والشعير والزبيب والأقط؛ البُرّ لم يكن شائعًا بين الناس في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واختلف الناس فيه، هل يجزئ نصف الصاع أو لا بد من الصاع، وليس هذا موضع البحث، لكن الكلام على المؤلف يقول: لا يجزئ إلا بما يجزئ في فطرة فقط، وهي؟
طالب: خمسة.
الشيخ: ما هي؟
الطالب: البُر.
الشيخ: البُرّ، التمر، شعير، زبيب، أقط، فلو أطعمهم وهو قوتهم الأكثر فإنه لا يجزئ، ولو أطعمهم من الذرة وهي قوتهم الأكثر فإنه .. ؟
وهذا القول ضعيف؛ لأن الله عز وجل أطلق الإطعام ولم يبين نوعه ولا جنسه، قال:{إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} فلو قدر أننا في مكان لا يتغدى الناس فيه إلا باللحم، أجزأ اللحم على هذا القول.
طلبة: لا يجزئ.
الشيخ: على هذا القول يجزئ؛ لأنه طعامهم، والله عز وجل يقول:{إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} ، ولو كنا في مكان لا يتغذى أهله إلا بالتمر أجزأ أو لا؟
طالب: أجزأ.
الشيخ: أجزاء؛ فالصواب أن الإطعام يحصل بما يطعمه الناس في كل وقت ومكان بحسبه.
(ولا يجزئ من البر أقل من مد، ولا من غيره أقل من مدين لكل واحد) يعني إن كثر الإطعام مد من البر ونصف صاع من غيره، وهذا معنى قوله:(أقل من مدين)؛ وذلك لأن الصاع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد، فالمد: ربع الصاع، البر يجزئ فيه نصف صاع، نعم نصف صاع عن الصاع.
فإذا كان الواجب في غير البر أن يطعم نصف صاع لكل واحد، فعليه في البر ربع الصاع أي مد، وهذا التقدير ليس له أصل إلا في حديث واحد؛ وهو حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه حين حلق رأسه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بفدية أو صيام أو نسك، وقال في الفدية -فدية الصدقة- «أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ» (4)، وهذا مُقدَّر في فدية الأداء.
وظاهر قوله: «لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ» أنه لا فرق بين البُرِّ وغيره.
والفقهاء رحمهم الله يقولون: إن البر على النصف من غيره، فإذا كان نصف صاع لكل واحد، فمن البُرِّ ربع الصاع.
وقوله رحمه الله: (إنه لا يجزئ أقل من ذلك) فيه نظر، والصواب أن إطعام المساكين له حالان:
الحال الأولى: أن يُطعم ستين مسكينًا غداء أو عشاء؛ لأنه يصدق عليه أنه أطعمهم، فيأتي بعشرة اليوم يعشيهم، وكل يوم عشرة يعشيهم غير الأولين، كم تكون؟ كم من يوم؟
طلبة: ستة أيام.
الشيخ: ستة أيام، ويكفي، وإن أراد الإطعام فإننا قدَّرنا ذلك باعتبار صاع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فصار يساوي تقريبًا كيلو رز للواحد.
وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنه إذا أطعم هذا القدر من البر وهذا القدر من غيره لا يلزم فيه لحم، تعطي هذا القدر ولا عليك من الفقير، ولكن هل يتم الإطعام بدون لحم أو شيء يؤدم به؟
الجواب: لا، ولهذا نقول: من أراد أن يدفع إليهم الشيء فليجعل معه ما يؤدمه من لحم أو غيره.
قال: (لكل واحد، ممن يجوز دفع الزكاة إليهم) يعني أن مصرف هذه الكفارة، كل من يجوز دفع الزكاة إليهم لحاجتهم كالفقراء والمساكين.
(وإن غدَّى المساكين أو عشَّاهم لم يجزئه) أقول: رحمك الله يا موسى، ما هو موسى صاحب التسجيلات، المؤلف يقول رحمه الله:(إن غدى المساكين أو عشاهم لم يجزئه) لماذا؟ قال: لأنه يشترط التمليك، وإذا عشاهم أو غداهم لم يملكهم؛ إذ إن الإنسان في الغداء والعشاء لا يأخذ إلا ملء بطنه، ما يمكن يأخذ ولا خبزة، ولكن نقول: أين الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على وجوب التمليك؟ أين الدليل؟
حديث كعب بن عجرة خاص، وفي القرآن الكريم:{إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} كفارة اليمين، {إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} في كفارة الظهار.
ومن يستطيع أن يقول: إن غداءهم أو عشاءهم ليس إطعامًا؟ لا أحد يستطيع، ولو قاله لرد، فالصواب: ما اختاره شيخ الإسلام رحمه الله، أنه إذا غداهم أو عشاهم أجزأ، ويدل لذلك أن أنس بن مالك رضي الله عنه لما كبر وعجز عن الصيام -صيام رمضان- صار في آخر رمضان يدعو ثلاثين مسكينًا ويطعمهم خبزًا وأدمًا (5) عن إيه؟ عن الصيام مع أن الله قال:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، وهذا تفسير صحابي لإطعام المسكين بفعله.
الخلاصة يا إخوان: المذهب يجب في الكفارات تمليك الفقير، يجب أن تملك أو تعطيه أياه، سواء أكل ولَّا ما أكل، ومقداره: مُدٌّ من البر أو نصف صاع من غيره، والمعتبر صاع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو أقل من الصاع المستعمل الآن، هذا على المذهب.
القول الثاني: أن هذا جائز، وإذا غداهم أو عشاهم فهو جائز، وهذا القول هو الصحيح.
(وتجب النية في التكفير من صوم وغيره) كل شيء يُفعل لشيئين فلا بد فيه من النية؛ لأن المقصود من النيات تمييز العبادات بعضها عن بعض فلا بد من النية، الإطعام يكون قربة وكفارة فلا بد أن تنوي أنه كفارة.
إطعام المساكين يكون قربة؟ قولوا يا جماعة.
طلبة: (
…
).
الشيخ: قربة يعني صدقة يتصدق بالطعام على المساكين، ويكون كفارة، لا بد أن تنوي أنه كفارة ليتميز عن القربة.
(العتق) يكون كفَّارة وقربة؛ يكون كفارة في الظهار وفي اليمين، ويكون قُربة للتطوع به، لا بد أن تميز، إذن النية واجبة في الكفارة.
(من صوم وغيره) ويش غير الصوم؟
طلبة: الإطعام.
الشيخ: الإطعام والعتق.
(وإن أصاب المظاهَر منها ليلًا أو نهارًا انقطع التتابع)(إن أصاب المظاهَر) الفاعل يعود على المظاهِر، والمظاهَر منها المرأة؛ إن أصابها يعني جامعها.
(ليلًا أو نهارًا انقطع التتابع) إذا أصابها نهارًا واضح أن التتابع ينقطع؛ لأنه إذا أصابها في النهار فسد صومه، فيجب أن يستأنف، لكن إذا أصابها ليلًا لم يفسد صومه، لكن يقولون: انقطع التتابع؛ لأن الله تعالى قال: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} ، فإذا مسها في الليل بعد الشهر الأول واستمر صار أصابها قبل الشهرين المتتابعين، أصابها بعد أيش؟ بعد شهر واحد، وهو لا بد أن يصوم شهرين متتابعين قبل المسيس، فهمنا الآن أن التتابع ينقطع بالنسبة للمظاهر منها بالوطء سواء كان ذلك في الليل أو في النهار، أما غيرها فقال:(وإن أصاب غيرها ليلًا لم ينقطع) ونهارًا تقول: من باب أولى ألَّا ينقطع.
طالب: ينقطع.
الشيخ: لا: نقول: لم ينقطع التتابع.
الطالب: ما هو أفسد صومه (
…
).
الشيخ: لا، هو يقول:(لم ينقطع).
الطالب: (
…
).
الشيخ: ارجع عن قولك، الحق أحق أن يُتبع. إذن نقول: إذا جامع المرأة الأخرى التي لم يُظاهر منها، إن كان في النهار انقطع التتابع لفساد صومه، فيستأنف من جديد، وإن كان في الليل فلا بأس؛ لأنه لم يظاهر منها.
لو فرضنا أنه باقٍ يومًا واحدًا وجامَع في النهار من لم يظاهر منها، ماذا يكون؟
طلبة: (
…
).
الشيخ: ماذا يكون؟
طلبة: يعيد.
الشيخ: يبدأ من جديد، تروح عليه تسع وخمسون يومًا يروح عليه، كذا؟ نعم؛ لأن الله قال:{صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} .
فإن قال قائل: هل المعتبر بالشهرين ستون يومًا أو الهلال؟
طلبة: الهلال.
الشيخ: المعتبر الهلال؛ حتى لو قُدِّر أن الشهرين كانا ناقصين فلم يصم إلا ثمانية وخمسين يومًا أجزأ؛ لأن الله قال: {شَهْرَيْنِ} ولم يقل ستين يومًا.
***